يتزايد القلق داخل وخارج العراق مع استمرار توغل مسلحي تنظيم "داعش" وتوالي سقوط مدن عراقية دون مقاومة، فما هو سر قوة هذا التنظيم، ومن يقف خلفه، وما هي أهدافه ومصادر تمويله؟
استأثر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف اختصارا بـ"داعش" مجددا باهتمام الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام بعد تمكنه من فرض سيطرته الكاملة على عدد من المدن العراقية في مشهد يوحي بأن التنظيم يقترب من تحقيق هدفه بإقامة دولة "خلافة إسلامية" في العراق.
ويعتبر الهجوم الكبير الذي شنه إسلاميون متشددون بقيادة تنظيم "داعش" تطورا غير متوقع وضربة قوية للحكومة العراقية التي أظهرت التطورات الأخيرة مدى ضعف قواتها، حيث اقتحم المسلحون الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، وعاصمة محافظة نينوى، وفرضوا سيطرتهم عليها في غضون ساعات دون مقاومة، بعد أن خلع أفراد قوات الأمن العراقية ملابسهم العسكرية وتركوا عرباتهم ومقراتهم بما فيها من معدات عسكرية، وفروا ليستولي بعدها المسلحون على نينوى بالكامل ثم تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين. وبوصولهم إلى مشارف سامراء لم يعد يفصل مسلحي تنظيم "داعش" عن العاصمة العراقية بغداد سوى 110 كيلومترات. ويستولي المسلحون أيضا على جزء من محافظة الأنبار.
من يكون تنظيم "داعش"؟
هذا التوغل السريع لـ"داعش" يثير قلقا كبيرا لدى حكومة بغداد من أن تسقط مدن أخرى في قبضتها خاصة أن التنظيم يسعى للسيطرة على منطقة متصلة يقيم فيها مراكز للتدريب ولشن هجمات على مناطق أخرى. ويسيطر التنظيم أيضا على مناطق في سوريا، حيث استغل اندلاع الحرب هناك لينضم إلى ساحة المعركة ويفرض سيطرته في عدد من المناطق.
يعود أصل "داعش" إلى العام 2004 فقد كانت النواة الأولى لهذا التنظيم جماعة التوحيد والجهاد في العراق بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن تتحول إلى تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" بعد مبايعة الزرقاوي لأسامة بن لادن. وبعد مقتل الزرقاوي في سنة 2006 جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما جديدا للتنظيم قبل أن يتم تشكيل "دولة العراق الإسلامية" بزعامة أبي عمر البغدادي نهاية السنة نفسها. وبعد مقتل المهاجر وأبي عمر البغدادي تسلم أبو بكر البغدادي زعامة التنظيم سنة 2010. وحسب موقع سي إن إن فإن التنظيم تلقى ضربة قوية بعد مقتل الزرقاوي على يد القوات الأمريكية في العراق خاصة مع ظهور مجالس الصحوة - وهي تجمعات عشائرية تأسست أساسا من أجل مواجهة تنظيم القاعدة في مناطقهم- فكاد أن ينتهي التنظيم لكنه عاد ليستجمع قواه مع رحيل القوات الأمريكية من العراق آخذة معها خبراتها المتطورة في جمع المعلومات الاستخباراتية.
في عام 2011 أعلنت "دولة العراق الإسلامية" أن المجموعة المسلحة في سوريا المعروفة بـ"جبهة النصرة" هي امتداد لها وأنهما اندمجتا تحت مسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
سقوط الموصل في يد داعش يهدد الامن القومي للعراق بشكل مباشر.
مشروع إقامة "دولة خلافة إسلامية"
جبهة النصرة قابلت الانضمام إلى داعش في بداية الأمر باستحسان ومثلها فعلت التنظيمات المعارضة لنظام بشار الأسد والتي تبحث عن أي مساعدة في صراعها ضد القوات النظامية السورية إلا أن الخلافات والمعارك بدأت بعد أن اتهمت الجماعات المعارضة الأخرى بما فيها النصرة "داعش" بمحاولة الانفراد بالسيطرة والنفوذ والتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ إعدامات عشوائية، خاصة أنها اعترضت علنا على طلب أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بالتركيز على العراق وترك سوريا لـ"جبهة النصرة"، حسبما ذكرت تقارير صحفية.
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن المتحدث باسم "داعش" أبو محمد العدناني أمر الجنود بالتقدم نحو بغداد منتقدا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بسبب عدم كفاءته. وحسب خبراء فإن "داعش" والفصائل التابعة لها لطالما أرادت السيطرة على مناطق متصلة ببعضها البعض من أجل خلق إمارة إسلامية يتم فرض الشريعة الإسلامية فيها وإقامة مراكز للتدريب لشن هجمات والإبقاء على زخم المعركة التي تخوضها هذه التنظيمات.
ويشكل سقوط الموصل بأيدي التنظيم تهديدا مباشرا للأمن القومي العراقي بسبب موقع المدينة المحاذي للحدود مع سوريا كما أن هجوم "داعش" الأخير يمنح الأكراد فرصة ضم مناطق متنازع عليها مع حكومة بغداد أبرزها كركوك التي سيطر عليها "داعش حاليا.
أما في سوريا فقد تمكن التنظيم الذي يضم مقاتلين متمرسين ومدربين بشكل جيد من تحقيق إنجازات مهمة على الأرض وتمكن من فرض سيطرته على كل من محافظتي الرقة وجزء من ريف دير الزور المحاذية للحدود مع العراق.
وتستمر "داعش" في التوغل في مناطق تابعة للحكومة العراقية مستفيدة من تراجع الجيش العراقي وهروب عناصره ودعم بعض الفصائل المناهضة لسياسة المالكي بالإضافة إلى الانقسامات التي تطبع المشهد السياسي العراقي.
غموض حول مصادر التمويل
وحسب تقديرات موقع صحيفة الحياة اللندنية فإن تنظيم "داعش" يضم ما بين خمسة وستة آلاف مقاتل في العراق وسبعة آلاف مقاتل في سوريا، ينحدرون من جنسيات مختلفة.
تتضارب الأنباء حول مصادر تمويل هذا التنظيم -الذي يعتبر واحد من أقوى الجماعات المسلحة سواء في العراق أو سوريا- بين من يتهم نظام الأسد بتمويله من أجل تشويه صورة المعارضة السورية وبين من يتهم دول الخليج وخاصة السعودية بدعمه من أجل التصدي للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة.
وهناك من يقول أن التنظيم في كل من سوريا والعراق يجمع جزءا من موارده المالية عن طريق الجزية والإتاوات التي يفرضها على سكان المناطق التي يسيطر عليها.
DW.DE
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى