لها نظرة واحدة في كل صورها، عينان حنونتان، تنظران في مواجهة مصورها وكأنها تلمس كتفه تربت عليه بحنان، ابتسامة رقيقة تليق بفتاة بريئة مازالت لم تر من الحياة الكثير، لكن أسماء رأت أكثر مما يراه أقرانها في العمر.
الفتاة ذات السبعة عشر ربيعًا، التي رحلت في 14 أغسطس 2013، يوم فض اعتصام رابعة العدوية، بطلق ناري في أعلى الرأس، أطلق من قناص بأحد عمارات رابعة، بحسب تقرير الطب الشرعي حول إصابتها، لا تنتهي بطاقة تعريفها، ككثرين، بأنها ابنة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي.
أسماء، على الرغم من صغر سنّها، وموقعها من جماعة الإخوان كابنة أحد قياداتها، وأنها أولى بالسمع والطاعة، كانت شاهدّا على مشاهد من أحداث الثورة المصرية لم يشاهدها باقي الجماعة، ومنها من رفضوا أن يشهدوها.
كانت تشكو "مجلس العسكر" إلى البارئ في شهداء ماسبيرو وقت أن كان بيان لجماعة أبيها يتحدث عن "الوقت المناسب للمطالب المشروعة"، كان تحيي "من لم ينتظر أوامر المرشد" من موقعها في قلب محمد محمود، وقت كانت الجماعة ترفض النزول مساندةً لمصابي الثورة الذين فضّ اعتصامهم لتندلع الاشتباكات.
وكانت، تلك التي قالت يومّا على صفحتها الشخصية أنها تبرأ، كإسلامية، من مواقف الكثير من الحركات الإسلامية، وقت كانت جماعة أبيها على قمة المشهد السياسي، هي ذاتها المرابطة في اعتصام رابعة العدوية، مؤمنة بهدفه.
لم تكن أسماء تفعل أكثر من الدفاع عمّا تؤمن به، حتى إن اختلف البعض مع موقفها الأخير، مثلما اختلف يومًا أبوها وجماعته مع مواقفها الأُول، يختلف الجميع معها، ربما لكنها ثابتة على موقف واحد، الصدق.
لفظت أنفاسها الأخيرة، في المستشفى الميداني بمسجد رابعة، بين تأوهات وكلمة "يا رب"، وأصوات حولها تبكيها، ينتشر الخبر، ماتت ابنة القيادي محمد البلتاجي، ماتت أسماء.
يكذّب البعض، بدعوى أن القيادات يبعدون أبناءهم عن مواطن الخطر ويتاجرون بدم الآخرين، ينتشر رابط على مواقع التواصل، لفيديو، غير موجود، يزعم صاحبه أنه مكالمة هاتفية، ستكتشف لاحقّا أنها لم تحدث، على قناة الجزيرة لأسماء تكذّب فيه خبر وفاتها، وتتساءل باكية: أنا مش عارفة بابا بيقول كده ليه؟
بقي من الإخوان من بقي، واعتُقل منهم من اعتُقل، أعداد كبيرة في رابعة وما بعدها، آلاف، ربما لا تعد ما بين مصاب وقتيل ومختفٍ، ستنسى أسماء الكثيرين لكن ستبقى هي في ذهنك، إن لك يكن باسمها، فستكون بصورتها، الباسمة دائمًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى