بينما كان المصريون يحتفلون بثانى أيام عيد الفطر، كان مستشفى الدمرداش على موعد مع أزمة انتهت بوفاة 6 أطفال حديثى الولادة، حيث توافد عدد كبير من السيدات الحوامل على مستشفى النساء والولادة فى الدمرداش، وسط حالة من التكدس، خاصة بعد أن أغلق قسم الولادة فى مستشفى الجلاء أبوابه أمام المترددين عليه، وكأن الظروف السيئة قد تحالفت ليلقى 6 أطفال حديثى الولادة مصرعهم، بعدما لم تجد أسرهم مكاناً لإنقاذهم فى الحضانات المتكدسة بالأطفال، فضلاً عن يد الإهمال التى طالتهم، دون أن ينقذهم أحد من الموت بأجهزة تنفس صناعية أو رعاية طبية، وبحكم العادة تحرك المسئولون من وزارة الصحة، للتحقيق فى الواقعة، بينما تحول الأطفال المواليد إلى أرقام فى سجل الوفيات، سطرت أسماؤهم فى محاضر أقسام الشرطة، ولم يدرك أحد فاجعة الأمهات اللاتى استفقن من تأثير مخدر بعد الولادة، لتكتشف كل أم أن الطفل الذى حملت فيه 9 شهور، مات قبل أن تراه.
فى مدخل حضانات الأطفال يجلس محمود رأفت، 30 سنة، ملامحه تعكس الهم والحزن الذى يشعر به، حيث يأتى يومياً ليطمئن على طفله المولود، الذى قضى أسبوعه الثانى فى الحضانة، بعد إصابته بعدة مشاكل صحية، «محمود» شاهد عيان على واقعة وفاة الأطفال الستة، ويقول: «ثانى أيام العيد، زاد الضغط على مستشفى الولادة، بينما لم يوجد من الأطباء، سوى طبيب صغير فى السن، وبعض أفراد طاقم التمريض، أجرى الطبيب عدداً كبيراً من العمليات، وحاول إنقاذ الموقف قدر استطاعته، بينما كان يتوجه بالأطفال المواليد إلى غرفة الملاحظة الموجودة مباشرة بجوار غرفة الولادة، وقام برعاية الأمهات، وهذا ما عرفته أيضاً من خلال الممرضات الموجودات فى المستشفى، ولم يتلق الأطفال المواليد أى رعاية فى غرفة الملاحظة، ولم يتم توصيلهم بأجهزة تنفس صناعى، ولم يكن فى الإمكان إدخالهم إلى الحضانات، لأن الحضانات بالداخل ممتلئة بالكامل بالأطفال، والأعداد التى تستقبلها الحضانة محدودة، لا تتجاوز 45، ومعظم الحالات بالداخل كانت خطيرة».
ويضيف «محمود» قائلاً إن ابنه فى حضانات مستشفى الدمرداش، يتلقى أفضل رعاية طبية، وذلك دون واسطة أو محسوبية، لأن الطبيبة المسئولة عن الحضانات، تتميز بالحزم فى التعامل مع الطاقم الطبى الموجود، بينما يؤكد أنه من خلال دخوله للحضانات بصفة يومية للاطمئنان على ابنه، يجد الحضانات كاملة العدد.
«ممرض»: الأطفال الستة ماتوا بسبب عجز فى عدد الحضانات.. و90% من المواليد بحاجة لها فور ولادتهم
ويشير أحد أفراد التمريض، الذى رفض ذكر اسمه، إلى أن الأطفال الستة، ماتوا بسبب عجز فى الحضانات الموجودة، وأن نسبة 90% من المواليد، أصبحوا فى حاجة إلى حضانات فور ولادتهم، بعضهم بسبب مشاكل صحية بسيطة مثل مرض «الصفراء»، أو الولادة قبل الموعد بفترة بسيطة فى حدود أسبوعين، أو صعوبة فى التنفس فور الولادة، وبعض الأطفال يكونون فى حالة صحية خطيرة، وبعضهم يحتاجون تدخلاً جراحياً، فى حين أن عدد الحضانات محدود.
وكانت نيابة حوادث غرب القاهرة بإشراف المستشار إبراهيم صالح، المحامى العام الأول، تسلمت تحريات المباحث حول واقعة وفاة 6 أطفال حديثى الولادة بمستشفى الدمرداش بالعباسية ثانى أيام عيد الفطر، وأكدت التحريات التى أشرف عليها اللواء خالد يحيى مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، أن قسم النساء والتوليد بالمستشفى أجرى 75 حالة ولادة طبيعية وقيصرية فى يوم واحد وهو ثالث أيام العيد نظراً لزيادة الإقبال على المستشفى بسبب إجازة العيد، وتوفى منهم 6 أطفال مبتسرين جميعهم داخل الحضانات بسبب نقص الوزن.
وأوضحت التحريات التى أعدها المقدم أحمد عبدالسلام رئيس مباحث الوايلى، أن المستشفى أجرى مهمته الطبية باستقباله جميع الحالات وقدم خدمة طبية جيدة لجميع الحالات وأن الأطفال المتوفين بسبب وجود مشاكل طبية لديهم وهى نقص الوزن، واستندت تحريات المباحث إلى أقوال أحد الآباء أنه كان يعلم من الطبيب المتابع لحمل زوجته أن التوائم فى حالة صحية سيئة بسبب نقص وزنهم، ورفض اتهام أى مسئول أو طبيب بالمستشفى، موضحاً أن زوجته أنجبت ثلاثة توائم أكبرهم كان بوزن كيلو فقط والاثنان الآخران بلغ وزنهما ما بين 900 و800 جرام فقط، وأن سبب الوفاة المدون لدى سجلات المستشفى هو «ضعف فى الوزن والرئة».
ووجهت النيابة تهمة القتل الخطأ بسبب الإهمال، لمدير قسم النساء والتوليد و3 أطباء وهذا ما أنكره المتهمون فى تحقيقات النيابة التى أشرف عليها المستشار أحمد لبيب رئيس نيابة حوادث غرب القاهرة.
وقال مدير المستشفى فى التحقيقات، إن المستشفى به 45 حضانة، وطبقاً للائحة والاتفاقيات الخاصة بالعمل فإن نصف هذا العدد يفتح أبوابه مجاناً بمبلغ رمزى للأسر البسيطة، والنصف الآخر حضانات خاصة بمقابل مادى.
وأضاف أن عدد المواليد يومياً أكثر من عدد الحضانات المتوفرة، وأنه بناءً على قرار رئيس مجلس الوزراء لا يستطيع أى مستشفى غلق أبوابه أمام أى مواطن حتى لو لم يكن به مكان لاستقباله، وأوضح مدير المستشفى أنهم كانوا يبلغون الحالة قبل دخولها غرفة الولادة بأنهم لا يمتلكون مكاناً فى الحضانات لاستقبال المولود عقب الولادة، لافتاً إلى أن جميع أسر المجنى عليهم وقعوا إقراراً بإخلاء مسئولية المستشفى بتوفير حضانات للأطفال حديثى الولادة لعدم وجود حضانات خالية.
وأضاف مدير المستشفى أن تكلفة الحضانة الواحدة بأجهزتها يبلغ 350 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم، لذلك لا يستطيع المستشفى زيادة عدد الحضانات من ميزانيته، مشيراً إلى أن قسم النساء والتوليد لا يملك سوى جهازين للتنفس الصناعى فقط، وهذا لا يتناسب مع عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى تنفس صناعى عقب ولادتهم، ولذلك لا يستطيع المستشفى أن يضع أكثر من طفلين على هذين الجهازين.
ونفى المدير تعرض غرفة الحضانات لأى فيروسات، مؤكداً أنها معقمة بالكامل، وقال إنه فى الوقت الذى توفى فيه 6 أطفال، خرج من الحضانات 17 طفلاً آخر فى حالة صحية جيدة ومستقرة، وهذا يؤكد أن المجنى عليهم لم يتوفوا إثر إصابتهم بفيروسات كما تردد. وأيد 3 أطباء من الوحدة أقوال مدير المستشفى. وأمرت النيابة بإخلاء سبيلهم من النيابة بضمان محل إقامتهم، واستعجلت تقرير الطب الشرعى لبيان سبب الوفاة، كما استعجلت تقرير اللجنة المشكلة من وزارة الصحة، وتقرير لجنة الفيروسات لبيان ما إذا كانت الحضانات بها التعقيم اللازم من عدمه. وكان آباء الأطفال الـ 6 المتوفين تقدموا ببلاغات إلى قسم شرطة الوايلى اتهموا إدارة مستشفى الدمرداش بالإهمال ما تسبب فى وفاة الأطفال، وأحال اللواء خالد عبدالعال مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة تلك البلاغات إلى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى