أثارت الزيارة الأخيرة لوفد حركة حماس برئاسة خالد مشعل إلى الرياض جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية، خاصة التي تنتمي إلى مصر ومحور المقاومة، فبينما وصف البعض زيارة حماس الأولى بعد قطيعة استمرت عامين مع السعودية بأنها شكلت صدمة لدى أطراف المحور خاصة إيران، رأى البعض الآخر والذي يحسب على القاهرة أن هذا يثبت صحة التقارير التي تتحدث بأن هناك تقارب سعودي إخواني لمواجهة النفوذ الإيراني، على حساب المخاطر التي تتوجس منها مصر حيال تصاعد دور الجماعة مرة أخرى في المنطقة، وبين هذا وذاك تطرح الزيارة العديد من التساؤلات، هل تأتي الزيارة تطبيقا لقرار واضح من القيادة السعودية الجديدة لاستيعاب «الإخوان المسلمين» في المنطقة لدراسة كل الاحتمالات عقب الاتفاق النووي، هل تسعي السعودية للسيطرة على الملفات الإقليمية لتقوية نفوذها في المنطقة على حساب الدور المصري المنشغل بقضايا داخلية معقدة، وكيف تؤثر هذه الزيارة على العلاقات المصرية السعودية المتوترة بالأساس؟ وما تأثير هذه الانفراجة على العلاقات بين حماس وإيران.
محور سُني بعد الاتفاق النووي
رغبة السعودية من التقرب للحركة أظهرتها تصريحات المسئولين السعوديين في مناسبات عدة في الفترة السابقة فعبر ولي العهد الحالي، الأمير محمد بن نايف، كان هناك تصريحًا يريد به توصيل رسالة مفادها أن الرياض لا تعتبر حماس تنظيمًا إرهابيًّا، رغم تصنيفها الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي في عهد الملك “عبد الله”، الأمر الذي مهد للحركة فتح صفحة جديدة من العلاقات.
هذا الأمر يراه الكثيرون أنه لا يتعلق بالمقاربة مع حماس فقط، إنما يشير إلى دلالات كثيرة تؤكد أنه منذ تولي الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وهناك رغبة لدى الرياض في التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين بأغلب الدول العربية لاسيما التي تؤثر فيها الجماعة على الملف اليمني والسوري، فبعد قطيعة ظلت أكثر من عامين في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ظهرت تقارير تزيد من فرص إنشاء السعودية محور سني يضم أغلب التيارات الإسلامية، لا تستبعد السعودية فيه دوراً لـ «الإخوان» وحماس في مواجهة النفوذ الإيراني.
وقد يكون ملامح المحور السني أجبر حماس على الاختيار الصعب على خلفية أن المنطقة مقبلة على تحولات مهمة، وتعلم حماس أن خارطة إقليمية بدأت بالتشكل بعد الاتفاق النووي، وعليه تريد “حماس” أن تلتحق بالقطار الذي لمع لونه مرة أخرى، بعد تعرض الحركة لوعكة كبيرة لاسيما بعد وقوع حلفائها من جماعة الإخوان المسلمين في عدد من الدول العربية فريسة في العامين الماضيين بعد التغييرات الأخيرة التي أعقبت ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا، لكن في الوقت نفسه يرى المحور الآخر الذي يعتبره الكيان الصهيوني يمثل تهديدًا ضمنيًا له، الذي لم يخرج من صدمته في أعقاب موقف حماس من الأزمة السورية بعد تأييدها لحلفائها من المعارضة السورية لإسقاط النظام السوري الحليف المهم لطهران في المنطقة، أنه بهذا التقارب فقد وقعت الحركة في نفس خطأها مرة أخرى.
تخوف مصري
بينما التزم النظام المصري الصمت تجاه هذا التقارب ورفض بعض المسئولين المخول لهم الحديث عن السياسة الخارجية المصرية التحدث عن هذا الأمر، كشفت بعض التقارير عن أن القاهرة تتخوف من هذا التقارب الشامل مع الإخوان في العموم، لأنه قد يصبح امتداداً إقليمياً لـ «الإخوان»، ينعكس على «إخوان» مصر في صورة دعم غير محدود على المستويين المعنوي والمادي، يشكل ضغطا على دور القاهرة الإقليمي، إلا أن البعض الآخر رأى التقارب السعودي الحمساوي بشكل مختلف، وهو يعتبر أن القاهرة بدون الاحتفاظ بالملفات والقضايا التي تخص أمنها القومي تكون خسرت ثقلها الإقليمي، والذي في مقدمته القضية الفلسطينية والمصالحة بين حماس وفتح، حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن هناك دور جديد ترغب فيه المملكة للسيطرة على ملفات المنطقة في الوقت الذي تنشغل فيه القاهرة بملفاتها الداخلية.
تأثير الانفراجة على العلاقات مع إيران
على الرغم من أن العلاقات الإيرانية الحمساوية شهدت تحسنًا في العامين الماضين، لاسيما بعد تراجع حركة حماس عن موقفها تجاه الملف السوري أو على أقل تقدير التزامها الصمت، كانت لهذه الزيارة أثر كبير على هذه العلاقات مرة أخرى، حيث وجهت بعض الصحف الإيرانية انتقادات لاذعة إلى “حماس” في خضم الحديث عن زيارة مشعل الأخيرة.
وكالة أنباء فارس الإيرانية، نقلت على لسان أحد المعارضين السعوديين بعض التفاصيل عن الزيارة والذي اتهم فيها حماس بأنها ستدخل في الحرب اليمنية لمواجهة الحوثيين، حيث أكد أن مشعل خلال زيارته المملكة، قدم خلال لقائه بنجل الملك السعودي سلمان طلبًا للمملكة السعودية بمرتب 20 مليون دولار لحكومة حماس في غزة، وأن محمد بن سلمان طلب منه 700 مقاتل فلسطيني ممن تم تدريبهم على تكتيكات حزب الله لقتال اليمنيين، الأمر الذي سارعت إلى نفيه الحركة.
تقارب حماس والسعودية.. محور لمواجهة إيران أم تهميش للدور المصري؟
محمود علي
Wed, 22 Jul 2015 12:42:39 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى