يوما بعد يوم يتفاقم مرض الشاشة الصغيرة في مصر، ويتجه المشهد الإعلامي نحو مزيد من الفوضي، حتى خسر سمعته على نحو لا يمكن إنكاره، وبلغت حالات التجاوز علي الشاشة درجة لا يمكن حصرها، ما يمثل خطورة شديدة علي مستقبل المهنة العريقة، في ظل وجود مدارس كبري تنهار، ونوافذ إعلامية تتصدع.
وكان أبرز المؤشرات علي انكشاف الإعلام المصري، هو الحط من رأي المواطن الذي يعد المالك الحقيقي لهذه الشاشات، ومانح صك النجومية لكبار مذيعيها.
وأصبحت السمة الغالبة في الفضائيات في الآونة الأخيرة، هي الصراخ والعويل، دون إفساح المجال لتبادل الآراء، والاستماع لرأي المسئول أوالمواطن، وتقديم إجابات شافية للأسئلة التي تضغط عليه، بجانب التصريحات الغريبة والمثيرة لبعض المذيعين، حيث نجد من يغلق الهاتف في وجه أحد المتصلين لمجرد مخالفته لرأي المذيع، كما فعلت من قبل الإعلامية ريهام السهلي في أحد برامجها السابقة مع متصلة وجهت نوعاً من النقد إلى ضيوفها بالبرنامج، والذي كان يناقش إلغاء الرقابة على الأفلام والمصنفات الفنية، فما كان من المذيعة إلا أن أغلقت علي الفور الهاتف في وجهها بشكل افتقد أبسط معايير المهنية.
وكانت واقعة إغلاق الإعلامي سيد علي الهاتف في وجه نقيب الصيادلة، الذي كان يتحدث عن تعليم طلاب الصيدلة، وطالب بتوفير معامل حديثة لهم، انتهاكا صارخا لكل معايير الموضوعية، حيث لم يحترم ضيفه لمجرد مخالفته في الرأي قائلا: «أنت تنظر لنفسك فقط ولا تلتفت إلى مصلحة البلد، والنقابات لا تدير البلد أو تحدد سياستها» وتم إغلاق الهاتف.
وعلي صعيد التصريحات الغريبة والشاذة، كان تصريح الإعلامي شريف مدكور، خلال حلوله ضيفاً علي الإعلامية رولا خرسا في برنامجها «الطيب والشرير»، بتعرضه للتحرش الجسدي، هو الأكثر إثارة لذهول واستياء قطاع كبير من المشاهدين.
وتتواصل موجة السقطات والتصريحات الغريبة لبعض الإعلاميين، والتي يعجز الجمهور عن تفسيرها، وكان آخرها رأي تامر أمين الذي عجز الجميع عن تفسيره، والذي قاله عبر برنامجه «من الآخر» علي شاشة «روتانا مصرية»: «المجلس الأعلى للعالم قادر في السنوات القادمة على تدمير العالم وتدمير دول من دون الدخول في حرب، يرسل لها تسونامي، أو يحدث زلزال عن طريق العبث بمكونات القشرة الأرضية، وبراكين في أماكن أخرى»، الأمر الذي فجر موجة شديدة من السخرية والاستهزاء علي شبكات التواصل الاجتماعي.
خبراء يرون أن الإعلام المصري يعيش مأزقا حقيقيا في الفترة الحالية، ولم يسبق أن تراجعت الثقة العامة فيه إلي هذا الحد، ويؤكد الإعلامي والإذاعي الكبير حمدي الكنيسي لـ«فيتو»، أن الإعلام المصري يمر بأسوأ مراحله، حيث بلغت درجة الفوضي والإثارة منحني شديد الخطورة، وهناك العديد من التجاوزات التي لا يمكن حصرها، تسببت في الإضرار بسمعة المهنة العريقة، حيث إن كل مذيع لديه رأي ووجهة نظر خاصة يريد أن يفرضها علي المشاهد بالقوة.
وأكد «الكنيسي» أن علاج الأزمة يكمن في وجود ميثاق شرف إعلامي بأسرع وقت، ووجود نقابة للإعلاميين من شأنها مراقبة أداء القنوات الفضائية، ومحاسبتها على أداء وأخطاء مذيعيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى