رغم الترويج الشعبي والرسمي لمشروع قناة السويس الجديدة، وتسويق وسائل الإعلام الرسمي لها باعتبارها قناة موازية للقناة الحالية، وسوف تنهض بالاقتصاد المصري بشكل سريع، إلا أن حجب الحكومة المصرية بيانات الإحصائيات الرسمية الخاصة بالمعدلات الشهرية لإيرادات وأعداد السفن المارة بقناة السويس للشهر الثالث على التوالي جاء ليشكك في مضامين تصريحات رئيس هيئة القناة الدورية مهاب مميش، التي تشير إلى ارتفاع تلك المعدلات بعد افتتاح التفريعة الجديدة للقناة، حسب خبراء مراقبين.
ورغم أن المعايير العالمية تقتضي الكشف عن بيانات القناة الشهرية؛ باعتبارها أهم ممر ملاحي حول العالم، إلا أن هيئة القناة لم تنشر على موقعها الرسمي بيانات يوليو وأغسطس وسبتمبر من العام الحالي، في سابقة هي الأولى من نوعها.
قناة السويس تتراجع.. والعوائد المادية وهم
كشفت آخر الإحصائيات الرسمية التي نشرتها الحكومة المصرية نهاية يونيو تراجع عائدات القناة في النصف الأول من هذا العام بـ1.3%؛ لتبلغ 2.538 مليار دولار، مقارنة بعائدات بلغت 2.572 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
يأتي ذلك في الوقت الذي وضح خطاب العرض المقدم من الفريق مميش أن حفر القناة الجديدة سيرفع عوائد القناة إلى 13 مليار دولار سنويًّا، عن طريق زيادة القدرة الاستيعابية للقناة؛ لتصل إلى 97 سفينة قياسية عام 2023، بدلًا من 49 سفينة عام 2014، كما أشار عدد من التقارير إلى توقعات بارتفاع عوائد القناة وفقًا لمخططي المشروع من التفريعة من متوسط ٥ مليارات دولار حاليًّا إلى ١٣ مليارًا بحلول سنة 2023.
لكن هذه العوائد المادية المذكورة في بعض التقارير لن تتحقق على المدى القصير، فالسعة المرورية للقناة 78 سفينة يوميًّا، ووصل عدد السفن التي مرت في عام 2014 إلى 46 سفينة يوميًّا في المتوسط، بينما وصل الحد الأقصى لمرور السفن يوميًّا في عام 2008 59 سفينة، وذلك قبل الأزمة المالية العالمية. كما يستبعد مجموعة من الخبراء وصول السفن للسعة المذكورة؛ للانخفاض التدريجي لعدد السفن المارة مع زيادة حركة التجارة المارة عبر قناة السويس، لأن الخطوط الملاحية ستوظف السفن كبيرة الحجم.
كما يرتبط انخفاض أعداد السفن بضعف نمو التجارة العالمية والاقتصاد العالمي، خصوصًا مع اكتفاء الولايات المتحدة الأمريكية الذاتي بالبترول، وانخفاض كمية البترول القادمة من الخليج العربي وإيران واتجاهها إلى آسيا، وذلك للاحتياج المتزايد من دول الصين والهند واليابان للطاقة، وهو الأمر الذي لا يأتي في مصلحة قناة السويس التي تعمل على حركة البضاعة المنقولة من آسيا لأوروبا ومن آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
مختصون: حجب إيرادت القناة أمر يثير الاستفهام
أكدت الدكتورة سلوى المهدي، خبير النقل البحري، أن عدم الكشف عن إيرادت قناة السويس في الوقت الحالي أمر غامض، مبررة ذلك بأنه من الممكن أن تخفى الدولة إيرادات القناة من أجل تفجير مفاجأة للعالم بأكمله وليست مصر فقط، لافتة إلى أن هناك اعتبارات تضعها الدولة دائمًا من أجل توجيه ضربات اقتصادية واستراتيجية للأعداء، على حد قولها.
وأكدت “المهدي” أن الأرباح التي تم الإعلان عنها من قناة السويس الجديدة تبين أنها وهم، ولكنها في الوقت ذاته كان نوعًا من التشجيع للمصريين، معقبة أن الجميع يدرك جيدًا أن قناة السويس وعوائدها مرتبطة بحركة التجارة العالمية.
وأكد المهندس اشرف شندي، الخبير الاقتتصادي، أن إخفاء إيرادات قناة السويس 3 أشهر متتالية أمر يثير العديد من التساؤلات وسط الانخفاض الملحوظ لعوائد الاقتصاد المصري وانخفاض مؤشرات البورصة، وهذا ما يشير إلى انخفاض أيضًا في عوائد القناة، لافتًا إلى أن المصريين لا يزالون يأملون الخير في محور تنمية قناة السويس الذي تم إنشاؤه، فلم يتم إخفاء كل شيء حتى وقتنا الحالي.
وأوضح “شندي” أن الخلل في منظومة المعلومات في مصر بات على مستوى الدولة، فالشفافية في إصدار البيانات بشكل دوري هو ما يجعل هناك مصدقية للحكومة وللمشروعات التي تنفذها، لذا فلا بد للحكومة أن تحرص على ذلك، وإلا تتوقف عن وعد الشعب بما هو وهمي.
وشدد الخبير الاقتصادي على ارتباط التجارة العالمية بقناة السويس، فإذا راجت القناة، راجت الأرباح وفقَا للمعايير العالمية وليست مصر وحدها، وهو ما يجب أن يدركه المواطن المصري بشكل جيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى