لم يكن العام الحالي أحسن حالًا من سابقه. فرغم قيام ثورتين، ما زالت حرية الصحافة والإعلام تسير من سيئ إلى أسوأ، وذلك حسبما رصدناه طوال العام من انتهاكات لحرية الرأي والتعبير واعتقال وحبس وتشريد ومنع للصحفيين من أداء عملهم، إضافة إلى الرقابة على الصحف.
تجديد دماء مجلس النقابة
انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين جددت دماء المجلس، وأسفرت عن فوز الكاتب الصحفي يحيي قلاش، ليصبح نقيبًا للصحفيين بعد ضياء رشوان النقيب السابق، إضافة إلى 6 آخرين في عضوية المجلس، وأملت الجماعة الصحفية فيهم خيرًا، ولكن حتى الآن ما زال ينتظرهم العديد من المشكلات والملفات التي لم تُحل، مثل الفصل التعسفي، وحبس الصحفيين، والاعتداءات التي يتعرض لها أبناء المهنة.
الرئيس والإعلام
لم تخلُ لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي أو خطاباته من الحديث عن الإعلام، والذي اتهمه بأنه ينشر الجهل، في أحد خطاباته.
وتحدث الرئيس في حواره لـ «CNN» بخصوص حرية الصحافة والإعلام قائلًا «لا أريد أن أكون مبالغًا، ولكن أنا أُريد التأكيد على أن مصر بها حرية إعلام غير مسبوقة، ولا يوجد أحد في الإعلام والصحافة والتليفزيون ممكن يحجر على رأي حد أو يمنعه، ولم يحدث في المدة التي توليت فيها الحكم أن أحدًا اتحاسب على رأي من الصحفيين والإعلاميين ولا من غيرهم».
حبس الصحفيين
تعاني الجماعة الصحفية من الانتهاكات التي يتعرضون لها، والتي تصاعدت بتكرار ظاهرة القبض على عدد كبير منهم، وإحالتهم للنيابة بتهم لا تمس المهنة. ويقبع في السجون 61 صحفيًّا ما بين محكوم عليه ومحبوس احتياطيًّا ومحتجز، من بينهم 7 يعانون من تدهور حالتهم الصحية بحسب ما ورد إلى نقابة الصحفيين، فلم يسلم الصحفيون من التنكيل والانتهاكات بالحبس وتقييد الحرية فقط، بل وصل الأمر إلى منع الدواء والرعاية الصحية عنهم، ما دعا بعض الزملاء إلى التحرك لإيقاف جريمة القتل البطيء للصحفيين في السجون.
«شوكان» أغرب حالة في 2015
حالة هي الأغرب في 2015.. محمود أبو زيد شوكان مصور صحفي تجاوز المدة القانونية للحبس الاحتياطي، وهي سنتان، والتي توجب إخلاء سبيله، وذلك حسبما ينص القانون، حتى يتم تحديد جلسات المحاكمة، إلا أن شوكان مستمر في السجون؛ مما يعد تعنتًا ضده؛ لعدم إعطائه حقه في كونه صحفيًّا، وقدمت نقابة الصحفيين عددًا من البلاغات إلى النائب العام؛ للإفراج عنه وكثير من الصحفيين، ولكن التجاهل كان مصيرها.
تشريد الصحفيين
زادت ظاهرة تشريد الصحفيين في العام الحالي بأغلاق الصحف، والذي يترتب عليه تشريد عدد كبير من الصحفيين. وبرصد الصحف نجد أن مجلس إدارة جريدة التحرير قرر إيقاف إصدار النسخة الورقية من الجريدة، فيما قررت إدارة جريدة المصري اليوم تخفيض عدد العاملين بالمؤسسة، بعد طلبها من رؤساء الأقسام الاستغناء عن 50% من الصحفيين، وأصدرت قرارًا بمراجعة عقود الزملاء الصحفيين والإداريين التي تنص على الالتزام بالتفرغ الكامل للعمل بالمؤسسة وعدم القيام بأي أعمال للغير.
الرقابة على الصحف
شهد العام الحالي ظاهرة عودة الرقابة على الصحف التي أصبحت واضحة للعيان بإيقاف طباعة الكثير من الصحف؛ اعتراضًا على مانشيت أو مقال، وفرم النسخ المطبوعة، وتغيير ما يريده مراقب الصحف، وإلا لن تتم الطباعة، فقد أوقفت مطابع الأهرام طباعة صحيفة الصباح الأسبوعية في عددها بتاريخ 22/8/2015 بسبب مقال، بالإضافة إلى جريدة “المصريون” التي أكد الكاتب الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير الجريدة أن جهة سيادية قررت إيقاف طباعة الصحيفة؛ اعتراضًا على مقال رئيس التحرير، واشترطت تغييره.
كما شهد العام أكثر من واقعة، حيث تم فرم 48 ألف نسخة من عدد جريدة الوطن؛ بسبب اعتراض جهة سيادية على مانشيت ومقال، مما أدى إلى تغيير إدارة تحرير الجريدة للمانشيت، وحذف المقال. ولم تكن هذه هي المرة الأولى من نوعها للجريدة، حيث إنه في 10 مارس 2015 تمت مصادرة الطبعة الأولى من الجريدة نفسها؛ بسبب تحقيق عن امتناع 13 جهة سيادية بالدولة عن سداد ضرائب الدخل الخاصة بالعاملين بها، والتي تبلغ وفق مصادر الجريدة 8 مليارات جنيه، وأكد صحفيون بالجريدة أنها لم تصدر إلا بعد تغيير الموضوع، كما أنه تم فرم جريدة صوت الأمة وسحبها من مراكز البيع، وهذا يدل على عودة الرقابة على الصحف.
القانون الموحد ومدونة السلوك
انتهت لجنة التشريعات الصحفية والإعلامية من إعداد مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، وضمت إعلاميين وعاملين بالمجلس الأعلى للصحافة وقانونيين وعددًا كبيرًا من الخبراء، وقدمته لمجلس الوزراء لمناقشته وإقراره، رغم اعتراضات بعض الصحفيين أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين؛ لعدم عرض المشروع عليهم، بالإضافة إلى تضمُّنه مواد يلاحقها العوار الدستوري.
فيما أنهى مجلس نقابة الصحفيين، بعد الاجتماع مع رؤساء وممثلي اتحاد الإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات وغرفة صناعة الإعلام ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) والمجلس الأعلى للصحافة، مدونة السلوك الإعلامي؛ لوضع استراتيجية إعلامية قادرة على التعبير عن قضايا وطموحات الرأي العام المصري؛ لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الدولة المصرية، وتضمن حرية الصحافة والإعلام.
أزمة الصحف الحزبية مستمرة دون حل
ما زال محررو الصحف الحزبية المتوقفة عن الصدور يعانون على مدى أكثر من 4 سنوات، رغم تغييرات مجلس نقابة الصحفيين، حيث بدأت مشكلة الصحف الحزبية بعد ثورة 25 يناير، وكان ممدوح الولي، النقيب الأسبق، أول من تعامل معها، ومرت على مجلس ضياء رشوان، النقيب السابق، ولم يجد لها حلًّا. والآن تقف المشكلة عقبة في وجه نقيب الصحفيين يحيى قلاش، الذي ما زال يبحث أزمة الصحف الحزبية المتوقفة.
العدل يحذر من صدام متوقع مع الدولة
يقول بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، إن عام 2015 هو عام فرض الرقابة والهيمنة والوصاية على الصحافة والإعلام، بالإضافة إلى عمليات القمع والحبس لمجرد الاشتباه، حتى وصلت إلى الحبس الاحتياطي.
وأضاف أن حرية الصحافة والإعلام دخلت منعطفًا خطيرًا، متوقعًا حدوث صدام قريب بين الدولة والإعلام، لذا شدد على أن تنتبه الدولة من الآن، ومع حلول العام الجديد للمخاطر التي يتعرض لها الصحفيون، حتى لا ندخل في نفق مظلم، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه يجب على الجماعة الصحفية أن تتصارح مع نفسها، وتعود مرة أخرى إلى الأداء المهني الذي خرج عليه كثير من الصحفيين والإعلاميين؛ مما أدى لتدني المستوى الإعلامي.
وعن التشريعات الصحفية التي خرجت بها نقابة الصحفيين أكد أنها ما هي إلا استنساخ من القديم؛ لعدم وجود رؤية واضحة لأوضاع الصحافة في مصر.
المصدر البديل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى