سيف الدين الطرابلسي / الأناضول
خلال الساعات الأولى من محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا مساء الجمعة الماضية، ذهبت وسائل إعلام غربية نحو الابتهاج والترحيب، فيما بقيت الدبلوماسيات الرسمية في انتظار لمن ستكون الغلبة.
فبعد فشل المحاولة وخروج الشعب التركي للدفاع عن خياره الديموقراطي، بدأت المواقف الغربية بالتغيّر من حالة الترحيب إلى إدانة الانقلاب لكنها كانت على استحياء.
"إدانة على مضض".. هكذا وصفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، الإدانات الغربية للمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.
وقالت الصحيفة إن"محاولة الانقلاب الفاشلة، ستزيد من تعقيد العلاقات التركية-الغربية".
وكتبت في عددها الصادر، أمس الإثنين: "عقب فشل الإنقلاب نددت الولايات المتحدة الأمريكية، كما الدول الأوروبية، بشكل رسمي بمحاولة الانقلاب، لكن لم يتصل أي رئيس دولة غربية بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
وشهدت مدينتا أنقرة واسطنبول، مساء الجمعة الماضية، محاولة انقلاب فاشلة قادتها عناصر محدودة في الجيش تتبع "منظمة الكيان الموازي" الإرهابية التي يقودها فتح الله غولن، حاولوا خلالها السيطرة على المؤسسات الأمنية والإعلامية، لكنها قوبلت باحتجاجات شعبية عارمة، وقوبلت المحاولة باحتجاجات شعبية عارمة ما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب مما ساهم في إفشال الأمر.
كما قوبلت بردود فعل واسعة النطاق من قبل دول ومؤسسات عربية وإسلامية وأفريقية ما بين منددة بالمحاولة وأخرى مشيدة بالانتصار الذي حققه الشعب التركي ووقوفه إلى جانب الشرعية الدستورية في وجه المحاولة الفاشلة.
في الساعات الأولى لما حصل في تركيا، غرّد المسؤول السابق بالخارجية الأمريكية، ريتشارد هاس، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بالقول: "الانقلاب في تركيا يضع أمريكا والحكومات الأوروبية في معضلة، هل تدعم انقلاباً غير ديموقراطي؟".
وتعليقاً على تغريدة هاس، تساءل الباحث في العلوم السياسية الفرنسي، فلورون ماتيو "هل نفهم من هذا الكلام أن هناك انقلاباً ديموقراطياً وآخر غير ديموقراطي؟"، مشيراً إلى أنها قد تكون مفاهيم جديدة يصطنعها الغرب لتبرير الانقلابات.
وأضاف ماتيو خلال حديثه مع الأناضول: "ما جرى في تركيا شبيه بما وقع في فنزويلا سنة 2002، عندما فشلت محاولة الانقلاب ضد (الراحل) هوغو تشافيز الذي كان منتخباً ديموقراطياً، لكنه لم يكن منسجماً مع السياسة العالمية".
وتابع: "الموقف الأمريكي من تشافير يشبه موقفهم من أردوغان، فالأخير زعيم منتخب ولكنه بشكل عام غير منسجم تماماً مع السياسات الغربية في المنطقة".
واستشهد ماتيو بما حصل في مصر عند الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب عام 2013، قائلاً: "هذا لم يمنع عدداً من الديموقراطيات الغربية أن تستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كل هذا لأن مرسي لم يكن منسجماً مع السياسات الغربية".
الخلاصة التي يصل إليها ماتيو هو أن "تعامل الولايات المتحدة كما أوروبا مع الانقلابات في العالم لم يتغير منذ عقود، فما يعنيها من هو المنقلب عليه؟ ولمصلحة من يصب هذا الانقلاب؟ بصرف النظر عن الديموقراطية".
وفي مقال نشره على موقع "ميدل ايست اي"، قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرتس إن "ردة فعل تركيا مساء الجمعة الماضية، كانت ردة فعل لديموقراطية مليئة بالنضج، فيما كانت ردة فعل الغرب ردة فعل ديموقراطيات فاسدة تلوثت بدعمها للاستبداد".
وأردف "كان واضحاً جداً أننا أمام انقلاب عسكري، ولكن هذا لم يمنع السفارة الأمريكية في أنقرة من تسمية الأمر بالانتفاضة".
وأكد أن "عدداً من وسائل الإعلام الغربية بما فيها الأمريكية ذهبت للقول إن الانقلاب نجح و بدأت تبني تحاليلها على ذلك، وذهب عدد من المعلقين للقول إن أردوغان انتهى وهو بصدد الهروب إلى ألمانيا".
وختم هيرتس بقوله: "فيما كان الشعب التركي يكافح من أجل مستقبله، كان القادة الغربيون في صمت مطبق، وتكلم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن الاستقرار التركي، دون دعم للرئيس الشرعي والبرلمان المنتخب، وعندما تأكد فشل الانقلاب، تكلم (الرئيس الأمريكي باراك) أوباما لدعم أردوغان".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى