كان الرد بقمع على المظاهرات التي نظمها الجزائريون هو ارتكاب مجازر بحق السكان الأصليين، وذلك بأسلوب القمع والتقتيل الجماعي شمل وتم استعمال القوات البرية والجوية والبحرية، و دمرت قرى ومداشر ودواوير بأكملها.
نتج عن هذه المجازر قتل أكثر من 45,000 جزائري أولهم الشاب (بوزيد سعال 22 سنة)، دمرت قراهم وأملاكهم.
ووصلت الإحصاءات إلى تقديرات برقام أعلى ما بين 50,000 و70,000 قتيل.
يعود سبب التضارب في عدد الخسائر البشرية إلى تفادي السلطات الفرنسية عام 1945 تسجيل القتلى في سجلات الوفيات هذا إذا كانوا فعلا متوفين لهذا السبب لا زالت بعد الاستقلال طلبات تسجيل الوفيات تبت في محاكم الجزائر المستقلة لسنة 2013.
في يوم 8 مايو/أيار عام 1945 خرج مئات الآلاف من الجزائريين في مسيرة سلمية للاحتفال بهزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية وبخاصة هزيمة النازية مع تذكير فرنسا بالمطالب الاستقلالية التي وعد بوفائها فور تحقيق النصر، لكن في ذلك اليوم ظهر الوجه الحقيقي للاستعمار الذي كان لا يعرف لغة غير لغة السلاح والدم.
وأمام رغبة وإلحاح الشعب الجزائري في الانفصال عن فرنسا ظهرت النوايا الحقيقية للمحتل الغاصب إذ توج الوعد الزائف بخيبة أمل ومجازر رهيبة تفنن فيها المستعمر في التنكيل بالجزائريين وشن حملة إبادة راح ضحيتها ما يناهز 45 ألف شهيد، لكن هذه الإبادة كانت بداية مسيرة الطريق إلى ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954، بحسب الإذاعة الجزائرية.
تركزت المظاهرات الأكبر في 8 مايو في ما كان يعرف بالشمال القسنطيني (المناطق الواقعة إلى الشمال من محافظة قسنطينة) خاصة في سطيف وقالمة، وكانت الأحزاب الجزائرية منقسمة على نفسها بين مؤيد للمشاركة في الجهد الحربي ضد النازية وحلفائها كالحزب الشيوعي الجزائري، وبين معارض بشدة لذلك كحزب الشعب، الذي كان من أول الداعين -حتى قبل المجازر- لدولة جزائرية مستقلة عن فرنسا.
من مجازر الاستعمار الفرنسي بالجزائر (وكالة الأنباء الجزائرية)
وقد كانت المظاهرات في الحقيقة استمراراً لمسيرات دعا إليها حزب الشعب احتجاجاً على نفي زعيمه مصالي الحاج.
ويُنظر إلى مجازر 8 مايو/أيار 1945 في الجزائر على أنها نقطة اللاعودة، التي اقتنعت عندها الحركة الوطنية الجزائرية بأن لا مفر من العمل المسلح، الذي بدأ التحضير له فعليا عام 1947، بإنشاء "المنظمة الخاصة".
حصيلة القتلى
تحالف الجيش الفرنسي مع قوى الشرطة ومليشيات المستوطنين الأوربيين في ملاحقة "الأهالي" (كما كان يعرف الجزائريون في القانون الفرنسي)، لإخماد المظاهرات التي شارك فيها مئات آلاف الجزائريين، قتل كثير منهم بالرصاص، أو ألقي بهم في الوهاد والأودية أو من المروحيات.
واختلفت التقارير عن عدد القتلى، فوزير الداخلية الفرنسي ذكر في تقريره أن عدد الجزائريين الذين شاركوا في الحوادث قد بلغ 50 ألف شخص، ونتج عن ذلك مقتل 88 فرنسيا و 150 جريحاً.
أما التقديرات الجزائرية فقد حددت بين 45 ألف إلى 100 ألف قتيل أما الأجنبية فتختلف أيضاً، وهي في الغالب من 50 ألف إلى 70 ألف، تضاف إلى حوالي 200 ألف بين قتيل و جريح و مختل عقلياً من المجندين أثناء الحرب العالمية الثانية لإنقاذ فرنسا من سيطرة النازية.
من مجازر المستعمر الفرنسي بالجزائر (الإذاعة الجزائرية)
أما جريدة "البصائر" لسان حال جمعية العلماء المسلمين فقد قدرت عدد القتلى بـ85 ألف، وذكرت الكاتبة "فرانسيس ديساني" في كتابها "La Paix Pour Dix Ans" أن السفير الأمريكي في القاهرة "بانكنـي توك" أخبر رئيس الجامعة العربية "عزام باشا" بأن هناك 45 ألف جزائري قتلهم الفرنسيون في مظاهرات 8 مايو 45، مما أغضب الجنرال ديغول من هذا التصريح باعتبارها "قضية داخلية.
آثار الجريمة
تحدث المؤرخ الجزائري محمد حربي عن مقابر جماعية حفرت لدفن الضحايا، وعن أفران الجير التي أحرقت فيها الجثث لطمس آثار الجريمة، وهي أفران جعلت الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 2005 يقارن بينها وبين أفران الغاز النازية.
ويقول المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا –وهو من أبرز المختصين الفرنسيين في تاريخ الجزائر- إن "ما أصاب سطيف يشبه كثيراً جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية حتى لو أن هذا المفهوم ظهر إلى النور في وقت لاحق.
من ضحايا مظاهرات 8 مايو/أيار 1945 (المركز الجزائري لوثائق الصحافة والإعلام)
لم تعترف فرنسا أبدا بمجازر 8 مايو/أيار 1945، والتي يشار إليها فرنسيا على أنها "أحداث الشمال القسنطيني".
وقد كان السفير الفرنسي السابق في الجزائر برنار باجولي أحد سياسيين فرنسيين قلائل اعترفوا بهذه "المجازر الرهيبة" في 2008، ودعا فرنسا لعدم إنكار ماضيها في الجزائر، خاصة وأنها جاءت في أسوأ لحظة بالنسبة لفرنسا في نهاية الحرب العالمية الثانية.
ورغم وجودها القوي في العقل الجزائري الجمعي، لم يتم تناول المجازر في الجزائر بشكل كثيف أدبيا أو سينمائيا، باستثناء فيلم "خارجون على القانون"، وهو إنتاج جزائري فرنسي أخرجه رشيد بوشارب وأثار ضجة كبيرة عندما عرض في فرنسا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى