عربي بوست .. زين الناجى
في الأول من يونيو/حزيران عام 1978، أعلن الجنرال خورخي رافائيل بيديلا، قائد الانقلاب العسكري، افتتاح كأس العالم في ملعب "مونومينتال"، وقد أطلق على نسخة كأس العالم اسم "كأس العالم للسلام" كمحاولة منه لتبييض جرائم الحكم العسكري في حق الشعب الأرجنتيني، منتهزاً فرصة تنظيم الأرجنتين هذا الحدث العالمي الذي يجذب أنظار وكالات الأنباء العالمية ومئات الملايين من شعوب العالم المحبين لكرة القدم.
كان يسعى لتبييض فترة حكمه، والتي عُرفت بالحرب القذرة التي أطلقها على المُعارضين السياسيين، والتي أسفرت عن قتل أعداد قُدرت بـ30 ألفاً من الأرجنتينيين، كان الإخفاء القسري للضحايا عملية ممنهجة ما زال يعاني الشعب الأرجنتيني من تبعاتها حتى الاَن. كانت عملية ممنهجة وقذرة في اختطاف المعارضين، وفجأة يتبخرون في الهواء دون معرفة مكانهم، وإذا ما كانوا أحياءً أو أمواتاً، وإن كانوا أحياءً فأين هم؟ وإن قُتلوا فأين دُفنوا؟ لقد تم اختطافهم من منازلهم وجامعاتهم وأماكن عملهم ومن الشوارع.
تزامن تنظيم بيديلا لكأس العالم مع صعود حراك حركة أمهات ساحة مايو، والتي ولدت من رحم المُعاناة والتغييب القسري للمُختطفين حركة أمهات ساحة مايو، وهن أمهات المُغيبين قسرياً، وكن يجتمعن في ساحة ميدان مايو أسبوعياً عصر يوم الخميس في مظاهراتٍ دائرية، ويغطين شعرهن بأوشحة بيضاء للتعريف بأبنائهن المختفين قسرياً، ويطالبن بمعرفة ما حدث لأبنائهن خلال فترة الحكم العسكري فيما بين عامي 1976 و1983، لتصبح حركة أمهات ساحة مايو رمزاً لمقاومة جريمة يندى لها جبين الإنسانية.
لقد انقلب السحر على الساحر حين اتجهت وتحولت أنظار وكالات الأنباء العالمية من تغطية مسابقة كأس العالم إلى ساحة ميدان مايو حيث تناضل مجموعات من الأمهات كل يوم خميس منذ 30 أبريل/نيسان 1977 أمام قصر الرئاسة في بوينس آيرس، مطالبين بعودة أبنائهنّ المفقودين.
لقد تحول هذا الحدث العالمي من حدث يُريده بيديلا كبروباجاندا عالمية لتبييض وتدعيم أركان حكمه، إلى حدث عالمي لتسليط الضوء على حركة أمهات مايو وجرائم الحكم العسكري لبيديلا، والذي تعامل معهن على أنهن مجموعة من السيدات العجائز اللاتي فقدن عقولهن!
كان حراك الأمهات لرفع مظالمهن والبحث عن مصائر أبنائهن حجر الزاوية في انهيار هذا الحكم العسكري الديكتاتوري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى