20/08/2017
03/02/2017
احسان الفقية : عائلة الأسد العلوية…تاريخ أسود من الخيانة والدماء
أسماء البشر ليست تدل دائما على الذات، فقد يسمى الرجل حكيما وهو جاهل، وقد يسمى شجاعا وهو جبان، وقد يسمى كذلك أسدا، وهو أبعد ما يكون عن صفات الأسود.
الأسد لم يستحق وصف ملك الغابة بقوته العضلية وحدها، وإنما بمجموع صفات سامية أهّلته لذلك، فهو الشجاع الذي يستنكف الفرار في أحلك الظروف، وهو المُتعفّف الذي يأبى أن يأتي الجيفة، وهو الذي يؤدي التزاماته الأسرية ويحوط أهله برعايته، وهو النبيل الذي لا يعذب فريسته.
*لكن عائلة الأسد التي ابتُليت بها سوريا المُسلمة العربية، ليس لها من اسمها نصيب، فصفحات تاريخها مُلطّخة بالدماء، وسُطّرت فيها أبشع مواقف الخسّة والخيانة، وكل ذلك قد أصبح ميراثا لبشار الأسد، آخر أوبئة هذه العائلة المشؤومة.
الهوية السوداء:
تنتمي عائلة الأسد إلى طائفة العلويين، والذين منحتهم سلطات الاحتلال الفرنسي هذا اللقب للتلبيس على الناس، وقبول هذه العائلة بذلك الاسم المُستساغ، حيث كانوا قبلها يسمون بالطائفة النُصيرية، والتي جمعت ضمن عقائدها أبشع التصورات والعقائد، التي لا يختلف اثنان على أنها مروق صريح عن الإسلام.
*النصيرية هي حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث الهجري، مؤسسها هو محمد بن نُصير النميري، وكان إماميا يوافق الشيعة في عقيدة الإمامة، إلا أنه ادّعى ربوبية الإمام الـ 11 وهو الحسن العسكري، وادّعى لنفسه أنه رسول خلقه وبعثه ذلك الإمام، وزعم أن الرب دائما يتجلى في إنسان.
وبناء على ذلك قالت النُصيرية إن الله تجلى في علي بن أبي طالب، وأنه بدوره خلق النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم خلق سلمان الفارسي، والذي خلق الأيتام الخمسة: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن رواحة، وعثمان بن مظعون، وقنبر بن كادان، وأن لكل منهم مهمة يؤديها في الكون، فمنهم من وُكّل بنفخ الأرواح في الأجساد إلى غير ذلك من العقائد التي تشيب لها الرؤوس.
فالنُصيريّون يؤلّهون عليا رضي الله عنه، ويؤلهون كذلك حكامهم، وهذا يفسر ما شاهدناه جميعا عبر مواقع التواصل، حيث ظهر العلويون في بعض المقاطع، يأمرون الأسرى بالاعتراف بربوبية بشار: قل ربي بشار، وبعضهم شاهدناه يسجد لصورة بشار الأسد.
*العلويون أو النصيريون، يعظمون الخمر، ويُصلون الخمس إلا أنها صلوات لا سجود فيها، وصيامهم في رمضان يكون بالامتناع عن الوطء فقط لا الطعام والشراب.
*النُصيريّون او العلويّون لا يعترفون بالحج..
يُكفّرون ويَلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ويمقتون الصحابة ويُكفّرون أكثرهم كالشيعة الإمامية.
العلويون والاحتلال الفرنسي لسوريا:
بعدما احتلّت فرنسا الأراضي السورية عام 1919م بقيادة “غورو”، عمدت إلى تقسيم سوريا إلى ست دويلات لتفتيت شعبها: حلب، ودمشق، ولبنان، وجبال النصيريين (العلويين)، وجبال الدروز، والأسكندرون والتي أعطيت فيما بعد لمصطفى كمال أتاتورك أثناء معاهدة أنقرة وترسيم الحدود.
ولم يجد الاحتلال الفرنسي أفضل لديه من العلويين، ليكونوا عينا لهم في سوريا، فدان العلويون لسلطات الاحتلال بالتبعية والولاء وتنفيذ سياساتها وأهدافها، والقيام بدور المراقب على الشعب السوري نيابة عن الاحتلال.
كما حرص الاحتلال الفرنسي على دمج العلويين في المنظومة الإسلامية رغم بعدهم كل البعد عن عقائد الإسلام، وذلك حتى يسهل تقبّلهم لدى عموم الشعب السوري.
الأسد الجد والوثيقة الغادرة:
كانت أبرز مواقف الخيانة والعمالة التي أظهرها العلويون ومنهم عائلة الأسد، تلك الوثيقة التي وقع عليها وجهاء العلويين وأرسلت إلى السلطات الفرنسية، يطالبون فيها نيابة عن الطائفة بعدم إلغاء الانتداب الفرنسي على سوريا، وعدم منحها الاستقلال.
وظهر في الوثيقة مدى كره العلويين للمسلمين، والتعاطف مع اليهود إزاء تواجدهم في فلسطين، والنقمة على العرب المسلمين الذين يتصدّون لتوسعاتهم الرّامية إلى إقامة دولة لهم في القدس المباركة.
*كان سليمان الأسد (أو الوحش قبل تغييره) جد بشار، أحد المُوقّعين على هذه الوثيقة المحفوظة في سجلات الخارجية الفرنسية تحت رقم 3547 بتاريخ 15/6/1936م.
في 30 أغسطس عام 2012م، وأثناء مداولات مجلس الأمن بشأن اللاجئين السوريين، واجه (لوران فابيوس) وزير خارجية فرنسا، (بشار الجعفري) مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بتلك الوثيقة التي تعود إلى عهد الانتداب الفرنسي على سوريا، وهو الخبر الذي نشرته (العربية نت) في مطلع سبتمبر 2012م.
وخلال اللقاء، قال (فابيوس) للجعفري: “بما أنك تحدثت عن فترة الاحتلال الفرنسي، فمن واجبي أن أذكّرك بأن جد رئيسكم الأسد طالب فرنسا بعدم الرحيل عن سورية وعدم منحها الاستقلال، وذلك بموجب وثيقة رسمية وقّع عليها ومحفوظة في وزارة الخارجية الفرنسية، وإن أحببت أعطيك نسخة عنها”.
ومن بين المقاطع التي وردت في الوثيقة:
*”إن الشعب العلوي يرفض أن يلحق بسوريا المسلمة، لأن الدين الإسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي”.
*”إن منح سوريا استقلالها وإلغاء الانتداب يؤلفان مثلا طيبا للمبادئ الاشتراكية في سوريا، إلا أن الاستقلال المطلق يعني سيطرة بعض العائلات المسلمة على الشعب العلوي في كيليكيا وإسكندرون”.
*”إن روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام”.
*”حالة اليهود في فلسطين هي أقوى الأدلة الواضحة الملموسة على أهمية القضية الدينية التي عند العرب المسلمين لكل من لا ينتمي إلى الإسلام”.
*”إن أولئك اليهود الطيبين الذين جاؤوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام، ونثروا فوق أرض فلسطين الذهب والرفاه ولم يوقعوا الأذى بأحد ولم يأخذوا شيئا بالقوة، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة”.
*”سوريا لا تزال في الوقت الحاضر بعيدة عن الهدف الشريف الذي تسعون إليه، لأنها لا تزال خاضعة لروح الاقطاعية الدينية. ولا نظن أن الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي يقبلان بأن يمنح السوريون استقلالا يكون معناه عند تطبيقه استعباد الشعب العلوي”.
*”أما طلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سوريا فمن المستحيل أن تقبلوا به، أو توافقوا عليه”.
حافظ الأسد وبيع الجولان:
تحررت سوريا عام 1946م، وبعدها بعام واحد، تم تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، على يد مجموعة من الاشتراكيين أبرزهم (ميشيل عفلق) و (صلاح البيطار)، مُتبنين فكرا علمانيا ينبذ الأديان ويعاديها.
*وجد العلويون من هذا الحزب غطاء سياسيا مناسبا، فالتحقوا به، وأصبحوا نواته وصُلبه، وقام الحزب في 8 مارس 1963م بانقلاب على الحكومة، وتسلم الحكم حتى اليوم.
وفي عهد نور الدين الأتاسي 1966-1970، أتى بحافظ الأسد وزيرا للدفاع، وتمت الخيانة الكبرى في بيع الجولان إبان نكسة 1967.
*يقول موشى ديان في مذكراته التي عنون لها بـ “الفاشية” عن الجبهة السورية في حرب 67: “الضربة الحاسمة كانت إعلان إذاعة دمشق سقوط القنيطرة قبل سقوطها، فإن الحكومة السورية أعلنت في الثامنة والنصف من صبيحة اليوم التالي سقوط القنيطرة، لتدفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار فورا، وفي الواقع لم يكن أي جندي إسرائيلي قد ظهر ساعتئذ في المدينة، والقوات السورية في الجبهة ما كادت تسمع النبأ حتى انطلقت مدبرة، ولما وصلت قواتنا حوالي الظهر إلى القنيطرة والبطيحة ومسعدة، وهي أهدافنا الأخيرة في الجولان، وجدتها خالية”.
*وكان وزير الدفاع حافظ الأسد هو من أذاع البيان رقم 66 بتاريخ 10/6/1967م، ومن المفارقات العجيبة أن وفاته كانت في نفس اليوم والشهر من عام 2000م.
*تواجد وزير الصحة “عبد الرحمن أكتع”، وبعد إذاعة البيان، اتصل الأكتع بوزير الدفاع حافظ الأسد، يخبره بأنه يتحدث مباشرة من القنيطرة، وأنها لم يقربها جندي إسرائيلي واحد، فما كان من الأسد إلا أن كالَ له الشتائم القذرة، فعلم وزير الصحة أنها مؤامرة، فقدم استقالته في اليوم التالي.
حافظ الأسد والعهد الدموي:
تولى حافظ الأسد السلطة بانقلاب على الحكومة عام 1970، ووضع أفراد عائلته وأبناء طائفته في المناصب الحكومية العالية والمؤثرة، في الأمن والجيش والمالية وغيرها، لتصبح عائلة الأسد وحدها هي من تحكم الأغلبية السنية بالأقلية العلوية.
*وفي عهد حافظ الأسد، سالت دماء المسلمين، وارتكبت أبشع المجازر ضد أهل السنة كان أبرزها مذبحة (حماة فبراير 1982)، وجاءت هذه المذبحة التي راح ضحيتها ما يقارب 40 ألفا في بعض التقديرات، على خلفية رغبة النظام في تصفية جماعة الإخوان أكبر قوى المعارضة، بزعم تورطهم في أعمال عنف.
وحشد النظام الأسدي سرايا الدفاع، واللواء 47 دبابات، واللواء 21 مكيانيك، والفوج 21 إنزال جوي قوات خاصة، إضافة إلى مجموعات مخابراتية وفصائل حزبية مسلحة.
وتم حصار المدينة وقصفها بقيادة رفعت الأسد شقيق حافظ، واجتاحت القوات النظامية حماة، وارتكبت فيها جرائم إبادة جماعية، ودمرت ثلثي أحياء المدينة، وهدمت أحياء بكاملها على رؤوس أهلها، وهدم 88 مسجدا، وفر عشرات الآلاف من السكان.
*كما تم شطب أسماء عوائل بأسرها من سجلات المدينة الرسمية، أغلبهم قتلوا رميا بالرصاص وبشكل جماعي، ودفنوا في مقابر جماعية.
ولن ينسى التاريخ أيضا مجزرة سجن تدمر عام 1982، والتي نفذتها قوات الأسد بقيادة رفعت الأسد في معتقلي سجن تدمر، بعد تعرض رئيس النظام لمحاولة اغتيال، وراح ضحية هذه المذبحة 1850 من خيرة شباب المسلمين السنة.
*وفي عهد حافظ الأسد، حورب الدين بشتى الوسائل، فمُنعت إقامة الصلاة داخل ثكنات الجيش وتم تصفيته من العناصر ذات التوجهات الإسلامية، واغتصبت الحرائر الداعيات إلى الله، وحوربت الدعوة والدعاة، وتم سجنهم وتصفيتهم.
تلك هي خيانات وجرائم عائلة الأسد، والتي توقفنا على حقيقة أن رئيس النظام الحالي بشار، ما هو إلا حلقة في تلك السلسلة، ولن يرى حلا للأزمة السورية سوى أن يبيد أهلها من السنة، ذلك الطاغية الذي سنفرد لجرائمه مقالة لاحقة.
الكاتبة الأردنية / احسان الفقيه