الملف الكامل بالتفاصيل : المساعدات المصرية للحجاز ( السعودية ) ما قبل عصر جمال عبد الناصر
المساعدات المصرية للحجاز ( السعودية ) ما قبل عصر جمال عبد الناصر:
تاريخ العلاقات المصرية مع الحجاز يمتد لعدة قرون قبل ظهور جمال عبد الناصر وتأسيس الجمهورية المصرية الحديثة. وقد تميزت هذه العلاقات بالمساعدات العسكرية والسياسية والاقتصادية، نظراً لأهمية الحجاز في التاريخ الإسلامي، وخاصة بعد أن أصبحت مكة والمدينة مركزين دينيين كبيرين، وكذلك لموقعها الاستراتيجي في شبه الجزيرة العربية.
1. التعاون العسكري والسياسي:
العصر المملوكي (1250 - 1517):
في الفترة التي كانت فيها الحجاز جزءًا من الدولة المملوكية، كان للمماليك دور كبير في حماية مكة والمدينة وتنظيم الحج. وكان خلفاء المماليك يتعاونون مع الحكام المحليين في الحجاز لضمان الأمن، كما كانوا يرسلون جنودًا لحماية الأراضي المقدسة.
في فترة حكم السلطان "قنصوه الغوري"، كان هناك دعم عسكري مصري للحجاز لضمان استقرار المنطقة، والتصدي لأي تهديدات خارجية.
كما كانت القوافل المصرية تحمي الحجاج المصريين في طريقهم إلى الحجاز، وقد بذل المماليك جهودًا كبيرة لتأمين طريق الحج.
الفترة العثمانية (1517 - 1916):
بعد أن أصبحت الحجاز جزءًا من الدولة العثمانية في 1517، استمر التعاون بين مصر والحجاز، حيث كانت مصر تمثل إحدى أهم المقاطعات العثمانية التي تساهم في الإشراف على الحرمين الشريفين.
كان حكام مصر (الولاة العثمانيون) في القاهرة يشرفون على إدارة الحرمين الشريفين، ويعينون أمراء مكة والمدينة. كما كانت مصر توفر الدعم العسكري والإداري لحماية الحجاج، وقد سُجلت العديد من المساعدات في الأوقات التي كانت تشهد فيها الحجاز صراعات داخلية أو تهديدات من قبائل خارجية.
كان هناك دائمًا تدفق للقوات المصرية لضمان الاستقرار في المنطقة وحماية طريق الحج.
2. المساعدات الدينية والتعليمية:
الجامعات والمدارس:
في العهد المملوكي والعثماني، كانت مصر تشتهر بجامعاتها ومدارسها الدينية، وكانت هذه المؤسسات التعليمية تساهم في تعليم الأئمة والعلماء في الحجاز.
العديد من علماء الحجاز تلقوا تعليمهم في الأزهر الشريف، وكان الأزهر يمثل مركزًا دينيًا هامًا في العالم الإسلامي.
كما أن الحجاج من مصر كانوا يساهمون في نشر الفكر الديني والفلسفي الذي كان يميز المدارس المصرية، وخاصة في الفقه الإسلامي والعقيدة.
رعاية الأماكن المقدسة:
كانت مصر تتحمل مسؤولية دعم وتطوير المشروعات التي تهم الحرمين الشريفين، مثل بناء وتوسيع المسجد الحرام والمسجد النبوي.
من بين المساعدات المصرية الملموسة في هذا الإطار كانت الأموال والمواد التي كانت تُرسل لتجديد وصيانة الكعبة المشرفة، بالإضافة إلى رعاية المواسم الدينية مثل الحج.
3. المساعدات الاقتصادية:
إمدادات القوافل:
كانت مصر تسهم بشكل كبير في إمدادات الحجاج من الحجاز. كانت القوافل المصرية تمر عبر طريق الحج المصري المعروف، وهو الطريق الذي يربط مصر بالحجاز عبر البحر الأحمر.
في فترات الجفاف أو الحروب، كانت مصر تمد الحجاز بالموارد الأساسية مثل الطعام والماء والملابس للمحتاجين من الحجاج والزوار.
بعد سيطرة العثمانيين على الحجاز، استمرت مصر في دورها المهم كمزود رئيسي بالموارد الإنسانية لحجاج بيت الله الحرام، حيث كانت تقدم مساعدات غذائية وطبية للحجاج عبر قوافل.
4. الدور المصري في حماية الحرمين الشريفين:
حماية طريق الحج:
كان لمصر دور بارز في حماية قوافل الحج على طول طريق الحج المصري عبر البحر الأحمر. كان حكام مصر يتحملون مسؤولية ضمان الأمان للمسافرين أثناء رحلتهم السنوية إلى مكة المكرمة.
في حال حدوث تهديدات من قبل قبائل بدوية أو صراعات داخلية في المنطقة، كانت القوات المصرية تتدخل بشكل عاجل لحماية الحجاج.
التدخل في الصراعات المحلية:
كان لحكام مصر دور في التوسط وحل النزاعات بين العائلات الحاكمة المحلية في الحجاز، مثل النزاعات بين الأشراف في مكة وأمراء المدينة.
في فترات معينة، كانت مصر تُرسل قوات لضمان الاستقرار الأمني في المنطقة، خاصة في وقت انشغال الدولة العثمانية بالحروب الخارجية.
5. المساعدات الإنسانية:
إغاثة الكوارث:
في فترات المجاعات أو الأمراض الوبائية التي كانت تضرب الحجاز، كانت مصر تقدم مساعدات إنسانية طارئة. كانت قوافل الإغاثة تحمل الأدوية والغذاء، وكان الحكام المصريون يسهمون في توزيع المساعدات في مكة والمدينة.
المساعدات في أوقات الحروب:
في فترات الحروب بين الدولة العثمانية والعديد من القوى المتصارعة في المنطقة، كانت مصر تُرسل فرقًا طبية ومساعدات طارئة للمساعدة في علاج المصابين.
6. المساعدات خلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918):
الدعم للمجاهدين العرب:
في بداية القرن العشرين، خلال فترة الحرب العالمية الأولى، شهدت المنطقة صراعًا بين القوات العثمانية والقوات البريطانية. في هذه الفترة، كان هناك دعم مصري للثوار العرب الذين قادهم الشريف حسين بن علي، وهو أمير مكة، ضد العثمانيين.
كان المصريون يزودون المجاهدين في الحجاز بالمعدات والأسلحة في إطار التحالف بين الشريف حسين وبريطانيا ومصر ضد العثمانيين.
قبل عصر جمال عبد الناصر، كانت مصر تلعب دورًا محوريًا في دعم الحجاز سياسيًا، عسكريًا، اقتصاديًا، ودينيًا. تعاونت مع الحكام المحليين في الحجاز لضمان الاستقرار وحماية الأماكن المقدسة. كما قدمت المساعدات اللازمة في الأوقات الصعبة سواء من خلال القوافل أو الدعم العسكري.




