18/01/2019
05/07/2016
للاسف ياصاوى .. كارما ودافنشى .. سخف ما قدم فى رمضان
05/03/2016
25/10/2015
11/05/2015
08/06/2012
في الذكرى الثانية لوفاة خالد سعيد.. التعذيب لا يزال مستمرًا (ملف خاص)
تمر خلال هذا الأسبوع الذكرى الثانية لمقتل الشاب السكندري، خالد سعيد، الذي قضى نحبه على يد فردي شرطة من قسم سيدي جابر، ليفتح حادث مقتله ملف «التعذيب» وممارسات الشرطة تجاه المواطنين في بر مصر. مثل حادث مقتل خالد سعيد، نقطة تحول في درجة الاهتمام بقضايا التعذيب وانتهاكات الشرطة، كما تسبب في تدشين حملة واسعة للتضامن مع القضية، اشترك فيها آلاف الشباب.
تلك الحملة التي رعتها صفحة «كلنا خالد سعيد»، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي لعبت دورا هاما بعد ذلك في الحشد والتعبئة لمظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١، المظاهرات التي انقلبت إلى ثورة شعبية ضد نظام بأكمله.
وبعد مرور عامين على مقتل «خالد سعيد»، وعام ونصف على إندلاع الثورة، مازالت الأسئلة مطروحة حول ما حققه المجتمع المصري في مجال مواجهة «جرائم التعذيب» و«انتهاكات حقوق الإنسان».
يلقي هذا الملف الضوء على وضع قضية التعذيب في الوقت الحالي، ويعود إلى التسلسل التاريخي لقضية خالد سعيد وكيف تحول حادث مقتل شاب على يد الشرطة إلى إحدى إرهاصات الثورة، كما يتعرض الملف لجهود «الصحافة الشعبية» في كشف وقائع التعذيب والدور الذي لعبته في لفت الأنظار لها.
خالد سعيد: شهيد الطوارئ الشاهد على انتهاء «عصر مبارك»
6 يونيو 2010: شاب يتعرض للضرب حتى الموت على يد فردي شرطة من قسم سيدي جابر بالإسكندرية، يتم نقله بعدها للمستشفى، وبعد ساعات تنتشر على شبكتي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» صور لوجهه المشوه تمامًا من أثر التعذيب، ومع الصورة انتشر اسمه: «خالد سعيد».
10 يونيو 2010: أسرة خالد سعيد تتقدم ببلاغ للنيابة العامة ضد وزارة الداخلية للتحقيق فى ملابسات الحادث.
10 يونيو 2010: تدشين صفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» معلنة أنها «صفحة أنشئت للدفاع عن خالد سعيد ضد ما تعرض له من ظلم»، مع الاحتفاظ بشخصية مديري الصفحة سرية.
11 يونيو 2010: نيابة سيدي جابر بالإسكندرية تخلي سبيل الشرطيين المتهمين بقتل خالد سعيد بعد أن زعمت تحقيقاتها أنه عند محاولة استيقاف سعيد فر هاربًا إلا أن شرطيين تمكنا من ضبطه وحاولا تحريز لفافة مخدرة معه، لكنه ابتلعها ليفارق الحياة.
11 يونيو 2010: الطب الشرعى يُرجع سبب وفاة خالد سعيد لإسفكسيا الخنق نتيجة ابتلاعه للفافة بانجو.
12 يونيو 2010: أسرة خالد سعيد تؤدي صلاة الغائب عليه في مسجد سيدي جابر، وخروج تظاهرات بالإسكندرية تندد بمقتله بسبب قانون الطوارئ.
12 يونيو 2010: منظمة العفو الدولية تطالب بالتحقيق فى مقتل خالد سعيد.
من ١٣ إلى ١٧ يونيو 2010: تظاهرات بالقاهرة والإسكندرية للتنديد بقانون الطوارئ ومقتل خالد سعيد، واعتقال بعض النشطاء.
15 يونيو 2010: النائب العام يقرر إحالة التحقيق في مقتل خالد سعيد لنيابة استئناف الإسكندرية وندب لجنة من مصلحة الطب الشرعي بالقاهرة برئاسة كبير الأطباء الشرعيين لإعادة تشريح جثة «شهيد الطوارئ».
18 يونيو 2010: تظاهر المئات أمام ساحة مسجد القائد إبراهيم للتنديد بممارسات وزارة الداخلية التي راح ضحيتها «شهيد الطوارئ».
18 يونيو 2010: أسرة خالد سعيد تعقد مؤتمرًا صحفيًا عقب صلاة الجمعة تؤكد خلاله عدم تقبلها العزاء حتى تأخذ العدالة مجراها.
21 يونيو 2010: نيابة الاستئناف بالإسكندرية تقبل الطعن بالتزوير على كارت التسجيل الجنائي الخاص بخالد سعيد الذي يشير لاتهامه في 3 قضايا، حيث تحققت النيابة من أن المعلومات الموضحة بالكارت غير متطابقة مع ما تم تقديمه.
22 يونيو 2010: الدكتور أيمن نور يزور قبر «خالد سعيد» ويعلن عن تدشين مركز حقوقي باسم «مركز خالد سعيد للدفاع عن الحقوق والحريات ومناهضة التعذيب».
23 يونيو 2010: المحامي العام الأول لنيابة استئناف الإسكندرية يعلن في مؤتمر صحفي براءة الداخلية من دم «خالد سعيد»، وأن سبب وفاة «شهيد الطوارئ» إسفكسيا الاختناق بجسم غريب عبارة عن لفافة بلاستيكية تحوي نبات البانجو المخدر.
23 يونيو 2010: أسرة خالد سعيد تستنكر تقرير الطب الشرعي وتعلن عن لجوئها إلى القضاء الدولي والأمم المتحدة.
23 يونيو 2010: الدكتور محمد البرادعي يقول إن «النتيجة التي كشف عنها التقرير تلقي الضوء على أن الأجهزة الأمنية تسيطر على مقاليد الأمور».
25 يونيو 2010: «شهيد الطوارئ» يجمع شمل القوى الوطنية في تظاهرات بالإسكندرية شارك بها الدكتور محمد البرادعي والمستشار محمود الخضيري والناشط جورج إسحاق للتنديد بما وصفوه بـ«عمليات تعذيب منظمة».
27 يونيو 2010: تأجيل استدعاء الشرطيين المتهمين بقتل خالد سعيد، ووقفات بالملابس السوداء في ٨ محافظات.
30 يونيو 2010: وزارة الخارجية تستدعي سفراء الاتحاد الأوروبي لإبلاغهم رفض مصر لبيانهم الخاص بقضية «خالد سعيد»، الذي أدان الشرطة المصرية.
30 يونيو 2010: النيابة تأمر بحبس الشرطيين المتهمين بقتل خالد سعيد أربعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة الضرب واستعمال القسوة مع المجني عليه.
18 و19 يوليو 2010: وقفتان احتجاجيتان أمام دار القضاء العالي بالقاهرة وفي سيدي جابر بالإسكندرية في ذكرى الأربعين لخالد سعيد.
23 يوليو 2010: نشطاء صفحة «كلنا خالد سعيد» ينظمون وقفات احتجاجية صامتة بالملابس السوداء بالإسكندرية والقاهرة وعدد من المحافظات.
23 يوليو 2010: وقفة صامتة نظمها متظاهرون بطول البحر فى المنطقة من لوران حتى جليم بالإسكندرية ثم أتبعوها بمسيرة حتى منزل «خالد سعيد» للتنديد بالتعذيب الذي مارسته «الشرطة» ضد «شهيد الطوارئ».
27 يوليو 2010: جنايات الإسكندرية تبدأ أولى جلسات محاكمة أمين ورقيب الشرطة المتهمين بالتعدى بالضرب على «شهيد الطوارئ».
27 يوليو 2010: منظمة العفو الدولية تطالب بحماية الشهود في قضية «خالد سعيد» وتدعو لـ«كسر حصانة الشرطة ضد العقاب».
20 أغسطس 2010: إفطار تضامني وصلاة أمام منزل «خالد سعيد»، و«الأمن» يستخدم القوة لتفريق المشاركين.
25 سبتمبر 2010: محكمة جنايات الإسكندرية تقرر تأجيل قضية «خالد سعيد» لجلسة 23 أكتوبر من العام نفسه لسماع الشهود.
23 أكتوبر 2010: محكمة جنايات الإسكندرية تستمع لشهادة ثلاثة ضباط في قضية «خالد سعيد» ومظاهرات خارج المحكمة.
23 أكتوبر 2010: تأجيل قضية «خالد سعيد» إلى 27 نوفمبر من العام نفسه مع استمرار حبس المتهمين.
15 يناير 2011: صفحة «كلنا خالد سعيد» تدعو المصريين للتظاهر يوم «25 يناير»، قائلة: «ليكن 25 يناير هو شعلة التغيير في مصر»، وذلك بعد أن نجحت الثورة التونسية في الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي.
22 يناير 2011: تأجيل قضية «خالد سعيد» إلى 26 فبراير من العام نفسه ودفاع المتهمين يشكك في تقرير الطب الشرعي.
24 يناير 2011: صفحة «كلنا خالد سعيد» تنشر رسالة لمتابعيها عن تفاصيل مظاهرات يوم «25 يناير» وتقول إن اليوم سيكون «ثورة ضد الحكومة».
25 يناير 2011: مئات الآلاف يشاركون في مظاهرات غاضبة في القاهرة والإسكندرية وعدد من محافظات مصر في أول شرارة لثورة 25 يناير.
27 يناير 2011: صفحة «كلنا خالد سعيد» تنشر تفاصيل أماكن التجمع للمتظاهرين في يوم «جمعة الغضب – 28 يناير».
11 فبراير 2011: تنحي الرئيس مبارك عن منصبه ووالدة خالد سعيد تبارك لمصر.
25 فبراير 2011: وزير العدل يقرر وقف محاكمة المتهمين في قضية خالد سعيد بحجة عدم توافر التواجد الأمني اللازم لتأمين قاعة المحاكمة.
26 فبراير 2011: وقفة احتجاجية لأسرة «خالد سعيد» أمام «جنايات الإسكندرية» ضد قرار إيقاف جلسات المحاكمة.
26 فبراير 2011: تأجيل قضية «خالد سعيد» تأجيلا إداريًا إلى جلسة 21 مايو، وناشطون يحتجون بقطع طريق الكورنيش.
4 مايو 2011: إقالة «السباعي» كبير الأطباء الشرعيين الذي سبق وأن كتب تقريرًا يشير فيه إلى ابتلاع خالد سعيد للفافة بانجو وأن مقتله لم يكن بسبب الضرب المبرح من رجال الشرطة بالإسكندرية.
21 مايو 2011: «جنايات الإسكندرية» تستمع إلى دفاع المتهمين في قضية خالد سعيد.
6 يونيو 2011: أسرة «خالد سعيد» تحيي ذكراه الأولى بزيارة قبره، ووقفات احتجاجية أمام «الداخلية» وفي المحافظات.
6 يونيو 2011: في الذكرى الأولى لخالد سعيد والدته تقول: «الثورة على مبارك بدأت بعد يوم من وفاة ابني».
6 يونيو 2011: وقفتان أمام «الداخلية» وعلى كوبري قصر النيل للمطالبة بإقالة وزير الداخلية منصور العيسوي في ذكرى خالد سعيد.
6 يونيو 2011: مئات المتظاهرين يرسمون وجه «خالد سعيد» على مبنى وزارة الداخلية، ووقفات بالمحافظات في ذكراه.
30 يونيو 2011: محكمة جنايات الإسكندرية تؤجل قضية خالد سعيد إلي 24 سبتمبر بعد أن قررت تشكيل لجنة طبية ثلاثية يرأسها نائب كبير الأطباء الشرعيين لمراجعة التقارير الفنية عن عملية التشريح في القضية.
28 أغسطس 2011: لجنة الطب الشرعي لفحص تقارير «خالد سعيد» تؤدي اليمين أمام «جنايات الإسكندرية» لمباشرة عملها.
22 أكتوبر 2011: 12 مدرعة تابعة للجيش، تدعمها الأسلاك الشائكة وعدد كبير من جنود الشرطة العسكرية، تؤمن «جنايات الإسكندرية» أثناء نظرها لقضية خالد سعيد.
22 أكتوبر 2011: «جنايات الإسكندرية» تستأنف جلسات المحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة.
26 أكتوبر 2011: «جنايات الإسكندرية» تحكم بالسجن المشدد 7 سنوات على قاتلي خالد سعيد، وأهالي المتهمين يحاولون اقتحام غرفة المداولة وتحطيم القاعة احتجاجاً على ما زعموا أنه حكم «مشدد» بالنسبة للقضية.
27 أكتوبر 2011: مظاهرة أمام منزل خالد سعيد بالإسكندرية للمطالبة بتشديد العقوبة على «القتلة».
28 أكتوبر 2011: شقيقة خالد سعيد تعلن رفضها التام للحكم الصادر بحبس المتهمين بقتله 7 سنوات.
26 ديسمبر 2011: «استئناف الإسكندرية» تطعن على الحكم في قضية خالد سعيد بعد أن تقدمت أسرة خالد سعيد بمذكرة للطعن عليه.
31 مايو 2012: المجلس العسكري يقرر إنهاء حالة الطوارئ في مصر وصفحة «كلنا خالد سعيد» ترحب بقولها: «فاكرين أيام لما كنا بنقول لا للطوارئ.. أهدافنا بتتحقق.. صحيح بسرعة بطيئة ومش زي ما عايزين.. بس برضه بتتحقق».
عامين على «شهيد الطوارئ».. ومازال «التعذيب» مستمرًا
بحلول الذكرى الثانية لرحيل خالد سعيد، والتي تتزامن مع وقف حالة الطوارئ، اعتقد البعض أن الحديث عن التعذيب بالسجون وأقسام الشرطة، سيكون ضمن حكايات مخيفة عن عهد ولى، بعد أن رصد تقرير حقوقي صدر مطلع يونيو الجاري، وقوع 285 حالة تعذيب بأقسام الشرطة وحدها عبر سنوات امتدت منذ 2000 وحتى 2009.
إلا أن هذا الاعتقاد، خالفته تقارير المراكز الحقوقية، التي كان لها في هذا الشأن رأيًا مغايرًا، تنم عنه حالات كـ«عصام عطا» الذي ترددت الأنباء بأن سبب وفاته «بسجن العقرب» في أكتوبر 2011، هو التعذيب، أو«علي نحلة» الذي ترددت الأنباء مؤخرًا عن تعذيبه بـ«قسم شرطة المحلة»، أو حتى الحكم القضائي الصادر آخر مايو، بثلاث سنوات سجن ضد ضباط بقسم السيدة زينب لتعذيبهم متهمًا «مريضًا بالصرع» أثناء حبسه احتياطيًا، حتى الموت.
كما قد تفصح، أيضًا، عن استمرار حالات التعذيب، أحدث تقارير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، والذي يؤكد أن عدد الحالات التي احتاجت للتأهيل النفسي وحده بالمركز بسبب التعذيب، خلال عام 2011 فقط، بلغت 267 حالة، من بين أخرى كثيرة.
دكتورة ماجدة عدلي، مدير مركز النديم، أكدت أن أغلب حالات التعذيب التي تم رصدها بعد الثورة، تمت على يد عسكريين «بحكم تواجدهم بمفردهم في الشارع بعد انسحاب الداخلية»، مقدّرة عدد ضحايا الاعتداءات بعد الثورة، بأكثر من 12 ألف مواطن، هم عدد المدنيين الذين تعرضوا لمحاكمات عسكرية، ووصفت أساليب التعذيب بالـ«منهجية» حيث شملت «الضرب المبرح، الدهس بالبيادات، والصعق بالكهرباء، وكشوف العذرية».
وأضافت أن «الأسباب في ذلك ترجع إلى شحن الجنود ضد الثوار، بحسب ما أكدته بعض الشهادات المرصودة، والتي أفادت بأن بعض الجنود يعتقدون أن الثوار سيعيدون الاحتلال الإنجليزي للبلاد، مما يوضح إلي أي مدى أصبحت حالة الاستعداء على الشعب، بدليل تكرار الأحداث الدامية منذ فض اعتصام مارس، بصورة تُظهر مسلسل عنف جماعي وصل للقتل، والتحرشات الجنسية كما حدث تقريبًا مع كل معتقلي (مجلس الوزراء) وذلك لإهانة كرامتهم، ومن ثَم كرامة الثورة».
وأضافت «عدلي»، أن« التعذيب لم يقم به، بعد الثورة، العسكريين فقط، بل عادت إليه وزارة الداخلية، واتسمت أولى الحالات التي رصدناها في عدد من المحافظات بنزعة انتقامية كان من بينها إطلاق الرصاص على الرأس، وتعذيب وهتك عرض داخل السجون»، موضحة أن محاسبة الجناة الحقيقيين في مثل هذه الحالات يواجه صعوبات أبرزها وفاة الضحية بمحبسها «وغالبا ما تكون الشاهد الوحيد».
واختتمت «عدلي» بالتأكيد على أن القضاء على جريمة التعذيب يستلزم، عدة أمور منها «استقلال الطب الشرعي، وألا يكون تحت رحمة السلطة التنفيذية التي ستدافع بالطبع عمن يتهمون بالتعذيب من أفرادها، مع تأهيل الأطباء بالطب الشرعي، والالتزام بالمواثيق الدولية في كتابة التقارير، ومنع أي ضابط مدان بالتعذيب من التعامل مع الجمهور».
من جانبها، قالت المحامية راجية عمران، عضو مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، أن «ما يقدمه الحقوقيون من بلاغات لرد حق الضحايا لا يتم التحقيق فيها»، مدللة على ذلك ببلاغات ضد «تعذيب معتقلي اعتصام 9 مارس» والتي لم تسفر عن شيء، إضافة إلى تبرئة مجند «كشوف العذرية»، كما هو الحال مع قيادات وضباط الداخلية في قضايا «قتل المتظاهرين».
وطالبت «عمران» كأحد سبل التصدي لظاهرة التعذيب، أن «يستمر الضحايا وذويهم في كشف تفاصيل ما يحدث من تعذيب للرأي العام، دون خوف».
واعتبر الحقوقي ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء، أن استمرار التعذيب بعد الثورة «كإحدى سمات السلطة المصرية» يدل أنه ليس مجرد انحراف سلوكي فردي، بقدر كونه نتاجاً لـ«إرادة سياسية»، ويدلل على ذلك بـ«عدم مواءمة القوانين المصرية للمعاهدات والمواثيق الدولية المجرّمة للتعذيب، والتي صدّقت عليها مصر».
ويعلق «المواثيق لا تُفعّل، والقوانين المحلية تراهن على جهل المواطن بتلك المواثيق، فتقوم بتعريف التعذيب في أدنى صوره، وهو الانتهاك البدني فقط، وفي حالة وقوعه على متهم لانتزاع اعتراف منه».
وانتقد، في السياق نفسه، التعديلات الأخيرة التي أدخلها البرلمان على «المادة 126» من قانون العقوبات «والتي اكتفت بتغليظ العقوبات، وأبقت على نفس التعريف القديم المحدود لجريمة التعذيب»، واصفًا ذلك بـ«العوار القانوني»، وطالب بضرورة مواءمة التعريف مع نظيره «الشامل» في المادة الأولى لـ«اتفاقية مناهضة التعذيب» التي وقعت عليها مصر.
وربط «أمين» استمرار التعذيب باستمرار أسبابه، وأهمها «افتقاد رجال البحث الجنائي لأدوات جيدة لممارسة عملهم، إضافة إلى عدم التدريب التكنولوجي المستمر لهم، مما يدفعهم للتعذيب كأسهل وسيلة للحصول على المعلومات».
ورغم رؤيته للثورة كـ«إشارة عنيفة على رفض المساس بالكرامة الإنسانية»، إلا أن «أمين» أكد عدم كفايتها لوقف التعذيب، والذي يتطلب «أن يصل التشريع بالعقوبة إلى المؤبد، مع نقل تبعية النيابة من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى لتتصدى لهذه الجرائم دون مراعاة لأي اعتبارات سياسية تمليها عليها السلطة التنفيذية» مختتما بالتأكيد على أن «الوقت قد حان لتطبيق الحل القائل بأن يصبح وزير الداخلية، مدنيًا ذا خلفية حقوقية، ومن خارج المؤسسة الشرطية».
وعارضه المحامي والناشط الحقوقي، نجاد البرعي، مؤكدًا أن وزير داخلية مدني من خارج جهاز الشرطة، ليس حلًا واقعيًا لإشكالية التعذيب، وغالبًا ما سيُحجم الضباط عن معاونته «في ظل تحول المؤسسة إلى جهاز (شبه عسكري) له نظامه» لافتًا إلى إمكانية تطبيق ذلك على مساعدي الوزير تدريجيًا «بحيث يكون أحدهم شخصية قضائية، وفيما بعد حقوقية».
كما أكد «البرعي» حتمية تغيير النظرة السائدة للمتهمين، للقضاء على جرائم التعذيب «بحيث تُحترم حقوقهم في كونهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم، وعدم التعويل على أي أقوال لهم تحت وطأة التعذيب».
وتابع طرح الحلول ومنها: «تمكين المحتجزين من التواصل الفوري مع ذويهم ومحاميهم، ومراقبة المؤسسات المدنية لأماكن الاحتجاز ووجود كاميرات داخلها، مما يحول قسم الشرطة من مكان مغلق مخيف، إلى مصلحة حكومية عادية» معلّقا بأنه «كلما نجحنا في إبعاد أقسام الشرطة عن الشكل الأقرب للمعسكرات، كلما تراجعت ظاهرة التعذيب».
ولم يتوقع «البرعي» حدوث تغيرات كبيرة، سلبًا أو إيجابًا، تجاه الظاهرة في ظل أي من الحكمين «الديني» أو «العسكري»، على حد وصفه، «لأن كلاهما في النهاية سلطة، تحتاج لرقابة شعبية ومدنية لمنع انحراف أي من أجهزتها».
«التعذيب في مصر».. مدونة فضح الجلادين!
تمشية قصيرة إلى مقهى إنترنت بحي كيلوباترا بالإسكندرية عجّلت بنهاية الشاب خالد سعيد في يونيو 2010، واحتجاج مشروع لسائق ميكروباص على سباب أمين الشرطة الموجه لأخيه انتهي إلى هتك عرض السائق المعروف باسم عماد الكبير في يناير 2006.
بين القصتين أربع سنوات، وبين بطلي الواقعتين فجوة اجتماعية، لكن بينهما في المقابل رابط قوي يضعهما في سلة واحدة مع الآلاف من ضحايا انتهاكات الشرطة والتعذيب الأمني في مصر قبل الثورة.
تعد قضية الشهيد خالد سعيد، الذي توفي نتيجة للضرب المبرح على يد أفراد شرطة (حصرهم قرار الاتهام في أمين الشرطة محمود صلاح محمود والرقيب عوض إسماعيل سليمان)، نقطة فاصلة في تاريخ تعذيب المواطنين على يد قوات الأمن في مصر، فقد تحول خالد– الذي لاحقته بعد وفاته ادعاءات قاتليه التي اتهمته بالاتجار في مخدر البانجو– إلى أيقونة للاعتراض على «عنف الشرطة وممارستها للتعذيب بحق المواطنين»، وهو ما مهد لقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير التي وضعت على رأس أهدافها إنهاء «قمع أجهزة الأمن».
ولكن قبل قضية خالد وبعدها، استمرت جهود عدد قليل من الشباب المهتم بوقائع التعذيب، الذي استطاع تحويل أخبار مقتل وانتهاك المعتقلين على يد قوات الشرطة من روتين يومي لا يلفت نظر أحد إلى قضايا رأي عام تضغط من أجل استعادة حقوق المُنتَهَكين، وعقاب مرتكبي جرائم التعذيب، والضغط من أجل وقف جرائم التعذيب في السجون وأقسام الشرطة.
تضم قائمة المدونين الذين وجهوا قدرًا من طاقاتهم لفضح وقائع التعذيب والانتهاك وتوثيقها محمد خالد صاحب مدونة «دماغ ماك» ووائل عباس صاحب مدونة «الوعي المصري» ومصطفى حسين الطبيب النفسي المتعاون مع مركز النديم لمساعدة ضحايا العنف والتعذيب، لكن كانت هناك شخصية واحدة كرّست وقتها وكتاباتها كلها لقضية التعذيب عبر مدونتها التي حملت اسم «التعذيب في مصر».
البداية
لم تكن خريجة كلية الألسن نهى عاطف قد تخطت الثانية والعشرين من العمر عندما قرأت تقريرًا حول تعذيب النساء بأقسام الشرطة، حمل التقرير، الذي نشر في مطلع 2006، اسم «خبرات نساء في أقسام الشرطة»، تحدثت نهى عن التقرير مع أسرتها وأصدقائها وفوجئت بعدم تصديقهم لما ورد فيه من انتهاكات، مما دفعها لبدء مدونتها «التعذيب في مصر» في الثامن من فبراير في العام نفسه لتتبع حالات التعذيب وتوثيقها وإثبات حقيقة قالت «إن الناس اختاروا التعامي عنها».
كتبت نهى تدوينتها الأولى عن «حسن»، العضو السابق بالجماعة الإسلامية، الذي قالت إنه «تعرض للاعتقال المتكرر والانتهاك الجنسي والتعذيب على يد قوات الأمن، وعند خروجه على الجماعة، عاودت أجهزة الأمن اعتقاله لإجباره على العمل كمخبر لها، ولما تكرر رفضه تعرض لمزيد من التعذيب والتهديد».
قصة حسن كانت مقدمة لسلسلة طويلة من توثيق وقائع الانتهاك امتدت إلى 139 «تدوينة» في أربع سنوات، ومن اللافت أن ما جرى لخالد سعيد في الإسكندرية وجد طريقه لمدونة نهى لتكتب عنه بعد استشهاده بأيام أربعة، وتوثق واقعة الانتهاك عبر روايات الشهود.
تحمل المدونة شعارين جرت صياغتهما ببراعة، أولهما «سلامة الأفراد مسؤولية المجتمع»، والثاني «إهانة الفرد.. إهانة للوطن».
وجهت نهى عاطف رسالتها لكل زائر لمدونتها بأنه يتحمل عبء استمرار التعذيب بوصفه فردًا في هذا المجتمع، وحرصت على «إيقاظ الزائرين على حقيقة وجود تعذيب ممنهج بأقسام الشرطة والسجون ومقار جهاز أمن الدولة»، بحسب وصفها، لتصير مدونتها وجهة لأجهزة الإعلام التقليدية كمصدر أولي لمتابعة ضحايا التعذيب في مصر.
تتذكر نهى بدايات مدونتها متحدثة عن أحداث فاصلة بالنسبة لها مثل فض قوات الأمن المركزي لاعتصام اللاجئين السودانيين في ميدان مصطفى محمود ليلة رأس السنة عام 2005، ومقتل المواطنة- الفلاحة نفيسة المراكبي على يد قوات الشرطة بعد احتجازها وتعرضها للتعذيب مع عدد كبير من فلاحي قرية «سراندو» الذين قامت قوات الأمن بانتزاع أراضيهم وتسليمها لعائلة «نوار».
تحديات
واجهت المدونة في البداية عدة تحديات تتصل بصعوبة الحصول على المعلومات، خاصة أن حركة التدوين وقتها لم تكن تحظ باهتمام يذكر، كما أن قضية التعذيب التي اختارتها الباحثة (حاليًا) في علوم الاتصال بجامعة برمنجهام سيتي البريطانية لم تكن تواجه بالرفض في المجتمع، تذكر نهى جملة سمعتها من معارف لها: «ضرب الشرطة مش عيب»، وتضيف مذكرة إيانا أن «القانون لا يعتبر التعذيب جريمة تستوجب العقاب»، حيث لا توجد تهمة في قانون العقوبات اسمها «تعذيب» بل تندرج جرائم أفراد الشرطة ضد المواطنين في الأقسام تحت تهم مثل «الضرب» أو «إحداث عاهة».
كل هذه التحديات رسمت للمدونة نهى عاطف طريقًا يبدأ بأهداف مرحلية أولها «تغيير نظرة الناس للتعذيب» بحيث لا يُعَد وصمة على جبين المعتدى عليه، بل وصمة في حق من يقوم بالاعتداء، تدلل نهى عاطف على تلك النقطة بقضية عماد الكبير، «حيث رفض السائق المُعتدى عليه التقدم ببلاغ ضد الضابط إسلام نبيه الذي قام بتعذيبه وانتهاك عرضه، حتى ضغط عليه الصحفيون الذين تابعوا القضية ومنهم الكاتب وائل عبد الفتاح، الذي التقط القضية من مدونة (دماغ ماك)».
الهدف الثاني بالنسبة لنهي كان «فضح الانتهاكات التي تشهدها مراكز الاحتجاز بالأقسام والسجون، والتركيز على التعذيب باعتباره جريمة تستوجب الملاحقة والعقاب»، فالقانون من وجهة نظر نهى لم يكن قادرًا على معاقبة الجناة في وقائع التعذيب، وهو الأمر الذي دفعها للجوء إلى ما تسميه «عقاب شعبي».
موسوعة الجلادين
بادرت نهى إلى تأسيس مشروع جديد سمته «موسوعة الجلادين» ضمت فيها أسماء ضباط وأفراد الشرطة ممن ارتكبوا وقائع التعذيب، تطور المشروع سريعًا وتحول إلي موسوعة مصورة عبر موقع مشاركة الصور فليكر، واتسع بعد الثورة بمجهودات المشاركين ليضم صور ضباط بالقوات المسلحة اتهمهم المشاركون في الموسوعة بأنهم تورطوا في وقائع تعذيب موثقة.
بمرور الوقت صار للمدونة شبكة مصادر تستطيع أن تستقي منها معلومات حول وقائع التعذيب، وقد وضع هذا نهى في مواجهة تحد آخر هو التحقق من المعلومات وتوثيقها قبل النشر، لكن من جانب آخر، نجحت مدونة التعذيب في مصر في تشجيع مدونين آخرين على الالتفات لقضايا التعذيب، وهو ما عدته نهى نجاحًا هوّن عليها ما لاقته من مضايقات أمنية، منها ما قالته لـ«المصري اليوم» عن تدخلات أجهزة الأمن للضغط عليها وأسرتها، مما تسبب في فصلها من عملها.
ورغم ذلك لا تجد نهى في هذه المضايقات التي تعرضت لها مشكلات تستحق الالتفات، فهي تحمد الله على انتقالها للعمل بعدة صحف عربية ومحلية، تركتها فيما بعد لإتمام دراسات عليا في الإعلام في جامعة برمنجهام البريطانية، مستفيدة من تجربتها مع الصحافة الشعبية التي خاضتها عبر مدونتها.
مشروع نهى تحمست له الزميلة الدستور في إصدارها الثاني، أثناء رئاسة الكاتب إبراهيم عيسي لتحريرها، لتنقل الجريدة عن مدونتها وقائع التعذيب التي ترصدها عبر مصادرها، وعبر تعاون مدونين آخرين معها.
وأصبح النقل بابًا شبه ثابت في الصحيفة الأُسبوعية، لتنقل عنها صحف وبرامج تليفزيونية بعد ذلك، وتنجح المدونة في إعادة ترتيب أجندة أولويات وسائل الإعلام، جاعلة «التعذيب الممنهج» رقمًا مهمًا في معادلة صياغة اهتمامات الرأي العام.
وصمة عار
أوقفت نهى مدونتها بعد افتضاح قضية خالد سعيد، حيث فوجئت بما استطاعت صفحة «كلنا خالد سعيد» فعله عبر استخدام شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» من تحويل قضية التعذيب إلى دافع للحشد والحركة في الشارع، تقول نهى: «وجدت أن هناك مدرسة جديدة تظهر في مقاومة التعذيب، لم يعد التوثيق ونشر الوعي كافيًا، بل صارت هناك حركة جماهيرية فاعلة، وهنا قررت التوقف وترك الساحة لمن لديه أدوات الحشد والمقاومة».
ترى المدونة أنها لم تدفع ثمنًا باهظًا مثل ذلك الذي قدمه نشطاء ضد التعذيب مثل محمد خالد ووائل عباس «اللذين تعرضا للاعتداء البدني وتلفيق الاتهامات»، وهي تؤكد أن ما تعرضت له يعد «رأسمال لثروة جديدة» أفادت فيها من التجربة، حيث إن المجال بعد الثورة أصبح مفتوحًا للكتابة وفضح الانتهاكات، فقد صار المجتمع مهيئًا لرفض التعدي على كرامة المواطنين ومساندة من يتصدى للممارسات المماثلة، وهو ما ترى فيه مسؤولية أكبر ملقاة على كاهل من يتصدون لهذه القضايا.
ربما لم توفق مدونة «التعذيب في مصر» في إنهاء «انتهاكات الشرطة» التي توجد وقائع عديدة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير تثبت استمرارها وتواصلها، لكن تعذيب وقتل المواطنين لم يعد من الممكن أن يمر مرور الكرام بفضل مجهودات «الإعلام الشعبي» الذي حوّل التعذيب من روتين يومي إلى وصمة في جبين أجهزة الأمن.
المصرى اليوم
17/11/2011
خالد الصاوي: الثورة المصرية "نفسها" قصير
اعتبر الفنان خالد الصاوي، أن الثوار أخطأوا عندما سلموا السلطة للمجلس العسكري، إذ كان يجب عليهم الاستمرار حتى تطهير مؤسسات المجتمع من " فلول " النظام السابق.
ورفض الصاوي، في حوار لموقع CNN بالعربية، أن تدار مصر مستقبلا بالطريقة السابقة، بل يجب أن يشارك الشارع في إدارة البلاد عن طريق المجالس الشعبية، وليس عن طريق رأس النظام، حتى لا تتكرر ظاهرة التسول الاجتماعي، وأن تعيش مصر على الأعمال الخيرية فقط، على حد قوله.
لافتًا إلى أن مشكلة الثورة في أننا اعتبرناها قد انتهت في ثمانية عشر يوما في ميدان التحرير بتنحي مبارك، وكان" نفس" الثورة قصيرا جدا، و"النتيجة السيئة أمامنا الآن، فكان يجب أن تتعقب الثورة كل من كان له علاقة بنظام مبارك، وتنحيهم عن أماكنهم ليس بالقوة ولكن بطريقة قانونية فعالة، وليس كمحاكمة مبارك التي أثبتت أنها غير فعالة، فكان يجب أن تتم عملية تطهير كل قطاعات المتجمع، وهذا ما لم يحدث".
ووصف الصاوي الانتخابات المقبلة بأنها وسيلة لتوقيف الثورة أو احتوائها، قائلا إن الطريقة التى ستدار بها الانتخابات والألعاب التي تدور حولها بشكل غير معلن لن ترضي الحكام ولا الطبقة الوسطى التي تبحث عن الاستقرار والهدوء، لأن الأوضاع سرعان ما قد تنفجر، والحل يكمن في الحريات الحقيقية للجميع والعدالة الاجتماعية الحقيقية، و"لا أعني بالعدالة الاجتماعية التبرعات والأعمال الخيرية، لأن المجتمع لن يعيش طويلا على التسول، فالعدالة تعني أن يجد الفقراء وظائف و" لقمة عيش " بدون تسول".