آخر المواضيع

آخر الأخبار
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مذبحة سربرنيتشا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مذبحة سربرنيتشا. إظهار كافة الرسائل

12‏/07‏/2020

يوليو 12, 2020

اسعد طة مقال عن ( مذبحة سربرنيتسا ) ... كيف يمكن أن تقتل ضحيتك مرتين؟



كيف يمكن أن تقتل ضحيتك مرتين؟


(1)

– هل وجدتِه؟

– نعم، أخيرًا قبل نصف ساعة، الحمد لله.

– مبارك.

– شكرًا، والعُقبى لك بإذن الله.

(2)

ربما كان ذلك أغرب موقف قد واجهته في مثل هذه الحالات، ولم أفهمه في حينها أبدًا، اللائي لم يجدن جثث أحبابهن يهنئن اللاتي وجدنها، واللائي وجدنها يشكرنهن ويتمنَّين لهنَّ أن يجدن أحبابهن قريبًا.

على سبيل الأمل يظل المفجوع يتمنى خبرًا حاسمًا عن مصير من فقده، وإن كانت كل الدلائل تشير بصورة حتمية إلى وفاته، هو يريد دليلًا قاطعًا يقضي على هذا العذاب، حتى لو كان هذا الدليل جثة هامدة، فقبل أن يحمل نعشه ويدفنه بيديه لا ينام المفجوع أبدًا، لا يرتاح أبدًا، لا يعيش أبدًا.

أن يفقد المرء حبيبًا فهذه مصيبة، ألَّا يجد جثته فهي المصيبة الكبرى.

تذكرت الآن والد رياضي أوروبي شهير، سقطت طائرة ابنه في البحر، وأُكِّد موتُه، لكنهم لم يجدوا جثته، أصدقاء ابنه وأحبابه جاؤوا أباه معزِّين، فقال لهم: من فضلكم، إن كنتم تحبونه فجِدُوا جثته أولًا.

(3)

أكثر من ٣ آلاف أسرة في البوسنة والهرسك ما زالت تعيش هذا الألم جرَّاء مذبحة سربرنيتسا، تخيَّل ربع قرن يمر، والأم أو الزوجة لا تعرف أين جثة حبيبها الذي قتله الصرب في أفظع مذبحة تشهدها أوروبا خلال الحرب، ربع قرن يمر، ولا يحدث شيء سوى أنّ الجرح يكبر.

لم يرتكب الصرب الجريمة مرة واحدة؛ بل مرتين، فبعد أن دفنوا ضحاياهم، وبعد أن انتهت الحرب، وأدركوا أنّ المجتمع الدولي سيبدأ التحقيق، راحوا ينبشون هذه المقابر، فيأخذون من هذه ويضعون في تلك، خطة شيطانية لخلط رفات الضحايا بين مقابر مختلفة حتى إن كانت على مسافات متباعدة، بذلك تختلط العظام بعضها ببعض، فيصعب على ذوي الضحايا التعرف عليها، تقول صحيفة محلية "إن جثة أحدهم وبفضل فحوصات "دي إن إيه" (DNA) وُجدت متفرقة في ١١ مقبرة، إنهم يُمعنون في تعذيب أهالي الضحايا، إنهم يقتلونهم مرة أخرى".

(4)
هل تسألني عن أصعب موقف مررت به؟
تتوقع أن أحدثك عن واقعة ما في معركة ما، لكن الأمر ليس كذلك، كان الأصعب يومَ عزمت على إعداد فيلم وثائقي عن بعض عائلات ضحايا سربرنيتسا، وقد تجمعن في ضاحية من ضواحي سراييفو.

كان عليَّ أن أقضي وفريقي عدة أيام بينهن -كنّ نساء فقط- الحي كله لا تسكنه مؤقتًا إلا نساء من ضحايا المذبحة، فقدن أبناءهن أو أزواجهن.

التفاصيل اليومية مريعة، كل واحدة تدخل بيتها وتخرج لترينا أثرًا من آثار حبيبها، أو تفتح صندوقًا صغيرًا كأنه كنزها لتخرج منه قميصًا لزوجها، أو حذاء لابنها، أو حتى دفترًا صغيرًا، أو قصاصة من رسالة قديمة، أي شيء، أي شيء يحمل رائحة المغدور.

في الطرقات عجائز يجلسن طوال النهار لا يتكلمن، يُحدقن في اللاشيء.

هل تواسيهن؟

وماذا يمكن أن تقول لهن وأنت الصحفي الأجنبي، الذي سيرحل ويعود إلى أحبابه؟

هل تصمت؟

أي حال منهما يعبر عن الاحترام؛ المواساة أم الصمت؟

تسألهن أن يحكين حكايتهن، تشعر بأنك تشارك في الجريمة مرة أخرى، توقظ كل الذكريات، كل الأحداث، كل التفاصيل الصغيرة، تُكثر من الأسئلة، تسعى لمزيد من التفاصيل، نهر الدموع يغرقهن، وأنا من حين لآخر أشيح بوجهي هنا أو هناك، يجب ألا يلمحن أي دمعة في عيني، ربما يستغربن: وما شأنك أنت؟

أتذكر ما قاله غسان كنفاني في رائعته "عائد إلى حيفا"؟ كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقًا صغيرًا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود.

أعترف بعجزي، بحكم عملي عاصرت مثل هذا الموقف كثيرًا، ورغم أن الكلمة هي حرفتي فإنني لم أفلح يومًا في وصف مشاعر هذه الأم، أو هذه الزوجة، أو هذه الابنة، وهي تمسك بصورة حبيبها وتستعيد الذكريات.
(5)
وربما -وأنت تسألني عن أصعب موقف- أتذكر عام 2010، أي بعد ١٥ عامًا من وقوع المأساة، كنت حاضرًا في الاحتفال السنوي لذكرى يوم ١١ يوليو/تموز الذي يدفن فيه من اكتُشفت جثته، وتعرّف عليه أهله خلال العام الماضي.

مشهد مَهيب، المئات من ذوي الضحايا يجتمعون، النعوش مغطاة باللون الأخضر كأنها غابة جديدة خرجت فجأة من الأرض، أمٌّ تربت على نعش ابنها كأنها تهدهده صغيرًا، أخرى تزيل من فوق النعش بعض الأتربة التي علقت به قبل أن تواريه التراب، كأنها تفعل ما كانت تفعله إذا ما علق بقميصه شيء ما وهو صغير.

تقام الصلاة، ثم يهرع الحضور للدفن، أصوات النحيب في كل مكان، وكأن الحادثة وقعت أمس لا قبل ١٥ عامًا.

سألت نفسي هل يدرك الجناة حجم جريمتهم؟ كيف يمكن للإنسان أن يكون وحشًا إلى هذه الدرجة؟

من بوسعه -ومهما كانت الأسباب- أن يجد عذرًا لهذه الجريمة؟

(6)
بعد الحرب تخيلت أن سربرنيتسا انتهت، والحقيقة أنها ما زالت تكبر.

وما زال العالم يخون البوسنة مثلما خانتها الأمم المتحدة التي أعلنت سربرنيتسا منطقة آمنة، لكنها لم تحمها، مثلما منحت نوبل جائزتها إلى الأديب الصربي بيتر هاندكه لعام 2019، وهو من أيَّد علانية الجناة الذين ارتكبوا المذابح التي وقعت في حق المسلمين في كل المنطقة، وتمنى في حديث علني نقله تلفزيون بلغراد أن يكون "راهبًا أرثوذكسيًا يقاتل من أجل كوسوفو"، حتى إن وزير خارجية كوسوفو السابق بيتريت سليمي قال متهكمًا على منحه الجائزة: ماذا بعد؟ جائزة السلام للأسد؟

ما زال العالم يخون البوسنة حين يُسيِّر أمورها وفي الوقت ذاته يرفض أن يكبح جماح القيادات الصربية التي تبدو أكثر تطرفًا من تلك التي خاضت الحرب، وما زالت تصر على حلمها بصربيا الكبرى.


سربرنيتسا كبرت حتى امتدت إلى سوريا والعراق واليمن وليبيا، وما "رابعة" في مصر ببعيد.


(7)
إياكم والنسيان، وثِّقوا كل سربرنيتسا بينكم، ابحثوا عن كل السبل القانونية لتحاكموا بها الجناة، لا تدعوا صبركم ينفد، فأرواح الضحايا تنتظر المخلّصين منّا.
يوليو 12, 2020

ملف كامل مصور : مذبحة سربرنيتشا



في عام 1995م، وتحديدًا خلال الفترة ما بين الحادي عشر إلي الثاني والعشرين من يوليو، قامت القوات الصربية بأوامر مباشرة من أعضاء هيئة الأركان الرئيسية للجيش الصربي بالقيام بعمليات تطهير عرقي ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين في سربرنيتشا، في واحدة من أسوأ المذابح الجماعية ضد المسلمين في التاريخ الحديث. وإذ تمر علينا هذه الأيام الذكري الـ24 للمذبحة، فهذا تذكير بهذا الجرح الغائر في جبين الإنسانية، الذي مهما مرّ الزمن سيظل شاهدًا على الإرهاب والعنف الذي يُمارس ضد المسلمين، ودليلًا على زيف الإدعاءات بأن المسلمين أهل تشدد وعداء. بدأت المأساة عام 1992م، بعد أن قامت القوات الصربية بمحاولة السيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي في شرق البوسنة والهرسك، بهدف ضمها إلى جمهوريتهم، وبالرغم من أن جمهورية البوسنة والهرسك قد أعلنت إستقلالها عن يوغسلافيا بعد الاستفتاء الذي أجري في فبراير من عام 1992، إلا أن الصرب لم يعترفوا بإستقلال البوسنة، وظلت لديهم مطامع في السيطرة عليها، إلا أن مسلمي البوسنة، والمعروفين باسم "البوشنياق"، عارضوا ضم إقليمهم إلى الصرب، فبدأت المناوشات بين الصرب والبوسنة، إلى أن أتى أبريل 1993م، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن بلدة سربرنيتشا الواقعة في شمال شرق البوسنة "منطقة آمنة"، وأنها تحت حماية الكتيبة الهولندية في قوات الأمم المتحدة، وتحت وعود الحماية وضمان الأمن وسلامة الأرواح قام المتطوعون البوسنييون الذين كانوا يدافعون عن بلدتهم بتسليم أسلحتهم، لـكـن الصرب لم يهدأ لهم بالًا، ظلوا يخططون لضم تلك المنطقة إلى سيطرتهم، معتبرين أن حماية البوسنيين من قبل قوات الأمم المتحدة بمثابة انحياز إلى جوار المسلمين. في الحادي عشر من يوليو 1995م، كانت المأساة الكبرى التي أدمت قلوب الإنسانية، عندما اجتاحت القوات الصربية بلدة سربرنيتشا، تحت قيادة الجنرال "راتكو ملاديتش" وبتحريض من الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة "رادوفان كراديتش"، مُحدثين واحدة من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، فبعد دخول القوات الصربية إلى البلدة، قاموا بعزل الذكور بين 14 و 50 عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال، ثم تمت تصفيتهم ودفنهم في مقابر جماعية، وبعد أن بدأ أمرهم في الافتضاح أمام المجتمع الدولي بدأوا في نبش هذه المقابر ونقل الرفات وتوزيعها على مقابر أصغر وفي أماكن متباعدة لإخفاء حجم المجزرة التي ارتكبوها، كما تم إبعاد أكثر من 20 الف مسلم بوسني من سربرنيتشا خلال يوم واحد فقط، وتمت عمليات اغتصاب ممنهجة وبشكل بشع ضد النساء والفتيات المسلمات، كل هذا حدث على مرأى ومسمع من الكتيبة الهولندية التابعة لقوات حفظ السلام الأممية، دون أن تقوم بأي شيء لإنقاذ أهل سربرنيتشا، وعلى مدار 11 يومًا فقط تم قتل أكثر من 8 آلاف شخص (طبقا لحصيلة الأمم المتحدة)، والمؤسف أكثر أن عناصر الكتيبة الهولندية كانوا يعيدون من يلجأ إليهم للإحتماء بهم إلى القوات الصربية مرة أخرى ليلقى حتفه. حتى محاولة الهروب من جحيم الموت الصربي، إلى مدينة توزلا في شمال شرق البوسنة، لم تكن ممكنة، حيث تعرض 12 الف بوسني لإطلاق النيران من قِبَل قناصين صربيين، وكأنهم صيد يتم مطاردته، حيث نصب الصرب كمائن على الطرق الجبلية التي إتخذها البوسنيون للهرب، ولم يتمكن إلا 3 آلاف فقط منهم الوصول إلى مدينة توزلا، بينما قُتِلَ الباقون في غضون 10 أيام في الطريق الطويل من سربرنيتشا إلى توزلا، كانت هذه المجزرة أول وثيقة قانونية تثبت عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في أوروبا، وتشكل مجزرة سربرنيتشا جزءًا من الحرب في البوسنة والهرسك التي استمرت لمدة  ثلاث سنوات ونصف، قُتِلَ فيها حوالي 312 الف شخص، فيما اضطر 2 مليون شخص على مغادرة منازلهم، بينما إعتبر أكثر من 27 ألف شخص في عداد المفقودين حسب السجلات الرسمية، أما عمليات البحث عن المقابر الجماعية، فقد أسفرت بعد 17 عاما عن الوصول إلى حوالي 20 الف جثة، تم تحديد هوية 18 الف منهم، على الرغم من صعوبة تحديد الهويات، لأن معظمهم تم حرقه قبل إلقاءه في المقابر الجماعية. وفي عام 2008، تم إيقاف "رادوفان كراديتش"، الذي عرف بـ "جزار البوسنة"، وهو أعلى مسؤول يمثل للمحاكمة بشأن مجازر البوسنة بعد وفاة الرئيس الصربي الأسبق "سلوبودان ميلوسوفيتش" أثناء محاكمته في 2006م، واعتبرت الهيئات القضائية الدولية أن المجزرة ترقى لمستوى الإبادة وذلك وفقا للقوانين الدولية، وفي عام 2016 حكمت محكمة الجزاء الدولية عليه بالسجن 40 عاما بتهمة الإبادة الجماعية. كما تم الحكم بالسجن المؤبد على قادة آخرين، بينهم الجنرال "راتكو ملاديتش"، وهو القائد السابق لجيش صرب البوسنة، والملقب بـ"سفاح البلقان". أما هذا العام 2019م؛ فقد أيدت المحكمة العليا في هولندا، حكما سابقًا قضى بتحميل الدولة الهولندية جزءاً من المسؤولية عن مقتل مسلمي سربرنيتشا على أيدي قوات الصرب في عام 1995م، فالمحكمة رأت أن قوات حفظ السلام الهولندية كان يمكنها السماح للرجال المسلمين بالبقاء في قاعدة "الملاذ الآمن"، وأنها من خلال تسليمهم، قامت بتعريضهم لسوء المعاملة و الموت على أيدي القوات الصربية. رغم مرور 24 عامًا على المأساة، إلا أن الألم لا يزال يعتصر قلوب مسلمي البوسنة، مع كل اكتشاف جديد لمقابر جماعية لمذابح الإبادة الصربية التي ارتُكبت بحقهم، فعدد الشهداء حتى ألان مازال في تزايد، قُتِلُوا بدمٍ بارد دون ذنب سوى أنهم مسلمون، وفي نهاية العام قبل الماضي 2017م، تم دفن 71 رفات جثة من ضحايا المجزرة، بعد أن عثر عليها في مقابر جماعية وتم تحديد الهويات، حيث تم دفنها في مقبرة بوتوكاري التذكارية، لقد أصبح إحياء ذكرى مذبحة سربرنيتشا تقليدًا سنويًا، يحرص مسلمو البوسنة عليه، ويحضره آلاف الأشخاص لاسيما أهالي الضحايا، ويتم في كل عام دفن عظام ضحايا جدد تم تحديد هوياتهم، أو اكتشاف رفاتهم، مما يدل على أن الجرح سيظل ينزف طـويـلًا، حتى مع إقدام الرئيس الصربي الحالي "توميشلاف نيكوليتش" على تقديم اعتذاره الشخصي عن المجزرة: "أركع وأطلب الصفح لصربيا على الجريمة التي ارتكبت"، فالأرواح البريئة التي أُزهِقَت عن عمد لن يعيدها ركوعك إلى الحياة ولو ركعت لألف عام!

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى