آخر المواضيع

آخر الأخبار

27‏/05‏/2011

من يدفع مصر إلى الفوض ..علاء الأسواني


10 مايو 2011

في الشهر الماضى ذهبت لتناول العشاء بمنطقة الحسين .تبادلت الحديث مع العاملين بالمطعم ففوجئت بأحدهم يقول :
ـ اذا ذهبت الى ميدان الحسين فاحترس لأنه أصبح مليئا بالبلطجية والمجرمين
ولما سألته لماذا لا تقبض الشرطة عليهم قال :
ـ لقد سألت أمين شرطة من المنطقة فقال لي انه يعرف كل هؤلاء المشبوهين واحدا واحدا لكن لديه تعليمات بألا يتعرض لهم مهما فعلوا
واقعة أخرى حدثت للكاتب المعروف مدحت العدل ، الذي كان في شرم الشيخ وفوجيء ببعض البلطجية يتحرشون جنسيا ببعض السائحات فذهب يشكوهم الى ضباط الشرطة الموجودين في المنطقة فقالوا له :
ـ قبل الثورة كنا نقبض على هؤلاء المتحرشين ونرحلهم من المدينة لكننا الآن ممنوع علينا التعامل معهم
هذا الكلام كاذب بالطبع فلا يوجد مايمنع ضباط الشرطة من تطبيق القانون لكنهم ببساطة لايريدون أن يؤدوا واجبهم .كل يوم تحدث اعتداءات على أرواح المصريين وأعراضهم و ممتلكاتهم بواسطة البلطجية بينما ضباط الشرطة لا يفعلون شيئا لمنع الجريمة . البلطجية يهاجمون كل شيء في مصر بدءا من أقسام الشرطة الى قاعات المحاكم وحتى المستشفيات والكنائس . عندما اقتحم البلطجية المسلحون مستشفى المطرية ، أطلقوا الرصاص وروعوا الأطباء والمرضى على مدى أربع ساعات وأصابوا طبيبا بجرح غائر في قدمه وقتلوا أحد المرضى ثم خرجوا من المستشفى بينما ضباط الشرطة يتفرجون عليهم بهدوء .. الخلاصة أن الشرطة في مصر معطلة ، ضباط الشرطة لا يريدون حماية الناس ويتقاعسون عن أداء واجبهم .. وأسباب ذلك متعددة :

أولا : هناك عامل نفسي ، ضباط شرطة كثيرون تربوا على ثقافة الاستعلاء على المواطنين والأمن بالنسبة اليهم لا يتحقق الا بالضرب والقمع والتعذيب وهؤلاء يعتبرون نجاح الثورة هزيمة لهم ويحسون بأنهم انكسروا أمام الناس لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم فوق القانون ولا يعرفون كيف يتعاملون مع المواطنين باحترام وبالتالي فهم يتقاعسون عن حماية المصريين كأنما يعاقبونهم على قيامهم بالثورة أو كأنهم يريدونهم أن يختاروا بين أمرين : اما قمع الشرطة واهاناتها واما ترويع البلطجية والخارجين على القانون .

ثانيا : ضباط شرطة كثيرون مارسوا الفساد في العهد البائد وكانوا يربحون أموالا طائلة بطريقة غير شرعية وهؤلاء قضت الثورة على مكاسبهم وبالتالي لم يعد لديهم باعث حقيقي على العمل لأنهم تعودوا على دخول مرتفعة فأصبح عليهم أن يعيشوا على مرتباتهم فقط

ثالثا : سوء الادارة .. وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي رجل طيب و نظيف اليد لكنه فشل حتى الآن في تطهير جهاز الشرطة وارجاعه الى حالته الطبيعية .معظم مساعدى وزير الداخلية الحالي هم أنفسهم مساعدو الوزير السابق الذي يحاكم الآن بتهمة الفساد وقتل المتظاهرين . مديرو الأمن الذين يحاكمون بتهمة قتل المتظاهرين لم يتم ايقافهم عن العمل ، بل ان أحدهم وهو اللواء فاروق لاشين مدير الأمن السابق في محافظة الشرقية قد أحيل الى المحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين وبدلا من ايقافه عن العمل تمت ترقيته بتعيينه مديرا لأمن الجيزة .. ان هذه الأوضاع الشاذة تفسر كثيرا مما يحدث في مصر الآن . ماذا نتوقع من ضابط شرطة يحاكم بتهمة القتل وهو لازال يعمل في منصبه .؟! . ألا يمكن أن يستعمل سلطته من أجل افساد الأدلة التى تدينه ..؟!.. الغريب أن ضباط أمن الدولة الذين مارسوا التعذيب سنوات لازال كثيرون منهم يعملون في وظائفهم كأن لم يكن ولكن بعد أن تغير اسم جهاز أمن الدولة الى الأمن الوطني . . ماذا نتوقع من ضابط تتلخص خبرته كلها في ضرب المواطنين وتعليقهم من أقدامهم كالذبائح وصعقهم بالكهرباء ..؟! هل يمكن أن يتحول هذا الضابط بين يوم وليلة من جلاد الى محقق يحترم القانون وحقوق الانسان ..؟ ..

بالطبع ، هناك ضباط شرطة كثيرون لم يمارسوا الفساد ولا التعذيب ولم يقتلوا المتظاهرين وقد كون هؤلاء الضباط الشرفاء ائتلاف ضباط الشرطة وقدموا الى الوزير العيسوى اقتراحات محددة حتى يقوم بتطهير الشرطة من الفاسدين لكن الوزير للأسف لم يستفد بمقترحاتهم ولم ينفذ منها شيئا . ….

على أن ما تشهده مصر من أحداث خطيرة لا يرجع فقط الى غياب الشرطة . . .ثمة مؤامرة يتم تنفيذها خطوة خطوة حتى تنزلق مصر الى فوضى شاملة تمهيدا لشيء ما يريد أعداء الثورة تنفيذه . هذه المؤامرة تشترك فيها عناصر داخلية وخارجية .. ان رموز النظام السابق المحبوسين الآن تمهيدا لمحاكمتهم ، وأتباعهم في الخارج ، مستعدون لانفاق الملايين من أجل تخريب مصر انتقاما من الثورة التى خلعتهم من السلطة وألقت بهم في السجون ، وهم بلاشك يتعاونون مع ضباط أمن الدولة الذين يملكون كل ما يلزم من أدوات التخريب: المعلومات الدقيقة عن كل مؤسسات المجتمع المصري والخبرة والسلاح والعملاء المدسوسون في كل مكان … .. العناصر الداخلية التى تتآمر على الثورة معروفة أما العناصر الخارجية فأولها اسرائيل التى دافعت عن حليفها المخلص حسني مبارك الى اللحظة الأخيرة ، اسرائيل أعلنت بوضوح استياءها من تغير السياسة الخارجية لمصر بعد الثورة .. مصر الآن ، لأول مرة منذ عقود ، تحقق مصالحها الوطنية بدون اعتبار لما تريده اسرائيل . .. مصر تتفاوض من أجل بيع الغاز لاسرائيل بسعر عادل وقد قررت فتح معبر رفح من أجل فك الحصار عن الفلسطينيين في غزة وهي تعمل على استعادة علاقاتها المقطوعة مع ايران وقد نجحت في عقد مصالحة بين الفصائل الفلسطينية … من السذاجة أن نتصور أن اسرائيل التى تملك واحدا من أقوى أجهزة المخابرات العالم سوف تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى مصر تنهض وتتحول الى دولة ديمقراطية قوية تهدد المصالح الاسرائيلية . .. هناك أيضا بعض العائلات الحاكمة في دول الخليج التى دافعت عن حسني مبارك وفعلت المستحيل حتى تمنع محاكمته . هذه الأنظمة الخليجية تكره الثورة المصرية وتدافع عن حسني مبارك ليس فقط لأنه كان صديقا لهم وليس فقط لأنه وأفراد أسرته كانوا شركاء في مشروعات مالية عملاقة مع بعض أمراء الخليج بل لعل السبب الأهم أنهم يعلمون أن مصر تقدم دائما النموذج للعالم العربي كله وبالتالي فان خلع الرئيس الظالم الفاسد في مصر ثم مثوله أمام محاكمة عادلة وادانته سيؤدي بالتأكيد الى تصدير الثورة الى تلك البلاد النفطية التى لازالت تعيش في مرحلة القبيلة حيث الحاكم هو شيخ القبيلة والأب و رمز الدولة الذي لايجوز أبدا الخروج عليه أو توجيه النقد لسياساته مهما تكن فاسدة وظالمة .. بقى أن نعلم أن الجماعات السلفية في مصر كانت على مدى عقود وثيقة الصلة بجهاز أمن الدولة وبالنظام السعودى معا ، الأمر الذى قد يفسر لماذا تلعب هذه الجماعات الآن دورا رئيسيا في مسلسل التخريب .

بقى اعتبار هام : . لقد قامت القوات المسلحة المصرية بحماية الثورة المصرية وتعهدت بتنفيذ كل مطالبها . .. هذا الدور العظيم للجيش المصري لن ينساه المصريون أبدا ، لكن تعامل الجيش مع أحداث الشغب كثيرا ما تغير من حادثة الى أخرى بطريقة غير مفهومة .. لقد قامت الشرطة العسكرية بفض اعتصام طلبة كلية الاعلام في جامعة القاهرة بالقوة واستعملت العصى الكهربائية لاخراج الطلبة ، وبنفس الطريقة قبضت الشرطة العسكرية يوم 9 مارس الماضي على المتظاهرين في ميدان التحرير الذين تم تقديمهم الى محاكمة عسكرية قضت بحبسهم لفترات تتراوح بين عام وثلاثة أعوام . .. هذا الاستعمال المسرف للقوة لم يلجأ اليه الجيش في حوادث أكثر خطورة ، ففي محافظة قنا قطع المواطنون خط قطار الصعيد وعطلوا الطرق السريعة كلها فلم تمنعهم الشرطة العسكرية ولم تقبض عليهم .وقامت بعض الجماعات السلفية في قنا أيضا بالاعتداء على مواطن قبطي وقطع أذنه فلم يقبض على الفاعل ولم يقدم الى المحاكمة وتم الاكتفاء بمجلس صلح تنازل فيه القبطي عن حقوقه . وقد تم هدم كنيسة في أطفيح فلم تقبض الشرطة العسكرية على مواطن واحد من الذين ارتكبوا الجريمة ولم تمنعهم من ارتكابها . صحيح أن القوات المسلحة قد أعادت بناء الكنيسة على نفقتها وهذا تصرف طيب لكن العدل لايتحقق الا بتطبيق القانون . مرة أخرى قام السلفيون باحراق الأضرحة في أكثر من محافظة فلم يقبض على واحد منهم ، الأمر الذي أغرى بعض السلفيين بالتمادي في أفعالهم فقاموا بمحاصرة الكاتدرائية وهددوا باقتحامها لتحرير السيدة كاميليا شحاته المسيحية التى يزعمون أنها أسلمت فاحتجزتها الكنيسة .. ان اقتحام دور العبادة بالقوة وترويع المصلين الآمنين في حدود معلوماتي جرائم يعاقب عليها القانون لكن الشرطة العسكرية لم تقبض على شخص واحد من الذين هاجموا الكنائس بل اكتفت بمنعهم من دخولها . ..ثم تصاعدت المؤامرة من أجل احداث الفتنة الطائفية فبعد أن تبين أن مزاعم السلفيين كاذبة وظهرت كاميليا على قناة تليفزيونية قبطية لتنفى اسلامها وتؤكد أنها ستظل على دينها المسيحي . .. . في اليوم التالي مباشرة ، تم الترويج لاشاعة جديدة مفادها أن سيدة مسيحية أخرى قد أسلمت واختطفتها الكنيسة .. لقد أذاعت بعض المواقع على الانترنت تسجيلا من غرفة بالتوك .. يقوم فيه شخص بتحريض من أسماهم بالاخوة المسلمين على الهجوم على كنيسة ماري مينا بامبابة وهو يصف لهم الطريق اليها ويؤكد لهم أن الأخت المسلمة محتجزة في بيت بجوار الكنيسة ويدعوهم الى تفتيش البيت بحثا عنها ويقول لهم بالحرف :

ـ اهجموا على البيت واخرجوا كل النصارى منه وفتشوه.. أنت 300 فرد وتستطيعون أن تفعلوا ذلك بسهولة .
وقد حدث .. فقد هاجمت مجموعات مسلحة مجهولة كنيسة ماري مينا وأشعلوا النار فيها ثم انسحبوا وتم تبادل اطلاق النار على مدى ساعات حتى سقط 11 شهيدا مسلمين ومسيحيين .. السؤال هنا : اذا كانت الشرطة المصرية معطلة ولا يمكن الاعتماد عليها فلماذا لم تمنع الشرطة العسكرية البلطجية من الهجوم على الكنيسة .؟!. لماذا لم تستعمل العصى الكهربائية لردعهم كما فعلت مع طلبة كلية الاعلام وأيهما أخطر : اعتصام سلمي للطلاب أم اعتداء على الكنيسة واحراقها ..؟ ….
ان القوات المسلحة التى طالما حمت مصر واحتضنت الثورة مطالبة الآن بأداء مهمة وطنية جليلة … أن تنفذ القانون فورا وبحسم على كل من يخالفه .
مصر الآن بين طريقين لاثالث لهما :
اما القانون أو الفوضى ..
الديمقراطية هي الحل ….

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى