الشعب يريد سرعة المحاكمة لرموز النظام السابق وقتلة الثوار فكيف يتم ذلك؟
ـ أية ضغوطات علي المؤسسة القضائية هي أكبر مساس باستقلال القضاء لأن استقلال القاضي معناه ألا تمارس عليه أي ضغوط سواء كانت شعبية أو رسمية وألا يكون هناك أي نوع من أنواع الارهاب الفكري ضده حتي يصدر أحكاما سواء كانت بالبراءة أو الإدانة.. خاصة في ظل المطالب الجماهيرية الحالية التي تدعو محاكم الجنايات لإصدار أحكام إدانة لرموز النظام السابق قبل أن تنتهي من فحص أوراق القضايا المتداولة أمامها.. لأن عمل القاضي مبني علي اليقين. وما أراه يحدث ضد القضاء حاليا بمثابة محاولات لهدم مرفق حيوي من مرافق الدولة المصرية وهو المؤسسة القضائية.. بل هو عصب الدولة المصرية.. وإذا هدم القضاء انهارت الدولة!! لأن هناك حالة من العدوي انتقلت حاليا من مطالب البعض بسرعة الحكم والفصل في القضايا المتداولة أمام المحاكم بحق رموز النظام السابق إلي القضايا العادية مثل قضايا المخدرات والجنح، حيث استغل أصحاب هذه القضايا حالة الهياج الموجودة في الرأي العام للضغط علي القضاة من خلال الهتاف ضدهم أو الاعتداء عليهم في بعض الحالات ليصدروا أحكاما بالبراءة لصالحهم، وهو ما يعني أننا أمام حالة غريبة أصبحت يد القوة فيها أسبق من يد القضاء وهذا غير مطلوب لأن ذلك يضر بالدولة نفسها مستقبلا.
كيف تري المعالجة الإعلامية لهذه الأزمة.. وما هو المطلوب للخروج منها؟
ـ هناك حالة انفلات إعلامي في مناقشة القضايا المتداولة وبفرض أن القرار الصادر من بعض المحاكم أو بعض الأحكام غير مطابق لصحيح القانون فيجب أن نسلك الطرق القانونية المعروفة للطعن علي هذه القرارات أو الأحكام الصادرة طالما أنها صادرة عن محاكم الدرجة الأولي.. وقابلة للطعن عليها في محاكم الدرجة الثانية.. اضافة الي أن ما يحدث من انفلات إعلامي في معالجة القضايا المتداولة وكبديل عن قيام المسئولين عن المؤسسات الاعلامية والقضائية بتوضيح الصورة الحقيقية للمواطن العادي وأهالي الشهداء بأن الفصل في القضايا يستلزم بعضا من الوقت وجدنا برامج تقوم بإثارة الرأي العام ضد المؤسسة القضائية حتي يقال عنها إنها تدعم وتساند الثورة!! إضافة إلي أن هناك قصوراً في الجهاز الإداري المتمثل في الحكومة.. التي لا يوجد لها خطة تسيير الأعمال أو حتي تجانس وأبسط مثال علي ذلك أن رئيس الوزراء يقول إن لديه سبعة وزراء غير قادر علي تغييرهم.. وهو ما يعني إذا كنت كرئيس وزراء غير قادر علي إدارة الأمور.. فارحل.
ولكنه جاء وفق شرعية رسمية ممثلة في المجلس العسكري وشرعية شعبية من ميدان التحرير؟!
ـ ميدان التحرير لا يمنح الشرعية لأن به العديد من الكيانات.. ومختلف الأجندات.. والشرعية هنا لا يملكها غير المجلس العسكري.. لأنه المسيطر علي أدوات منح الشرعية سواء من خلال التشريع أو الادارة أو إصدار القوانين أو مراسيم التعيين.
هل تري أن بعض المحامين لهم دور فيما يحدث ضد المؤسسة القضائية من خلال تقديم معلومات مغلوطة لموكليهم عن طبيعة سير المحاكمات؟
ـ المسألة هنا أكبر من عدم فهم الناس لطبيعة سير إجراءات المحاكمات.. فهناك غفلة من جانب الجهات المعنية والمسئولة عن توعية الرأي العام والمطلوب توجيه وتوعية صحية للمواطن العادي لأننا في مرحلة ثورية منها أهمية التركيز علي ضرورة علانية الجلسات وأن يعاد النظر مرة ثانية من جانب مجلس القضاء الأعلي فيما يخص قرار حظر وتصوير الجلسات لأن الرأي العام بحاجة إلي أن يكون هناك تفاعل مباشر معه أثناء سير المحاكمات.. ويجب أن يصدر قرارا باستثناء محاكمات رموز النظام السابق من قرار حظر التصوير.. لأن الأصل في المحاكمات أنها علنية.. خاصة أن الفضائيات الموجودة علي الساحة الآن لديها أجندات خاصة بها.. وأخري لديها أجندات خارجية وهو ما يعني أن الاستمرار في منع تصوير المحاكمات المرتبطة فقط برموز النظام السابق سوف يعطي الذريعة لهذه الفضائيات أن تلعب علي مشاعر المواطنين.
ألا تري أن هناك حالة من الارتباك في اتخاذ القرار خلال الأيام الأخيرة.. جعلت البعض يقول إنه كلما زاد الضغط الشعبي أسرعت وتيرة المحاكمات والدليل عندما ضغط الشارع علي الحكومة أحيل المتهمون في موقعة الجمل للمحاكمة!
ـ هناك مشكلة لابد أن نعترف بها.. وهي أنه توجد حالة فقدان ثقة في الكل وأخطرها فقدانها في الهيئة القضائية.. لأنه لا يجب تسييس القضاء.. حتي لا يمارس القاضي عمله وهو مصبوغ بصبغة سياسية، وعلي الرأي العام أن يتروي لحظة ولا يندفع وراء الشعارات.. لأن القضاء المستقل يدعم أهداف الثورة خاصة أننا أصبحنا نري حالة من خلط ما هو سياسي بما هو ديني كما حدث في الاستفتاء علي الدستور.. ومن الخطأ استغلال مشاعر الناس لتحقيق مكاسب خاصة لدي بعض السياسيين.
هل يمكن تفسير ذلك أكثر؟
ـ أقصد تحديدا أن هناك حالة خلط بين الأجندات الموجودة حاليا.. ونوعية التوجيه تتطلب إعادة هيكلة الجهاز الاداري بالدولة.. حتي يشعر الناس بالثورة.
هل تعتقد أن إنشاء محاكم استثنائية مثل محاكم الثورة من شأنه أن يحقق مبادئ الثورة أكثر؟
ـ المطلوب فعلا أن يكون هناك محاكمة تحت مسمي الفساد السياسي.. لأن هذه النوعية من الفساد أخطر من الفساد المالي، والاداري.. واتفق هنا في هذه المسألة.. في ضرورة إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة الفاسدين سياسيا.. ومنهم بعض رموز النظام الحاكم المحبوسون حاليا علي ذمة قضايا فساد مالي.. لأن المواطن حينها سيشعر بأن ثورته قد حققت أحلامها.. اضافة إلي أن محاكم الفساد السياسي لا يمكن أن تقبل ضغوطا أو مراقبة خارجية.. لأنها مرتبطة بشأن وطني خالص.. لا علاقة له علي سبيل المثال باسترداد الأموال من الدول الاجنبية والعالم سوف يضع في اعتباره أننا نمر بمرحلة استثنائية وعقب انتهائها سوف يتلاشي معها هذا النوع من المحاكم.
وما هي طبيعة التشكيل القانوني لهذه المحاكم في حال إنشائها؟
ـ نظرا لأنها سوف تنشأ بقانون استثنائي وسوف تكون استثنائية هي الأخري فيمكن تشكيلها بشكل مختلط من قضاة وعسكريين وسياسيين مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والوطنية علي أن يتم تحديد نطاق اختصاصها وتوعية الاشخاص الخاضعين من الناحية السياسية وكذلك الضوابط القانونية التي تحدد طريقة عملها حتي لا يكون هناك تحايل عليها ويقدم أشخاص أبرياء للمحاكمة أمامها.
أين يقع حق المجتمع فيما يخص قضايا قتل الثوار؟
ـ حق المجتمع مكفول بجانب حق أسر الشهداء وذلك من خلال مباشرة النيابة العامة للتحقيقات وتقديم أدلة الاتهام.. حتي إذا حدث تنازل من جانب بعض أسر الشهداء يظل تقرير العقوبة الجنائية موجودا ومكفولا للقاضي الجنائي.. ولذلك أطالب أهالي الشهداء بألا يضغطوا علي القضاء حتي يصدر أحكامه علي رغبتهم لأننا بذلك سنكون أمام قضاء انتقائي وحسب أهواء الرأي العام وهذا لا يجوز.. ولذلك عندما نقول إنه يجب أن يكون هناك اتصال مباشر للناس بالمحاكمات من خلال مشاهدة الجلسات علانية منذ بدايتها وحتي نهايتها ودون وسيط ينقل لهم ما يدور داخل القاعات.
ما هو المطلوب خلال المرحلة الحالية للنهوض بمستقبل الدولة المصرية؟
ـ أن نكون في حالة استنفار تام من خلال القوي السياسية ولابد أن يكون للثورة عنوان «وكبير يقودها» وأجندة واضحة المعالم لأن الغوغائية لن تصدر سوي فوضي، أيضا يجب استعادة هيبة الدولة أولا.. لأننا لا يمكن أن نضع دستورا أو تجري انتخابات قبل أن تكون هناك استعادة لهيبة الدولة واستعادة الهيبة تتحقق بعودة الأمن لأننا أصبحنا أمام حالة فوضي غريبة.
قريبا نحتفل بثورة 52 فما هي الوضيعة الحالية لثورة 25 يناير؟
ـ ثورة يوليو فقدت شرعيتها باندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكما سقطت يوليو سقط معها حسن البنا وكل من خرج من تحت عباءته.. لأننا أصبحنا نطالب بمقومات واضحة للدولة المدينة التي لا تنحاز لدين الأغلبية.. خاصة أن مصر شهدت خلال الفترة الماضية ما يسمي بسعودة الاسلام والمقصود به هنا الإسلام البدوي الذي يقدم الحياة البدوية وليس المدنية ويذكي روح السلفية.. ومصر لا ينقصها دين ولكن ينقصها علم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى