هو أحمد عز الذي لا يحتاج لمقدمات في الكلام عنه ، لكنه يحتاج لأكثر من صفحات لرصد طبيعة ما يفعله هذا الرجل في مصر ، كل القوانين الهامة لابد أن يدلي فيها برأيه ، وغالبا يأتي هذا الرأي مستفزا يحرق دم المواطنين والمعارضة ، ويتململ منه الحزب الوطني قبل أن يقره كله أو يقر جزءا منه .مصراوي - خاص - في كل مرة تتصاعد الاحتجاجات حول قانون أو مشروع قانون ، أو تعديل ، تنصب اللعنات على هذا الرجل ، كلما ورد اسمه على لسان أي فئة من فئات المجتمع.عمال وفلاحين ومثقفين ومعارضين. لن تجد الا شتائم وهجوم ، حتى زملاؤه داخل الحزب الوطني يلعنونه سرا ويتحاشون غضبه علانية ..لا يحبونه ، لكنهم مضطرون للتعامل معه واتقاء شره الذي يبدأ بنظرة حادة وينتهي بالاستبعاد من جنة الحزب في الانتخابات القادمة.
نحن هنا لن نتحدث عن امبراطورية الحديد ، لكننا سنتحدث عن امبراطورية مجلس الشعب التي يعيش فيها عز ويقوم فيها بدور لا يمكن وصفه الا بأنه " الشرير بتاع الفيلم " فهو الذي يتحمل النقد بسبب مقترحاته وقوانينه ودفاعه المستميت عن يوسف بطرس غالي الذي أتحدي أن تجد عشرة مصريين يجمعوا على حبه .
ماذا يفعل عز في مجلس الشعب ولماذا يفعل ذلك ، ومن يسانده ، ومن أين يستمد هذا الرجل كل هذا الجبروت الذي يواجه به كارهوه وهم كثير ولا يكترث مطلقا بكل سهام النقد والشتائم والكراهية التي يحظي بها ، كيف ينام هذا الرجل وهو يعلم أن اي متظاهر ضد سياسات الحكومة سيرفع صورة عز ويكتب تحتها كلاما جارحا ، كيف تغمض عيونه ومنتقديه لم يتورعوا مطلقا عن استخدام زوجته كأداة للهجوم عليه .
لم يكن لأحمد عز دور حقيقي في مجلس الشعب في دورته الماضية 2000-2005 ، لان كمال الشاذلي كان أمينا للتنظيم ومايسترو مجلس الشعب ، لكن عندما تمت ازاحة الشاذلي في عملية جراحية صعبة ، برز عز كقائد جديد لنواب الحزب الوطني في مجلس الشعب ، مايسترو جديد ظن الجميع أن خبراته السياسية الضعيفة لن تؤهله لمليء الفراغ الذي تركه الشاذلي ، لكن الاختبارات المتوالية أكدت أن الرجل بنظراته وتوجيهاته لن يكون أقل من سابقه ان لم يكن أقوي .
فمن قانون الاحتكار برز الرجل الذي استطاع أن يغير رأي المجلس كله من اعفاء المبلغ عن جريمة الاحتكار الى معاقبته جنائيا ، مما يعني دفن القانون الجديد لان المبلغ سيخشى من الحبس بدلا من أن يتحول الى شاهد ملك .
كان واضحا أن قوة أحمد عز مستمدة من قوة جمال مبارك.. كما أنه نجح في وضع أحمد نظيف في صفه.. فهو يحشد أعضاء مجلس الشعب لتحيته والتصفيق له كلما ذهب إلي هناك.. ولم يكن ذلك يحدث من قبل.. بل العكس.. ففي كل مرة كان رئيس الحكومة يذهب إلي المجلس لم يكن يخرج منه إلا مصابا بالتوتر والاكتئاب.
وقد رد أحمد نظيف الهدية بأحسن منها فيما بعد.. فعندما حدث الخلاف حول قانون الاحتكار طلب رئيس المجلس الدكتور فتحي سرور من مفيد شهاب استطلاع رأي الحكومة فعاد الرجل ومعه تقرير من ورقة واحدة يؤكد : أن الحكومة توافق علي اقتراحات أحمد عز وغير متحمسة للاقتراحات التي كان يصر عليها رشيد محمد رشيد رغم أنه وزير في الحكومة والحكومة سبق أن راجعت قانون الاحتكار وأقرته بصيغته.
وساند أحمد عز رئيس الحكومة في فضيحة أجريوم وطلب من نواب دمياط تهدئة الغضب الشعبي هناك تمهيدا لمواصلة العمل في المشروع.. وكان أحمد نظيف قد عبر بعنف عن إصراره علي بقاء أجريوم في دمياط قائلا لمحافظها الدكتور فتحي البرادعي: " شوف أنا ممكن أخلي المصنع يكمل هناك بقوة الأمن المركزي ".. ولم يتذكر أحد أن أحمد نظيف حاصل علي الدكتوراة من كندا.. الدولة الأم لشركة أجريوم.
وخلال جلسات المناقشات قبل النهائية لقانون الاحتكار راح عمرو أديب في برنامجه " القاهرة اليوم " يكشف سطوة أحمد عز في تحريك الأمور ناحية مصلحته.. وأغلب الظن أن الرئيس كان يتابع البرنامج فطلب ترك المادة التي تتحدث عن إعفاء المبلغ في قضايا الاحتكار من العقوبة.. وهي مادة رفضها أحمد عز.. ولكنه.. قرر إعادة المادة بعد أن نزع منها مايؤلمه ويزعجه.. ولوحظ أن نص المادة التي جاء بها كانت ركيكة الصياغة مما يعني أنها ترجمت علي عجل من قانون أجنبي.
وبعد إقرار القانون طلب الرئيس أن يصدر قرار بقانون لتعديل التشريع الذي تسبب في ضعف قوة رشيد محمد رشيد وضياع فرص ترشيحه رئيسا للحكومة القادمة.. وأعدت مسودة قرار بقانون ووقع عليها عشرون عضوا.. لكن.. أحمد عز لم يكن متحمسا لذلك.. بل يقال أنه رفض تعليمات الرئيس التي حملها إليه صفوت الشريف في اجتماع مشترك لنواب من مجلسي الشعب والشوري لبحث الخلاف حول بعض مواد قانون المدعي الاشتراكي.
رفض أحمد عز تنفيذ تعليمات الرئيس الذي يقول مقربون منه إنه لا يحب أحمد عز.. لكنه.. مضطر إليه حتي يجد بديلا.
ولا يمكن لاحد أن ينسي دوره الكبير في قانون الاثار فهو ظل يدافع عن وجهة نظره بعدم تجريم الاتجار الداخلي في الاثار ، وكان مصرا على أن يضع فقرة يؤكد فيها مد فترة التسجيل للاثار المملوكة لافراد حتى 6 شهور ، وصرخ كلا من وزير الثقافة وزاهي حواس واضطروا في سابقة هي الاولي من نوعها للاستنجاد بنواب المعارضة لعدم تمرير القانون بهذه الصياغة لانهم يعلمون أن نواب الوطني سيوافقون على ماقاله عز دون مناقشة .
ايضا قانون الضريبة العقارية كان هو أحد فرسانه وأحد المطالبين بتعديلات طلبها منه صديقه وزير المالية .
ايضا قدم قانون تعديل الدوائر الانتخابية الذي اثار أزمة في المجلس وتسبب في اعتصام مصطفى بكري وثورته .
أيضا هو صانع ومؤيد قانون مشاركة القطاع الخاص في اعمال البنية التحتية في البلاد ودافع عن وزير المالية دفاعا مستميتا ضد الرافضين ، بل أنه قدم مشروعا يقضى بزيادة رسوم التقاضى بواقع عشرة أضعاف مع التعديلات التى أدخلها مجلس الشورى على مشروع القانون.
وقد رفض المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الإقتراح المقدم من المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة والدكتور مصطفى السعيد رئيس اللجنة الإقتصادية بوضع حد أقصى للرسوم القضائية الواردة فى المادة التاسعة لمشروع قانون تعديل الرسوم القضائية والذى ورد من الحكومة بتحصيل 5% كرسوم على الدعاوى معلومة القيمة.
وأوضح الوزير ، خلال الاجتماع، أن هذه التعديلات بهذا المشروع تتعارض مع حكم المحكمة الدستورية العليا التى أيدت الوضع الحالى للرسوم سواء بالزيادة أو الخفض.
وقالت تقارير صحفية ان أحمد عز قال لمرعي: "هتمشي يعني هتمشي" في اشارة لضرورة التعديل وفقا لما يراه هو.
لكن من أين يأتي أحمد عز بكل هذه التفاصيل وهذه الخبرة القانونية ، المعلومات الخاصة بمصراوي تقول أن عز لديه عدة مؤسسات ومراكز دراسات تضم أجهزة ثابتة أهمها الجمعية الوطنية للسياسات الاقتصادية التى أنشئت بهدف إمداد أعضاء الحزب الوطنى ونوابه فى البرلمان بالمعلومات الهامة والأبحاث والتقارير الخاصة بالقضايا الملحة والتى تحتاج إلى دراسة دقيقة.
هذه الدراسات والأبحاث يقوم بها عدد من الشباب من خريجى مختلف الكليات، وعلى رأسها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التى يشكل خريجوها حوالى 90% من أعضاء الجمعية ، وهم مسؤولون عن وضع مقترحات للقوانين والنظر في كل القوانين الحالية ودراستها وتقديم اقتراحات لتعديلها .
اذن ..النفوذ معروف..والسطوة لن تنتهي..ولا أحد يعلم متي تنتهي ظاهرة هذا الرجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى