آخر المواضيع

آخر الأخبار

12‏/08‏/2011

جمال فهمي : سلطانيات

53
السطور التى ستقرؤها حالا كتبها العبد لله ونشرها منذ عام كامل (أى أيام الأستاذ المخلوع ونجله) ومن دون تباهٍ وادعاء للحكمة بأثر رجعى فإننى أراها ما زالت تصلح لواقعنا الراهن.. صحيح أن ظاهرة السلاطين والسلطانيات التى تتحدث عنها تآكلت وتراجعت تراجعا ملحوظا (بفضل الثورة) فى قمة هرم السلطة، لكنها فى الشارع وعند سفح المجتمع تفاقمت ولامست حدود المصيبة السوداء، فاقرأ وانظر حولك من فضلك:
كانت نيتى أن أخصص سطور زاوية اليوم كلها لواحدة من أعز أمنياتى وأجمل أحلامى لهذا الوطن، وهو أن أرى قبل أن أموت رجال الدين فى بلادنا ملتزمين فحسب بدورهم الجليل فى دور العبادة (كنيسة أو جامع) وأن يُظهروا فى سلوكهم وأفعالهم ما يفيد اقتناعهم بحقيقة أنهم ليسوا وكلاء عن جموع المؤمنين، لا عند الله تعالى ولا فى السياسة، وأنهم فى هذه الأخيرة مجرد مواطنين يعبرون عن مواقفهم ورؤاهم هم أنفسهم فحسب، ولا يملكون أن يبيعوا أتباع دياناتهم ومذاهبهم بالجملة لحاكم، ولا أن يضعوهم جماعة وكتلا صماء فى موقف أو اتجاه سياسى بعينه.. فالأديان والعقائد الروحية ليست أحزابا أو جمعيات ونقابات تجمع المنتمين إليها على مواقف وآراء واحدة فى الشؤون الدنيوية التى من طبيعتها أن الناس يختلفون فيها وعليها تبعا لاختلاف الآراء والمصالح.


أقول: كنت سأركز كلامى فى هذه السطور على هذا الحلم وحده، غير أننى تراجعت بعدما تذكرت أن فوضى اختلاط الأدوار واختلاسها من أصحابها الأصليين والشرعيين ليست ظاهرة محصورة ومحاصرة فى ساحة اللعب بالعقائد والعواطف الدينية عند خلق الله فى هذا البلد، وإنما هى عرض مرضى واسع النطاق، بات يلوث صورة مجتمع ودولة المصريين المحدثين على كل الأصعدة، وصار من أقوى علامات الخراب المستعجل والفساد المستشرى والإفساد الإجرامى المنظم الذى أنتجه نظام الرئيس حسنى مبارك على مدى ثلاثة عقود طويلة ومظلمة.

أدرى أن أخطر هذه الاختلاسات وأشدها جنونا وبشاعة هو ما يجرى على الساحة الدينية والروحية، حيث يدفع النظام المجتمع برمته بطريقة متهورة وبغير مسؤولية ولا ضمير نحو الانشطار والتحزب الدينى والمذهبى فى ما هو يقمع ويصادر عمليا حق التحزب السياسى ويمنعه عن الجميع، وأدرى أيضا أن هذا التشطير والتمزيق الحثيث للنسيج المجتمعى بلغ مستوى كارثيا فعلا، يكفى للدلالة عليه ذلك التنابز والتشاحن والشحن الطائفى المجرم الذى لا يكاد ضجيجه المقرف ينقطع ساعة واحدة، كما من مظاهره المفزعة هذا الاجتراء الجاهل على حق المواطنين فى التعبير عن آرائهم ومواقفهم وانحيازاتهم السياسية بأنفسهم ونشل هذا الحق منهم ووضعه على لسان قسيس منافق (مهما كانت مكانته اللاهوتية) أو شيخ مدعٍ ودعىّ (مهما كانت شهرته التليفزيونية) فيستبيح كل منهما لنفسه -بتشجيع من المباحث دائما- أن يتعامل مع المواطنين الذين يشاركونه الديانة وكأنهم قطعان أو رعايا فى سلطنته التافهة، ومن ثم يمنح نفسه سلطة الحديث باسمهم جميعا ويجيرهم ككتل صماء نحو مخازن المبايعين للرئيس ونجله، أو يهديهم مجانا لأشد الاتجاهات والأفكار السياسية تخلفا وانحطاطا.

كل ذلك أعيه جيدا وهو صحيح طبعا، لكن عقلى يأبى تصديق أن هذه الكارثة الوطنية منبتة الصلة وضعيفة العلاقة بكوارث واختلاسات شنيعة أخرى من نوع مثلا أن يُمنح السماسرة والتجار مناصب وزارية بحيث يمسك كل تاجر بمقاليد الوزارة المعنية بأمور «بزنسة» فيصير صاحب «معرض العربيات» وزيرا للسيارات، وتاجر الصحة وزيرا للمستشفيات، وبائع الشوربة ممسكا بوزارتها.. إلخ.

وعلى المنوال نفسه فإن مقاعد التمثيل النيابى وحصانتها أضحت تهدى، بالزور والبلطجة، لقطعان الخارجين عن القانون والهاربين من وجه العدالة.
باختصار هذا كله نشل للأدوار واختلاس للحقوق لا يختلف فى كثير أو قليل عن ذلك الطمع العجيب فى توريث ونقل ملكية وطن كامل ببشره وحجره للأستاذ الابن بذريعة أن الأب يحكمه بالعافية من أيام الجنيه الجبس..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى