- الاستعدادات الإعلامية للحرب الأميركية على العراق
- دور الإعلام العربي وتأثيره على سير السياسة الأميركية
- خداع الإعلام الأميركي وأسباب تحريضه على الحرب ضد العراق
- طبيعة الحرب الدعائية الأميركية ضد النظام العراقي
[جميع اللقاءات والمشاهد الأصلية الواردة في هذا البرنامج تم تسجيلها قبل بدء الغزو الأميركي البريطاني للعراق في مارس/آذار 2003. وقد وجب التنبيه إلى هذه الحقيقة ذات الدلالة].
11 سبتمبر 2001
[لقطة لضرب برجي التجارة]
14 سبتمبر 2001
جورج بوش (الرئيس الأميركي): أنا أسمعكم، بقية العالم يسمعكم، وهؤلاء الذين دمروا هذه الأبنية سيسمعوننا قريباً.
7 أكتوبر 2001
[لقطة من أفغانستان بعد الحرب]
21 مارس 2003
[لقطة من قصف بغداد]
5 يونيو 2003
جورج بوش: شكراً لك يا تومي، لدي سؤال لكم، هل تسمعونني الآن؟
يسري فوده: حينما يتحول الأبيض إلى رمادي، ويتحول الرمادي إلى أسود، ويتحول الأسود إلى عدوان، فتش عن الإعلام، وحينما يتحول الحق إلى شك، ويتحول الشك إلى زور، ويتحول الزور إلى بهتان، فتش عن الإعلام، من حقائق التاريخ أن كل عمل عسكري يسبقه ويسير بحذائه ويعقبه عمل دعائي صنوان لا يفترقان، لكننا اليوم أمام معركة حسمت نتيجتها قبل أن تبدأ، ضع مفردات ما يسمى العمل الإعلامي أمام جهل الأميركيين وضعف الأوروبيين وعجز العرب وأنت تدرك حجم المأساة، اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تُصدَّق، هؤلاء المتلاعبون بالعقول، بكل منهجية وبكل إبداع يستحقون من الناحية المهنية كل إعجاب حتى وإن كانوا
من الناحية الأخلاقية يستحقون كل احتقار.
[مطار بغداد - فبراير 2003]
الاستعدادات الإعلامية للحرب الأميركية على العراق
فيليب نايتلي (مؤرخ في شؤون الدعاية): يبدأ الأمر بإدعاءٍ من الحكومة بأن شيئاً شريراً قد حدث، أمة شريرة وزعيم شرير قاما بعمل علينا التصدي له، ثم تبدأ في شيطنة الشعب لماذا يؤيدون هذا الزعيم الشرير؟ تشيطنهم بإدعاء أنهم لا يوثق بهم، وأنهم مختلفون.
رامزي كلارك (وزير العدل الأميركي سابقاً): إنها عقلية مرتبطة بالرغبة في الانتفاع من جهد وموارد الآخرين، تتطلب فكرةً نفسيةً صعبة، لقد أوقعت ظلماً فادحاً بهؤلاء الناس، ولذلك عليَّ أن أكرههم، حين أنظر إلى ما فعلت بهم، وكيف دمرت حياتهم؟ إذا لم أكرههم سأكره نفسي.
مارتن بل (صحفي وعضو البرلمان البريطاني سابقاً): أعتقد بأن (جورج دبليو بوش) يريد الحرب انتقاماً لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر، لكنه لم يفلح في إقامة العلاقة مع القاعدة، قالوا أيضاً إنهم سيحاربون بسبب أسلحة الدمار الشامل، لكن وجودها لم يثبت، ومن ثمَّ يقولون سنحارب على أيَّة حال لأن صدام شرير ونريد تحرير شعبه.
بيتر أرنيت (مراسل شبكة CNN سابقاً): والسبب الذي لم يكن موجوداً قبل عامين أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هم الآن على استعداد لتصديق أي شيء يتعلق باحتمال الإرهاب، فإذا دمرت برجي التجارة يمكنك وضع قنبلة نووية في قلب نيويورك، إلى حد ما هي هستيريا.
فيليب نايتلي: ثم يأتي دور الإعلام ليتحدث عن حتمية الحرب، والعبارة الأكثر رواجاً الآن هي العد التنازلي إيحاءاً بأن لا أحد يستطيع وقف الحرب، وبأن الناس إزاءها لا حول لهم ولا قوة، الحرب حتمية.
يسري فوده: كان من الواضح أن تلك التي قالوا إنها واقعة لا محالة ستكون حرباً إعلامية من نوع مختلف، السياق نفسه الذي اختلق اختلاقاً مختلف عما عداه في ذاكرة التاريخ الحديث.
أولرخ تيغزنر (مراسل قناة ZDF الألمانية): تركت العراق في العاشر من يناير عام 91 قبل الحرب بأسبوع، وكانت القيادة العراقية مقتنعة بأن الحرب لن تقع، وبأن باستطاعتهم منعها سياسياً، لكنني أعتقد هذه المرة أن هذا الوهم لا وجود له، القيادة العراقية مقتنعة بأن الحرب ستقع، ربما هناك فرصة ضئيلة لمنعها، لكني أعتقد على عكس مفاجأة 91 أنهم الآن يتوقعون الحرب.
عدي الطائي (مدير عام وزارة الإعلام العراقية سابقاً): قبل شن العدوان في عام 91، السفارات الفرنسية والبريطانية والأميركية في بغداد، أخذت هذه الدول كأمثلة، طلبت رسمياً من الصحفيين الذين يمثلون أجهزة الإعلام الفرنسية والبريطانية والأميركية بالخروج من العراق، بدا لنا الأمر أنه الرأي العام يجب أن تحجب عليه الرؤية بما سيحدث خلال الحرب من خسائر مادية ومدنية لكي لا ينقل الصحفيون هؤلاء الصحفيون الصور إلى الرأي العام الدولي، وهذا الذي حدث فعلاً.
يسري فوده: في محاولة بدت يائسة لتجنب حدوث ذلك مرة أخرى أذعن العراق، وافق على عودة المفتشين، قدَّم تقريراً عرضه أكثر من عشرة آلاف صفحة، أعاد الأرشيف الوطني الكويتي، جانباً منه على الأقل، أحيا النقاش حول مصير المفقودين، أنشأ مركزاً صحفياً لكل من هب ودب من الصحفيين، ثم ابتلع الرئيس العراقي كبرياءه وفتح القصور أمام المفتشين.
دان هريس (مراسل شبكة ABC الأميركية): كنت أعتقد أني سأرى شرطة في كل مكان، وأن قيوداً ستوضع على تحركاتي وليس الأمر كذلك، فلا ترى شرطة بل ترى أناساً في منتهى الود رغم الظروف الصعبة، كنت أيضاً أتوقع مشاعر معادية لأميركا، فنحن الذين نقف وراء العقوبات، ووراء التحالف عام 91، وبكل تأكيد نقف وراء ما يحدث الآن، وكل مرة يقول المواطنون العراقيون والمسؤولون إنهم ليس لديهم مشكلة مع الشعب الأميركي بل مع الإدارة، يسقط بوش ولا يسقط الشعب الأميركي.
يسري فوده: كلمة حق فيما يثير السخرية أن العراقيين بدوا معنا هذه المرة أكثر صدقاً وانفتاحاً من مرات كثيرة خلت، لكن اللعبة برمتها بدت أكبر كثيراً من مجرد الصدق، وليس بالصدق وحده يحيا الإنسان، ولا حتى بزيارة ناعمة في عزِّ الحر من ملكة جمال ألمانيا، لدى تلك النقطة كان النظام العراقي قد وصل سياسياً وإعلامياً إلى نقطة المستحيل، إلى مصيدة، أي حركة يأتي بها يميناً أو يساراً ستأخذ ضده، أي مبادرة يأتي بها شرقاً أو غرباً ستكتب في سيئاته، أي تنازل يقدمه عاجلاً أو آجلاً سيلعنه إلى دقة أخرى من دقات العد التنازلي
[فاصل إعلاني]
يسري فوده: دخل العد التنازلي مرحلته الأخيرة بهزة من أصابع الدبلوماسية الأميركية، كاميرات التليفزيون تحب ذلك مثلما تحبه الصفحات الأولى للجرائد والمجلات، هو أيضاً نبش في الذاكرة الأميركية يعيد إلى سطحها أزمة الصواريخ الكوبية.
د.حميدة سميسم (أستاذة الإعلام في جامعة بغداد): إذا كانت النظرية السوفيتية توجه للطبقة العاملة، فالنظرية الأميركية في الإعلام، فلسفة الإعلام الأميركي تتجه إلى المثقف وإلى النخبة، وتتجه إلى النخب في البلدان العالم الثالث، وإلى صانعي القرار، وهي بذلك تدخل في طور التسميم السياسي.
بيتر أرنيت: لكن صنَّاع السياسة الأميركيين يعلمون أن العالم تغير كثيراً بسبب إنجازات (الجزيرة)، (MBC) وتطور القنوات الفضائية، التليفزيون التركي، الآسيوي، الروسي، جميعهم هنا، وهذا يعني صعوبة أكبر في الرسالة الأميركية، الرسالة الأميركية لم تصل إلى العالم.
دور الإعلام العربي وتأثيره على سير السياسة الأميركية
يسري فوده: ربما لأول مرة في التاريخ الحديث يحسب العالم حساب العرب، وينبني جانبٌ من السياسة الأميركية على وجود الإعلام العربي الحقيقي هذه المرة في بغداد.
راجيف تشاندر أسيكارا (مراسل صحيفة واشنطن بوست): دور الإعلام العربي هنا سيكون حاسماً خاصة قناة (الجزيرة) أعتقد أن الصحفيين الغربيين عند نقطة بعينها سيكونون إما عاجزين عن العمل أو ممنوعين من قبل رؤسائهم عن العمل.
إبراهيم هلال (رئيس تحرير الأخبار في قناة الجزيرة): هم يستغربون وبالتالي فهم فعلاً يستكثرون على العرب أن يكون لديهم صحفيون مهنيون يفكرون بمنطقٍ غربي، يتعاملون مع القصص الإخبارية بذات القيم التي يتعامل بها الصحفيون الغربيون. مجرد تخيل أننا إذا سقطت بغداد سنفعل كذا، وإذا لم تسقط بغداد سنفعل، هذه السيناريوهات قد تكون ملائمة لصحفي غربي، أنا مضطر إليها، من ناحيةٍ المهنية مضطر بأن أضع أمامي دائماً خارطة العراق.
برتراند كوك (مراسل القناة الثانية الفرنسية): أعتقد أن الخلاف الأساسي مقارنة بحرب الخليج الأخيرة عام 91 التي غطيتها من السعودية، هو أن الأميركيين والبريطانيين لا يتمتعون باحتكار التغطية الدولية، وهذه مسألة مهمة جداً، أنكم هنا الآن (الجزيرة) وكثير من الشبكات العربية.
شاكر حامد (مراسل قناة أبو ظبي): يعني أنا لا يمكن أن تكون مثلاً CNN في يومٍ ما منصفة مع الفلسطينيين على الإطلاق، إنها تريد أيضاً تقول أن الإسرائيليين يتعرضون إلى تدمير، وأنهم أبرياء، لذلك يعني علينا أن لا نطلب من الإعلام الأوروبي أو الإعلام الأميركي أو الغربي عموماً أن يكون منحازاً، علينا أن نكون منحازين، منحازين على الأقل للحقيقة ليس إلاَّ.
يسري فوده: على نطاق أصغر انضمت دول عربية أخرى إلى هذا المسرح الإعلامي، لكنهم جميعاً كانوا في صراع غير متكافئ أمام حيرة الشارع الغربي وحنق الشارع العربي، غصَّ المركز الصحفي بأكثر من ثلاثمائة مؤسسة إعلامية كلهم في انتظار الحرب.
مارين جكومان (كبيرة مراسلي القناة الأولى الفرنسية): ليس لدينا هنا أفضل المتاح، لدينا كثيرون مما لا يعلمون عما يتحدثون، من السهل أن يقعوا في خطأ أو في سوء فهم فيما يتعلق بشيء ما أو شخص ما.
كريم الجوهري (مراسل لعدد من الصحف الألمانية والنمساوية): وطبعاً كل مرة بيغيروا الجو بين الصحفيين، مثلاً المرة دي هتلاقي الصحفيين الأجانب اللي متخصصين في الحرب بيجوا كلهم، أنا أسميهم (wondering circus)، يعني هم بيروحوا الأول يعني مثلاً من كام..
يسري فوده: يعني سيرك متنقل.
كريم الجوهري: سيرك متنقل، آه، كانوا في الأول في أفغانستان ودلوقتي بيجوا هنا على.. على بغداد، وإن شاء الله مش.. مش عارفين المرة الجاية هيروحوا فين.
بيرغت كاسبار (مراسلة إذاعة ARD الألمانية): يدهشني اختلاف التقارير الصادرة من هنا، لأن البعض ممن لم يسبق له الحضور، وربما لم يزر أي دولة عربية يهبط فجأة على المكان، ويسجل مقدمة برنامج تتفق مع ما قرأه من قبل أو مع الصورة التي كانت في مخيلته.
نك روبرتسون (مراسل شبكة CNN): لست أدري كيف أعبر عن ذلك؟ ولكن صلاحية تأشيراتنا تنتهي بعد عشرة أيام، وإذا استطعنا البقاء كان بها، وإن لم نستطع سنرحل، ولكن من المهم للشعب العراقي وجود الكثير من الصحفيين لنقل الأحداث للعالم سواء كان هناك حرب أو سلام.
محسن الطرفة (مدير المركز الصحفي): إحنا نعمل توازن عندنا يوجد لدينا قسم هو مسؤول عن قسم منح الفيز، وهذا القسم عنده طلبات كثيرة وهو يوازن بين شبكات التليفزيون والإذاعة والصحف والفوتوغراف، فهو.. هاي الجهة والجهة الثانية يوازن بين القارات.
يسري فوده: في نيويورك طردت السلطات الأميركية مراسل وكالة الأنباء العراقية محمد علاَّوي، الحجة وقعت بين يديه معلومات لم يكن من المفترض أن تقع بين يديه، معلومات لو توفرت لصحفي أميركي لما كانت هناك مشكلة، عنصرية وجلافة في التعامل مع الصحفيين، كما وصفها كثير من المحايدين، والأهم من ذلك دفع لمشاعر الشعب الأميركي في اتجاه بعينه، ردت بغداد بطرد مراسل شبكة (FOX) المقربة إلى البيت الأبيض (جوناثان جريت تالبوت) يخبر الشعب الأميركي عن بغداد من عمان تحت عنوان (الحرب على الإرهاب) وكأن ثمة فارقاً على أية حال وقد حكم البيت الأبيض مسبقاً على العراق وقالت (FOX) آمين، الليلة، الهدف العراق، قصة الخداع، تدمير الصواريخ القاتلة، لماذا الآن؟ فضح النوايا الحقيقية لصدام.
خداع الإعلام الأميركي وأسباب تحريضه على الحرب ضد العراق
برتراند كوك: إنها تضحكني بالفعل وسمعت أنها القناة المفضلة التي يشاهدها السيد (بوش).
فيليب نايتلي: منذ الحادي عشر من سبتمبر استولت الصحافة الوطنية على الموقف وأجبرت الجميع على الصمت، فالتمرد الآن يُعتبر خيانة وخذلاناً لأولادنا على الجبهة وخذلاناً للرئيس.
ديفيد أتشيتر (مراسل قناة Sky البريطانية): إنها شقيقتنا لديها أسلوب وسياسة تحرير مختلفة عن قناة ((Sky، أستطيع أن أتفهم لماذا تم اختيارهم من الحكومة العراقية، لكنهم لا يزالون على الحدود في عمان وإن كانوا فقدوا ميزة الوجود هنا، ولأنهم أشقَّاؤنا أنا متأكد أن قناة (Sky) ستساعد قناة (Fox).
يسري فوده: تحذير بالحرب خلال أسابيع، الضغط على الزناد قد يتم أوائل مارس رغم أن ديفيد أتشيتر من أكثر الصحفيين البريطانيين حرفية وإنصافاً لم يستطع إلا أن يكون ترساً آخر في آلة المليونير الأسترالي (روبرت ميردوخ) التي سُخرت لخدمة اليمين المتطرف على جانبي الأطلسي.
من ممتلكاته أيضاً جريدة “The sun” واسعة الانتشار، عندما دعا الرئيس الفرنسي إلى قليل من التريث وصفوه بالدودة بل إنهم ساووا بينه والرئيس العراقي على الصفحة الأولى، فتش عن الفارق.
ونداء إلى القوات البريطانية على صفحتين هاتوا صدام، إلى جانبه خبر قد لا تبدو له علاقة، الحكم على أحد المتهمين في قضية الحادي عشر من سبتمبر، قد لا تبدو له علاقة، حيلة تكررت كل يوم تقريباً عبر ما نعلم الآن أنه كان عداً تنازلياً نحو الحرب.
مارتن بل(صحفي وعضو البرلمان البريطاني سابقاً): ثمة شيء غير عادي، شعبنا بشكل عام يعارض الحرب، لكن الجرائد تؤيدها، لأن مجموعتي التليجراف وميردوخ يملكوهما أجانب يؤيدون الحرب السيد (ميردوخ) بالطبع لأسباب اقتصادية، وأنا أجد ذلك غريباً وصعب الفهم.
يسري فوده: وحدها وقفت صحيفة الـ"ديلي ميرور" أقوى المعارضين مستغلة من الناحية الإعلامية مأساة الشعب العراقي مدعومة بمئات الآلاف إن لم يكن بالملايين من المتظاهرين. لكن Sky كانت تطلع صباح اليوم التالي باستطلاع من تأليفها يزعم أن الأغلبية الساحقة تؤيد رئيس الوزراء متجنبة الاعتراف بأنه استطلاع عشوائي غير علمي. في أميركا رغم مظاهرات هنا وهناك، كان الأمر أكثر سوءً بكثير.
رامزي كلارك: يقول رئيسنا سنضرب ذلك البلد، حسناً إنه رئيسنا وهذا هو عمله، وما عساي أن أفعل؟ ثم إنني مضطر للبحث عن وظيفة، ولذلك فنحن مشتتون، ثمة فيلسوف فرنسي قال مرة: إن أنجع أشكال العبودية هو الشكل الذي لا يشعر معه العبد بقيوده.
دان هريس: ثمة فرصة هائلة هنا لتعليم المواطن الأميركي بكل ما يحمله من ترفِّع ونقص في المعلومات وانشغال في الحياة ولهذا أكتب لهم بشكل واضح ومفاجئ ومختصر لأن الأميركيين يركزون فقط لفترة قصيرة.
مارين جكومان: لقد أذهلني بعضهم، لأنهم لم يستطيعوا أن يكتبوا عن الأحداث الحقيقية، رأيتهم بنفسي أحياناً في منتهى الغضب، لأن تقاريرهم كانت تُكتب في واشنطن أو نيويورك أو أتلانتا ولم يستطيعوا أن يقولوا ماذا كان يحدث.
بيتر أرنيت: بالضرورة تتوجه المؤسسة الإخبارية إلى صنع الأخبار، في أميركا يعتبر الرئيس جورج بوش الصانع الأساسي للأخبار، إضافة الآن إلى وزير الدفاع (رامسفيلد) و(كولن باول) ولأنهم صُنَّاع الأخبار نضطر إلى التشبث بكل كلمة يقولونها.
مارتن بل: لا يسمح الأميركيون لصحفييهم بأي مساحة من الحرية، فقبل تذييل التقرير لابد من اعتماده في أتلانتا أو نيويورك. هذا استبداد تماماً "كالبرافدا".
نك روبرتسون: نحن مراقبون هنا عن قرب من قبل المسؤولين في وزارة الإعلام، وإذا لم يعلقوا على ما أقوله ربما يعلقون على جانب من تغطية الـCNN بشكل عام.
عدي الطائي: كلمة.. ملجأ العامرية استخدمت كلمة (Bunker) بدل ما تستخدم كلمة Shelter، كلمة واحدة، المتلقي في أستراليا أو في فرنسا أو في بلجيكا أو في حتى في الولايات المتحدة الأميركية عندما يسمع Bunker إذن هذه تخدم -بين قوسين- التوجهات السياسية الأميركية لتبرير الفعل الإجرامي الأميركي.
يسري فوده: لأن لها مفهوماً عسكرياً.
عدي الطائي: لأنها تعطي مفهوماً عسكرياً
راجيف تشاندر أسيكارا: أعتقد بشدة أننا لا نحاول تطويع التقارير كي تتوافق مع أجوائنا بعد الحادي عشر من سبتمبر التي أتفق معك على وجودها في أميركا إن هناك بعض الصحفيين الأميركيين الذين يؤمنون بالسباحة ضد هذا التيار في محاولة لتقديم الحقائق.
شاكر حامد: مجافية للحقيقة أنا كمراسل لم أشهد هذا، يعني (بليكس) والبرادعي لم يقول أن العراق قد أوقف تعاونه ولم يقدم تعاون وأن هذا التعاون قد يؤثر على سحب فرق التفتيش خلال فترة قليلة من الزمن، شيء افتراء كبير، "الواشنطن بوست" قالت: أن العراق بدأ يعد العد التنازلي لوقف تعاونه مع المفتشين الدوليين.
إبراهيم هلال: الأميركيون أعتقد أنهم بالفعل في سلة واحدة، وسائل الإعلام الأميركية لا.. لم أستطع حتى الآن أن أميز بين توجهات قناة من توجهات قناة أخرى، الجميع يحاولون أن يجدوا.. يحاولون إيجاد فوارق ما بين بعضهم البعض، لكن لا توجد في النهاية فوارق، بدليل أنهم في حالة الأزمات يتحالفون تجارياً مثلما الحال حتى في الدوحة، هنا تحالفت بعض القنوات لتوفير المال وأجَّرت مساحة قمرية واحدة يشتركون جميعاً في بث تقاريرهم من الدوحة إلى أميركا عن الاستعداد..
يسري فوده: كلهم معاً؟
إبراهيم هلال: كلهم معاً تقريباً.
أولرخ تيغرنر: ربما كنت هناك أثناء هذا الهجوم الذي بثته الشبكات الأميركية عام 91، وقالت إن الهجوم سيأتي من البحر عبر الكويت، لكنه بعد ذلك أتى من صحراء السعودية، ولذلك لا تدري أبعاد اللعبة الآن، أعتقد أن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً.
فيليب نايتلي: أساطين الدعاية في الحكومات المختلفة الداخلة في حرب ضد العراق يستخدمون أجهزة استخباراتهم لبث معلومات زائفة يأملون أن تلتقطها وسائل الإعلام لخلق مواقف يقصدونها، على سبيل المثال بَثَّ موقعٌ إلكتروني في الشرق الأقصى تقريراً يزعم أن قناة (الجزيرة) التقت بأحد قادة القاعدة الذي قال إن هجوماً نووياً سيقع قريباً في أميركا، وفقط عندما نفت (الجزيرة) مثل هذا اللقاء اعترف الموقع بأن التقرير كاذب وبأنه زُرع عن طريق مصدر في سنغافورة وبلا شك كان هذا مصدر عميلاً لاستخبارات غربية.
طبيعة الحرب الدعائية الأميركية ضد النظام العراقي
يسري فوده: مضى الأميركيون في حرب دعائية مدروسة استخدموا فيها المسموح وغير المسموح، في قرصنة إذاعية استولوا على أثير الإذاعة العراقية وخاطبوا الشعب العراقي مباشرة تحت أنف الرئيس العراقي، اخترقوا سيادة دولة مستقلة وألقوا على رؤوس أهلها منشورات تدعو إلى العصيان وتأكدوا من وصول بث إذاعتهم الموجهة (سوا) إلى كل منزل عراقي في مقابل ذلك بقي الإعلام العراقي منتمياً إلى السبعينات تقنياً وأيديولوجياً، يدور في فلك من الفقر والقهر والتخلف، أما المواطن العراقي فلم يُسمح له بقراءة جريدة غير عراقية ولا حتى بامتلاك طبق فضائي يأتي له بإعلام عربي، ثم بدأ النظام العراقي في عقد مؤتمرات صحفية بأسلوب البيت الأبيض، لكن الوقت كان قد تأخر، إلى جانب أن الأميركيين اقتطعوا منها ذلك فقط الذي أرادوا أن يقتطعوه.
في تلك الليلة استغلت قناة (الجزيرة) جانباً من التنازلات العراقية، في مبادرة فريدة من نوعها أقامت حواراً مباشراً على الهواء بين طلاب جامعة بغداد وطلاب جامعة (جورج مايسن) في واشنطن.
[جزء من برنامج حوار مفتوح]
طالب أميركي: الـ(CNN) والوكالات الأخرى حول العراق، وفي عدة مرات وسائل الإعلام تمنع.. تختلق صوراً أو تمنع صوراً وقصصاً من الوصول، والحياة كلها مثل هذه القصص، وأتمنى أن نتوصل إلى توافق في الآراء حول ما يعنيه هذا لنا جميعاً.
طالب عراقي: نعم، أحد الناجين من ملجأ العامرية احترقت داخل الملجأ وهاي الصورة دليل على إنه احتراقي قُتل فيه أم..
غسان بن جدو: هذا أنت؟
طالب عراقي: نعم هذا أنا، قُتلت أمي وأختي وأخي، وماتوا حرقاً حتى الموت، أريد أن أقول للأميركان: هل هذه هي اللمسة الإنسانية ولمسة الرحمة ورسالة الحب والود التي تنقلها إدارتكم إلى الشعوب؟
يسري فوده: خرج الطلاب العراقيون بعد هذا المتنفس النادر أكثر حيرة ورهبة ورجاءً من ذي قبل.
ثم عُقدت القمتان العربية والإسلامية ولم يرى المشاهد الغربي منهما في وسائل إعلامه إلا هذين المشهدين.
قبل أيام معدودة كان الرئيس العراقي قد أدرك أخيراً حرج موقفه، فقرر الخروج عن صمته، دعا صحفياً ليس من قناة (الجزيرة) كما توقع البعض عن حسن نية أو عن سوء نية، بل من شبكة CBS كان يريد مخاطبة الشعب الأميركي.
دان راذر (كبير مذيعي شبكة CBS الأميركية): لا أعتقد أنه كان الرئيس صدام حسين، وإنما أحد المقربين سألني: كم دقيقة ستبث من هذا اللقاء، وعندما أخبرته بنيتنا في استخدام ساعة على الأقل، قال: هل تقصد ذلك فعلاً؟ وأعتقد أن ذلك يعرفك شيئاً ما عن بلدي أن تتيح فرصة لزعيم بلد -نحن معه قريباً في حرب -أن يتحدث إلى شعبنا بشكل مباشر دون اقتطاع.
يسري فوده: قليلٌ جاء متأخراً، وقد مشى الرئيس العراقي بقدميه إلى فخ المساهمة في الحشد الإعلامي نحو الحرب.
آري فليشر (المتحدث باسم البيت الأبيض): التصرُّفات العراقية دعاية ملفوفة في كذبة داخل زيف.
يسري فوده: لكننا جميعاً على أية حال كنا قد نسينا لُبَّ الموضوع، أن ثمة فريقاً دولياً عُهِد إليه بالتحقق من المزاعم الأميركية البريطانية كان له وحده الحق في إصدار الحكم.
استلم الإعلام الأميركي الرجل سخرية وهُزءاً فيما بدى محاولة لتقويض مصداقيته في عيون الرأي العام، الجهل هو بليكس، إن له أجندة خاصة هي تجنُّب العمل العسكري، مثلما استلموا دول التريث روسيا وألمانيا وفرنسا.. لا.. لا.. لا، محور غير الراغبين، عصابة الثلاثة، بل إن مذيعة (فوكس) تُملي على المشاهد ما ينبغي عليه أن يشعر، لن يعجبك ذلك، من بحاجة إلى أصدقاء كهؤلاء؟ أن تصفهم بمحور العِرَس فيه ظلم للعِرَس.
ثم استلموا المتمردين المشاهير الذين حاولوا التعبير عن آرائهم، إنها لا يردعها الحديث عن أنها ستوضع على القائمة السوداء.
مذيع في قناة FOX: عندما تقولين ذلك سيظن الناس أنك مجنونة.
يسري فوده: وبينما كان الشارع العراقي يغلي هدوءاً في انتظار العاصفة دخل الضرب تحت الحزام مرحلة جديدة الدعاية السوداء.
استخبارات إسرائيلية استراتيجية صدام الآن هي تراجع، تقارير.. تقارير.. العراق زرع متفجرات في حقول النفط.
صدام ينوي توزيع الأزياء العسكرية الأميركية على الفدائيين كي يرتكبوا فظائع ضد الشعب العراقي.
يبدو أن خطة صدام هي اللعب بشكل قذر.
مفاوضات سرية للاستسلام جارية على قدم وساق.
الاستخبارات تعتقد أن صدام يخطِّط لهجوم وقائي.
فيليب نايتلي: الحكومات وأساطيل دعاياتها مهارة في إعداد الشعوب للحرب، إنهم لا يكذبون، لأن من السهل اكتشاف الكذب، وإذا كذبوا يختارون الكذب الذي لا ينكشف إلا بعد انتهاء الحرب، لكنها الطريقة التي تُقدَّم بها الحقائق تركيزاً وحذفاً، ثم تسحق أي معارضة باتهامها بأنها تدافع عن قاتل.
يسري فوده: يعترف الشرفاء من الصحفيين بحجم التلاعب الإعلامي.
دان هريس: أعددنا كثيراً من التقارير الخاصة لكنها لم تبث، شهية رؤسائنا مفتوحة فقط للأخبار الساخنة، أعددنا تقارير عن الحياة هنا أعجبتهم لكنهم لم يبثوها.
فيليب نايتلي: لم يسمحوا لصور بشعة للوجه الحقيقي للحرب بالظهور على الشاشات الأميركية، وأحد الطرق لتنفيذ ذلك هو الضغط على رؤساء التحرير وردع الصحفيين من البقاء هناك بتحذيرهم -مثلما فعل البنتاجون- من أن الموقف في منتهى الخطورة، هذا ما قاله البنتاجون.. في منتهى الخطورة.
يسري فوده: ورغم مظاهرات حاشدة عمت أرجاء الولايات المتحدة، بل عمت العالم كله من أقصاه إلى أقصاه امتد الإرهاب الإعلامي من الصحفيين إلى المتمردين إلى الشعوب.
صواريخ الصمود خطر يتهدد إسرائيل.
ماذا حدث للـBX والأنثراكس والخردل والأعصاب؟ لمزيد عن ذلك ننتقل إلى مراسلنا في عمان.
لا تسألوا ماذا تفعل أميركا من أجلكم ولا ما تفعلون من أجلها، اسألوا ماذا نفعل معاً من أجل حرية الإنسان.
ماذا تعلم عن العراق؟ وماذا ينبغي عليك أن تعلم عن العراق؟
متى يستخدم صدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد قواتنا؟
هذه هي الحلل المضادة للأسلحة الكيماوية.
دبلوماسيون عراقيون يتجسسون علينا.
ثلاثون مليون دولار للمدارس لمواجهة الطوارئ.
مطاراتنا في خطر.
الجيش البريطاني ينتشر في مطار هيثرو.
الملكة تلغي رحلة إلى الخارج.
وبيان للإخوان المسلمين يحث على الجهاد ضد الأميركيين.
فيليب نايتلي: وهذا نشأ من وقوع شيء في المستقبل، فربما لا يشكل خطراً الآن وإنما في المستقبل ستنجح في تركيز خوف الشعب نحو اعتقاد أن شيئاً ما لابُدَّ من عمله، وهذه هي العبارة الأخرى المستخدمة لابد من عمل شيء ما.
يسري فوده: مذيع ينهر ضيفه قائلاً: لست مضطراً للحصول على دليل، وآخر يتبنى موقف الحكومة، كيف علمنا أن لدى صدام أسلحة كيماوية وبيولوجية؟ لدينا الإيصالات.
ومذيع ثالث يفتي: قلت إن الوقت حان وأنا أتفق معك.
وأخرى تفرض رأيها: العراقيون يشنون حملة دعائية في محاولة لإظهار أنفسهم وكأنهم الضحايا.
مع موسيقى عاطفية الضحايا في عيون الإعلام الأميركي كانوا بالطبع هؤلاء الذين توجهوا لغزو بلد آخر.
ثم بالطبع الإرهاب العسكري، مئات الآلاف من الجنود يتدفقون على الخليج.
القواعد العسكرية تحيط بالعراق من كل ناحية، حاملات الطائرات والغوَّاصات، قوة لا تقف في وجهها قوة على الأرض.
أم القنابل.
احتمال اغتيال صدام حسين بديلاً للحرب.
على العراقيين أن يستسلموا فلا طائل من المقاومة.
ومع العصي جزرة مسكنة دعوا لإبرازها جانباً من الصحفيين العرب إلى مقر الحكومة البريطانية.. خارطة الطريق.
مارتن بل: (توني بلير) يحاول استغلال الصحافة، حتى أنه ظهر على شبكة MTV للموسيقى لإقناع الشباب، صار له الآن شهران ولكن التأييد لهذه الحرب في انخفاض مستمر. الحكومتان البريطانية والأميركية تبذلان أقصى ما في وسعهما في محاولة للإقناع والتلاعب، والأمر أسهل على (جورج بوش) لأن أميركا لا تزال في مرحلة النقاهة بعد الحادي عشر من سبتمبر، وما تراه هو حرب انتقامية تشنها دولة غاضبة يقودها رجل غاضب.
يسري فوده: اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر أثبتت ما يمكن لأعداء أميركا فعله بأربع طائرات، لن ننتظر حتى نرى ما يمكن للإرهابيين أو للدول الإرهابية فعله بأسلحة الدمار الشامل.
ثم فجأة وسط ذلك كله وكأنها صدفة عاد أشهر رجل في العالم يملأ الدنيا صخباً دون أن يدري.
إشاعة عن سقوط بن لادن في أيدي الأميركيين لم تصمد طويلاً، وإشاعة أخرى عن سقوط اثنين من أبنائه لم تصمد هي الأخرى، من سوء حظ صدام أن خالد شيخ محمد سقط وسط ذلك الزخم الإعلامي أو التضليلي، سمِّه ما شئت، ارتبطت صورتاهما من أين؟ الله أعلم.
نفهم أن عملية في الفلبين تدخل أميركياً تحت عنوان: الحرب على الإرهاب، لكن العنوان نفسه يبقى ملازماً للخبر التالي عن العراق بقدرة قادر.
سلسلة أخرى طويلة من الصحف، شريط صوَّره مخططو الحادي عشر من سبتمبر لدراسة الأهداف.
العثور على حقيبة بها أسلاك في الفندق الذي كان يزوره وزير الخارجية الأميركي.
عودة (كولين راولي) التي ارتبط اسمها باسم زكريا موسوي إلى الأضواء.
الحكم على عبد الله الفيصل في لندن.
التحقيق في قضية الاعتداء على (جون ووكر).
الملا عمر هل تذكرونه فجأة قررنا استئناف البحث عنه، لماذا؟ لأننا اكتشفنا مؤامرات إرهابية جديدة، ولكن هل يستطيع نظام جديد في العراق أن يحقِّق هدف البيت الأبيض في وقف الإرهاب، وإلا ما علاقة البطاطا بالصراصير؟ كانت هذه أسرع وسيلة لتأليب الرأي العام الأميركي وقد نجحت بالطبع مع أغنية قفزت مباشرة إلى المركز السادس تقول كلماتها: أسمع أناساً يقولون إننا لا نحتاج إلى هذه الحرب، ولكنني أقول: إن ثمة شيئاً يستحق القتال من أجله، ماذا عن حريتنا، قبل أن تنصحني دعني أسألك يا صديقي: هل نسيت كيف كان ذلك اليوم الحادي عشر من سبتمبر؟
بعد ذلك بأيام معدودة لم يكن جورج دبليو بوش هو الذي أسقط صدام حسين. أسامة بن لادن هو الذي أسقطه.
لماذا؟ لأن الله معنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى