عادل حمودة يكتب:
- خطة مبارك لتوريث جمال الحكم في مايو القادم
- محافظ القاهرة يرفض تنفيذ رخصة منتجع مثلث المطار إلا بتليفون من زكريا عزمي وكان المطلوب 35 مليون جنيه
- زوجة جمال عبد العزيز شاركت أحمد بهجت في دريم لاند والبنك الأهلي سارع بالتمويل ودخلت في استثمار مع
مدحت العبد في الساحل الشمالي جعله يبني علي حرم البحر - تخصيص أرض بشاطئ ضيق لبناء فورسيزونز شرم
الشيخ ليدفع هشام طلعت مصطفي فيها 77 مليون جنيه حصل عليها سرًا موظف كبير في القصر الجمهوري
- أحد المقربين من الرئيس نجا بأعجوبة من القتل بالرصاص بعدما ضبط مع زوجة صديقه وآخر يدخل زوجها الثاني السجن كي ترتمي في حضنه
- سعد أبوريدة لمجدي يعقوب: هات لي موافقة رئيس الديوان وأنا أسيبك تكمل بناء فندقك في الغردقة
- وضعوا تليفون مصطفي الفقي تحت المراقبة ليختبروا مدي كتمانه للأسرار قبل أن يطيحوا به من سكرتارية المعلومات لكنه فشل في الاختبار
- مذيعات يقضين ليالي حمراء في غرف مسئولين في الرئاسة في السفريات الخارجية تحت عيون الحراسة ومذيعات اضطهدن وطردن لرفضهن الاستجابة
أسرار مبارك في
شرم الشيخ:
- استرد صحته بإشراف طبي من الدكتورين محمد علي الديب وماهر جويش - سنترال الرئاسة يوصل المكالمات إليه والبابا شنودة ونتانياهو والملك عبدالله اتصلوا به وصفوت
الشريف وزكريا عزمي زاراه في منتجعه - إسرائيل تلتقط مكالمة له يقول فيها: «إنه لم يتنح » والنشرة الرسمية للقوانين والقرارات خالية من قرار موقع منه بالتنحي - جمال
يكلم نفسه ويفكر في السفر إلي لندن وعلاء يريد العودة إلي القاهرة بسبب مدرسة ابنه عمر - سوزان مبارك لصديقتها «مدام زد»: الناس بتتكلم وحتتكلم ومن حقها تتكلم
1
لم يكذب مبارك عندما قال: " إنه لم يكن ينتوي ترشيح
نفسه " مرة أخري.. فقد استقر رأيه علي أن يبقي في
السلطة إلي منتصف شهر مايو المقبل.. ثم يفاجئ المصريين
بأنه سيعتزل الحكم.. بسبب طول بقائه فيه.. وزهقه منه..
بجانب متاعبه الصحية التي لم تعد خافية.. علي أن يفتح
باب الترشيح للانتخابات الرئاسية في الشهر التالي.. وبعد
ستين يوما يجري التصويت علي رئيس المستقبل.
هذه هي الطبعة الأخيرة من خطة التوريث التي كشفها لنا
شاهد عيان.. مقرب من مبارك وعائلته.. ويعرف بحكم
تواجده في الدائرة العليا الضيقة كل ما يحدث مهما كانت
سريته ودقته وحساسيته.
وحسب ما كان مخططا فإن الحزب الوطني سيسارع فور ــ
إعلان مبارك تقاعده ــ باختيار جمال مبارك مرشحا للرئاسة
تحت رعايته.. وخلفا له.. ضامنا التفوق علي منافسيه من
المرشحين الذين أفرزتهم عمدا وقهرا وتزويرا انتخابات
مجلس الشعب الأخيرة.. وهم يمثلون شخصيات ضعيفة..
وأحزاب هزيلة.. سيسحقها الوريث دون معاناة.. وإن كانت
ضرورية لاستكمال الديكور السياسي الوهمي للمسرحية
السخيفة التي جعلت من الديمقراطية مايوهاً من قطعة
واحدة يمتلكها الحزب الحاكم.
كان مقررا أن يكون موعد تنفيذ الخطة في منتصف العام
القادم.. بعد شهور قليلة من فوز مبارك في الانتخابات
الرئاسية.. وفور أن يهدأ الغضب المتوقع من تمديد السلطة..
لكن.. كان هناك من خشي تدخل القدر ليفسد الخطة.. فلم
يكن هناك مفر من التعجيل بالتنفيذ مبكراً سنة كاملة.
والمعروف أن مبارك أبلغ ديفيد وولش السفير الأمريكي
السابق في القاهرة ومبعوث أوباما إليه بعد ثورة 25 يناير
قبوله عدم ترشيح نفسه.. لكنه.. أصر علي ترشيح ابنه..
وهو ما جعل مبارك يحتفظ برئاسة الحزب الوطني.. وابنه
يظل عضوا في الهيئة العليا وهو ما يعطيه الحق في دخول
السباق الرئاسي حتي الآن.
كانت الخطة العاجلة ستبدأ في شهر مارس القادم بدعاية
مكثفة من رؤساء تحرير الصحف الحكومية بعد استدعاء
عاجل لبعضهم.. بجانب القنوات التليفزيونية الرسمية..
يضاف إليها قنوات خاصة.. تحمس أصحابها للمشاركة في
اللعبة.. عربون إخلاص للوريث.. سيرده بالقطع مضاعفا
بعدما يصبح الرئيس.
وتقرر تكليف غالبية رجال الأعمال المنتمين للجنة
السياسات بحشد عمالهم وموظفيهم لضمان التصويت
لصالحه وكانت هناك أجندة مرتبة بأسمائهم وعدد المصوتين
في منشآتهم.
وتحفز وزير الداخلية حبيب العادلي لتقديم ضمانات
السيطرة علي المظاهرات المعارضة.. الرافضة.. واعتقال
النشطاء قبل موعد التصويت بوقت مناسب.. قائلا: " إنه بما
سيفعل سيدخل التاريخ ".
كان كل شيء محكما.. تحت السيطرة.. بما في ذلك
تصورهم أن الشعب مات.. ودفن.. ولن تقوم له قيامة..
وفشلت أصوات عاقلة في إقناعهم بأن الأمر لن يقبل في
الخارج قبل الداخل بيسر كما يتخيلون.. ويتصرفون.. فجري
إبعاد أصحابها من مناصبهم.. ولفقت لهم قضايا أضيفت
إلي رصيد النظام الهائل من الظلم والتعسف اللذين احتاجا
إلي تدخل الله سبحانه وتعالي كي يعيد ميزان العدل إلي
توازنه.
2
وأستطيع الآن أن أكشف سرا يزيد عمره علي خمس
سنوات.. في ذلك الوقت كانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة
علي الأبواب.. وكان مبارك مستعدا أن يتنازل عن فرصته في
الترشح لابنه.. لكنه.. لم يكن متأكدا من أن يقبله الشعب
بسهولة.. فاتصل بشخصيات مختلفة ليستنير برأيها.. كنت
واحدا منها.
وكما في الأفلام السياسية الأمريكية فضل مبعوث الرئيس
أن نتكلم ونحن نتمشي في نادٍ مفتوح.. أو ونحن نجلس علي
الرصيف.. أو ونحن نقف وسط الشباب في مقهي مزدحم
يتفجر صخبا.. ووضعت تليفوناتنا المحمولة بعيدا.. كي لا
تتحول إلي أجهزة تنصت ترسل ما نقول إلي جهات المتابعة
والمراقبة علي الهواء مباشرة.. وهي جهات كانت ترسل
تقاريرها علي الفور إلي مكتب جمال مبارك في رئاسة
الجمهورية.
وقد صدمت عندما سمعت برغبة مبارك في ترشيح ابنه
بدلا منه.. ولولا احترامي لرسوله لرفعت صوتي غاضبا..
لكن.. هدوئي لم يمنع حدتي وصراحتي في الرد علي رسالة
الرئيس.
كان رأيي أن التوريث لو حدث فإنه لن يقضي علي جمال
وحده وإنما علي أبيه أيضا.. وسيهدد البلاد بفوضي مفاجئة
يصعب مواجهتها.. فالناس علي آخرها.. وتنتظر قشة
لتنفجر.
وقلت: إن المؤسسة العسكرية تحترم الرئيس وتعتبره ابنا
لها.. لكنها.. لن تقبل بولده مهما كانت ثقتها في الأب.
وكما علمت فيما بعد فإن تسعين في المائة ممن سئلوا
اتفقوا ــ دون تردد ــ علي هذه الإجابة.
وما يلفت النظر أن قادة سابقين في المؤسسة العسكرية
ظلوا علي رفضهم لتوريث جمال مبارك.. ولو صدق ما
نشرته صحيفة نيويورك تايمز في أكتوبر الماضي فإنهم وقعوا
علي بيان رفعوه إلي مبارك أصروا فيه علي تسجيل
موقفهم.. كما طالبوا بإقالة حكومة البيزنس.. والبحث عن
حكومة بديلة تغير من السياسة الاقتصادية المعادية لمصلحة
السواد الأعظم من الشعب المصري.
وفيما بعد كشفت وثائق ويكليكس أن رفض التوريث امتد
من قادة سابقين إلي قادة حاليين.
3
وأغلب الظن أن فرقة التوريث أجلت تنفيذ الخطة حتي
تتحين فرصة مناسبة فيما بعد.. ولكنها شعرت بالقلق من
مرض الرئيس الأخير الخطير في البنكرياس.. وخشيت أن
تأتي السماء بقرار لا يرضيها.. فراحت تضغط عليه كي
يبكر بساعة الصفر.. ونجحت في إقناعه.. علي أن مشيئة
الله التي ابقت علي حياته هي نفسها التي أطاحت به..
وقضت علي الخطة تماما.
وفرقة التوريث بدأت بأسامة الباز وزكريا عزمي.. ثم
انضم إليهما إبراهيم كامل وأحمد عز.. وبمرور الوقت راحت
الفرقة تكبر لتضم شخصيات أخري ارتبطت بها وانتمت
إليها.. بحكم المنصب أو بقوة المصلحة.. مثل أنس الفقي
ورشيد محمد رشيد وأحمد المغربي من آخر حكومة سابقة..
وعلي أطرافها انتظرت جماعات من مديري البنوك والغرف
التجارية والصندوق الاجتماعي إطلاق صافرة البدء كي
تتحرك لتنفيذ مهامها.
لقد استغلت الخمس سنوات الماضية في وضع الترتيبات
والتربيطات والتغييرات والتعيينات التي تجهز المسرح
لاستقبال جمال مبارك.
ولعب نبيل العلقمي وأسامة الغزالي حرب ( قبل التغيير )
دور المعلم لجمال مبارك.. وراحا يلخصان له دروس التاريخ..
ويطلعانه علي متاعب الجغرافيا.. لتأهيله للحكم.. لكنه.. لم
يكن يهتم بخبرتهما.. فقد وجد نفسه يحكم بالفعل.. دون
ترشيح أو تصويت.. الوزراء ينتظرون تعليماته.. الحزبيون
يتمنون رضاءه.. الإعلاميون يمشون وراءه.. وهو ما أصابه
بالغرور.. والتعالي.. وسماع صوت نفسه وحدها.. ومع ميل
مكثف للغضب والعصبية.. وطبيعة شخصية يصعب التفاعل
معها.. تضاعف النفور منه.. وهو ما جعلني أقول فيما بعد ــ
علي شاشات فضائيات مختلفة ــ إن الثورة التي تحققت
أنقذتنا من أسوأ شخص يمكن أن يحكم مصر.. ومهما كانت
تكلفة الثورة فإنها لا تساوي مشقة يوم من أيامه التي نحمد
الله علي أنها لم تأت.
يقول زميله في الجامعة الأمريكية رجل الأعمال زياد علي:
" إنه ذكي ومحب للمذاكرة وتميز في عمله المصرفي لكن كنا
ننظر إليه علي أنه شخصية متكبرة.. تفتقد كاريزما رجل
السياسة ".
وربما لا يعرف الكثيرون أن المنصب الرسمي الوحيد
لجمال مبارك هو عضو مجلس إدارة البنك العربي الإفريقي.
4
ووصل تدخل جمال مبارك في تفاصيل الحكم حدا لم
يصل إليه من قبل مبارك نفسه.. إن الدليل علي ذلك
مسلسل " الجماعة " الذي أثار جدلا هائلا داخل العائلة
الرئاسية وما حولها.. انقسمت الآراء حوله بين مجموعة تري
أنه يخلق تعاطفا شعبيا مع الإخوان المسلمين ويمجد
مرشدهم الأول حسن البنا.. ومجموعة أخري تصر علي أن
الحلقات الأخيرة تأتي بلكمات قوية تصرع الجماعة بالضربة
القاضية.. وأمام هذا الصراع بدأ أنس الفقي يشاهد ما لم
يعرض من حلقات المسلسل.. لقطة لقطة.. وحذفت منه أربع
حلقات.
5
وما يمكن كشفه الآن أيضا أن الولايات المتحدة وضعت
النظام المصري في اختبار سياسي بدا سهلا.. طلبت منه
خنق فرص الإخوان في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة
دون تزوير كي يثبت أن شعبيته تفوق تأثيرهم.. ولكنه.. سارع
باعتقالهم والبطش بهم وضرب الأصوات في دوائرهم.. وهو
ما اعتبره البيت الأبيض فشلا في الاختبار.. وضع بعده خطا
بالأحمر حول مستقبل مرشحي الحزب في الحكم.
كان وجود مبارك إلي جانب جمال في المعركة الانتخابية
يسهل وصوله إلي السلطة التي بدت مثل شجرة محرمة ما
أن اقترب منها حتي طرد من الجنة.. فكان رد فعله منفلتا
ووالده يقبل بالتنحي.. وبخروجه من القصر الرئاسي وصلت
حالته النفسية والعصبية إلي حد الاهتزاز.. ولا يزال لا
يصدق ما جري.. ونقل عن مقربين من عائلته انه كثيرا ما
يكلم نفسه.. ويتشاجر معها.
أما مبارك فيخضع لفحص صحي مرتين في اليوم يقوم به
رئيس الفريق الطبي الدكتور محمد علي الديب وهو
أخصائي بطن وقلب.. ويساعده الرجل الثاني في الفريق
الدكتور ماهر جاويش وهو من نفس التخصص.. والمعروف
أن البنكرياس ــ الذي جرت جراحة ألمانيا فيه ــ هو المسئول
عن إفراز الأنسولين الذي ينظم حرق السكر في الدم ولو لم
يراقب بدقة فإنه يسبب غيبوبة يمكن مع تقدم السن تنتهي
بالوفاة.
وقد استرد مبارك صحته بعدما تجاوز صدمة ما حدث..
وعادت شهيته للطعام.. وتضاعفت الساعات التي يقضيها
في المكالمات التليفونية التي تأتيه من شخصيات أجنبية مثل
ملك السعودية عبد الله بن عبدالعزيز ورئيس وزراء إسرائيل
بنيامين نتانياهو.. وبعض هذه المكالمات تصل إليه عبر
سنترال الرئاسة.. وكأنه لا يزال رئيسا حاكما.. ويرسل
أسامة سرايا إليه التقارير الصحفية.. كما أن صفوت
الشريف وزكريا عزمي شوهدا يهبطان مطار شرم الشيخ.
ولو كان جمال يخطط للإقامة في الخارج فإن كل ما
يتمناه علاء أن ينزل من شرم الشيخ ليتابع ابنه عمر دراسته
في القاهرة.
لكن.. ما هو أخطر.. أن أجهزة تنصت إسرائيلية
التقطت مكالمة لمبارك مع الملك عبد الله يقول له فيها: "
إنه لم يتنح ".. كما أن مراجعة نشرة القوانين والقرارات
الرسمية تكشف لنا عن مفاجأة من العيار الثقيل.. أنه لم
يوقع قرارا بالتنحي.. مكتفيا ببيان عمر سليمان الذي قال
فيه: " إن الرئيس تخلي عن منصبه ".. فهل لا يزال
مبارك رئيسا؟
إن هناك فرقا دستوريا علي ما يبدو بين التخلي والتنحي
وهو ما نشر قلقا هائلا بين ملايين المصريين علي رأسهم
الشباب الذي قام بالثورة.
وما يؤكد تلك الأنباء تأخر مصر بتقديم طلب رسمي
لتجميد أرصدة مبارك أو باقي أفراد عائلته.
6
وفي الثورات ما يعرف بالثورات المضادة.. فقد
نجحت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في إعادة
شاه إيران محمد رضا بهلوي إلي عرشه رغم إبعاده
عن البلاد وبقائه شهورا في إيطاليا.. وما أن استرد
سلطانه حتي عبر عن امتنانه للمسئول في الوكالة
عن الشرق الأوسط كيرميت روزفلت قائلا: " إنني
مدين بعرشي إلي الله ثم إلي شعبي ثم إليك "..
وكان صائبا في الجزء الأخير فقط.. حسب تعليق
عن الثورة المضادة وضع علي شبكة الإنترنت.
وحسب التقرير نفسه فإن باشوات العهد الملكي
تجمعوا معا مستغلين العدوان الثلاثي علي ثورة يوليو
ليقوموا بحركة مضادة فاتصلوا بالسفارة البريطانية
وعرضوا أنفسهم بديلا عن حكم جمال عبدالناصر.
ولو لم يعد مبارك ــ الذي لم يتنازل عن رئاسته
للحزب الوطني ــ فإن هناك بالقطع من لم يفقد
الأمل في أن تأتي الظروف بابنه الذي لا يزال عضوا
في الهيئة العليا للحزب.. ولو انعدمت فرصته أيضا
فإن رموز النظام في غالبية المؤسسات لابد وأن
تسعي للبقاء تمهيدا للانتقام.
ويرصد التقرير محاور ترسم
ببراعة خطة الثورة المضادة لثورة 25
يناير:
(1) الترويج لمقولة عفا الله عما
سلف.. لنفتح صفحة جديدة.. وننسي
ما فات.. وهي مقولة ظاهرها الرحمة
وباطنها العذاب.. فمن سرق شعبا
يجب أن يحاسب.. ومن قتل شهيدا
يجب أن يدفع الثمن.. مهما كان
حجمه وثقله.
(2) إثارة التعاطف مع مبارك بما
قيل عن رغبته في البقاء في مصر
حتي الممات ليدفن إلي جانب حفيده..
بجانب أخبار مشابهة تنفي الحقيقة
التي يعيشها في شرم الشيخ.. حيث يمارس كثيرا من
صلاحياته الرئاسية.
(3) تشويه صورة الثوار باتهام رموزهم بالعمالة
والماسونية وربما فبركت فيديوهات عارية لهم.
(4) القفز علي الثورة وركوب موجتها من جماعات
لم تشارك فيها إلا بعدما ضمنت نجاحها.
(5) إفساد العلاقة بين الثورة والمؤسسة العسكرية
بالقول بأن هناك معتقلين ممن شاركوا في الثورة
وهو قول غير صحيح حتي الآن.
(6) العودة إلي الحكم بعباءة جديدة من خلال دعوة قياديين سابقين في الحزب الوطني إلي
تشكيل حزب جديد باسم جديد ولكن برموزه
القديمة.
7
علي أن سوزان مبارك لا تزال الأكثر تماسكا.. فقد
أرسلت فاكسا بخط يدها من منتجع مرتيم الجولف
الذي يقيمون فيه بشرم الشيخ إلي جمعيتها الأهلية
تكذب فيه ما نشرته صحيفة «الأخبار» عن استيلاء
رجل الأعمال منير غبور علي الحديقة التي تحمل
اسمها وتلاصق منتجع وفندق الميراج الذي يملكه
منير غبور.
كان زكريا عزمي بصفته سكرتير الجمعية قد دعا
مجلس إدارتها إلي اجتماع طارئ يوم الثلاثاء
الماضي.. لكن.. المجلس لم يجتمع إلا في اليوم
التالي.. وكانت الصدمة أن بعضا من الأعضاء طلبوا
رفع اسم سوزان مبارك من الجمعية.. وكانت حجتهم
أن 6 أعضاء من 13 عضواً في جمعية المستقبل
وضعوا تحت التحفظ منهم أحمد المغربي ورشيد
محمد رشيد وجمال مبارك نفسه.. كما أن أمين عام
جمعية المستقبل عبدالسلام الأنور
(بنكير يدير مصرف إتش إس بي
سي) جمد حساباتها في البنوك
المختلفة.
والحديقة فكرة استثمارية سعت
الجمعية إلي تبنيها كي تحصل علي
عائد مناسب يساهم في تنفيذ
مشروعاتها التي تعيش علي
التبرعات.. مثل مشروع " المائة
مدرسة ".. والحديقة مقامة علي 65
فداناً وكان مقرراً افتتاحها قبل نهاية
العام الحالي.
وتشاء المصادفة أن تكون آخر زيارة
لسوزان مبارك للحديقة يوم 25
يناير.. حيث عقدت اجتماعا بصفتها
رئيسة الجمعية قالت فيه: " إن الحديقة هدية
للأسرة المصرية ".. ويضم مجلس الإدارة 125
شخصية مؤثرة في الحكومة والمجتمع مثل وزير
الصحة الأسبق إسماعيل سلام وزوجته الدكتورة
وفية أحمد حمدي وسيدة المجتمع زينات الكموني
وصديقتها آمال أبو الفتوح وفاطمة عبد الوهاب
صالح التي ساعدتها في تحضير رسالة الدكتوراة
ومنير ثابت ورجال الأعمال منير غبور وزوجته ميما
ولويس بشارة ومنصور عامر ومحمد شوقي يونس
الصديق المقرب من زكريا عزمي وإبراهيم المعلم
علي إدارة الحديقة شركة بروفن الأمريكية وهي
الشركة نفسها المسئولة عن إدارة مشروعي فيراري
وجزيرة ياس في ابو ظبي.
ويساهم في التمويل شركات من وزارة البترول
ورجال أعمال أعضاء في مجلس إدارة الجمعية..
بجانب أموال من الصندوق الاجتماعي خصصت
للحديقة ولمشروع المائة مدرسة ولمشروع الالف قرية
الذي تنفذه جمعية المستقبل.. وهو ما يجب التوقف
عنده وفتح ملفاته ومعرفة خباياه.
لقد أنشئ الصندوق الاجتماعي عام 1992 لتمويل
المشروعات الصغيرة للشباب بميزانية تصل إلي
أربعة مليارات جنيه تمول من قروض ومنح أجنبية..
وتولي رئاسته في البداية حسين الجمال.. لكنه..
استبعد بعد تعيين عاطف عبيد رئيسا للحكومة..
وجاء بشاب مصرفي من جماعة جمال مبارك هو
هاني سيف النصر لا يتردد في أن يفتح خزائنه
لمشروعات العائلة المالكة علي حساب مشروعات
الشباب.. وسلم مؤخرا خمسة ملايين جنيه لواحدة
منها.. ضاربا عرض الحائط بالأجهزة الرقابية التي
شلت يدها.. ورقابة الدول المانحة التي جري
تضليلها.
8
وتحدثت سوزان مبارك مع إحدي صديقاتها (
مدام زد ) وهي عضو في الجمعية قائلة: " أنتم
المستقبل ونحن الماضي ".. وأضافت: " الناس
بتتكلم.. وحتتكلم.. ومن حقها تتكلم ".. في اعتراف
لا يخلو من تواضع متأخر.. جاء بعد فوات الآوان..
بعدما وقعت الفأس في الرأس.. بعدما يأست من
تنفيذ حلمها بتكوين سلالة حاكمة من عائلتها في
مصر.
وكانت سوزان مبارك قد أصيبت بإحباط شديد
خلال المظاهرات وقالت لإحدي قريباتها " سوف
نرحل ".. واستطردت: " لقد بذلنا أقصي ما في
وسعنا ".
وأضافت: " جمال كويس.. لكن وليد حافظ ووليد
شاش خلوه يمضي علي حاجات ".
ولا تفسير لهذه العبارة الغامضة سوي أن صديقيه
المقربين وليد حافظ ووليد شاش كانا وراء تورطه في
البيزنس من خلال شركات الاستثمار التي تكونت
معه في قبرص وبريطانيا (مثل بوليون وحورس فود
وميد انفيست وانترناشيونال سيكيورتيز فاند) وهي
شركات تدير محافظ مالية متنوعة تضع الأموال في
مشروعات يصعب تتبعها.. ولكنهما ليسا وحدهما
اللذين زجا به إلي عالم الثروة.. وإنما كان معهما
في بنك أوف أمريكا أثناء الفترة التي قضاها
جمال مبارك في لندن.
والحقيقة أن رغبة جمال مبارك في تكوين ثروة
طائلة سبقت ذلك كله عندما تاجر في ديون مصر
بتشجيع من مبارك وعائلته.. كان يشتري الديون من
أصحابها بسعر يقل عن قيمتها الأسمية.. بنسبة
تصل أحيانا إلي 40 % ليعيد بيعها
مرة أخري إلي الحكومة المصرية
بكامل سعرها.. وكان الفرق الكبير
يوضع سهلا في جيبه.. او جيب
أصحابه الذين يود مجاملتهم وتوفير
ثروة سهلة لهم. والشاهد علي هذه
العمليات شخص يدعي عمر صقر..
كان نائب رئيس مجلس إدارة بنك
أوف أمريكا في مصر والمدير
الإقليمي له في الفترة التي كان جمال
مبارك موظفا في البنك بلندن ويبيع
الديون ( 1988 ــ 1994 ).. فجأة
تقرر غلق البنك في مصر.. ليغلقوا
الملف.. ومنح عمر صقر عشرة ملايين
جنيه تعويضا علي خسارة منصبه علي
أن يبتعد تماما عن العمل في البنوك.. وبالفعل قبل
الرجل ما عرض عليه.. وانزوي بعيدا ليتفرغ لتربية
الخيول.. وتجهيزها لمسابقات السرعة والحواجز.
وفي 30 يوليو 1994 صدر بيان عن البنك يعلن فيه
أنه يغلق أبوابه في مصر لتغير سياسات إدارته
العليا.. وقال مديره الأمريكي مايكل سيبل: " إننا
سنقوم بأعمالنا عبر بنوك أخري مرتبطة بنا لا شك
أنها تتمتع بالخبرة والكفاءة ".
لقد بدأ حمال مبارك طريقه إلي الثروة قبل أن
يأخذ طريقه إلي السلطة.. وكان حوله رجال يزينون
له الجمع بينهما في فراش واحد.. لا شك أن أقواهم
وأخطرهم زكريا عزمي.
9
في عام 1972 جاء زكريا عزمي من الحرس
الجمهوري ــ الذي خدم فيه منذ عام 1965 ــ منتدبا
إلي سكرتارية حسن كامل رئيس ديوان أنور
السادات.. لم يشارك في حرب أكتوبر ( 1973 ) كما
يشاع.. لكنه.. كان حاصلا علي ليسانس الحقوق
ويحضر الماجستير والدكتوراة.. ونجح في السيطرة
علي وظيفته الجديدة حتي أصبح بعد سنة واحدة
مشرفا علي مكتب رئيس ديوان الرئيس.
عندما عين مبارك نائبا للرئيس سعي زكريا عزمي
إلي التقرب من رجاله وعلي رأسهم سكرتيره عبد
الوهاب زكي ــ الذي كان يلازمه في عمله ليلا ــ
ليصبحا في فترة زمنية وجيزة صديقين.. ولم يتردد
زكريا عزمي في أن يخبره بحكم دردشة الأصدقاء ما
يجري في مكتب رئيس ديوان الرئيس بكل ما فيه من
أسرار وقرارات وتنقلات ومقابلات يجريها الرئيس
نفسه.. وهو ما أعطي النائب الكثير من المعلومات
التي تعينه علي مواجهة خصومه في
الوقت المناسب.. والدليل علي ذلك ما
جري بينه وبين منصور حسن في
الشهور الأخيرة لحكم السادات.
لقد ظهر منصور حسن علي سطح
الأحداث فجأة بتزكية من وزير
الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر..
فصعد نجمه إلي سابع سماء إلي حد
ترشيحه رئيسا قادما لمصر خلفا
للسادات.. لكن.. السادات ترك له
مسئولية الثقافة والإعلام.. طالبا منه
تحجيم الصحفيين بتحويل نقابتهم
إلي نادٍ.. كما هو الحال في الولايات
المتحدة.
علي أنه لم يستطع تنفيذ ذلك..
فاختاره السادات وزيرا لشئون الرئاسة.. بصلاحيات
تفوق صلاحيات النائب.. فبدأ الصراع الخفي
والعلني بينهما.. وكاد مبارك أن يبتعد عن الساحة..
مفضلا الاستقالة.. متمنياً تحقيق رغبته القديمة في
أن يكون سفيرا في لندن يقضي فيها سنوات من
عمره مستريحا.. لكن.. السادات سانده في موقفه
ورد إليه اعتباره وسلطاته.. وجاء حادث المنصة
ليجهز علي ما تبقي من قوة منصور حسن الذي
فضل الصمت سنوات طويلة.. وقد فشلت وقتها في
إقناعه بالكلام ونحن نجلس في شقته المطلة علي نيل
الزمالك.
ومؤخرا عاد فجأة أيضا ليعارض النظام في أيامه
الأخيرة.. وربما وجد نفسه مرشحا لمنصب الرئيس
القادم منافسا لعمرو موسي وكمال الجنزوري ومحمد
البرادعي وغيرهم ممن لم يكشفوا عن أنفسهم بعد.
وبعد أن تولي مبارك السلطة قدم زكريا عزمي
كشفا بأسماء 40 شخصية تعمل في قصر عابدين
ضمن الهيكل الإداري للرئاسة وتجاوزوا سن المعاش
فلم يجدد الرئيس الجديد لها.. فقفز زكريا عزمي
في سلم الترقي ليكون الرجل الثالث في أهم مؤسسة
سيادية في مصر.
بخروج حسن كامل من الخدمة تغير منصبه من
رئيس الديوان إلي أمين عام الرئاسة.. وهو اللقب
الذي حمله من بعده محمود عبد الناصر وعز الدين
مختار ورءوف أسعد الذي أصبح زكريا عزمي
مشرفا علي مكتبه قبل أن يجلس علي مقعده..
والحقيقة أن رءوف أسعد لم يكن متحمسا لعمله
إلي حد أنه ذهب إلي بيته قبل خروجه إلي المعاش
بأربعة أشهر.. وهو ما أتاح لزكريا عزمي أن
يسيطر علي الرئاسة مبكرا.
في عام 1986 عين زكريا عزمي أمينا عاما
مساعدا.. وفي عام 1990 أصبح
الرجل الأول في الرئاسة.. وخلال
اجتماعات ما سمي بالاتحاد الرباعي
العربي ( الذي ضم مصر والعراق
واليمن والأردن ) قال زكريا عزمي
لمبارك شاكيا: " إن كل من يماثلونه
في هذه الدول يحملون لقب رئيس
ديوان بينما هو أمين عام مما يشعره
بأنه أقل منهم ".. فوافق مبارك علي
تسميته برئيس ديوان رئيس
الجمهورية وعاد اللقب من جديد بعد
إلغائه.
وعادة ما يجدد لموظفي الرئاسة
بعد المعاش سنة بسنة.. ولكن.. زكريا
عزمي نجح في إقناع مبارك بتعديل
القانون ليصبح في منصبه مدي الحياة.. وعرف هذا
القانون الذي اقره مجلس الشعب في دقائق بقانون
زكريا عزمي.. وبناء عليه يكون قد عين بقرار
جمهوري.. ولا يرحل إلا بقرار جمهوري.. بينما
شخصيات لا تقل قربا من مبارك مثل رئيس طاقم
سكرتاريته جمال عبد العزيز يقوم بعمله بعد المعاش
بعقد يجدد له كل ستة أشهر.. وقد قدم استقالته
مؤخرا.
10
ولاشك أن زكريا عزمي يتمتع بذكاء حاد وقدرات
خاصة ودأب علي مواصلة العمل جعلته قويا في
منصبه.. بجانب إصراره علي التخلص من كل من لا
ينطوي تحت جناحه.. لتدين شلته في الرئاسة له
وحده.. ولكن.. ذلك لم يكن ليكفي.. فقد تقرب
شخصيا من عائلة الرئيس وأصبح مسئولا ماليا في
الحزب الوطني وفي جمعيتي المستقبل والرعاية
المتكاملة.. وتحمس ليلعب دورا مباشرا في خطة
التوريث ليظل في السلطة حتي آخر نفس.. بجانب
بطولته لمسرحيات المعارضة الوهمية تحت قبة مجلس
الشعب.. وكأنه يلعب دورين في فيلم واحد.. ونظام
واحد.
وقد ارتبط بعلاقة قوية بالمقاول المعروف وجدي
كرارة الذي اشتهر ببناء عمارات متميزة في مصر
الجديدة.. وأصبح مالكا لشقق فيها.. ووجدي
كرارة ضابط أمن دولة سابق عرف العامة اسمه بعد
قضية البوشي الذي استولي منه علي عشرة ملايين
دولار قبل أن يهرب إلي دبي ويعلن إفلاسه.. وفشل
وجدي كرارة في استردادها قبل أن يرحل عن الدنيا.
وحدث أن أصدر كمال الجنزوري
وهو رئيس حكومة قرارا يمنع هدم
الفيللات وبناء عمارات علي أرضها..
ولكن.. قبل إعلان القرار بيوم واحد
كانت صورة منه عند وجدي كرارة..
فسارع بهدم أربع فيللات ( اشتراها
في مصر الجديدة ) في ليلة واحدة
خرجت منها ناطحات سحاب فيما
بعد.. ولو فحصت سجلات ملاكها
سنجد أسماء عديدة من المسئولين في
رئاسة الجمهورية وغيرها يسكنونها.
أكثر من ذلك خصص إبراهيم
سليمان الصديق الشخصي المقرب
لزكريا عزمي لوجدي كرارة 200
فدان في القاهرة الجديدة يتجاوز
سعرها الآن ثلاثة مليارات جنيه.
وحدث أن اشتري شخص يدعي عاطف سلام أرضا
في منطقة واقعة بالقرب من المطار والكلية الحربية
ونادي الشمس (تسمي أرض المثلث) وحصل علي
ترخيص ببنائها فندقا وتجمعا سكنيا.. لكن..
محافظ القاهرة وقتها عبد الرحيم شحاتة اعترض
قائلا: " إن المشروع لن ينفذ إلا بموافقة زكريا عزمي
".. ويبدو أنه عرف ذلك من ابن عمه عصام شحاتة
مساعد زكريا عزمي.. وقال عاطف سلام فيما بعد
إنه وجد من يتصل به ويطلب منه 35 مليون جنيه
ليأخذ إشارة البدء في تنفيذ المشروع.. لكنه.. لم
يذكر اسم من اتصل به.. ولا من سيحصل علي هذه
الملايين؟.
وسبق أن أشتري مجدي يعقوب قطعة أرض في
الغردقة واستخرج ترخيصا لبناء فندق عليها وتعاقد
مع المقاولين العرب للتنفيذ.. لكن.. فجأة توقف
المشروع.. وأرسل محافظ البحر الأحمر الأسبق سعد
أبوريدة خطابا لزكريا عزمي يسأله الموافقة هل
يستمر المشروع أم يوقفه؟.. وحتي الآن لم يرد..
وبقي المشروع أنقاضا لو بيعت فإن مجدي يعقوب
يسدد ما تبقي من ديون عليه بعدما قضي لأسباب
شخصية تسبق الأسباب الموضوعية سنوات في
السجن.. إنها الأمور الخفية والشخصية التي حكمت
رجال رئاسة الجمهورية.
وهناك شخصية أخري مقربة من مبارك تدخلت
لتضييق مساحة شاطئ فندق فورسيزونز شرم
الشيخ ودفعت بواحد من رجالها لشراء الأرض
المجاورة بمبلغ 700 ألف جنيه فأضطرت الشركة
المالكة للفندق أن تقنعه بالتنازل عنها ودفعت 77
مليون جنيه ذهبت مباشرة لرجل الرئيس الذي لم
يخرج إلي النور وإن كان زملاؤه يعرفونه جيدا.
وسبق أن شاركت زوجة جمال عبد العزيز رجل
الأعمال أحمد بهجت في مشروع دريم لاند واستغل
رئيس السكرتارية مبارك للترويج للمشروع بركوب
عربة جولف علي مساحة خضراء بسطت في
ساعات.. وراحت كاميرات الصحف والتليفزيون
تصور.. ولم يكن من الصعب أن يدعم البنك الأهلي
المشروع بشراء نسبة منه ومنحه قروضا بقيت في
رقبة أحمد بهجت وحده بعدما خرجت زوجة جمال
عبد العزيز منه فائزة بنصيب وافر من المكسب. كما
أن زوجة جمال عبد العزيز دخلت في استثمار في
قرية العبد بالساحل الشمالي ضاعف من قوة
صاحبها مدحت العبد فراح يبني فيللات إضافية
داخل حرم البحر المحرم والمجرم قانونا.. وبعد طول
صبر نجح الملاك المتضررون في الحصول علي حكم
قضائي بهدم الفيللات المخالفة وحبس صاحب
القرية.. ولكن.. الحكم لم ينفذ حتي الآن.
ودخل أشرف هريدي زوج ابنة جمال عبد العزيز
إلي بيزنس الإعلانات والإنتاج التليفزيوني مشاركا
لعمرو عفيقي في شركة برموموترز التي أخذت بقوة
السلطة حفلات ومعارض حكومية دون مزايدة..
وشارك نجيب ساويرس في الشركة ليفتح خطا مع
جمال عبدالعزيز.. لكن.. أشرف هريدي سرعان ما
خرج من الشركة فائزا بملايين لم يكن يحلم بها..
تاركا عمرو عفيفي غارقا في الديون.. مهددا
بالسجن في قضايا شيكات بدون رصيد.
11
وقد تحالف زكريا عزمي وجمال عبد العزيز
ليشكلا حائط صد يمنع سيطرة أحد علي الرئيس
سواهما.. وتعد قصة التخلص من مصطفي الفقي
نموذجا واضحا علي ذلك.
إن مصطفي الفقي يتمتع بذكاء وثقافة ولباقة
وعلاقات واتصالات بجميع الشخصيات المؤثرة في
المجتمع بجانب أنه شديد الجاذبية للجنس اللطيف
وهو ماضاعف من غيرة من حوله.
لكن.. مشكلته أنه لا تبل في فمه فولة علي حد
قوله.. ولم يكن يحافظ علي ما يعرف من حكايات
وأحداث وقعت في الدائرة الرئاسية.. فكانت تعرف
طريقها لخارج الدائرة الضيقة عبر سهراته..
وأصحابه.. وهو ما أزعج مبارك منه فطلب من
رئيس الرقابة الإدارية أحمد عبدالرحمن وضع
تليفونه تحت المراقبة.. نوعا من الاختبار.. وسرب له
خبرا عن تعيين ممدوح البلتاجي سفيرا لمصر في
فرنسا.. ليعرفوا هل سيحفظ السر أم سيسارع
بإبلاغه الخبر.. ولم تمض سوي دقائق معدودة حتي
رسب مصطفي الفقي في الامتحان.
وسجلت له مكالمة أخري مع نجمة سينمائية شهيرة
راح يحدثها عن رحلة الرئيس القادمة بعد أيام في
أفريقيا.. وهو ما أزعج الرئيس الحريص علي أمنه..
وشهدت شخصيات أخري جلست أمامه مكالماته
التليفونية مع مبارك.. واستغل زكريا عزمي وجمال
عبد العزيز كل هذه الثغرات للإطاحة به.
12
ويسهل للمقربين من كواليس الرئاسة معرفة خبايا
العلاقات الغرامية لعدد من الشخصيات المعروفة
فيها.. إن هذه الشخصيات تستغل سفريات الرئيس
في اختيار غرف بعيدة مستقلة عن باقي غرف الوفد
الرسمي كي تتصرف بحريتها.. فتأتي إليها مذيعات
أو مضيفات ويدخلن غرفهم في
الساعة الحادية عشرة ليلا ويخرجن
في الثالثة فجرا.. وهو ما كان يثير
استياء الحراسة.. لكن.. لا أحد كان
يقدر علي أن يفتح فمه وإلا شُرّد هو
وعائلته.
وقد رفضت إعلاميات في الصحافة
والتليفزيون الاستسلام لمثل هذه
النزوات فكان مصيرهن الطرد من
جنة تغطية الأخبار الرسمية للرئيس
أو زوجته وحرمانهن من السفريات
الخارجية.
وحدث أن أغري رجل قريب من
الرئيس زوجة صديقه الذي يعمل في
السياحة دون أن يعرف.. وذات يوم
أرسل الصديق موظفا في شركته إلي البيت في أمر
ما.. فوجد القريب من الرئيس هناك.. وفور أن
عرف صاحب الشركة الخبر أمسك بطبنجته وسارع
للإلحاق به كي يقتله.. لولا أنه كان قد هرب.. ولنا
أن نتخيل مدي الفضيحة لو وقعت جريمة القتل من
أجل الشرف.. كيف ستكون صورة مؤسسة الرئاسة
التي تدير البلاد بهذا العفن الأخلاقي؟.
وحسب معلوماتي فإن مبارك كان يهوي سماع مثل
هذه الفضائح بجانب النكات المسلية.. وكانت هذه
الوسائل طريقا سهلا للسيطرة عليه بدعوي الترويح
عنه وإبعاده عن نكد التقارير المزعجة.
وقد طلقت المرأة الخائنة من زوجها لتدخل في
عصمة رجل آخر عرفيا.. لكنها بقيت علي علاقتها
بالعشيق الرئاسي الذي سلمها لزميل وصديق له لم
يتردد في أن يستغل نفوذه في سجن الزوج الثاني
مستثمرا خطأ وقع فيه.
والعشيق الرئاسي الثاني معروف بتعدد علاقاته
وشوهد في مطعم بالساحل الشمالي يتبادل الرسائل
التليفونية بينه وبين سيدة عرفت بعلاقاتها القوية
برجال السلطة وكانت بطلة فضيحة شهيرة.. وعندما
قامت لدخول الحمام قام وراءها.
وتصادف وجود صحفي معروف فجر فضيحتها
فأرسلت إلي صديقها المهم رسالة تقول: " خللي بالك
البعبع هنا ".. لكنه.. رد عليها برسالة مهددة قال
فيها: " ولا يهمك أنا ممكن اعتقله ".
ولجأت إليه مطربة شابة كي يطلقها من زوجها وبعد
أن دفعت الثمن خلعت في أيام قليلة منه.
ولا تخلو قصة حسام أبوالفتوح من صراع حول
امرأة ما بينه وبين نفس الشخصية الرئاسية.. وكانت
مشكلة رجل الثروة أنه أكثر جاذبية من رجل السلطة..
فصدرت أوامر مباشرة بتدبير فضيحة له.. فادعوا
أنهم أمسكوا بلص في المعادي يحمل
زجاجة خمر غالية الثمن.. فطلبوا اذنا
من النيابة كي يدخلوا الفيللا المغلقة
ليكتشفوا فيها أسلحة وخمور بدون
جمارك وشرائط جنسية جري تسريبها
لتكون حديث النميمة في المجتمع.
ويعرف الدكتور زكريا عزمي بحكم
سيطرته علي كل صغيرة وكبيرة في
منصبه مثل هذه الحكايات وأكثر..
يعرف ابطالها وتفاصيلها.. فقد كان
واحدا من حكام مصر الأقوياء الذين لا
ترد لهم كلمة.. يأتي بوزراء.. ويذهب
بغيرهم.. يعين رؤساء تحرير.. ويحرم
من المنصب غيرهم.. فعندما يغلق
الحاكم أذنيه وعينيه.. فلا يسمع ولا
يري ولا يقرأ.. يصبح رجاله أفيالا تدوس الأخضر
واليابس.. وعندما يستشري القهر والظلم والتعسف
إلي الحد الذي لا يقدر عليه بشر فإن الله يجب أن
يتدخل لهدم النظام علي رأس أصحابه.. وهو ما
كان.
- خطة مبارك لتوريث جمال الحكم في مايو القادم
- محافظ القاهرة يرفض تنفيذ رخصة منتجع مثلث المطار إلا بتليفون من زكريا عزمي وكان المطلوب 35 مليون جنيه
- زوجة جمال عبد العزيز شاركت أحمد بهجت في دريم لاند والبنك الأهلي سارع بالتمويل ودخلت في استثمار مع
مدحت العبد في الساحل الشمالي جعله يبني علي حرم البحر - تخصيص أرض بشاطئ ضيق لبناء فورسيزونز شرم
الشيخ ليدفع هشام طلعت مصطفي فيها 77 مليون جنيه حصل عليها سرًا موظف كبير في القصر الجمهوري
- أحد المقربين من الرئيس نجا بأعجوبة من القتل بالرصاص بعدما ضبط مع زوجة صديقه وآخر يدخل زوجها الثاني السجن كي ترتمي في حضنه
- سعد أبوريدة لمجدي يعقوب: هات لي موافقة رئيس الديوان وأنا أسيبك تكمل بناء فندقك في الغردقة
- وضعوا تليفون مصطفي الفقي تحت المراقبة ليختبروا مدي كتمانه للأسرار قبل أن يطيحوا به من سكرتارية المعلومات لكنه فشل في الاختبار
- مذيعات يقضين ليالي حمراء في غرف مسئولين في الرئاسة في السفريات الخارجية تحت عيون الحراسة ومذيعات اضطهدن وطردن لرفضهن الاستجابة
أسرار مبارك في
شرم الشيخ:
- استرد صحته بإشراف طبي من الدكتورين محمد علي الديب وماهر جويش - سنترال الرئاسة يوصل المكالمات إليه والبابا شنودة ونتانياهو والملك عبدالله اتصلوا به وصفوت
الشريف وزكريا عزمي زاراه في منتجعه - إسرائيل تلتقط مكالمة له يقول فيها: «إنه لم يتنح » والنشرة الرسمية للقوانين والقرارات خالية من قرار موقع منه بالتنحي - جمال
يكلم نفسه ويفكر في السفر إلي لندن وعلاء يريد العودة إلي القاهرة بسبب مدرسة ابنه عمر - سوزان مبارك لصديقتها «مدام زد»: الناس بتتكلم وحتتكلم ومن حقها تتكلم
1
لم يكذب مبارك عندما قال: " إنه لم يكن ينتوي ترشيح
نفسه " مرة أخري.. فقد استقر رأيه علي أن يبقي في
السلطة إلي منتصف شهر مايو المقبل.. ثم يفاجئ المصريين
بأنه سيعتزل الحكم.. بسبب طول بقائه فيه.. وزهقه منه..
بجانب متاعبه الصحية التي لم تعد خافية.. علي أن يفتح
باب الترشيح للانتخابات الرئاسية في الشهر التالي.. وبعد
ستين يوما يجري التصويت علي رئيس المستقبل.
هذه هي الطبعة الأخيرة من خطة التوريث التي كشفها لنا
شاهد عيان.. مقرب من مبارك وعائلته.. ويعرف بحكم
تواجده في الدائرة العليا الضيقة كل ما يحدث مهما كانت
سريته ودقته وحساسيته.
وحسب ما كان مخططا فإن الحزب الوطني سيسارع فور ــ
إعلان مبارك تقاعده ــ باختيار جمال مبارك مرشحا للرئاسة
تحت رعايته.. وخلفا له.. ضامنا التفوق علي منافسيه من
المرشحين الذين أفرزتهم عمدا وقهرا وتزويرا انتخابات
مجلس الشعب الأخيرة.. وهم يمثلون شخصيات ضعيفة..
وأحزاب هزيلة.. سيسحقها الوريث دون معاناة.. وإن كانت
ضرورية لاستكمال الديكور السياسي الوهمي للمسرحية
السخيفة التي جعلت من الديمقراطية مايوهاً من قطعة
واحدة يمتلكها الحزب الحاكم.
كان مقررا أن يكون موعد تنفيذ الخطة في منتصف العام
القادم.. بعد شهور قليلة من فوز مبارك في الانتخابات
الرئاسية.. وفور أن يهدأ الغضب المتوقع من تمديد السلطة..
لكن.. كان هناك من خشي تدخل القدر ليفسد الخطة.. فلم
يكن هناك مفر من التعجيل بالتنفيذ مبكراً سنة كاملة.
والمعروف أن مبارك أبلغ ديفيد وولش السفير الأمريكي
السابق في القاهرة ومبعوث أوباما إليه بعد ثورة 25 يناير
قبوله عدم ترشيح نفسه.. لكنه.. أصر علي ترشيح ابنه..
وهو ما جعل مبارك يحتفظ برئاسة الحزب الوطني.. وابنه
يظل عضوا في الهيئة العليا وهو ما يعطيه الحق في دخول
السباق الرئاسي حتي الآن.
كانت الخطة العاجلة ستبدأ في شهر مارس القادم بدعاية
مكثفة من رؤساء تحرير الصحف الحكومية بعد استدعاء
عاجل لبعضهم.. بجانب القنوات التليفزيونية الرسمية..
يضاف إليها قنوات خاصة.. تحمس أصحابها للمشاركة في
اللعبة.. عربون إخلاص للوريث.. سيرده بالقطع مضاعفا
بعدما يصبح الرئيس.
وتقرر تكليف غالبية رجال الأعمال المنتمين للجنة
السياسات بحشد عمالهم وموظفيهم لضمان التصويت
لصالحه وكانت هناك أجندة مرتبة بأسمائهم وعدد المصوتين
في منشآتهم.
وتحفز وزير الداخلية حبيب العادلي لتقديم ضمانات
السيطرة علي المظاهرات المعارضة.. الرافضة.. واعتقال
النشطاء قبل موعد التصويت بوقت مناسب.. قائلا: " إنه بما
سيفعل سيدخل التاريخ ".
كان كل شيء محكما.. تحت السيطرة.. بما في ذلك
تصورهم أن الشعب مات.. ودفن.. ولن تقوم له قيامة..
وفشلت أصوات عاقلة في إقناعهم بأن الأمر لن يقبل في
الخارج قبل الداخل بيسر كما يتخيلون.. ويتصرفون.. فجري
إبعاد أصحابها من مناصبهم.. ولفقت لهم قضايا أضيفت
إلي رصيد النظام الهائل من الظلم والتعسف اللذين احتاجا
إلي تدخل الله سبحانه وتعالي كي يعيد ميزان العدل إلي
توازنه.
2
وأستطيع الآن أن أكشف سرا يزيد عمره علي خمس
سنوات.. في ذلك الوقت كانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة
علي الأبواب.. وكان مبارك مستعدا أن يتنازل عن فرصته في
الترشح لابنه.. لكنه.. لم يكن متأكدا من أن يقبله الشعب
بسهولة.. فاتصل بشخصيات مختلفة ليستنير برأيها.. كنت
واحدا منها.
وكما في الأفلام السياسية الأمريكية فضل مبعوث الرئيس
أن نتكلم ونحن نتمشي في نادٍ مفتوح.. أو ونحن نجلس علي
الرصيف.. أو ونحن نقف وسط الشباب في مقهي مزدحم
يتفجر صخبا.. ووضعت تليفوناتنا المحمولة بعيدا.. كي لا
تتحول إلي أجهزة تنصت ترسل ما نقول إلي جهات المتابعة
والمراقبة علي الهواء مباشرة.. وهي جهات كانت ترسل
تقاريرها علي الفور إلي مكتب جمال مبارك في رئاسة
الجمهورية.
وقد صدمت عندما سمعت برغبة مبارك في ترشيح ابنه
بدلا منه.. ولولا احترامي لرسوله لرفعت صوتي غاضبا..
لكن.. هدوئي لم يمنع حدتي وصراحتي في الرد علي رسالة
الرئيس.
كان رأيي أن التوريث لو حدث فإنه لن يقضي علي جمال
وحده وإنما علي أبيه أيضا.. وسيهدد البلاد بفوضي مفاجئة
يصعب مواجهتها.. فالناس علي آخرها.. وتنتظر قشة
لتنفجر.
وقلت: إن المؤسسة العسكرية تحترم الرئيس وتعتبره ابنا
لها.. لكنها.. لن تقبل بولده مهما كانت ثقتها في الأب.
وكما علمت فيما بعد فإن تسعين في المائة ممن سئلوا
اتفقوا ــ دون تردد ــ علي هذه الإجابة.
وما يلفت النظر أن قادة سابقين في المؤسسة العسكرية
ظلوا علي رفضهم لتوريث جمال مبارك.. ولو صدق ما
نشرته صحيفة نيويورك تايمز في أكتوبر الماضي فإنهم وقعوا
علي بيان رفعوه إلي مبارك أصروا فيه علي تسجيل
موقفهم.. كما طالبوا بإقالة حكومة البيزنس.. والبحث عن
حكومة بديلة تغير من السياسة الاقتصادية المعادية لمصلحة
السواد الأعظم من الشعب المصري.
وفيما بعد كشفت وثائق ويكليكس أن رفض التوريث امتد
من قادة سابقين إلي قادة حاليين.
3
وأغلب الظن أن فرقة التوريث أجلت تنفيذ الخطة حتي
تتحين فرصة مناسبة فيما بعد.. ولكنها شعرت بالقلق من
مرض الرئيس الأخير الخطير في البنكرياس.. وخشيت أن
تأتي السماء بقرار لا يرضيها.. فراحت تضغط عليه كي
يبكر بساعة الصفر.. ونجحت في إقناعه.. علي أن مشيئة
الله التي ابقت علي حياته هي نفسها التي أطاحت به..
وقضت علي الخطة تماما.
وفرقة التوريث بدأت بأسامة الباز وزكريا عزمي.. ثم
انضم إليهما إبراهيم كامل وأحمد عز.. وبمرور الوقت راحت
الفرقة تكبر لتضم شخصيات أخري ارتبطت بها وانتمت
إليها.. بحكم المنصب أو بقوة المصلحة.. مثل أنس الفقي
ورشيد محمد رشيد وأحمد المغربي من آخر حكومة سابقة..
وعلي أطرافها انتظرت جماعات من مديري البنوك والغرف
التجارية والصندوق الاجتماعي إطلاق صافرة البدء كي
تتحرك لتنفيذ مهامها.
لقد استغلت الخمس سنوات الماضية في وضع الترتيبات
والتربيطات والتغييرات والتعيينات التي تجهز المسرح
لاستقبال جمال مبارك.
ولعب نبيل العلقمي وأسامة الغزالي حرب ( قبل التغيير )
دور المعلم لجمال مبارك.. وراحا يلخصان له دروس التاريخ..
ويطلعانه علي متاعب الجغرافيا.. لتأهيله للحكم.. لكنه.. لم
يكن يهتم بخبرتهما.. فقد وجد نفسه يحكم بالفعل.. دون
ترشيح أو تصويت.. الوزراء ينتظرون تعليماته.. الحزبيون
يتمنون رضاءه.. الإعلاميون يمشون وراءه.. وهو ما أصابه
بالغرور.. والتعالي.. وسماع صوت نفسه وحدها.. ومع ميل
مكثف للغضب والعصبية.. وطبيعة شخصية يصعب التفاعل
معها.. تضاعف النفور منه.. وهو ما جعلني أقول فيما بعد ــ
علي شاشات فضائيات مختلفة ــ إن الثورة التي تحققت
أنقذتنا من أسوأ شخص يمكن أن يحكم مصر.. ومهما كانت
تكلفة الثورة فإنها لا تساوي مشقة يوم من أيامه التي نحمد
الله علي أنها لم تأت.
يقول زميله في الجامعة الأمريكية رجل الأعمال زياد علي:
" إنه ذكي ومحب للمذاكرة وتميز في عمله المصرفي لكن كنا
ننظر إليه علي أنه شخصية متكبرة.. تفتقد كاريزما رجل
السياسة ".
وربما لا يعرف الكثيرون أن المنصب الرسمي الوحيد
لجمال مبارك هو عضو مجلس إدارة البنك العربي الإفريقي.
4
ووصل تدخل جمال مبارك في تفاصيل الحكم حدا لم
يصل إليه من قبل مبارك نفسه.. إن الدليل علي ذلك
مسلسل " الجماعة " الذي أثار جدلا هائلا داخل العائلة
الرئاسية وما حولها.. انقسمت الآراء حوله بين مجموعة تري
أنه يخلق تعاطفا شعبيا مع الإخوان المسلمين ويمجد
مرشدهم الأول حسن البنا.. ومجموعة أخري تصر علي أن
الحلقات الأخيرة تأتي بلكمات قوية تصرع الجماعة بالضربة
القاضية.. وأمام هذا الصراع بدأ أنس الفقي يشاهد ما لم
يعرض من حلقات المسلسل.. لقطة لقطة.. وحذفت منه أربع
حلقات.
5
وما يمكن كشفه الآن أيضا أن الولايات المتحدة وضعت
النظام المصري في اختبار سياسي بدا سهلا.. طلبت منه
خنق فرص الإخوان في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة
دون تزوير كي يثبت أن شعبيته تفوق تأثيرهم.. ولكنه.. سارع
باعتقالهم والبطش بهم وضرب الأصوات في دوائرهم.. وهو
ما اعتبره البيت الأبيض فشلا في الاختبار.. وضع بعده خطا
بالأحمر حول مستقبل مرشحي الحزب في الحكم.
كان وجود مبارك إلي جانب جمال في المعركة الانتخابية
يسهل وصوله إلي السلطة التي بدت مثل شجرة محرمة ما
أن اقترب منها حتي طرد من الجنة.. فكان رد فعله منفلتا
ووالده يقبل بالتنحي.. وبخروجه من القصر الرئاسي وصلت
حالته النفسية والعصبية إلي حد الاهتزاز.. ولا يزال لا
يصدق ما جري.. ونقل عن مقربين من عائلته انه كثيرا ما
يكلم نفسه.. ويتشاجر معها.
أما مبارك فيخضع لفحص صحي مرتين في اليوم يقوم به
رئيس الفريق الطبي الدكتور محمد علي الديب وهو
أخصائي بطن وقلب.. ويساعده الرجل الثاني في الفريق
الدكتور ماهر جاويش وهو من نفس التخصص.. والمعروف
أن البنكرياس ــ الذي جرت جراحة ألمانيا فيه ــ هو المسئول
عن إفراز الأنسولين الذي ينظم حرق السكر في الدم ولو لم
يراقب بدقة فإنه يسبب غيبوبة يمكن مع تقدم السن تنتهي
بالوفاة.
وقد استرد مبارك صحته بعدما تجاوز صدمة ما حدث..
وعادت شهيته للطعام.. وتضاعفت الساعات التي يقضيها
في المكالمات التليفونية التي تأتيه من شخصيات أجنبية مثل
ملك السعودية عبد الله بن عبدالعزيز ورئيس وزراء إسرائيل
بنيامين نتانياهو.. وبعض هذه المكالمات تصل إليه عبر
سنترال الرئاسة.. وكأنه لا يزال رئيسا حاكما.. ويرسل
أسامة سرايا إليه التقارير الصحفية.. كما أن صفوت
الشريف وزكريا عزمي شوهدا يهبطان مطار شرم الشيخ.
ولو كان جمال يخطط للإقامة في الخارج فإن كل ما
يتمناه علاء أن ينزل من شرم الشيخ ليتابع ابنه عمر دراسته
في القاهرة.
لكن.. ما هو أخطر.. أن أجهزة تنصت إسرائيلية
التقطت مكالمة لمبارك مع الملك عبد الله يقول له فيها: "
إنه لم يتنح ".. كما أن مراجعة نشرة القوانين والقرارات
الرسمية تكشف لنا عن مفاجأة من العيار الثقيل.. أنه لم
يوقع قرارا بالتنحي.. مكتفيا ببيان عمر سليمان الذي قال
فيه: " إن الرئيس تخلي عن منصبه ".. فهل لا يزال
مبارك رئيسا؟
إن هناك فرقا دستوريا علي ما يبدو بين التخلي والتنحي
وهو ما نشر قلقا هائلا بين ملايين المصريين علي رأسهم
الشباب الذي قام بالثورة.
وما يؤكد تلك الأنباء تأخر مصر بتقديم طلب رسمي
لتجميد أرصدة مبارك أو باقي أفراد عائلته.
6
وفي الثورات ما يعرف بالثورات المضادة.. فقد
نجحت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في إعادة
شاه إيران محمد رضا بهلوي إلي عرشه رغم إبعاده
عن البلاد وبقائه شهورا في إيطاليا.. وما أن استرد
سلطانه حتي عبر عن امتنانه للمسئول في الوكالة
عن الشرق الأوسط كيرميت روزفلت قائلا: " إنني
مدين بعرشي إلي الله ثم إلي شعبي ثم إليك "..
وكان صائبا في الجزء الأخير فقط.. حسب تعليق
عن الثورة المضادة وضع علي شبكة الإنترنت.
وحسب التقرير نفسه فإن باشوات العهد الملكي
تجمعوا معا مستغلين العدوان الثلاثي علي ثورة يوليو
ليقوموا بحركة مضادة فاتصلوا بالسفارة البريطانية
وعرضوا أنفسهم بديلا عن حكم جمال عبدالناصر.
ولو لم يعد مبارك ــ الذي لم يتنازل عن رئاسته
للحزب الوطني ــ فإن هناك بالقطع من لم يفقد
الأمل في أن تأتي الظروف بابنه الذي لا يزال عضوا
في الهيئة العليا للحزب.. ولو انعدمت فرصته أيضا
فإن رموز النظام في غالبية المؤسسات لابد وأن
تسعي للبقاء تمهيدا للانتقام.
ويرصد التقرير محاور ترسم
ببراعة خطة الثورة المضادة لثورة 25
يناير:
(1) الترويج لمقولة عفا الله عما
سلف.. لنفتح صفحة جديدة.. وننسي
ما فات.. وهي مقولة ظاهرها الرحمة
وباطنها العذاب.. فمن سرق شعبا
يجب أن يحاسب.. ومن قتل شهيدا
يجب أن يدفع الثمن.. مهما كان
حجمه وثقله.
(2) إثارة التعاطف مع مبارك بما
قيل عن رغبته في البقاء في مصر
حتي الممات ليدفن إلي جانب حفيده..
بجانب أخبار مشابهة تنفي الحقيقة
التي يعيشها في شرم الشيخ.. حيث يمارس كثيرا من
صلاحياته الرئاسية.
(3) تشويه صورة الثوار باتهام رموزهم بالعمالة
والماسونية وربما فبركت فيديوهات عارية لهم.
(4) القفز علي الثورة وركوب موجتها من جماعات
لم تشارك فيها إلا بعدما ضمنت نجاحها.
(5) إفساد العلاقة بين الثورة والمؤسسة العسكرية
بالقول بأن هناك معتقلين ممن شاركوا في الثورة
وهو قول غير صحيح حتي الآن.
(6) العودة إلي الحكم بعباءة جديدة من خلال دعوة قياديين سابقين في الحزب الوطني إلي
تشكيل حزب جديد باسم جديد ولكن برموزه
القديمة.
7
علي أن سوزان مبارك لا تزال الأكثر تماسكا.. فقد
أرسلت فاكسا بخط يدها من منتجع مرتيم الجولف
الذي يقيمون فيه بشرم الشيخ إلي جمعيتها الأهلية
تكذب فيه ما نشرته صحيفة «الأخبار» عن استيلاء
رجل الأعمال منير غبور علي الحديقة التي تحمل
اسمها وتلاصق منتجع وفندق الميراج الذي يملكه
منير غبور.
كان زكريا عزمي بصفته سكرتير الجمعية قد دعا
مجلس إدارتها إلي اجتماع طارئ يوم الثلاثاء
الماضي.. لكن.. المجلس لم يجتمع إلا في اليوم
التالي.. وكانت الصدمة أن بعضا من الأعضاء طلبوا
رفع اسم سوزان مبارك من الجمعية.. وكانت حجتهم
أن 6 أعضاء من 13 عضواً في جمعية المستقبل
وضعوا تحت التحفظ منهم أحمد المغربي ورشيد
محمد رشيد وجمال مبارك نفسه.. كما أن أمين عام
جمعية المستقبل عبدالسلام الأنور
(بنكير يدير مصرف إتش إس بي
سي) جمد حساباتها في البنوك
المختلفة.
والحديقة فكرة استثمارية سعت
الجمعية إلي تبنيها كي تحصل علي
عائد مناسب يساهم في تنفيذ
مشروعاتها التي تعيش علي
التبرعات.. مثل مشروع " المائة
مدرسة ".. والحديقة مقامة علي 65
فداناً وكان مقرراً افتتاحها قبل نهاية
العام الحالي.
وتشاء المصادفة أن تكون آخر زيارة
لسوزان مبارك للحديقة يوم 25
يناير.. حيث عقدت اجتماعا بصفتها
رئيسة الجمعية قالت فيه: " إن الحديقة هدية
للأسرة المصرية ".. ويضم مجلس الإدارة 125
شخصية مؤثرة في الحكومة والمجتمع مثل وزير
الصحة الأسبق إسماعيل سلام وزوجته الدكتورة
وفية أحمد حمدي وسيدة المجتمع زينات الكموني
وصديقتها آمال أبو الفتوح وفاطمة عبد الوهاب
صالح التي ساعدتها في تحضير رسالة الدكتوراة
ومنير ثابت ورجال الأعمال منير غبور وزوجته ميما
ولويس بشارة ومنصور عامر ومحمد شوقي يونس
الصديق المقرب من زكريا عزمي وإبراهيم المعلم
علي إدارة الحديقة شركة بروفن الأمريكية وهي
الشركة نفسها المسئولة عن إدارة مشروعي فيراري
وجزيرة ياس في ابو ظبي.
ويساهم في التمويل شركات من وزارة البترول
ورجال أعمال أعضاء في مجلس إدارة الجمعية..
بجانب أموال من الصندوق الاجتماعي خصصت
للحديقة ولمشروع المائة مدرسة ولمشروع الالف قرية
الذي تنفذه جمعية المستقبل.. وهو ما يجب التوقف
عنده وفتح ملفاته ومعرفة خباياه.
لقد أنشئ الصندوق الاجتماعي عام 1992 لتمويل
المشروعات الصغيرة للشباب بميزانية تصل إلي
أربعة مليارات جنيه تمول من قروض ومنح أجنبية..
وتولي رئاسته في البداية حسين الجمال.. لكنه..
استبعد بعد تعيين عاطف عبيد رئيسا للحكومة..
وجاء بشاب مصرفي من جماعة جمال مبارك هو
هاني سيف النصر لا يتردد في أن يفتح خزائنه
لمشروعات العائلة المالكة علي حساب مشروعات
الشباب.. وسلم مؤخرا خمسة ملايين جنيه لواحدة
منها.. ضاربا عرض الحائط بالأجهزة الرقابية التي
شلت يدها.. ورقابة الدول المانحة التي جري
تضليلها.
8
وتحدثت سوزان مبارك مع إحدي صديقاتها (
مدام زد ) وهي عضو في الجمعية قائلة: " أنتم
المستقبل ونحن الماضي ".. وأضافت: " الناس
بتتكلم.. وحتتكلم.. ومن حقها تتكلم ".. في اعتراف
لا يخلو من تواضع متأخر.. جاء بعد فوات الآوان..
بعدما وقعت الفأس في الرأس.. بعدما يأست من
تنفيذ حلمها بتكوين سلالة حاكمة من عائلتها في
مصر.
وكانت سوزان مبارك قد أصيبت بإحباط شديد
خلال المظاهرات وقالت لإحدي قريباتها " سوف
نرحل ".. واستطردت: " لقد بذلنا أقصي ما في
وسعنا ".
وأضافت: " جمال كويس.. لكن وليد حافظ ووليد
شاش خلوه يمضي علي حاجات ".
ولا تفسير لهذه العبارة الغامضة سوي أن صديقيه
المقربين وليد حافظ ووليد شاش كانا وراء تورطه في
البيزنس من خلال شركات الاستثمار التي تكونت
معه في قبرص وبريطانيا (مثل بوليون وحورس فود
وميد انفيست وانترناشيونال سيكيورتيز فاند) وهي
شركات تدير محافظ مالية متنوعة تضع الأموال في
مشروعات يصعب تتبعها.. ولكنهما ليسا وحدهما
اللذين زجا به إلي عالم الثروة.. وإنما كان معهما
في بنك أوف أمريكا أثناء الفترة التي قضاها
جمال مبارك في لندن.
والحقيقة أن رغبة جمال مبارك في تكوين ثروة
طائلة سبقت ذلك كله عندما تاجر في ديون مصر
بتشجيع من مبارك وعائلته.. كان يشتري الديون من
أصحابها بسعر يقل عن قيمتها الأسمية.. بنسبة
تصل أحيانا إلي 40 % ليعيد بيعها
مرة أخري إلي الحكومة المصرية
بكامل سعرها.. وكان الفرق الكبير
يوضع سهلا في جيبه.. او جيب
أصحابه الذين يود مجاملتهم وتوفير
ثروة سهلة لهم. والشاهد علي هذه
العمليات شخص يدعي عمر صقر..
كان نائب رئيس مجلس إدارة بنك
أوف أمريكا في مصر والمدير
الإقليمي له في الفترة التي كان جمال
مبارك موظفا في البنك بلندن ويبيع
الديون ( 1988 ــ 1994 ).. فجأة
تقرر غلق البنك في مصر.. ليغلقوا
الملف.. ومنح عمر صقر عشرة ملايين
جنيه تعويضا علي خسارة منصبه علي
أن يبتعد تماما عن العمل في البنوك.. وبالفعل قبل
الرجل ما عرض عليه.. وانزوي بعيدا ليتفرغ لتربية
الخيول.. وتجهيزها لمسابقات السرعة والحواجز.
وفي 30 يوليو 1994 صدر بيان عن البنك يعلن فيه
أنه يغلق أبوابه في مصر لتغير سياسات إدارته
العليا.. وقال مديره الأمريكي مايكل سيبل: " إننا
سنقوم بأعمالنا عبر بنوك أخري مرتبطة بنا لا شك
أنها تتمتع بالخبرة والكفاءة ".
لقد بدأ حمال مبارك طريقه إلي الثروة قبل أن
يأخذ طريقه إلي السلطة.. وكان حوله رجال يزينون
له الجمع بينهما في فراش واحد.. لا شك أن أقواهم
وأخطرهم زكريا عزمي.
9
في عام 1972 جاء زكريا عزمي من الحرس
الجمهوري ــ الذي خدم فيه منذ عام 1965 ــ منتدبا
إلي سكرتارية حسن كامل رئيس ديوان أنور
السادات.. لم يشارك في حرب أكتوبر ( 1973 ) كما
يشاع.. لكنه.. كان حاصلا علي ليسانس الحقوق
ويحضر الماجستير والدكتوراة.. ونجح في السيطرة
علي وظيفته الجديدة حتي أصبح بعد سنة واحدة
مشرفا علي مكتب رئيس ديوان الرئيس.
عندما عين مبارك نائبا للرئيس سعي زكريا عزمي
إلي التقرب من رجاله وعلي رأسهم سكرتيره عبد
الوهاب زكي ــ الذي كان يلازمه في عمله ليلا ــ
ليصبحا في فترة زمنية وجيزة صديقين.. ولم يتردد
زكريا عزمي في أن يخبره بحكم دردشة الأصدقاء ما
يجري في مكتب رئيس ديوان الرئيس بكل ما فيه من
أسرار وقرارات وتنقلات ومقابلات يجريها الرئيس
نفسه.. وهو ما أعطي النائب الكثير من المعلومات
التي تعينه علي مواجهة خصومه في
الوقت المناسب.. والدليل علي ذلك ما
جري بينه وبين منصور حسن في
الشهور الأخيرة لحكم السادات.
لقد ظهر منصور حسن علي سطح
الأحداث فجأة بتزكية من وزير
الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر..
فصعد نجمه إلي سابع سماء إلي حد
ترشيحه رئيسا قادما لمصر خلفا
للسادات.. لكن.. السادات ترك له
مسئولية الثقافة والإعلام.. طالبا منه
تحجيم الصحفيين بتحويل نقابتهم
إلي نادٍ.. كما هو الحال في الولايات
المتحدة.
علي أنه لم يستطع تنفيذ ذلك..
فاختاره السادات وزيرا لشئون الرئاسة.. بصلاحيات
تفوق صلاحيات النائب.. فبدأ الصراع الخفي
والعلني بينهما.. وكاد مبارك أن يبتعد عن الساحة..
مفضلا الاستقالة.. متمنياً تحقيق رغبته القديمة في
أن يكون سفيرا في لندن يقضي فيها سنوات من
عمره مستريحا.. لكن.. السادات سانده في موقفه
ورد إليه اعتباره وسلطاته.. وجاء حادث المنصة
ليجهز علي ما تبقي من قوة منصور حسن الذي
فضل الصمت سنوات طويلة.. وقد فشلت وقتها في
إقناعه بالكلام ونحن نجلس في شقته المطلة علي نيل
الزمالك.
ومؤخرا عاد فجأة أيضا ليعارض النظام في أيامه
الأخيرة.. وربما وجد نفسه مرشحا لمنصب الرئيس
القادم منافسا لعمرو موسي وكمال الجنزوري ومحمد
البرادعي وغيرهم ممن لم يكشفوا عن أنفسهم بعد.
وبعد أن تولي مبارك السلطة قدم زكريا عزمي
كشفا بأسماء 40 شخصية تعمل في قصر عابدين
ضمن الهيكل الإداري للرئاسة وتجاوزوا سن المعاش
فلم يجدد الرئيس الجديد لها.. فقفز زكريا عزمي
في سلم الترقي ليكون الرجل الثالث في أهم مؤسسة
سيادية في مصر.
بخروج حسن كامل من الخدمة تغير منصبه من
رئيس الديوان إلي أمين عام الرئاسة.. وهو اللقب
الذي حمله من بعده محمود عبد الناصر وعز الدين
مختار ورءوف أسعد الذي أصبح زكريا عزمي
مشرفا علي مكتبه قبل أن يجلس علي مقعده..
والحقيقة أن رءوف أسعد لم يكن متحمسا لعمله
إلي حد أنه ذهب إلي بيته قبل خروجه إلي المعاش
بأربعة أشهر.. وهو ما أتاح لزكريا عزمي أن
يسيطر علي الرئاسة مبكرا.
في عام 1986 عين زكريا عزمي أمينا عاما
مساعدا.. وفي عام 1990 أصبح
الرجل الأول في الرئاسة.. وخلال
اجتماعات ما سمي بالاتحاد الرباعي
العربي ( الذي ضم مصر والعراق
واليمن والأردن ) قال زكريا عزمي
لمبارك شاكيا: " إن كل من يماثلونه
في هذه الدول يحملون لقب رئيس
ديوان بينما هو أمين عام مما يشعره
بأنه أقل منهم ".. فوافق مبارك علي
تسميته برئيس ديوان رئيس
الجمهورية وعاد اللقب من جديد بعد
إلغائه.
وعادة ما يجدد لموظفي الرئاسة
بعد المعاش سنة بسنة.. ولكن.. زكريا
عزمي نجح في إقناع مبارك بتعديل
القانون ليصبح في منصبه مدي الحياة.. وعرف هذا
القانون الذي اقره مجلس الشعب في دقائق بقانون
زكريا عزمي.. وبناء عليه يكون قد عين بقرار
جمهوري.. ولا يرحل إلا بقرار جمهوري.. بينما
شخصيات لا تقل قربا من مبارك مثل رئيس طاقم
سكرتاريته جمال عبد العزيز يقوم بعمله بعد المعاش
بعقد يجدد له كل ستة أشهر.. وقد قدم استقالته
مؤخرا.
10
ولاشك أن زكريا عزمي يتمتع بذكاء حاد وقدرات
خاصة ودأب علي مواصلة العمل جعلته قويا في
منصبه.. بجانب إصراره علي التخلص من كل من لا
ينطوي تحت جناحه.. لتدين شلته في الرئاسة له
وحده.. ولكن.. ذلك لم يكن ليكفي.. فقد تقرب
شخصيا من عائلة الرئيس وأصبح مسئولا ماليا في
الحزب الوطني وفي جمعيتي المستقبل والرعاية
المتكاملة.. وتحمس ليلعب دورا مباشرا في خطة
التوريث ليظل في السلطة حتي آخر نفس.. بجانب
بطولته لمسرحيات المعارضة الوهمية تحت قبة مجلس
الشعب.. وكأنه يلعب دورين في فيلم واحد.. ونظام
واحد.
وقد ارتبط بعلاقة قوية بالمقاول المعروف وجدي
كرارة الذي اشتهر ببناء عمارات متميزة في مصر
الجديدة.. وأصبح مالكا لشقق فيها.. ووجدي
كرارة ضابط أمن دولة سابق عرف العامة اسمه بعد
قضية البوشي الذي استولي منه علي عشرة ملايين
دولار قبل أن يهرب إلي دبي ويعلن إفلاسه.. وفشل
وجدي كرارة في استردادها قبل أن يرحل عن الدنيا.
وحدث أن أصدر كمال الجنزوري
وهو رئيس حكومة قرارا يمنع هدم
الفيللات وبناء عمارات علي أرضها..
ولكن.. قبل إعلان القرار بيوم واحد
كانت صورة منه عند وجدي كرارة..
فسارع بهدم أربع فيللات ( اشتراها
في مصر الجديدة ) في ليلة واحدة
خرجت منها ناطحات سحاب فيما
بعد.. ولو فحصت سجلات ملاكها
سنجد أسماء عديدة من المسئولين في
رئاسة الجمهورية وغيرها يسكنونها.
أكثر من ذلك خصص إبراهيم
سليمان الصديق الشخصي المقرب
لزكريا عزمي لوجدي كرارة 200
فدان في القاهرة الجديدة يتجاوز
سعرها الآن ثلاثة مليارات جنيه.
وحدث أن اشتري شخص يدعي عاطف سلام أرضا
في منطقة واقعة بالقرب من المطار والكلية الحربية
ونادي الشمس (تسمي أرض المثلث) وحصل علي
ترخيص ببنائها فندقا وتجمعا سكنيا.. لكن..
محافظ القاهرة وقتها عبد الرحيم شحاتة اعترض
قائلا: " إن المشروع لن ينفذ إلا بموافقة زكريا عزمي
".. ويبدو أنه عرف ذلك من ابن عمه عصام شحاتة
مساعد زكريا عزمي.. وقال عاطف سلام فيما بعد
إنه وجد من يتصل به ويطلب منه 35 مليون جنيه
ليأخذ إشارة البدء في تنفيذ المشروع.. لكنه.. لم
يذكر اسم من اتصل به.. ولا من سيحصل علي هذه
الملايين؟.
وسبق أن أشتري مجدي يعقوب قطعة أرض في
الغردقة واستخرج ترخيصا لبناء فندق عليها وتعاقد
مع المقاولين العرب للتنفيذ.. لكن.. فجأة توقف
المشروع.. وأرسل محافظ البحر الأحمر الأسبق سعد
أبوريدة خطابا لزكريا عزمي يسأله الموافقة هل
يستمر المشروع أم يوقفه؟.. وحتي الآن لم يرد..
وبقي المشروع أنقاضا لو بيعت فإن مجدي يعقوب
يسدد ما تبقي من ديون عليه بعدما قضي لأسباب
شخصية تسبق الأسباب الموضوعية سنوات في
السجن.. إنها الأمور الخفية والشخصية التي حكمت
رجال رئاسة الجمهورية.
وهناك شخصية أخري مقربة من مبارك تدخلت
لتضييق مساحة شاطئ فندق فورسيزونز شرم
الشيخ ودفعت بواحد من رجالها لشراء الأرض
المجاورة بمبلغ 700 ألف جنيه فأضطرت الشركة
المالكة للفندق أن تقنعه بالتنازل عنها ودفعت 77
مليون جنيه ذهبت مباشرة لرجل الرئيس الذي لم
يخرج إلي النور وإن كان زملاؤه يعرفونه جيدا.
وسبق أن شاركت زوجة جمال عبد العزيز رجل
الأعمال أحمد بهجت في مشروع دريم لاند واستغل
رئيس السكرتارية مبارك للترويج للمشروع بركوب
عربة جولف علي مساحة خضراء بسطت في
ساعات.. وراحت كاميرات الصحف والتليفزيون
تصور.. ولم يكن من الصعب أن يدعم البنك الأهلي
المشروع بشراء نسبة منه ومنحه قروضا بقيت في
رقبة أحمد بهجت وحده بعدما خرجت زوجة جمال
عبد العزيز منه فائزة بنصيب وافر من المكسب. كما
أن زوجة جمال عبد العزيز دخلت في استثمار في
قرية العبد بالساحل الشمالي ضاعف من قوة
صاحبها مدحت العبد فراح يبني فيللات إضافية
داخل حرم البحر المحرم والمجرم قانونا.. وبعد طول
صبر نجح الملاك المتضررون في الحصول علي حكم
قضائي بهدم الفيللات المخالفة وحبس صاحب
القرية.. ولكن.. الحكم لم ينفذ حتي الآن.
ودخل أشرف هريدي زوج ابنة جمال عبد العزيز
إلي بيزنس الإعلانات والإنتاج التليفزيوني مشاركا
لعمرو عفيقي في شركة برموموترز التي أخذت بقوة
السلطة حفلات ومعارض حكومية دون مزايدة..
وشارك نجيب ساويرس في الشركة ليفتح خطا مع
جمال عبدالعزيز.. لكن.. أشرف هريدي سرعان ما
خرج من الشركة فائزا بملايين لم يكن يحلم بها..
تاركا عمرو عفيفي غارقا في الديون.. مهددا
بالسجن في قضايا شيكات بدون رصيد.
11
وقد تحالف زكريا عزمي وجمال عبد العزيز
ليشكلا حائط صد يمنع سيطرة أحد علي الرئيس
سواهما.. وتعد قصة التخلص من مصطفي الفقي
نموذجا واضحا علي ذلك.
إن مصطفي الفقي يتمتع بذكاء وثقافة ولباقة
وعلاقات واتصالات بجميع الشخصيات المؤثرة في
المجتمع بجانب أنه شديد الجاذبية للجنس اللطيف
وهو ماضاعف من غيرة من حوله.
لكن.. مشكلته أنه لا تبل في فمه فولة علي حد
قوله.. ولم يكن يحافظ علي ما يعرف من حكايات
وأحداث وقعت في الدائرة الرئاسية.. فكانت تعرف
طريقها لخارج الدائرة الضيقة عبر سهراته..
وأصحابه.. وهو ما أزعج مبارك منه فطلب من
رئيس الرقابة الإدارية أحمد عبدالرحمن وضع
تليفونه تحت المراقبة.. نوعا من الاختبار.. وسرب له
خبرا عن تعيين ممدوح البلتاجي سفيرا لمصر في
فرنسا.. ليعرفوا هل سيحفظ السر أم سيسارع
بإبلاغه الخبر.. ولم تمض سوي دقائق معدودة حتي
رسب مصطفي الفقي في الامتحان.
وسجلت له مكالمة أخري مع نجمة سينمائية شهيرة
راح يحدثها عن رحلة الرئيس القادمة بعد أيام في
أفريقيا.. وهو ما أزعج الرئيس الحريص علي أمنه..
وشهدت شخصيات أخري جلست أمامه مكالماته
التليفونية مع مبارك.. واستغل زكريا عزمي وجمال
عبد العزيز كل هذه الثغرات للإطاحة به.
12
ويسهل للمقربين من كواليس الرئاسة معرفة خبايا
العلاقات الغرامية لعدد من الشخصيات المعروفة
فيها.. إن هذه الشخصيات تستغل سفريات الرئيس
في اختيار غرف بعيدة مستقلة عن باقي غرف الوفد
الرسمي كي تتصرف بحريتها.. فتأتي إليها مذيعات
أو مضيفات ويدخلن غرفهم في
الساعة الحادية عشرة ليلا ويخرجن
في الثالثة فجرا.. وهو ما كان يثير
استياء الحراسة.. لكن.. لا أحد كان
يقدر علي أن يفتح فمه وإلا شُرّد هو
وعائلته.
وقد رفضت إعلاميات في الصحافة
والتليفزيون الاستسلام لمثل هذه
النزوات فكان مصيرهن الطرد من
جنة تغطية الأخبار الرسمية للرئيس
أو زوجته وحرمانهن من السفريات
الخارجية.
وحدث أن أغري رجل قريب من
الرئيس زوجة صديقه الذي يعمل في
السياحة دون أن يعرف.. وذات يوم
أرسل الصديق موظفا في شركته إلي البيت في أمر
ما.. فوجد القريب من الرئيس هناك.. وفور أن
عرف صاحب الشركة الخبر أمسك بطبنجته وسارع
للإلحاق به كي يقتله.. لولا أنه كان قد هرب.. ولنا
أن نتخيل مدي الفضيحة لو وقعت جريمة القتل من
أجل الشرف.. كيف ستكون صورة مؤسسة الرئاسة
التي تدير البلاد بهذا العفن الأخلاقي؟.
وحسب معلوماتي فإن مبارك كان يهوي سماع مثل
هذه الفضائح بجانب النكات المسلية.. وكانت هذه
الوسائل طريقا سهلا للسيطرة عليه بدعوي الترويح
عنه وإبعاده عن نكد التقارير المزعجة.
وقد طلقت المرأة الخائنة من زوجها لتدخل في
عصمة رجل آخر عرفيا.. لكنها بقيت علي علاقتها
بالعشيق الرئاسي الذي سلمها لزميل وصديق له لم
يتردد في أن يستغل نفوذه في سجن الزوج الثاني
مستثمرا خطأ وقع فيه.
والعشيق الرئاسي الثاني معروف بتعدد علاقاته
وشوهد في مطعم بالساحل الشمالي يتبادل الرسائل
التليفونية بينه وبين سيدة عرفت بعلاقاتها القوية
برجال السلطة وكانت بطلة فضيحة شهيرة.. وعندما
قامت لدخول الحمام قام وراءها.
وتصادف وجود صحفي معروف فجر فضيحتها
فأرسلت إلي صديقها المهم رسالة تقول: " خللي بالك
البعبع هنا ".. لكنه.. رد عليها برسالة مهددة قال
فيها: " ولا يهمك أنا ممكن اعتقله ".
ولجأت إليه مطربة شابة كي يطلقها من زوجها وبعد
أن دفعت الثمن خلعت في أيام قليلة منه.
ولا تخلو قصة حسام أبوالفتوح من صراع حول
امرأة ما بينه وبين نفس الشخصية الرئاسية.. وكانت
مشكلة رجل الثروة أنه أكثر جاذبية من رجل السلطة..
فصدرت أوامر مباشرة بتدبير فضيحة له.. فادعوا
أنهم أمسكوا بلص في المعادي يحمل
زجاجة خمر غالية الثمن.. فطلبوا اذنا
من النيابة كي يدخلوا الفيللا المغلقة
ليكتشفوا فيها أسلحة وخمور بدون
جمارك وشرائط جنسية جري تسريبها
لتكون حديث النميمة في المجتمع.
ويعرف الدكتور زكريا عزمي بحكم
سيطرته علي كل صغيرة وكبيرة في
منصبه مثل هذه الحكايات وأكثر..
يعرف ابطالها وتفاصيلها.. فقد كان
واحدا من حكام مصر الأقوياء الذين لا
ترد لهم كلمة.. يأتي بوزراء.. ويذهب
بغيرهم.. يعين رؤساء تحرير.. ويحرم
من المنصب غيرهم.. فعندما يغلق
الحاكم أذنيه وعينيه.. فلا يسمع ولا
يري ولا يقرأ.. يصبح رجاله أفيالا تدوس الأخضر
واليابس.. وعندما يستشري القهر والظلم والتعسف
إلي الحد الذي لا يقدر عليه بشر فإن الله يجب أن
يتدخل لهدم النظام علي رأس أصحابه.. وهو ما
كان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى