حرب لبنان الثانية
ذهبت إٍسرائيل في حرب لبنان الأخيرة تحت قيادة سياسية جديدة عديمة التجربة والخبرة وقيادة عسكرية تثق وتراهن أن بإمكان سلاح الجو الإسرائيلي تحقيق أهداف الحرب بدون استعمال القوات البرية تجنبا لوقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش، وأن بإمكان إسرائيل استغلال "فرصة" الحرب لإعادة الاعتبار لنظرية الأمن الإسرائيلية وخاصة للردع الإسرائيلي.
ورغم القوة النارية الكثيفة التي استعملها الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية، حيث تشير المصادر الإسرائيلية إلى أن تل أبيب استعملت كمية من الصواريخ والقذائف تعادل ضعفي ما استعملته في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 في الجبهتين المصرية والسورية كلتيهما.. رغم ذلك فإنها فشلت فشلا واضحا في تحقيق أي من أهداف الحرب.
وكان الفشل الإسرائيلي واضحا وصارخا في جملة واسعة من القضايا المتعلقة بنظرية أمنها وعقيدتها العسكرية، أبرزها:
1- فشل سياسة الردع.
2- الفشل في نقل المعركة إلى "أرض العدو" والفشل في تحقيق أي إنجاز في أي
معركة برية خاضها الجيش الإسرائيلي.
3- الفشل الذريع في وقف قصف العمق الإسرائيلي طيلة أيام الحرب بالصواريخ، الأمر الذي شكل ضربة قوية لهيبة الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية وسياسة الردع.
4- الفشل في إحراز حسم عسكري والفشل في تقصير فترة الحرب رغم استمرار قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ يوميا، والفشل الواضح -رغم دعم الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من الدول في المنطقة- في تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة.
5- فشل أجهزة المخابرات الإسرائيلية في معرفة طاقات حزب الله ونوعية تسلحه وقوته الحقيقية ومقدرته على الصمود.
هزّ تراكم الفشل في جميع أوجه الحرب, الوجدان الإسرائيلي ونخبه ومؤسستيه العسكرية والسياسية، خاصة أن الذي قاومهم وأفشل جميع أهدافهم وخططهم -وبهذا المعنى انتصر عليهم- حزب يقل عدد مقاتليه عن عشرة آلاف محارب.
وقاد هذا الفشل إلى استقالة وإقالة ثلاثة قادة فرق وقائد الجبهة الشمالية ورئيس هيئة أركان الجيش وقائد سلاح البحرية ووزير الدفاع، وقاد كذلك إلى تشكيل الكثير من لجان التحقيق لدراسة عوامل الإخفاق في الحرب ووضع الحلول.
لقد وضع الفشل ونتائج الحرب المتشعبة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في حالة من التوتر والحرج والقلق، وباتت المؤسسة -وإسرائيل بصورة عامة- تتصرف كالوحش الجريح الذي يسعى بكل قواه إلى استعادة مكانته وهيبته.
الحرب القادمة
لم يعد الذي يجري اليوم في إسرائيل يقتصر على دراسة أسباب الفشل والاستفادة من عبره، فقد تعدت ذلك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ فترة ووضعت خطة شاملة تعالج عملية بناء القوة في الجيش الإسرائيلي لا تتجاوب فقط مع "الخطر الإيراني" والمقاومة الفلسطينية، كما كان عليه الوضع في السنوات الطويلة الماضية، وإنما أيضا وأساسا لإعداد الجيش الإسرائيلي للحرب في الجبهة الشمالية التي تضم سوريا وحزب الله.
فالدلائل المتعلقة ببناء القوة في الجيش الإسرائيلي وتخصيص الميزانيات الملائمة لذلك تشير إلى أن المؤسسة الأمنية وفق تلك الخطة أعادت ترتيب أولويات بناء القوة في الجيش بما يضمن تسليحه وتجهيزه بالمعدات والذخيرة والقيام بالتدريبات لإعداده لخوض حرب ضد سوريا وحزب الله.
وتسعى المؤسسة بجهد وقوة لأن تصل في أسرع وقت ممكن إلى وضع يكون الجيش الإسرائيلي فيه جاهزا ومستعدا لهذه الحرب.
في إسرائيل هناك من يفكر في أن تتم عملية تفاهم أو "مقايضة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتكفل أميركا بموجبها بتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية وتتكفل إسرائيل بتوجيه ضربة إلى سوريا وحزب الله، وليس بالضرورة في نفس التوقيت.
فالرغبة لدى "الوحش الجريح" في الحرب واستعادة قدرته الردعية ضد سوريا وحزب الله مرتفعة للغاية، وما يمكن أن يثنيه عن الإقدام على الحرب هو الثمن الذي قد يلحق به من الخسائر في الأرواح، واستعداد سوريا للحرب وكأنها ستحدث في أية لحظة وإعدادها لجيشها وتجهيزه بأحدث الأسلحة.
المصدر: الجزيرة : محمود محارب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى