كشيخ طريقة يجلس عادل حمودة كل مساء - فى برنامجه «كل رجال الرئيس « - ليفتح سفر «الأساطير الكبير».. كتاب السلطة التى عتت وتكبرت وأخذها الغرور حتى مرغ أنوفها فى التراب.. لديه حكايات رجالها.. يعرف ملامحهم النفسية.. جلس إليهم.. استمع منهم.. دخل معهم فى صراعات ومعارك.. دفع ثمنها راضيا مرضيا.
لا يتحدث عادل حمودة سماعي.. ولا يستمتع بتحليل نظرى لما فعله رجال الرئيس، لكنه يمسك برقابهم جميعا.. يعد عليهم أنفاسهم.. يعرف عنهم ربما أكثر مما يعرفونه عن أنفسهم.. وهو فى كل ذلك صادق مع نفسه، لا يتحدث عن أحد.. لم يجلس إليه أو يتعامل معه، تكلم عمن عرفهم واقترب منهم.. وهو اقتراب لم يكن نزهة بقدر ما كان رحلة إلى جحيم شياطين الأرض.. فهو شاهد حق على عصر تفرغ فيه لمهنته التى يقدسها لحد العشق.. ويتبتل فى محرابها لحد العبادة.
ما يفعله عادل حمودة فى برنامجه على فضائية cbc،ليس مجرد عمل تليفزيونى يمكن أن يمر مرورا عابرا.. ولكنه شهادة إدانة لعصر كان الرئيس يرى نفسه فيه إلها.. ورجاله يعيثون فى الأرض فسادا كأنهم أنصاف آلهة.
ينزع عادل حمودة كل أوراق التوت عن عورات الكبار.. يقفون أمامنا عرايا.. ولا تجد شيئا تفعله إلا أن تسأل نفسك: هل كان هؤلاء حقا من يحكموننا ويتحكمون فى مصائرنا.. هل كان هؤلاء من يرقدون على أنفاسنا حتى كادت تزهق دون أمل فى الخلاص؟ قيمة ما يقوله عادل حمودة - ونعيد نشره هنا فى وثيقة للتاريخ تحملها عنا الأجيال القادمة - أنه قاله ورجال الرئيس فى عز قوتهم وبأسهم وعنفوانهم وقدرتهم على الانتقام.. إنه لا يمارس شجاعة بأثر رجعى كما يفعل آخرون.. فالكلمة التى لا تقال فى وقتها جبانة ومراوغة وساقطة.
قد تتعجب من كل هذه التفاصيل التى يسوقها عادل حمودة بين يديه وهو يتحدث.. لكن عندما تعرف أنه وهب نفسه وحياته كى يعرف فقط.. ستتأكد أنك أمام كاتب من طراز خاص.. لا يدخل مكتبه كل صباح ليعمل.. ولكن يدخله كى يتعبد.. إنه مثل الولى الذى منحه نفسه كلها لما يحب.. فاتته الفتوحات الصحفية راكعة تحت قدميه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى