آخر المواضيع

آخر الأخبار

19‏/09‏/2011

حقيقة "إستيلاء" الحكومة على أموال التأمينات

351

حقيقة "إستيلاء" الحكومة على أموال التأمينات
* باعت الوهم للشعب لتتهرب من ديونها ..؟!
* صرفت أموال " الكادحين " في مشروعات استهلاكية لا عائد منها ..!!
* نواب المعارضة .. ما فعلته الحكومة نصب واحتيال ..؟!
* خبراء الاقتصاد .. استبدال أموال التأمينات بشركات حكومية فكرة " فاشلة " ..
* خبراء القانون .. تصرفات الحكومة في أموال التأمينات " مخالفة للدستور " ..!!

كتب / أشرف جمال :-

أثار اقتراح الحكومة الخاص بنقل ملكية بعض الشركات والمؤسسات " المملوكة للدولة " إلى هيئة التأمينات مقابل ديونها التي بلغت 174.5مليار جنيه ، بالإضافة إلى ما يشاع عن استيلاء الحكومة على جزء كبير من أموال التأمينات وخسارتها أثناء المضاربة بها في بورصة الأوراق المالية .. العديد من ردود الأفعال الغاضبة بين صفوف أصحاب التأمينات والمعاشات ، ومراكز الدراسات والبحوث الاقتصادية وخبراء التأمين .. وقد تبلور ذلك الغضب والمعارضة الجماهيرية لهذا الشأن من خلال تشكيل لجان في مختلف محافظات الجمهورية لبدء حملة لجمع مليون توقيع من المنتفعين بأموال التأمينات والمعاشات ، ومن خلال إقامة ندوات حاشدة واستجوابات متعددة من قبل نواب الشعب كلها تطالب برد أموالهم وترفض مبادلة ديون الحكومة بأصول وشركات حكومية – أيا كانت رابحة أم خاسرة – ورافضة أيضا لأساليب الاستيلاء " المقنعة " على أموالهم التي يعيشون منها ...

أصل الحكاية ..؟!
بداية تتلخص تلك القضية باختصار في أن أموال التأمينات التي تخص قرابة 25.6 مليون مواطن مصري " 18.3 مليون من المؤمن عليهم ، و7.3 مليون من أصحاب المعاشات " قد تم إيداع 92% منها في بنك الاستثمار القومي ، على أن يكون الباقي أوراقا مالية ومشروعات استثمارية بنسبة 0.49% محافظ أوراق مالية ، 0.14% وثائق صناديق استثمار ، 0.16% سندات حكومية ، وأخيراً 4.5% ودائع بالبنوك التجارية .. وذلك منذ عام 1980 بموجب القانون وبغرض استثمارها وتنميتها لصالح المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات .. إلا أن بنك الاستثمار القومي بدلاً من تحقيق ذ لك الغرض راح يوزع ما بداخله من أموال علي بعض قطاعات ومؤسسات الحكومة ، بل وعلى بعض المحظوظين من القطاع الخاص أيضا ، ولم يسدد البنك لهيئة التأمينات أي أقساط أو فوائد من هذا الدين الهائل منذ سنوات طويلة ، وكانت النتيجة أن وزارة التأمينات بدأت تطالب بسرعة سداد أموال التأمينات ، وتحذر الحكومة من أن خبراء الوزارة أعلنوا أن هيئة التأمينات والمعاشات سوف تجد نفسها بعد ثلاث سنوات على الأكثر من الآن غير قادرة على سداد التزاماتها تجاه أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم ..!! وإزاء هذه الحقائق المثيرة ورغبة الحكومة في التهرب من سداد هذا الدين ، سارع المسؤولون الحكوميون إلى إلقاء عبء هذا العجز الكبير لا على عاتق الحكومة والمتسببين فيه ، بل على عاتق نظام التأمين الحالي الذي اتهموه بالفشل ، وادعوا أنه غير قادر على الاستمرار دون أن يشيروا من بعيد أو قريب إلى المتسببين في ذلك العجز ، ولا إلى التلاعب الذي حدث من قبل بنك الاستثمار بأموال التأمينات ، ولكن جاءت تصريحات وزيرة التأمينات لتكذب هذه الادعاءات الحكومية، وذلك عندما أعلنت أن نظام التأمينات الساري في مصر قد حقق فائضاً كبيراً ، ويملك تمويلاً احتياطياً .. وهو الأمر الذي أظهر مدى الفشل الحكومي حتى في صنع الأكاذيب ..!!
ولأن الحكومة تعاملت مع تلك القضية بمنطق " اللاشفا فية " الذي يتسم بالغموض والتضارب في التصريحات .. كان من الضروري عرض الأمر برمته على المتخصصين ليقولوا كلمتهم ، وليوضحوا – بعيداً عن لعبة المصالح والصراعات السياسية – مدى قانونية إقدام مسئولي الحكومة على تلك التصرفات من جهة ، ومن جهة أخرى ليعرفوا الأبعاد الاقتصادية لأساليب الاستثمار الخاصة بأموال التأمينات ، والتي تريد الحكومة أن تنتهجها تهرباً من سداد مديونياتها ...

عملية نصب..!!
يقول النائب كمال أحمد عضو مجلس الشعب أن ما أقدمت عليه الحكومة من استغلال سيئ لأموال التأمينات يعد خرقاً للدستور لايمكن إغفاله أو السكوت عليه ، فأموال التأمينات لا يجوز مصادرتها أو الاستيلاء عليها أو التفريط فيها ، ومع هذا فإن الحكومة قد استولت على 176 مليار جنيه وضاربت بهم في البورصة تارة ، وفي أموال شركات خاسرة تارة أخرى .. ويضيف كمال أحمد بأن هذه الأموال حق للمواطنين ، وليست حقاً للحكومة ، ومن ثم فلا يجوز لها أن تتصرف في تلك الأموال خاصة وأنها مرهونة لحساب الدائنين الأجانب ، وهو الأمر المثبت في إحدى الاتفاقيات التي وقعت مصر عليها مع الجهات المانحة .. وأكد عضو مجلس الشعب على وجود مخاطر وأخطاء في إدارة الحكومة لأموال التأمينات التي تتعلق بمصالح 25 مليون مواطن ما بين 8 ملايين مستفيد و17 مليون مشترك ، وهو ما أثر بالسلب على حصيلة تلك الأموال وذلك وفقاً لما أشارت إليه تقارير أداء الحكومة لأموال التأمينات والمعاشات الخارجة عن الجهاز المركزي للمحاسبات ، مشيراً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا عملية " نصب " على أموال المودعين من الموظفين والمشتركين ، موضحاً أن الاستيلاء على تلك الأموال ومحاولة مبادلتها بأصول يتم تقييمها بمعرفة وزارة المالية " المدينة أصلاً " بأموال التأمينات أمر غريب وغير منطقي ، وكذلك الدفع بأموال التأمينات للمضاربة بها في البورصة أدى إلى خسائر فادحة ، والاستثمار في أوراق مالية لا تساوى شيئاً .. كان له اثر بالغ في الإضرار بأموال التأمينات والمعاشات .. وقد هدد كمال أحمد برفع دعوى حراسة على أموال التأمينات والمعاشات حماية للمشتركين والمستفيدين بعدما تأكد إقدام الحكومة على استخدام تلك الأموال دون سند قانوني ...
ويقول الدكتور معتصم سليمان الخبير الاقتصادي أنه ينبغي استقلال أموال التأمينات عن الحكومة بكافة وزاراتها ، والاستفادة بجزء من هذه الأموال في شراء أذون وسندات على الخزانة العامة ، واستثمار جزء آخر في إقامة مشروعات إنتاجية واقتصادية جديدة تحقق عوائد وتتمتع أيضاً بنفس المزايا والإعفاءات الممنوحة للمستثمرين بما يحقق إضافة في جم الصادرات وتشغيل جانب كبير من العاطلين وزيادة الناتج القومي ، وذلك مثلما يحدث في الدول المتقدمة اقتصادياً.. ففي الولايات المتحدة يتم استثمار 200 مليار دولار من أموال المعاشات والتأمينات في إصدار سندات وأذون خزانة حكومية ، وهي عملية مضمونة ونسب المخاطرة فيها ضعيفة جداً ، وفي فرنسا يتم استثمار أموال المعاشات في إقامة مشروعات اقتصادية وإنتاجية تقيمها الحكومة بالاتفاق مع هيئات التأمينات " المستقلة " هناك ، وهو ما حقق أرباحاً زادت على 15% ، وأخيراً في إنجلترا حيث تلجأ الدولة إلى استثمار 70 مليار جنيه إسترليني من أموال المعاشات في إصدار أذون خزانة وسندات .. ويضيف د/ معتصم سليمان بأنه يرى ضرورة رفض اقتراح الحكومة باستبدال ديونها لدى أصحاب المعاشات والتأمينات بشركات تدعي أنها رابحة وذلك لعدة أسباب أهمها أن كل الشركات أو المؤسسات التي تديرها الحكومة ليست ملكاً لها ، فالشعب وحده هو الذي يملكها ، وبالتالي فلا يجوز للحكومة أن تستبدل جزءاً مما لاتملكه بديونها لقطاع كبير من الشعب نفسه !! وأيضاً فالحكومة ليس لديها شركات رابحة لدرجة أن تغطي تلك الديون الكبيرة ...


الحكومة تحتال والدستور يرفض ..
يقول المستشار مرسي الشيخ نائب رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي أن قضية أموال التأمينات الاجتماعية تهم كل بيت في مصر ، ولا يجب أن يسمح للحكومة بالاستيلاء عليها هكذا ، وينبغي علينا جميعاً أن نمنع مسئولي الحكومة من التمادي في هذه الجريمة التي تمثل خروجاً على كل القيم والمواثيق ، وذلك لأن أموال التأمينات أموال خاصة طبقاً لحكم المحكمة الدستورية ، وبالتالي فلا يجوز الاستيلاء عليها وأن دور الدولة مقصور على ضمان ورعاية ودعم هذه الأموال التي هي ملك للمواطنين الذين دفعوها من رواتبهم وأجورهم ... ويضيف المستشار مرسي الشيخ بأن الحكومة قد دخلت مرحلة الخطر في الدين العام ، ولم يعد أحد يصدق أن الدين في الحدود الآمنة ، ولذلك تلجأ الحكومة إلي تخفيض هذا الدين العام عن طريق الاستيلاء على أموال التأمينات كوسيلة سهلة في يد الحكومة ، فقد وصل الدين العام المحلي والخارجي إلى قرابة 570 مليار جنيه على يد تلك الحكومة ، وهو ما لم يحدث إطلاقاً في تاريخ مصر .. ويؤكد الشيخ على أن أصول الشركات التي ستشتريها الحكومة للتأمينات قد قيمت بقيم مالية مبالغ فيها ، وأن هذه العملية مجرد استبدال ديون " على الورق " بأصول ثابتة وممتلكات على الورق أيضاً ..!!
ويحذر نائب رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي من عدم قدرة الحكومة على السداد لأنها استهلكت أموال التأمينات في مشروعات " بنية أساسية " لا تحقق عائداً ، وذلك باعتراف رئيس الوزراء الحالي الذي أكد أن أموال التأمينات استخدمت كلها في إعادة بناء مصر ..!! أي في البنية الأساسية وتنمية موارد الدولة ، وفي إقامة أكبر شبكة كهرباء في المنطقة ، وفي بناء طرق وكباري وسدود وقناطر ، وأيضاً لتنمية قناة السويس وتحقيق اكتشافات بترولية وغاز طبيعي ، وغير ذلك من الإنفاقات التي لا تحقق أي عائد استثماري .. فنحن – والكلام لمرسي الشيخ – لا نعلم ما هي العلاقة بين استثمار أموال المعاشات وعملية بناء مصر التي تحدث عنها رئيس الوزراء ..؟! وهل إعادة بناء مصر ليس لها موارد أخرى غير أموال التأمينات ..؟! وهل إعادة بناء مصر يمنع من سداد ديون التأمينات ..؟! وأخيراً هل بمثل هذا الأسلوب ستتم إعادة بناء مصر ..؟!!
الحل ..؟!
ويطالب المستشار مرسي الشيخ جميع المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات بضرورة تشكيل هيئة أو كيان يستوعب الملايين منهم للدفاع عن أموالهم وحقوقهم القانونية ، ويعمل على الاطلاع على كافة التقارير والحسابات الخاصة ببنك الاستثمار القومي منذ إنشائه في أوائل الثمانينات ، بالإضافة إلى تقارير البنك المركزي ، وذلك لتقصي حقائق التصرف في تلك الأموال وللتعرف على الجهات الحكومية التي اقترضت هذه الأموال ، وعن أسباب تقاعسها عن السداد وأخيراً لمحاسبة أي مسئول ساهم أو تواطأ في تبديد هذه الأموال ...

353

على غرار اسم الفيلم الأمريكي الشهير "ذهب مع الريح"

على غرار اسم الفيلم الأمريكي الشهير "ذهب مع الريح"، ذهبت مليارات الجنيهات من أموال معاشات المواطنين المصريين، مع رياح الحكومة لمكان لا رجعة منه.
بسبب هذا المصير لكل تلك المليارات التي اقتطعتها الحكومة من أموال الموظفين المطحونين على مدار عشرات السنين بقوة القانون سيطرت أجواء من الغضب والإحساس بالاستلاب وعدم الأمان على ورشة العمل التي عقدتها "لجنة الدفاع عن أموال المعاشات وحماية الحقوق التأمينية" السبت 9-6-2007 والتي حضرها عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين، وكذا بعض نواب البرلمان المصري وعدد من الصحفيين؛ سعيا لتشكيل جبهة ضغط إعلامية وبرلمانية وشعبية لاستعادة الأموال المنهوبة من مواطني هذا البلد.
علاقة الحكومة بأموال تأمينات المعاش علاقة طويلة ترجع إلى خمسينيات القرن الماضي حيث شهد عام 1952 بداية توسع نطاق نظام التأمين الاجتماعي ليشمل العاملين بالقطاع الخاص والعام، وفي عام 1973 تم إنشاء وزارة التأمينات الاجتماعية بموجب القرار الجمهوري رقم 889، وتتولى الوزارة المراقبة والإشراف على كل من هيئة التأمين الاجتماعي وهيئة تأمين المعاشات.
وانتقلت تلك العلاقة من الإشراف المباشر إلى علاقة إقراض واقتراض عبر بنك الاستثمار القومي الذي أنشئ بموجب القانون 119 لسنة 1980، والذي ألزم صناديق التأمين الاجتماعي بإيداع احتياطياتها لديه لاستثمارها.
وكان الغرض الأساسي من إنشاء بنك الاستثمار القومي -الذي يقع تحت إشراف وزير التخطيط حتى نهاية 2001- هو تمويل كافة المشروعات المدرجة بخطة التنمية بالدولة، وذلك من خلال الإسهام في رءوس أموال تلك المشروعات، والعمل على استخدام الأموال المدخرة للاستثمار، وليس للاستهلاك. كما يلتزم البنك بتحصيل الفوائد عند استحقاقها للمودعين. ويتحمل تكاليف وأعباء خدمة قروضه. وتحدد أسعار الفائدة الدائنة والمدينة في إطار السياسة المالية التي يضعها البنك المركزي (وهو ما لم يفعله البنك طوال حياته). كما يلتزم وزير التخطيط بتقديم تقرير لمجلس الشعب عن أعمال البنك مع نهاية السنة المالية.
ويرى الخبير المالي فاروق العشري أن استخدامات الأموال المودعة لدى بنك الاستثمار-التي تشمل أموال التأمينات وأموال ادخار هيئة البريد- تدل على انحرافه الكامل عن تلك الأهداف المدرجة في قانونه؛ حيث كان البنك يميز تمييزا شديدا بين الأوعية الادخارية المختلفة لديه في تحديد نسبة العائد على كل منها، ففي حين كان البنك يصرف لحاملي شهادات الاستثمار التي يصدرها 18% كعائد للاستثمار، كان يحدد عائد أموال التأمينات الاجتماعية -التي شكلت 68.4% من موارده خلال السنوات الخمس الأخيرة - المودعة لديه بـين 6% و8%.


بديل للاقتراض الخارجي
ويضيف العشري أن الدين الحكومي أساس المشكلة بين المؤمن عليهم والدولة، وأن بنك الاستثمار القومي أنشئ إزاء أزمة الديون الأجنبية التي تراكمت على مصر والتي عجزت في أوقات كثيرة خلال الثمانينيات من القرن الماضي عن الوفاء بها.
وبدأ التفكير بالاقتراض الداخلي بدلا من الاقتراض الخارجي، ففي يونيو 2006 بلغت نسبة الدين المحلي الإجمالي للناتج المحلي الإجمالي 96%، تلك النسبة التي لا يجب أن تتعدى 60% من الناتج المحلي، وقد بلغت نسبة متوسط أموال التأمينات للدين العام خلال السنوات الخمس الأخيرة 44.6%.
حيث بلغت ديون الحكومة لبنك الاستثمار 142.622 مليار جنيه في 30 من يونيو 2006، وكانت ديون القطاع العام والخاص وقروض ميسرة وأخرى من البنك حوالي158.378 مليار جنيه.
وسعيا لحل مشكلة ديون أموال التأمينات والمعاشات المتراكمة على الحكومة، تضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 424 لسنة 2005 -الذي صدر لتشكيل وزارة نظيف الثانية- إلغاء وزارة التأمينات الاجتماعية وضمها لوزارة المالية وأصبح وزير المالية بصفته رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار هو المتحكم في أموال التأمينات، وأصبح الدائن والمدين تحت سيطرته.
ويرى وكيل وزارة التأمينات السابق محمد عطية - في تصريحاته لجريدة الأهالي 1مارس 2006- أن هذا القرار لا يجوز قانونا على اعتبار أن هيئة التأمينات هيئة اقتصادية مستقلة، ونقل تبعيتها لوزارة المالية يعد خلطا بين أموال الحكومة وأموال هيئة اقتصادية مستقلة، كما أن أموال التأمينات ليست ملكا للحكومة بل أموال خاصة من مدخرات المواطنين.
وتبلغ قيمة أموال المعاشات - كما تقدرها الوزيرة السابقة للتأمينات أمينة الجندي - حوالي 270 مليار جنيه مضافا لها 40 مليارا قيمة الدعم الموجه للمعاشات التي حملته الحكومة للصناديق.


أسباب أخرى للأزمة
بالإضافة إلى استيلاء الحكومة على معظم أموال التأمينات فإن هناك أسبابا أخرى ساهمت في حدوث عجز بأموال التأمينات، منها كما يقول د. إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي، صرف قيم معاشات الضمان الاجتماعي والمعاش الاستثنائي التي أوجدتها الدولة لمساعدة المحتاجين - كمعاش السادات - من أموال تأمينات المعاشات، وليس من ميزانية الحكومة. ويبلغ عدد المستفيدين من هذا الضمان نحو 8 ملايين مواطن.
هذا بالإضافة إلى صرف المعاشات لأصحاب المعاش المبكر، وأسباب أخرى أوضحها د.شكري عازر في مقاله المنشور عن أسباب الأزمة في أموال تأمينات المعاشات الحالية.
ويرى د.أحمد محمد عبد الوهاب عضو حزب التجمع أن أزمة أموال المعاشات هي أزمة سياسية وغياب ديمقراطية، فأي صياغة لقانون يتعامل مع أموال التأمينات أو إداراتها يتم بعيدا عن أصحاب تلك الأموال. كما يحدث في أي قرار يتخذ في هذا البلد.
ويشير د.محمد عبد الفضيل - أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - إلى أن التأمين حق من الحقوق الاقتصادية للإنسان كفلته كل المواثيق الدولية، وأن هناك فصلا كاملا بين ما يسمى بالحسابات الاجتماعية وبين الحسابات المالية الأخرى في كل البلاد المتقدمة، ويترتب على هذا الفصل عدم قيام الدمج بين أي من الصناديق الخاصة بالمعاشات وبين وزارة المالية، كما حدث مؤخرا بالحكومة المصرية.


مساوئ النظام الجديد
ويأتي القانون الجديد لتأمينات المعاش ليلغي النظام القائم على التمويل باشتراكات الذي عملت به مصر منذ بدء النظام التأميني وحقق منذ بدايته إلى الآن فوائض تعدت 250 مليار جنيه، وأسوأ ما يوصف به النظام الجديد المقترح للتأمينات هو طريقة التمويل بنظام pay as you go والتي يقوم من خلاها تمويل المعاشات من اشتراكات المؤمن عليهم حاليا. وهو ما يهدد مستحقات أولئك المؤمن عليهم المستقبلية. وهو عكس النظام الحالي الذي يقوم بناء على التمويل المسبق من قبل المشتركين.
كما أن النظام الجديد وعدم توفيره إمكانية توريث المعاش لورثة المؤمن عليه إلا بدفع أقساط أعلى، يعارض فكرة التأمين الذي أنشئ أصلا لتقليل المخاطر ضد الوفاة أو العجز أو المرض.
ويشير الدكتور محمد عارفين - خبير التأمين وأستاذ الاقتصاد في تصريحاته لجريدة الجمهورية المصرية - إلى أن قانون المعاشات الجديد كارثة حقيقية؛ لأنه يهدف فقط لزيادة موارد الحكومة ويمكنها من استثمار أموال المعاشات والتأمينات.
التجربة الكندية نموذجا
ويشير د.إبراهيم العيسوي -الخبير الاقتصادي- إلى التجربة الكندية في إصلاح نظام المعاشات، حيث بدءوا في سنة 1995 التفكير في إصلاح نظام المعاشات، فما كان منهم إلا أن شكلوا لجنة من نواب الولايات ونواب بالبرلمان الفيدرالي لتطوف بالولايات الكندية وتستمع للمستفيدين من نظام المعاشات، وقد استمعت لأكثر من 200 ممثل للجهات المختلفة ورفعت تلك اللجنة تقريرا لوزارة المالية واستخرجت من ذلك التقرير 9 مبادئ صيغ في ضوئها قانون التأمينات بكندا، وتحول بناء على هذا النظام الكندي من الدفع عند الاستحقاق إلى نظام ممول تمويلا جزئيا.
وعهد -بناء على هذا التشريع- لهيئة مستقلة عن الحكومة إدارة هذه الأموال، ووضع لها عدد من القواعد لتسير عليها، وهي الاستقلال عن الحكومة، والمشاركة من قبل أصحاب المعاشات، والمسائلة والشفافية في عملها بحيث إنها تقدم تقارير دورية وسنوية عن أعمالها، وعليها قيود في نسب الاستثمار بالبورصة، ووضعت قواعد لاختيار من يدير هذه الهيئة. ووضع لها هدف تحقيق عائد حقيقي للاستثمار لا يقل عن 4% بعد استبعاد معدل التضخم.
وهي تجربة -على حد قوله- أميز ما فيها المشاركة الديمقراطية في اتخاذ وصنع القانون الذي يمس فئات عريضة من مواطني البلد، وهو عكس ما يحدث في مصر حيث أقامت الحكومة الوصاية على أموال المواطنين الخاصة.


مقترحات للإصلاح
ويرى د. محمود عبد الفضيل أن هيئة التأمينات الاجتماعية وما يتبعها من صناديق يجب أن تكون هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية مباشرة كالبنك المركزي الذي يضم لجنة مستقلة لإدارة أموال الاحتياطيات الأجنبية، فأموال التأمينات من الأهمية والحجم بحيث تحتاج لمثل تلك اللجان المتخصصة، ويجب أن لا تكون إدارة كل تلك الأموال من اختصاص وزير واحد ليديرها.
وأضاف أنه يجب صياغة برنامج واقعي لإدارة تلك الأموال والاستفادة بخبرة تحالف يسار الوسط بأمريكا اللاتينية التي بلورت برنامجا حقيقيا شد معه الطبقة الوسطى بمجموعة برامج حقيقية بديلة لبرامج البنك الدولي وصندوق النقد، وحقق نتائج هناك وكسب المصداقية.
وخلصت الورشة إلى مجموعة من المقترحات لحل قضية أموال التأمينات المنهوبة، منها:
1- المطالبة بفصل وزارة التأمينات عن وزارة المالية.
2- إنشاء هيئة مستقلة يتم عبرها استثمار أموال التأمينات، ويكون من ضمن أعضاء إداراتها بعض أصحاب المصلحة من أصحاب المعاشات والممولين.
3- الضغط الإعلامي والبرلماني على الحكومة لعدم تغيير النظام التأميني الحالي وتلبية المطالب السابقة.
4- اللجوء للقضاء لمقاضاة الجهات التي ضيعت مليارات المعاشات، وعلى رأسها بنك الاستثمار القومي والمطالبة بتلك الأموال المنهوبة.
وأخيرا فإن المشكلة ليست في قانون أو نظام للمعاشات، بصياغته وتطبيقه ستحل أزمة أموال التأمينات، بل المشكلة الأساسية بالبيئة المحيطة لأي قانون أو نظام كما يؤكد دكتور عبد الله شحاتة أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة جامعة القاهرة، فالفساد وسوء الإدارة لأموال المعاشات تحت القانون الحالي هي التي ولدت الأزمة وليس القانون نفسه. وسيظل الحال على ما هو عليه مهما تغير القوانين مادامت البيئة المحيطة لم تتغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى