آخر المواضيع

آخر الأخبار

17‏/10‏/2011

مصر تواجه أعقد مراحل ثورتها؟

 

زياد أبوشاويش
بعكس ما برز في سياق الثورة ونضالات الشباب المصري لإسقاط نظام التبعية من تآزر ووحدة وطنية عبرت عنها مظاهر وسلوكيات هؤلاء الشباب، وتشابك أيدي المصريين أقباط ومسلمين لتغيير وجه مصر وإعادتها لعروبتها ولدورها المفترض في قلب الأمة، بعكس ذلك التوحد الجميل في
صلاة الجمعة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين في ميدان التحرير وغيرها من الظواهر الطيبة والمبدعة لثورة يناير، بعكس ذلك كله جرى إحراق ثلاثة كنائس للأقباط في القاهرة والجيزة والصعيد خلال الفترة التي أعقبت رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، كما تفاعلت أحداث ووقائع صغيرة ذات طابع اجتماعي لتحدث نزاعات واشتباكات ذات بعد طائفي لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله.
لقد حذرنا كغيرنا من أخطار الفتنة الطائفية على المجتمع المصري وعلى مستقبل ثورته المباركة، ورأينا أن هذه الفتنة هي أسوأ ما يمكن أن تواجهه مصر العربية وشعبها بعد الثورة، وذلك على خلفية فهمنا لمعاني نجاح هذه الثورة وحقيقة التواجد الأمريكي الصهيوني في قلب مصر وحراكها المفاجئ الذي أذهل الأمريكان والصهاينة، وتركهم يتخبطون في البحث عن رد مناسب يعيد التوازن لمصالحهم وأمن كيانهم العبري قبل أن تتفاعل الأحداث وتتطور الثورة باتجاه النجاح الكامل في إزاحة النظام كلياً عن سدة الحكم وعودة مصر لروحها العربية الغائبة منذ سبعينيات القرن الماضي.
كان الفهم لكل هذا يؤكد لكل متابع أن معسكر أعداء الثورة، وفي مقدمتهم أمريكا، لن يسكت عما جرى، وأن حديث إدارة أوباما في واشنطن عن تشجيعها للديمقراطية الناشئة في مصر ما هو إلا خداع وتمويه يداري حقيقة الموقف المأزوم تجاه تغيرات ستضرب مصالحها آجلاً أو عاجلاً، وفي هذا الإطار كان البحث والتحري يتم لاستكشاف العناوين والآليات التي ستستخدمها الولايات المتحدة لمحاصرة الثورة وضرب مفاعيلها ولجمها عند حدود معينة تنسجم والرؤية الأمريكية- الصهيونية لمستقبل مصر والمنطقة كلها.
لقد اتضح جانب من هذه العناوين والآليات، سواء في التدخل المباشر والفظ في الأزمة الليبية والسعي لوضعها في عهدة الناتو لمحاصرة مصر كهدف ضمن رزمة الأهداف في بلد مترامي الأطراف ونفطي كليبيا، أو من خلال إثارة الفتنة الطائفية بمصر عبر مجموعة من التحركات والعلاقات والخطوات العملية التي تتخذها مؤسسات أمريكية مدنية وحكومية لتحريض أقسام كبيرة من المصريين ضد بعضهم البعض أو ضد الدولة، وخلق التوتر وتأزيم الوضع بحيث يصعب في ظله القيام بأي إصلاحات أو تغييرات جدية في هيكلية النظام ومؤسساته القديمة البالية والتي لا زالت تعمل بذات العقلية وتحت نفس المفاهيم وحتى الأشخاص.
لقد وفرت بعض التصرفات الحمقاء والمتطرفة، سواء من جانب بعض المتعصبين الإسلاميين أو آخرين أقباط، الفرصة لمرور الفتنة واشتعال الحريق في أكثر من محطة وأكثر من مكان، ولولا حكمة العقلاء والحريصين من الطرفين لرأينا الحرائق تشتعل في كل مكان بجمهورية مصر العربية.
إن أي عاقل في الكون لا يمكن أن يخلق من عملية بناء لدار عبادة، سواء كانت الدار للمسلمين أو المسيحيين، أزمة أو قضية كبرى، لكن وراء الأكمة ما وراءها، كما يقال.
إن مؤشرات الأزمة بين المسلمين والمسيحيين في مصر قديمة وتعود كما ذكرنا لوجود متطرفين من الجانبين، ودون الخوض في التفاصيل، لأنها كثيرة ومتشعبة، لا بد من الإقرار بأن الخطر اليوم على ثورة مصر ومن هذه الزاوية تحديداً هو خطر داهم لا بد من وقفه عند حدود المصلحة القومية العليا لجمهورية مصر العربية التي تتمثل في توفر الوحدة الوطنية بقوة، والاتفاق حول ما بقي من أهداف الثورة لتحقيق الأمن والاستقرار لمصر، الأمر الذي يعطيها الفرصة لاستعادة مكانتها المركزية في قيادة الأمة العربية ومواجهة المشروع الأمريكي- الصهيوني الذي يشكل العقبة الأكبر والأخطر في وجه تحرر مصر من التبعية، واستعادة قرارها السيادي فوق أرضها ناهيك عن استعادة قرارها السياسي العربي.
المصريون معنيون بالبحث عن حقيقة المشكلة التي يواجهون، هذه الحقيقة التي تقول إنه لا يوجد سبب حقيقي أو منطقي لنشوب كل هذه المعارك والاشتباكات والتظاهرات... إلى آخر ما نراه من فوضى وعنف في الشارع، والتي كان آخر مظاهرها ما جرى مؤخرا أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون والشوارع المحيطة ﺒ"ماسبيرو".
إن سقوط القتلى من الجيش ومن المدنيين يدل على غياب الحكمة والتبصر، وهذا لن يقود في النتيجة لأي مكان، كما لن يعالج مشكلة الكنيسة التي احترقت في الصعيد ولا إقالة محافظ أسوان كمطلب للبعض نتج عن تداعيات هذا الحدث وما سبقه وأعقبه من تفاعلات وانفعالات غاضبة أدت للخروج عن السكة الصحيحة.
لا بد من شجب ما جرى من جانب الجيش بقتل المحتجين بالرغم من الاستفزاز الذي مثله رشقهم بالحجارة وضربهم بالعصي والهراوات التي كان يحملها المتظاهرون. كما لا بد من إدانة منظمي المظاهرة وتوجهها نحو مبنى الإذاعة والتلفزيون كون ما جرى في ادفو بصعيد مصر من حرق للكنيسة لا يستحق هذا التحرك الكبير ويمكن معالجة الأمر بإجراءات قانونية تلتزم معايير وقيم الديمقراطية الوليدة بمصر بعد ثورة يناير.
إن إقرار قانون دور العبادة المؤجل وتوضيح الحقوق والواجبات المترتبة على طرفي المعادلة المصرية يجب أن يتم بالسرعة القصوى، بالإضافة لمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإطلاق النار على الجيش.
إن مصر تواجه أعقد مراحل ثورتها كما أسلفنا، لكنها بالتأكيد لن تفشل في معالجة الأزمة الراهنة بذات الروح التي عولجت بها قضايا سابقة أعقد وأكبر، روح التسامح وحب مصر والحرص على وحدتها الوطنية وكرامة أهلها مسلمين ومسيحيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى