لماذا يجدد المجلس العسكرى تمسكه وثقته بتركيبة الفشل الحكومية التى تجر مصر إلى أعماق الخيبة؟
لماذا يحمى «العسكرى» البلداء ويدافع عنهم بكل هذا الحماس الذى تجلى فى كلمات اللواء إسماعيل عثمان عضو المجلس التى يدافع فيها عن أداء التليفزيون الحكومى فى أزمة ماسبيرو؟
إن اللواء عثمان يرى إن التليفزيون المصرى نقل الحقائق كاملة فى أحداث ماسبيرو دون رتوش على الهواء، بينما العاملون فى ماسبيرو أنفسهم يتوارون خجلا مما فعله البلداء منهم، ويتبرأون من فضيحة الأحد الدامى.
وهى كما رأى الجميع كانت فضيحة مركبة، تداخل فيها الانحراف المهنى مع الخلل الأخلاقى، حيث تحول بعض المذيعين إلى معلقين ومحللين يسكبون آراءهم العوراء على رءوس المشاهدين، ويعملون كمحرضين فى تعبئة المصريين ضد المصريين.
لقد ابتعد ماسبيرو عن المهنية حين تحول الخبر على أيدى مذيعيه إلى رأى وحملة تعبئة، فانتحرت أصول الممارسة العلمية وانهارت كل أبجديات المهنة، وتحولت مذيعات إلى هتيفات ونائحات ومشجعات على القتل والقمع.
وتجلى الخلل الأخلاقى فى الكذب الصريح على المشاهد، وصبغ الوقائع الصماء بألوان شتى من المداهنة والنفاق للسلطة، بالطريقة ذاتها التى كانت حاكمة لأداء التليفزيون طوال أيام الثورة، حين تحول الثوار إلى بلطجية وعملاء وحاملى أجندات خارجية، وأصبح المليون بقدرة قادر أقل من الألف، والألف أقل من العشرة، ونطق السمك فى مياه النيل وغنى للرئيس والوريث.
وبالتالى لا معنى لدفاع اللواء عثمان عن أداء التليفزيون سوى أن المجلس العسكرى يحمى الفاشلين ويرعى الفشل ولا يتخلى عنه أبدا، تماما كما يفعل المجلس مع عصام شرف الذى تورطت يوما واعتبرته بمنتهى السذاجة فى هذا المكان «رئيس وزراء من ميدان التحرير» وتوهمت فى بعض المواقف أن المجلس العسكرى لا يريده ويضع العراقيل فى طريقه.
إن مصريا يحب هذا البلد ما كان يتمنى أبدا أن يشاهد قادة القوات المسلحة فى مؤتمر صحفى عالمى فى موقف دفاعى ضد اتهامات بقتل المتظاهرين ودهسهم، أما وقد وصلنا إلى هذا الموقف فقد كنت أتمنى أن يقف المجلس العسكرى وقفة هادئة للنظر فى الأسباب التى أدت إلى تدهور العلاقة بينه وبين قطاعات من الشعب إلى هذا الحد، ولعل أول هذه الأسباب هو هذا الفشل الحكومى الذريع الذى يحظى برعاية غير مبررة من المجلس وتمسك غير مفهوم باستمراره، على الرغم من تلويح رئيس الوزراء باستقالته أكثر من مرة.
وكما قال أعضاء المجلس العسكرى فى مؤتمرهم أمس فإن «معظم النار من مستصغر الشرر» ولكن هل سألوا أنفسهم عن المسئول عن إشعال مستصغر الشرر وحاسبوه أو أبعدوه؟
إن أزمة كنيسة ماريناب كان يمكن احتواؤها فى عشر دقائق لو أن لدينا حكومة تتمتع بالقدر الأدنى من القدرة على الإدارة والتعامل مع المشاكل.. وبالتالى كان من الممكن استيعاب الغضب القبطى واحتواؤه قبل أن يستفحل حتى نفيق على كابوس كارثة ماسبيرو.
ولكل هذا وغيره يبدو غريبا هذا التمسك بمجموعة الفاشلين اختاروهم للقيادة فسقطوا بمصر فى النيل من أعلى كوبرى أكتوبر.
إن مصر جديرة بحكومة جديدة يتم اختيارها من الأكفاء، وليس من الخلصاء البلداء الذين استنفدوا عدد مرات الرسوب ولا يزالون فى مقاعدهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى