سأتحدث عن ثورة يناير، وكل ما ينطبق على ثورة يناير ينطبق على الثورات
العربية الحديثة. يظن البعض أن الثورة المصرية لم تنجز شيئا، وأن
المجتمع والدولة والناس ستظل كما هي، وأنه لا جديد تحت الشمس، اللهم
إلا بعض التعديلات الشكلية التي لا تقدم ولا تؤخر في جوهر سير الأحداث،
أو شكل الدولة.
يظن بعض من آلت إليهم الأمور أن بإمكانهم أن يتحايلوا على القدر، وأن يوقفوا عجلة التاريخ، وأن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يجمدوا الكون والحياة والبشر بحيث يبقى الوضع على ما هو عليه. وأنا أقول بكل ثقة: هذا وهم، سببه الاعتداد بالقوة، وقسوة القلب، وعدم الاتعاظ بالأحداث، سواء التاريخية، أو الحالية.
هذا الوهم سببه باختصار، أن الإنسان بعد سن معينة يعجز عن التكيــف مع الجديد، ويظل أسير الماضي، ولهذا خلق الله سبحانه وتعالى الموت، لأن الإنسان ليس مخلوقا قادرا على التطور إلى الأبد، بل يصل إلى سن الشيخوخة، ويصبح عاجزا عن فهم الجديد، وحتى إذا أراد أن يتطور، تقف أمامه الكثير من العقبات البيولوجية التي تمنعه.
لقد قطعت مصر مسافة كبيرة حين ثارت، وهذه المسافة لا يمكن التراجع عنها، ومهما حلم الحالمون بأن ينسى المصريون معنى الحرية الذي ذاقوه خلال ثورتهم، أو أن ينسوا معنى أن يشاهدوا وزراء في السجن، أو أن يشاهدوا رئيسا جثم على أنفاسهم ثلاثين عاما وهو ملقى في قفص الاتهام، هذه الأحداث لا يمكن أن تنسى، لقد نقشت في الذاكرة الجمعية للأمة، ومحاولة تجاوزها وكأنها لم تحدث تدل على ضعف في العقل، وتبلد في الفكر، وغشاوة على القلب.
لقد حدثت أحداث كبيرة في تاريخنا العربي، مثل أحداث الفتنة الكبرى، وظن بعض المؤرخين أن الإسلام قد انكسرت شوكته، ولكن ما حدث كان غير ذلك، فقد ظل الإسلام ينتشر، وظل الناس يدخلون في دين الله أفواجا، ومرت الفتنة بخسائرها المحدودة، وها نحن الآن على دين الإسلام بالرغم من انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
بعض الناس يظن أن مصر سوف تنقرض بسبب الانفلات الأمني، أو بسبب توقف عجلة الإنتاج، وهذا أيضا وهم.
لقد تمكن الشباب الثائر من قيادة المجتمع إلى هذه الثورة بالرغم من عدم وجود آليات للعمل المنظم تمكنهم من العمل عملا منهجيا يؤدي إلى الثورة، وفي النهاية نجحوا في تثوير المجتمع المصري.
اليوم، أصبح عدد الشباب العاملين في السياسة أضعاف أضعاف عددهم قبل الثورة، وهذا الشباب يملك من أدوات العمل المنظم أضعاف ما كان يملكه قبل ثورة يناير المجيدة، لذلك ستظل مصر تتقدم، وستتحقق أهداف الثورة واحدا تلو الآخر، شاء من شاء، وأبى من أبى.
إن بعض مؤسسات القوة الموجودة في المجتمع، والتي يظن البعض أنها ستقف ضد الثورة، غالبية من فيها في حقيقة الأمر مع الثورة، وشباب هذه المؤسسات ينظر لشيوخها على أنهم قد أدوا ما عليهم ويجب أن يستريحوا، وشيوخ هذه المؤسسات يعلمون جيدا أن شباب هذه المؤسسات ليس طوع أمرهم، وأنهم قد يتمردون إذا تجاوز الكبار حدا معينا، لذلك سوف تحدث سنة الله من التدافع المحمود الذي يؤدي في النهاية إلى سير القطار إلى محطته.
إن طعم الحرية الذي ذاقه المصريون لا يمكن أن ينسى، صحيح أن بعض المصريين قد يفضلون طعم الخبز عليه، ولكن ذلك لا يعني أن المقاتلين في سبيل دوام طعم الحرية ليسوا بمستعدين للقتال لكي يديم الله عليهم هذه النعمة.
لذلك، ستبقى هناك مشكلة كبيرة عند كل من يحلم بإجهاض هذه الثورة، وهي أن أعداد المعارضين في مصر كانت تملأ بالكاد سلم نقابة الصحفيين، أما اليوم فهي بالملايين مهما فعلوا.
إن طريق المصريين للحرية ليس معبدا، بل هو طريق مليء بالمشاكل والمطبات الطبيعية والصناعية، ولكن ذلك كله لن يوقف المسيرة، بل سيحفزها لتسرع أكثر وأكثر.
إن نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير حتمي، فهي تحمل كل مؤهلات النجاح، والتاريخ والواقع يشهدان بذلك، وما نحاول أن نفعله الآن هو أن تقف الثورة في خطوتها التالية في وضع ديناميكي يمكنها من التحرك بسرعة إلى الأمام، بدلا من أن تقف في موقعها لوقت أطول مما يلزم.
إنها مسيرة قد بدأت، ومن الصعب أن تنتهي في منتصف الطريق، فهناك جيل كامل (أو شبه كامل) يرتبط مسار حياته بنجاح هذه المسيرة.
أما أعداء هذه المسيرة، فسوف يستمرون في حربهم، وسوف يحققون بعض النجاحات، ولكنها نجاحات من يلفظ أنفاسه الأخيرة، نجاحات عجل سقط وكثرت سكاكينه، وغاية ما يستطيعه أعداء هذه الثورة أن يعطلوا المسيرة قليلا، لا أكثر.
والأيام بيننا...
يظن بعض من آلت إليهم الأمور أن بإمكانهم أن يتحايلوا على القدر، وأن يوقفوا عجلة التاريخ، وأن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يجمدوا الكون والحياة والبشر بحيث يبقى الوضع على ما هو عليه. وأنا أقول بكل ثقة: هذا وهم، سببه الاعتداد بالقوة، وقسوة القلب، وعدم الاتعاظ بالأحداث، سواء التاريخية، أو الحالية.
هذا الوهم سببه باختصار، أن الإنسان بعد سن معينة يعجز عن التكيــف مع الجديد، ويظل أسير الماضي، ولهذا خلق الله سبحانه وتعالى الموت، لأن الإنسان ليس مخلوقا قادرا على التطور إلى الأبد، بل يصل إلى سن الشيخوخة، ويصبح عاجزا عن فهم الجديد، وحتى إذا أراد أن يتطور، تقف أمامه الكثير من العقبات البيولوجية التي تمنعه.
لقد قطعت مصر مسافة كبيرة حين ثارت، وهذه المسافة لا يمكن التراجع عنها، ومهما حلم الحالمون بأن ينسى المصريون معنى الحرية الذي ذاقوه خلال ثورتهم، أو أن ينسوا معنى أن يشاهدوا وزراء في السجن، أو أن يشاهدوا رئيسا جثم على أنفاسهم ثلاثين عاما وهو ملقى في قفص الاتهام، هذه الأحداث لا يمكن أن تنسى، لقد نقشت في الذاكرة الجمعية للأمة، ومحاولة تجاوزها وكأنها لم تحدث تدل على ضعف في العقل، وتبلد في الفكر، وغشاوة على القلب.
لقد حدثت أحداث كبيرة في تاريخنا العربي، مثل أحداث الفتنة الكبرى، وظن بعض المؤرخين أن الإسلام قد انكسرت شوكته، ولكن ما حدث كان غير ذلك، فقد ظل الإسلام ينتشر، وظل الناس يدخلون في دين الله أفواجا، ومرت الفتنة بخسائرها المحدودة، وها نحن الآن على دين الإسلام بالرغم من انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
بعض الناس يظن أن مصر سوف تنقرض بسبب الانفلات الأمني، أو بسبب توقف عجلة الإنتاج، وهذا أيضا وهم.
لقد تمكن الشباب الثائر من قيادة المجتمع إلى هذه الثورة بالرغم من عدم وجود آليات للعمل المنظم تمكنهم من العمل عملا منهجيا يؤدي إلى الثورة، وفي النهاية نجحوا في تثوير المجتمع المصري.
اليوم، أصبح عدد الشباب العاملين في السياسة أضعاف أضعاف عددهم قبل الثورة، وهذا الشباب يملك من أدوات العمل المنظم أضعاف ما كان يملكه قبل ثورة يناير المجيدة، لذلك ستظل مصر تتقدم، وستتحقق أهداف الثورة واحدا تلو الآخر، شاء من شاء، وأبى من أبى.
إن بعض مؤسسات القوة الموجودة في المجتمع، والتي يظن البعض أنها ستقف ضد الثورة، غالبية من فيها في حقيقة الأمر مع الثورة، وشباب هذه المؤسسات ينظر لشيوخها على أنهم قد أدوا ما عليهم ويجب أن يستريحوا، وشيوخ هذه المؤسسات يعلمون جيدا أن شباب هذه المؤسسات ليس طوع أمرهم، وأنهم قد يتمردون إذا تجاوز الكبار حدا معينا، لذلك سوف تحدث سنة الله من التدافع المحمود الذي يؤدي في النهاية إلى سير القطار إلى محطته.
إن طعم الحرية الذي ذاقه المصريون لا يمكن أن ينسى، صحيح أن بعض المصريين قد يفضلون طعم الخبز عليه، ولكن ذلك لا يعني أن المقاتلين في سبيل دوام طعم الحرية ليسوا بمستعدين للقتال لكي يديم الله عليهم هذه النعمة.
لذلك، ستبقى هناك مشكلة كبيرة عند كل من يحلم بإجهاض هذه الثورة، وهي أن أعداد المعارضين في مصر كانت تملأ بالكاد سلم نقابة الصحفيين، أما اليوم فهي بالملايين مهما فعلوا.
إن طريق المصريين للحرية ليس معبدا، بل هو طريق مليء بالمشاكل والمطبات الطبيعية والصناعية، ولكن ذلك كله لن يوقف المسيرة، بل سيحفزها لتسرع أكثر وأكثر.
إن نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير حتمي، فهي تحمل كل مؤهلات النجاح، والتاريخ والواقع يشهدان بذلك، وما نحاول أن نفعله الآن هو أن تقف الثورة في خطوتها التالية في وضع ديناميكي يمكنها من التحرك بسرعة إلى الأمام، بدلا من أن تقف في موقعها لوقت أطول مما يلزم.
إنها مسيرة قد بدأت، ومن الصعب أن تنتهي في منتصف الطريق، فهناك جيل كامل (أو شبه كامل) يرتبط مسار حياته بنجاح هذه المسيرة.
أما أعداء هذه المسيرة، فسوف يستمرون في حربهم، وسوف يحققون بعض النجاحات، ولكنها نجاحات من يلفظ أنفاسه الأخيرة، نجاحات عجل سقط وكثرت سكاكينه، وغاية ما يستطيعه أعداء هذه الثورة أن يعطلوا المسيرة قليلا، لا أكثر.
والأيام بيننا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى