غابت الفرحة.. وهدأ الحماس وبدأ الأمل يتبدد لدى البسطاء من مواطني هذا البلد الذي شهد أعظم ثورة ضد الظلم والفساد.. كثير من المصريين لا يشغلهم أمر «السياسة» ولا يفقهون تفاصيل عملية «التحول الديمقراطي» ويكاد مفهوم الثورة يتلخص عندهم في «العيشة المرتاحة» و«اللقمة الهنية»،
ولذلك لا تندهش إذا سمعت النساء في الأسواق يطلقن صيحات السخط ويرسمن على الوجوه علامات الغضب والحزن فلا ثورة «نافعة» ولا «أعياد» شافعة!
التهم «الغلاء» الفرحة ودهس الأمل في نفوس الفقراء الذين اشتعلت حولهم الأسعار وعجزوا عن شراء أبسط احتياجاتهم حتي في مواسم الأعياد التي اعتاد المصريون على تنشيط حركة شرائهم فيها كطقس هام «يفرحهم» ويدخل السعادة الى ملايين البيوت ومع اقتراب عيد الأضحي ازدادت المشكلة وزاد الاحساس بالعجز أمام ارتفاع الأسعار وجشع التجار الذي لا يرحم دموع النساء ولا شعور الرجال بالقهر.
رغم مرور ما يقرب من تسعة أشهر على قيام ثورة يناير، ووعود برفع الحد الأدنى للرواتب لـ 700 جنيه، إلا أن مؤشر الأسعار مازال متصاعداً منفصلاً عن آمال المواطنين فالتزايد في الاسعار لم يعرف طريق الهبوط منذ شهور طويلة والسبب غير معلوم، حتي أن ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية والاستهلاكية فاق دخول الموظفين والعاملين بالدولة، والحكومة مازالت تتفرج علي الوضع الحالي ولم تقم بالتدخل لحل هذه الأزمة، بل إنها تركت الأسواق لعبة في أيدي المحتكرين والمتلاعبين بأقوات الشعب، ومن ثم استيقظت الحكومة من نومها فجأة كعادتها وأعلنت تصريحاً لوقف هذه المهزلة.. وهو ما أكده التصريح الذي أعلنه مؤخراً الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن أن الوزارة سوف تقوم بتطبيق قانون الحاكم العسكري ضد كل من يتلاعب بأقوات الشعب سواء بتهريب سلعة مدعمة أو احتكار سلعة أساسية والتحكم في أسعارها على حساب الفقراء وتحويله إلى النيابة العامة.
ويتزامن ذلك مع الاحصائيات الرسمية التي تؤكد الارتفاع الطفيف في أنواع السلع المختلفة، كما صرح خبراء التموين بهيئة السلع التموينية بأن أسعار مجموعات السلع الغذائية ارتفعت محلياً بمتوسط 48٪ منذ فبراير الماضي على امتداد ستة أشهر، والواقع يؤكد أن مسلسل ارتفاع الأسعار سوف يستمر في الصعود في ظل غياب الأجهزة الرقابية.
ورغم وجود قانون يسمى بحماية الممارسة ومنع الاحتكار الذي أجمع الخبراء أنه سبب في استمرار حدوث الممارسات الاحتكارية لكونه لم يطبق بشكل جذري في كافة وحدات الانتاج وأرجعوا ارتفاع الأسعار الى غياب الأجهزة الرقابية على الاسواق وعدم التدخل الحكومي بالشكل المطلوب ليدفع المواطن الثمن، والسؤال الآن: أين دور الرقابة منذ قيام الثورة؟.. وما هي الاجراءات التي سوف تتخذها الحكومة للحد من جشع التجار المحتكرين أم أن الأمر مباح وخارج السيطرة؟!.. وما هو سر ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية؟ وكيف يتم ضبط الأسواق؟
في البداية التقينا المواطنين الذين عبروا عن معاناتهم من ارتفاع الأسعار وخاصة قبيل عيد الأضحى المبارك.
الحاجة أم جاسر - ربة منزل ولديها بنت وشاب عاطل - تقول: جئت من شبرا الخيمة لشراء احتياجاتي من الخضراوات والأسماك من سوق الاثنين باعتباره أرحم الأسواق الشعبية على المواطنين، ولأننا لم نقدر على شراء هذه السلع بأسعارها المبالغ فيها، فقد وصل سعر كيلو الجبنة القريش الى 12 جنيها، وكيلو السمك البلطي وصل سعره الى 11 جنيها وفي الأسواق الاخرى اللحم البلدي وصل سعره الى 70 جنيها للكيلو الواحد وسمن الروابي «نصف كيلو» يباع بسعر 12 جنيها، فهؤلاء التجار الجشعون يتحكمون في الأسعار على مزاجهم الخاص وهدفهم هو تعطيش السوق وارتفاع الأسعار، في ظل غياب الأجهزة الرقابية على ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق، والحل في أيدي الحكومة بأن تتخذ اجراءات رادعة ضد التجار الجشعين وتحدد تسعيرة موحدة من جانب وزارة التموين بما يحدث توازن في الأسواق بين العرض والطلب.
وأضافت علية أحمد «موظفة»: أن الأسعار في مصر أصبحت مرتفعة بشكل مبالغ فيه، فكل يوم بسعر جديد، مما يصعب على محدودي الدخل الحصول على السلعة، فالخضراوات في «الطالع» والفاكهة للأغنياء فقط، والفقراء محرمون لذا فلابد من تشديد دور الرقابة على الأسواق والقضاء على التجار الجشعين ومتاجرتهم بقوت الغلابة.
إمام زكريا - يبلغ من العمر 54 عاما «موظف»، ويعول شاباً عاطلاً - يقول: أصبح الكثير من شعب مصر يعاني من الشبح المستمر لارتفاع الأسعار غير المبرر والذي يضر بدخولنا البسيطة وظروفنا المعيشية الصعبة، والمؤسف أن الحكومة مازالت تتفرج على الوضع الحالي ولم تقم بالتدخل لحل قضية الأسعار في مصر، وبالتالي أصبحت فوضى الأسعار تمثل عبئا حقيقياً على الأسرة المصرية وضغوطاً نفسية على رب الأسرة الذي لم يقدر على تغطية الزيادات الرهيبة في الأسعار في ظل غياب الأجهزة الرقابية الحكومية علي الأسواق المصرية، ومن ثم ظهر جشع التجار للمتاجرة بقوت الغلابة، دون رحمة أو شفقة بأحوالهم السيئة، لذا فلابد من تشديد الرقابة على الأسواق والقضاء تماماً على جشع المحتكرين وضبط الأسعار بالأسواق لصالح الطبقة الفقيرة في مصر.
أم هاشم - لديها 5 أولاد وتعمل بوابة في أحد العقارات بشارع سلامة بالسيدة زينب - تقول: زوجي أرزقي، وأنا أعمل بوابة عمارة وأتقاضى شهرياً مبلغ 300 جنيه فقط ولدى 5 أولاد في مراحل تعليمية مختلفة والحياة أصبحت صعبة والأسعار ترتفع بشكل يومي دون سبب معروف، ففي وقت سابق كنا نتحدث عن ارتفاع أسعار اللحوم والفراخ والأسماك أصبحنا الآن نتحدث عن ارتفاع أسعار الخضراوات.
ومن داخل سوق الاثنين بمنطقة عابدين التقينا أحد بائعي الخضراوات الذي أكد أن حركة البيع والشراء ساءت تماماً بعد ثورة 25 يناير، فهناك حالة من القلق يعيشها جميع المصريين بسبب الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد بعد الثورة وتراجعها جعلت الجميع لا يشعرون بالفرحة أو الاستعداد لأي مناسبة أو موسم كما هو الحال كل عام، مما كان له أثر كبير على ضعف حركة البيع والشراء خاصة مع الأحوال الاقتصادية، فصحيح ان ارتفاع الأسعار طال جميع أنواع الخضراوات لكن هذا الغلاء علينا وعلى الزبائن مرجعاً ارتفاع الأسعار الى تجار الجملة الذين يتحكمون في السعر بالزيادة، ويأخذون عن كل كيلو مبلغ عشرة قروش من البائع أو تاجر التجزئة بخلاف النقل والمشال، ومكسبنا الحقيقي لا يتعدى الـ 50 قرشاً.
وعن أسعار الخضراوات فيتراوح سعر الكرنبة البلدي ما بين 6 جنيهات الى 8 جنيهات ووصل سعر كيلو البامية الى 8 جنيهات بدلاً من 7 جنيهات ويصل سعر كيلو الفاصوليا الخضراء الى 5 جنيهات بدلاً من 4 جنيهات ووصل سعر كيلو الكوسة الى 5 جنيهات ويصل سعر كيلو الفلفل الرومي الى 6 جنيهات بدلاً من 3 جنيهات ووصل سعر القرنبيطة الى 5 جنيهات والبطاطس تباع بسعر 4 جنيهات للكيلو ووصل سعر الباذنجان الرومي الى 4 جنيهات للكيلو والجزر الى 5 جنيهات للكيلو ووصل سعر كيلو الطماطم الى جنيهين والخيار الي 3 جنيهات للكيلو والقلقاس يباع بسعر 3 جنيهات ووصل سعر الباذنجان العروس الأبيض الى 2.5 جنيه للكيلو بدلاً من 2 جنيه وقرع العسل يباع بسعر 3 جنيهات للكيلو والبصل الأحمر يباع بسعر 3 جنيهات للكيلو والبصل الأبيض 3.5 جنيه للكيلو والثوم البلدي وصل سعره الى 7 جنيهات للكيلو والثوم الصيني يباع بسعر 8 جنيهات للكيلو والفلفل الحار وصل سعره الى 4 جنيهات للكيلو ويصل سعر الليمون الى 3 جنيهات للكيلو بدلاً من 2.5 جنيه، وحزمة السبانخ تباع بسعر 4 جنيهات ووصل سعر حزمة الملوخية الى جنيه وحزمة الخس تباع بسعر 75 قرشاً حتى جنيه للواحدة وحزمة الخضرة تباع بـ 50 قرشاً وحزمة الجرجير بـ 25 قرشاً.
الطيور.. بلا زبائن
محمود الروبي - بائع طيور بسوق الاثنين - يقول: أسعار الدجاج ثابتة الى حد كبير، ولكن نتوقع ارتفاع الأسعار خلال الأيام القادمة بزيادة تتراوح ما بين جنيه حتي 3 جنيهات، والإقبال متوسط على الشراء وسر ارتفاع الأسعار هو اصحاب مزارع الدجاج الذين يقومون باستغلال احتياجات المواطنين عن طريق زيادة الطلب على الشراء ومن ثم يرفعون أسعارها، وبائعو الدجاج بحجة ارتفاع أسعار العلف حيث ارتفع أردب الذرة الى 1450 جنيهاً ومن ثم يرتفع السعر على المستهلك، وعن أسعار الدجاج، فيصل سعر كيلو الدجاج الأبيض الى 14 جنيها، الدجاج البلدي الى 16 جنيها للكيلو بدلاً من 17 جنيها، ويصل سعر فيليه الدواجن الى 32 جنيهاً للكيلو بدلاً من 33 جنيها، والوراك البيضاء بسعر 16 جنيهاً للكيلو، والكبد والقوانص تباع بسعر 18 جنيها بدلاً من 20 جنيها للكيلو، والبط بـ 30 جنيها للكيلو بدلاً من 28 جنيها، وأجنحة الدجاج بـ 10 جنيهات للكيلو بدلاً من 13 جنيها «أكلة الغلابة» والديك الرومي بـ 28 جنيها للكيلو، وزوج الحمام بـ 28 جنيها، بالاضافة الى أن الاوز اختفى تماما وقت انفلونزا الطيور ومكسبنا الحقيقي هو 2 جنيه بحسب أجرة نقل وعمالة وفواتير ضرائب وكهرباء ومياه، وخاصة أن ارتفاع تكلفة النقل في المقابل الانتاجية ضعيفة جداً ولا تفي بكافة المتطلبات مما جعل عدداً كبيراً منا يهجر هذه المهنة.
لحمة الغلابة
محمد الروبي - بائع فواكه لحوم بسوق عابدين - يقول إن أسعار فواكه اللحوم مستمرة في الصعود، ونتوقع اشتعالها مع اقتراب حلول عيد الاضحى بزيادة تتراوح ما بين 3 و5 جنيهات، وصل سعر كيلو الممبار الى 25 جنيها بدلاً من 20 جنيها ويتراوح سعر لحمة الرأس بين 30 و35 جنيها ويصل سعر كيلو الفشة الى 25 جنيها واللسان البقري الى 35 جنيها ويصل سعر كيلو لحم الكندوز «الصغير» الى 35 جنيها والكارع بـ 40 جنيها.
مدحت عمر - بائع لحوم مستوردة - يقول: إن من يقبل على الشراء يشتري كميات قليلة للغاية تصل الى ثمن كيلو فقط، ووصل سعر كيلو اللحم البرازيلي الى 34 جنيها سعر كيلو الكبدة البقري الى 20 جنيهاً واللحم البرازيلي المفروم وصل سعره الى 34 جنيها للكيلو، والكلاوي تباع بسعر 16 جنيهاً للكيلو والشيش طاووك بـ 31 جنيها للكيلو.
السوداني يكسب
وفي المنافذ المدعمة بمنطقة السيدة زينب التابعة لمحافظة القاهرة بعدما كانت اللحوم السودانية تباع بسعر 35 جنيها للكيلو بعد ثورة يناير، عادت من جديد لتباع بـ 37 و38 جنيها للكيلو.
المعلم فتحي عبد الفتاح - بائع أسماك بسوق الاثنين بمنطقة عابدين - أكد أن الاقبال معقول الى حد ما على شراء الأسماك الطازجة وأسعار الأسماك ثابتة إلى حد كبير، والسبب في ذلك أرجعه إلى أن الموسم القادم هو موسم اللحوم ومن ثم الاتجاه المتزايد للمواطنين سيكون علي شراء اللحوم أكثر من أي شىء آخر، وبالتالي قل الإقبال وانخفض السعر، فوصل سعر كيلو السمك البلطي الى 11 جنيها «حجم كبير» بدلاً من 13 جنيهاً، ووصل سعر كيلو سمك المكرونة الى 10 جنيهات والسردين وصل سعره الى 10 جنيهات للكيلو، وسمك المرجان يباع بسعر 8 جنيهات للكيلو.
المعلم محسن سعودي - صاحب جزارة الأبيض للحوم البلدية بسوق السيدة زينب - يقول: إن الإقبال بسيط على شراء اللحوم البلدية، ووصل سعر الكندوز البلدي لـ 65 جنيهاً ولحم الفلتو بـ 70 جنيهاً وقال إن المجازر تشترط دفع 4 جنيهات على كل كيلو.
حتي.. العطارة!
محمد عبد العال - صاحب محل بقالة وعطارة بسوق السيدة زينب - أكد أن معظم السلع الاستهلاكية ارتفع سعرها فعلياً مثل الفلفل الأسود الهندي والمستكة وحمص الشام، وأن السنة الماضية أفضل من السنة الحالية.. فالإقبال محدود على الشراء بسبب أن أسعار السلع الاستهلاكية البلدية مرتفعة السعر، وسر ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية هو انخفاض زراعة معظم المحاصيل الزراعية الى جانب انخفاض مستوى دخول الكثير من المصريين، وغياب ضمير تجار الجملة الجشعين فضلاً عن الظروف الصعبة التي مر بها البلد منذ حدوث ثورة يناير، وبالرغم من ذلك لم نحقق سوى هامش ربح ضئيل للغاية مقابل عملية نقله وتوزيعه، أما فيما يتعلق بأسعار السلع الاستهلاكية التي ارتفعت أسعارها بالفعل فيصل سعر كيلو الفلفل الأسود «الهندي» الي 56 جنيها، فيما اختفت الأصناف الرخيصة للأرز التي كانت تباع بأقل من 4 جنيهات، أما عن السلع الثابتة فالارز البلدي يبدأ من خمسة جنيهات ويصل في بعض الأنواع الفاخرة لـ 6 و 7 جنيهات.
وطالت الزيادة أسعار التوابل والعطارة ليباع الكمون المغربل بـ 28 جنيها للكيلو والحلبة البلدي بـ 7 جنيهات للكيلو واللوبيا البلدي بـ 12 جنيها للكيلو واللوبيا البيضاء بـ 9 جنيهات للكيلو والفاصوليا البلدي بـ 9 جنيهات للكيلو، وعدس بجبة بلدي بـ 9 جنيهات بدلاً من 13 جنيها للكيلو، والعدس الأصفر «الفاخر» بـ 8 جنيهات للكيلو بدلاً من 9 جنيهات والترمس البلدي بـ 7 جنيهات للكيلو الترمس «السريع» بـ 5 جنيهات للكيلو ووصل سعر كيلو الحبهان الى 200 جنيه والشطة الحار بـ 24 جنيها للكيلو أما زيت القلي فأقل نوع بـ 8 جنيهات ونصف الجنيه، وتصل بعض الأنواع لـ 14 جنيها وعلبة السمن الصناعي نصف كيلو بـ 12 جنيهاً.
مباحث التموين:تقوم بحملات يومية لضبط السوق.. وعلي المواطن الإبلاغ عن التجار الجشعين
العميد أحمد الإدريسي - مدير مباحث تموين الجيزة - أكد أنه لم يتم حتي الآن ترجمة تصريح وزير التضامن بشأن تطبيق قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار «المعدل» ضد التجار الجشعين بشكل عملي علي أرض الواقع، مشيراً إلي أن مشكلة ارتفاع الأسعار في مصر ترجع إلي طبيعة السوق المفتوح وحرية التجارة والبيع والشراء، ومن ثم العرض والطلب، بالإضافة إلي ضعف الإنتاج وكذلك دخول المواطنين، والمؤسف أن التجار الجشعين هم الذين يعطشون السوق من أجل رفع الأسعار ويقومون بدفع كميات بسيطة إلي السوق المصري من أجل ارتفاع الأسعار مستغلين الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد وعدم وجود رقابة كافية في الأسواق، ولا يكتفوا بالمعقول، لذلك نجد تفاوتاً في الأسعار من منطقة إلي أخري.
أضاف العميد «الإدريسي» أنه يتم عمل عدة حملات يومية لضبط الأسعار، مشيراً إلي أن مواطن محافظة الجيزة لم يسكت عن حقه ويقوم بالإبلاغ عن التجار الجشعين ويتم فوراً التعامل معهم عن طريق مصادرة بضائعهم ودفع الغرامات المالية التي حددها القانون، مؤكداً أن الحل في يد الحكومة بسرعة تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار «المعدل» لكونه يساعد علي ضبط الأسعار والأسواق ويحمي المنافسة ويرشد الأسعار ويمكنه وضع تسعيرة موحدة، مما يحدث توازناً بين العرض والطلب ويصب في النهاية لصالح المستهلك.
الدكتورة سعاد الديب - رئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك ونائب رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك - تقول: إن المشكلة الحالية في فوضي الأسعار التي تعيشها الأسواق تكمن في ضعف الأجهزة الرقابية في فرض سيطرتها علي ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق، ونحن كجمعية ليس لها سلطة الضبطية القضائية حتي تساهم في الرقابة، فدورنا يقتصر علي حملات توعية المستهلك بكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات حسب ما نص عليه قانون حماية المستهلك، والدور الأكبر في هذا الشأن للأجهزة الرقابية للجهات الحكومية التي يجب أن تقوم بضبط وتنظيم هذا السوق.
أضافت الدكتورة «الديب» أن الجمعية تقوم بإبلاغ الأجهزة المسئولة عن حالات الغش أو الفساد، مع تقديم مقترحاتنا بشأنها، أشارت إلي أن ما يحدث حالياً في الأسواق يدفع المواطنين نحو ثورة الجياع، لذا أناشد المسئولين سرعة التحرك عن طريق إعداد دراسات ووضع برامج وخطط كافية حول الاحتياجات الحقيقية للبلد وهذا يتطلب دراسة حالة كل سلعة علي حدة، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تتسبب في حدوث هذه الزيادات غير المنطقية مع وضع الاحتمالات أو التوقعات التي من الممكن أن تتسبب لاحقاً في حدوث أزمة، وهذا الدور الإيجابي يخص بالدرجة الأولي إدارة الاحتياجات بوزارات التضامن والتجارة الداخلية، لأن قطاع التجارة الداخلية هو المسئول الأول الذي ينبغي أن يكون له استراتيجية لتحقيق التوازن الكمي والكيفي في الأسواق المصرية، حتي توفر السلع للمواطنين هامش ربح معقولاً وبسيطاً يتناسب مع الدخول المتدنية للمواطنين وذلك واضح في أن أبسط الأطعمة في غير متناول البسطاء، وكنا ننصحهم من قبل باستخدام سلاح المقاطعة ضد تجار اللحوم الجشعين، ولكن الآن لم نجد شيئاً لنقوله لهم وقد أصبح طبق الخضار بدون لحم ليس في مقدرتهم توفيره، مضيفة أنه من الممكن أن تقوم مؤسسة السلع التموينية بفتح أذون استيرادية من الخارج لتعويض نقص الإنتاجية، مع تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في البند الخاص بأنه من حق الدولة في بعض السلع أن تفرض سعراً إجبارياً، إلي جانب توحيد سعر كل سلعة للقضاء علي مشكلة جشع بعض التجار الذين يحتكرون السلع.
خبراء الاقتصاد: حد أقصى للأرباح بنسبة مئوية فوق التكلفة وتشديد عقوبات الاحتكار
أكد الدكتور حمدي عبد العظيم - الخبير الاقتصادي - أن زيادة الاسعار لها أسباب اقتصادية غير مبررة، فالمنتج أو التاجر يرفع هامش الربح ولا يكتفي بالمعقول بحجة أنه مستهلك لسلعة أخرى غالية لا ينتجها، وهذا كلام مغلوط تماماً لأن التاجر المحتكر دائما ما يرغب أن تكون أسعار منتجة نفس اسعار السلع العالمية دون أن يفكر في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ومن ثم لا يوجد سقف للربح مضيفاً الى أن هذه الفئة اساءت فهم مفهوم السوق الحرة أو سياسة العرض والطلب.
وأضاف الدكتور عبد العظيم أن قانون حماية المنافسة وضع الممارسات الاحتكارية الذي تم تعديله مؤخراً لم يفعَّل بالشكل الكامل.. فالجهاز ينتظر تقديم الشكاوي أو البلاغات المقدمة إليه من المواطنين سواء كانت بسبب ارتفاع الأسعار وجشع التجار أو نقص كميات الانتاج المعروضة، لكنه يفتقد التفعيل الحقيقي لدوره في تشجيع المنافسة ومحاربة الاتفاقات الضارة وملاحقة أي ممارسات احتكارية تضر بالمستهلكين، مشيراً الى أن هذا القانون كان يتم استغلاله في الماضي لصالح رجال الأعمال والسياسيين ومن يجمع بين الوزارات والبزنس، لذا يحتاج حالياً الى الاستقلالية في عمله وليس بفرض تسعيرة جبرية حسب «المادة 10» من القانون بل يجب وضع حد أقصى للارباح بنسبة مئوية فوق التكلفة بمعني أنه بزيادة التكلفة يزيد السعر والعكس صحيح.
كما ينبغي أن يضاف تعديلات حالية لقانون حماية المستهلك الذي لا يوجد له آلية تسمح للجهاز بأن يتدخل في تحديد سعر منتج للحد من تلاعب التجار المحتكرين.
وأكد دكتور عبد العظيم أهمية لجوء عدد كبير من المواطنين الى اتخاذ سلاح المقاطعة للسلعة المحتكرة، كنوع من الامتناع الجماعي لذا نقترح أن تدعو لذلك جمعيات حماية المستهلك ومن ثم ينخفض الطلب على السلعة وبالتالي يقل سعرها، ومن الممكن أن تقوم هذه الجمعيات بتقديم بلاغات ضد المحتكرين بالنيابة العامة حتي نتمكن من منع الممارسات الاحتكارية الضارة او التلاعب في الانتاج أو عرض السلعة.
وينصح دكتور «عبد العظيم» التجار الجشعين بأن يراعو الظروف الحالية التي يمر بها البلد، وان يثبتوا بأن لديهم شعوراً وطنياً تجاه بلدهم وشعبها، ويمتنعون عن استغلال المواطنين في الضائقة الاقتصادية التي يشهدها المجتمع بكافة فئاته، لذا فلابد أن يخفضوا الأرباح المرتفعة لسلعهم بحيث ينخفض مستوى هامش الارباح ومن ثم يتفق مع مستويات ارباح السلع الاخرى.
مضيفاً أنه لا يوجد نظام أو قانون يلزم التجار المحتكرين الا أنفسهم، موضحاً ان الاستهلاك وصل الى نسبة 40٪ خلال شهري سبتمبر وأكتوبر مقارنة بشهور يوليو وأغسطس بفترة رمضان الذي تعدى الاستهلاك بين 48٪ حتي 50٪.
فيما أكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد - خبير اقتصادي وعميد اكاديمية السادات للعلوم الادارية - ان الاحتكار مازال مستمراً في تعطيل وتعذيب المواطنين بكافة أشكال الممارسات الاحتكارية الموجودة في السلع الغذائية والاستهلاكية وخاصة الصناعات الغذائية بدءا من التجارة الداخلية وصولاً إلى التجارة الخارجية من قبل المستوردين.. والغريب أنه لا يوجد رقابة حكومية على الأسعار حيث إن دور الحكومة غير واضح تماماً سواء من جانب الناحية الأمنية او ضبط الأسواق من الناحية الاخرى، مضيفاً أن قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار هو قانون سيئ السمعة وبنوده غير مفعلة تماماً، لذا يحتاج الى اعادة صياغة لبنوده بما يستحق عقابا رادعا على مرتكب جريمة الاحتكار، بدءاً من تشديد العقوبات في هذا القانون ليصل الى عقوبة السجن، بالاضافة الى أنه لا يتعدى الاحتكار نسبة 25٪ الى 35٪ ويتم مصادرة السلع المحتكرة وفرض غرامات مالية تصل لمليارات الجنيهات، كما كان ذلك مقترحا قبل الثورة بأن تصل الغرامة المالية الى مليار جنيه، وأوضح «عبد الحميد» أنه من الأفضل إصدار قانون جديد تحت مسمى قانون منع الاحتكار واستبعاد العمل بقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الذي لا توجد به ضوابط فعلية سليمة لمواجهة الممارسات الاحتكارية بشكل حازم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى