تحول ميدان التحرير خلال الأيام الماضية إلى ساحة حرب مرة أخرى، لكنها حرب من نوع آخر، يصفها المتظاهرون بالحرب الكيماوية.وخاضت قوات الأمن معارك شوارع مع المتظاهرين، استخدمت فيها قنابل مسيلة للدموع، ومثيرة للجدل أيضا.
فقد اتهم النشطاء الذين قادوا احتجاجات التحرير أجهزة الأمن باستخدام غازات محرمة دولية كغاز سي آر، وغاز الخردل.
ويقولون إن الأعراض غير المألوفة التي ظهرت على المتظاهرين نتيجة استنشاق الغاز، ومنها تشنجات، وقئ مصحوب بدم، وعجز عن التنفس، تثبت أن هذه الغازات تخالف تلك المسموح بها دوليا.
وأرسلت منظمات حقوقية دولية، كمنظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، وفدا إلى مصر للتحقيق فيما إذا كان الجيش أو الشرطة استخدما مواد كمياوية محظورة خاصة أن مصر من بين دول غير موقعة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.
وفي تصريحات لبي بي سي عربي، قال محمد لطفي، وهو متحدث باسم العفو الدولية، إن المنظمة تولي أهمية قصوى "لانتهاكات حقوق الإنسان في ميدان التحرير".
وأشار إلى أنه لا يمكن اعتبار ما حدث في مصر جريمة حرب "لأن مصر ليست في حالة حرب، بل في حالة سلم، وحتى ولو ثبت استخدام غازات محرمة دوليا، فإنه يجب ملاحقة المسئوليين عن طريق القضاء الوطني، لأن القضاء الدولي مكمل له."
تظاهرات السفارة
وتابع المصريون في لندن أحداث التحرير عبر القنوات الفضائية، ورأو صورا تكاد تكون نسخة مما شاهدوه في ثورة يناير، وهو ما دفعهم إلى التظاهر امام السفارة المصرية طوال الأيام الخمسة الماضية.
الاختلاف الوحيد بين احتجاجات يناير ونوفمبر، كما يقولون، هو القسوة البالغة التي عاملت بها قوات الأمن متظاهرين سلميين.
وقال موفق أحمد، وهو ناشط في جمعية "مصريون متحدون" إنه إنه لا يمكن حل الأزمة "بعصا الأمن الغليظة".
المتظاهرون في التحرير استخدموا أقنعة ودهانات لمواجهة القنابل المسيلة للدموع
وأضاف أنه مستاء من "عودة مظاهر الاستبداد في مصر المتمثلة في إطلاق رصاص حي على المتظاهرين وإصابتهم إصابات مباشرة في الأعين ومنطقة الوجه كما شاهدنا في مقاطع الفيديو على فيس بوك وتويتر."
ويشعر موفق بأن لا شئ قد تغير في بلده الأم "سوى الوجوه التي تشغل المناصب".
لا توجد مقارنة
وقالت غادة عادل، وهي مصرية مقيمة في لندن، إن تعامل الشرطة المصرية مع متظاهري التحرير يسلط الضوء على الفرق بين تعامل الشرطة في البلدان الغربية والعربية بصفة عامة.
وأضافت أنه "لا توجد مقارنة" بين الشرطة المصرية ونظيرتها البريطانية لأن الأخيرة "لم تطلق النار على عين مواطن بريطاني، ولم تستعمل الرصاص المطاطي لتفريق المشاغبين والمتظاهرين في الأحداث الأخيرة، بل قررت إعادة تأهيل المراهقين منهم في معسكرات صيفية."
وتمكنت الشرطة البريطانية في أغسطس/آب الماضي من احتواء أسوأ أعمال شغب شهدتها البلاد في العقود الأخيرة احتجاجا على مقتل مشتبه به من أصول إفريقية برصاص الشرطة وعلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
ولا تستخدم الشرطة البريطانية قنابل الغاز في فض التظاهرات والاعتصامات، لما يترتب عليها من عواقب صحية خطيرة.
ويقول د. أندريا سريلا، وهو أستاذ علم الأمراض في جامعة لندن، إن المواد الكيماوية المستخدمة في صنع بعض أنواع قنابل الغاز المسيلة للدموع لا تؤثر على الأغشية المخاطية أو الرئتين فحسب، بل تتسلل إلى مسام الجلد وقد تحدث حروقا من الدرجة الثانية.
ويضيف لبي بي سي أن الأثر الأخطر الذي قد تتركه تلك المواد هو تغيير الخريطة الجينية لمن يتعرض لها، وهو ما قد يؤدي إلى تشوه الأجنة على سبيل المثال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى