ليس هناك تفسير مقنع لما أقدمت عليه السلطات فى مصر من قمع المتظاهرين بقسوة بالغة فى ميدان التحرير فى اليومين الآخرين، سوى أن القائمين على هذه السلطات يتلذذون بالانتقام من الشعب!
أجل.. فأولى الأمر عندنا لم ينسوا أبداً أن هذا الشعب المصرى العظيم انتفض وثار حتى قطع رأس الأفعى بطرد حسنى مبارك من وكر الرئاسة فى 11 فبراير الماضى.
ذلك أن المجلس العسكرى الذى آل إليه حكم مصر فى هذا اليوم يمثل الوجه الآخر لنظام مبارك، وعندى من الأدلة ما يكفى على ذلك مثل:
1- الكل يعرف أن الشباب هو الذى أشعل الثورة ضد مبارك فى 25 يناير، ثم انضم إليه غالبية الشعب فيما بعد، فى حين ظل أعضاء المجلس العسكرى صامتين إلى أن بدا لهم أن ورقة (قائدهم) قد احترقت تماماً، فاستلموا منه السلطة السياسية فى مساء 11 فبراير، ولم يعزلوه (راجع من فضلك خطاب عمر سليمان الذى أعلن فيه (تخلى) مبارك عن الحكم وليس إقالته أو محاكمته!
2- إصرار المجلس العسكرى على الانفراد بالسلطة منذ اللحظة الأولى وإلى الآن، فلم يسمع لنصائح أصحاب الخبرات السياسية الذين طالبوا بتشكيل مجلس رئاسى لإدارة المرحلة الانتقالية.
3- حرمان شباب الثورة من المناصب السياسية المهمة، والعمل على تشويههم حتى يكره الناس الثورة ويلعنوها.
4- المماطلة فى محاكمة مبارك وابنيه لمدة شهرين تقريباً بعد إزاحته، فلما رضخ المجلس العسكرى كارهاً لضغوط الشارع الثائر، قرر محاكمته على ارتكابه تهماً خائبة، ثم منعوا البث التليفزيونى للمحاكمات حتى يحفظوا ماء وجه كبيرهم الذى علمهم القمع!
5- الحفاظ على حكومة عصام شرف بعناد غير مسبوق على الرغم من أنها حكومة باهتة وفاشلة، ولم تنجح فى حل أية أزمة تعرضت لها مصر!
6- عدم حسم موضوع الانفلات الأمنى حتى هذه اللحظة وهم قادرون لو شاءوا، ولكن ماذا تقول لأناس استمرأوا حلاوة السلطة، ويبحثون عن مبررات للبقاء فيها إلى ما لا نهاية!
7- عدم الوفاء بعهوده، فالمجلس العسكرى أعلن فور طرد مبارك أن الجيش سيترك الحكم بعد ستة أشهر، وهو ما لم يتم، ولن يتم فى تقديرى إلا إذا أصر الشعب على استعادة بهاء ثورته واستلام السلطة من الذين خطفوها منه!
8- إقدام أجهزة الأمن والشرطة العسكرية على قمع المتظاهرين بغلظة شديدة تؤدى إلى قتل بعضهم، وإصابة المئات (أحداث ماسبيرو مثالاً)، وما جرى فى ميدان التحرير يومى السبت والأحد 19، 20/11/2011 خير شاهد على أن الذين يحكمون مصر الآن هم أصدقاء مبارك ورجاله الأشاوس!
9- عدم تحسن أحوال الفقراء على الإطلاق، وهم بالملايين، علماً بأن الثورة اندلعت تحت شعار العدالة الاجتماعية، بجانب الحرية والكرامة!
فإذا أضفنا إلى ذلك إغراق البلاد فى فوضى التشريعات والتعديلات، مع التحايل فى عدم إصدار قانون العزل السياسى حتى الآن، تبين لك أن المجلس العسكرى يحكم البلد بالأسلوب نفسه الذى كان يحكمنا به حسنى مبارك، وهو أسلوب بائس يستهدف التعبير عن مصالح طبقة بالغة الثراء والجشع على حساب عشرات الملايين من العمال والفلاحين والموظفين الصغار والمهمشين إلى آخره.
لكل ذلك أصدر أولو الأمر عندنا الآن قرارهم (التاريخى) بقمع الشعب الذى تجرأ يوماً وطالب برحيل رئيسه المشبوه، وما حدث فى ميدان التحرير مؤخراً من قمع وقتل المتظاهرين السلميين يؤكد لك أن كل ما تغير هو أن الرئيس مبارك بعد الثورة صار اسمه المشير!
اليوم اسابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى