اعتاد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك علي أن يدفع الرشاوي لكل من عاصروه من الرؤساء وكبار رجالات الإدارة الأمريكية وزعماء العالم حتي يرضوا عنه ويساندوه في البقاء في حكم مصر للأبد، وهذه الهدايا التي لا تقدر بثمن كانت تدفع من مال مصر وفي أحيان كثيرة من كنوزها الأثرية.
مفاجأة كشفها البيت الأبيض بشكل خاص لـ"روزاليوسف" ففي الأسبوع الماضي أعلنت الإدارة الأمريكية عن قرار رسمي غير معتاد اتخذ بناء علي حكم محكمة أمريكية برفض كافة الهدايا التي تلقاها خمسة من الرؤساء الأمريكيين السابقين هم من عاصروا حكم الرئيس المصري المخلوع بداية من الرئيس الأمريكي "رونالد ريجان" الرئيس رقم «40» إلي "باراك أوباما" الرئيس الأمريكي الـ44 من قبل الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك استنادا إلي قانون تلقي الموظف العام الأمريكي الهدايا بصفته الوظيفية حيث يحظر علي أي موظف بدءا من رئيس الجمهورية تلقي هدايا تزيد قيمتها السعرية علي مبلغ 30 دولارا أمريكيا.
وربما لأول مرة بشكل علني تعترف الإدارة الأمريكية أنهم كانوا علي علم منذ بداية حكم حسني مبارك لمصر أن تلك الهدايا الثمينة التي انهال بها علي أمريكا لم تكن تخص الرئيس المصري وليست من أمواله الخاصة كما هو معتاد بين الرؤساء لكنها كانت من أموال الشعب المصري قدمها المخلوع كرشوة للسياسيين الأمريكيين والضباط الكبار وحتي الرؤساء كي يرضوا عنه ويثبتوه ثم ربما ليخلدوه في حكم مصر.
المخجل أن المحكمة الأمريكية العليا هي من سجلت رأيها في هذا الشأن ووصفت الهدايا بأنها "رشوة" مقنعة وصريحة، وكان ذلك بناء علي مذكرة أرسلت إلي فقهاء القانون الأمريكي عقب سقوط نظام مبارك في 11 فبراير 2011 سألت فيها الإدارة الأمريكية عما يمكن فعله مع هدايا الرئيس المصري المخلوع وهي بالمئات خاصة بعد ما تم الكشف عنه من فساده وفساد عائلته في خلال فترة حكمهم لمصر.
البيت الأبيض كشف أيضا أنهم بداية من 1 أكتوبر 2011 عقب ورود الرد القانوني كانت في الولايات المتحدة الأمريكية لجنة علي جانب كبير من السرية تشكلت من 4 ضباط كبار من المباحث الفيدرالية الأمريكية تنقلت بين الولايات المتحدة المختلفة ومعها نسخة من قرار المحكمة العليا الأمريكية بحثا عن هؤلاء الذين لايزالون يحتفظون بهدايا مبارك الملوثة بشبهة الرشوة الصريحة.
ويتضمن قرار المحكمة الأمريكية بناء علي ما نقله البيت الأبيض الآتي: "تنفيذا لقرار المحكمة النهائي تنقل هدايا الرئيس المصري السابق "محمد حسني مبارك" إلي أرشيف المتحف القومي الأمريكي لتوضع في المكان المناسب كي تكون مزارا للأجيال الأمريكية المختلفة لتحكي عن قصة حاكم مصري ديكتاتور حاول رشوة الولايات المتحدة الأمريكية الحرة علي مدي 30 عاما ولم يستطع، فقررت المحكمة الأمريكية تخليد تلك الرشاوي في مكانها المناسب بالمتحف القومي الأمريكي".
ومبارك تاريخيا عاصر وتودد وحاول تقديم رشاوي وهدايا إلي 5 رؤساء أمريكيين وكل من عملوا تحت إداراتهم من موظفين وضباط بداية من رونالد ريجان" الرئيس 40 جمهوري (من 20 يناير 1981 إلي 20 يناير 1989) "جورج بوش" الأب الرئيس الـ41 جمهوري (من 20 يناير 1989 إلي 20 يناير 1993) "بيل كلينتون" الـ42 ديمقراطي (من 20 يناير 1993 إلي 2001) "جورج دبليو بوش" الابن الرئيس الـ43 جمهوري (من 20 يناير 2001 إلي 20 يناير 2009) نهاية إلي "باراك أوباما" الرئيس الـ44 ديمقراطي (من 20 يناير 2009 إلي الآن.
وتوجد لديهم بيانات وكشوف حصر شاملة كشفت أن هدايا مبارك وزوجته وحدهما للزعماء والرؤساء في مختلف دول العالم طيلة سنوات حكمه الـ30 تجاوزت ما يعادل 2 مليار دولار أمريكي أما هدايا زوجته لزوجات رؤساء وملوك العالم.. فقد كانت مثار جدل عميق في قصور العالم حتي أنهم أطلقوا عليها في قصر الإليزيه الفرنسي لقب "مدام سوزان سوربريز" كناية عن الهدايا العملاقة التي كانت تقدمها.
في كشوف البيت الأبيض صنفت هدايا الرئيس المصري المخلوع وزوجته الأغلي ثمنا وقيمة بين هدايا رؤساء وزعماء وملوك العالم حيث كان بعضها لا يقدر أصلا بالمال بسبب أنها هدايا فرعونية قيمة تمثل لدي مستقبلها أو المرسلة إليه جزءا من التاريخ المصري القديم.
الغريب أن البيت الأبيض يعترف أن هدايا مبارك وسوزان الفرعونية كانت شرعية ولم تخرج خلسة أو سرقة من مخازن المتحف المصري بل خرجت بشهادات منشأ رسمية معترف بها دوليا ووقع عليها من كان مسئولا في مصر وقت تسليم الهدايا، وأغلبها جعارين وتماثيل من نوع "أشانتي" صغيرة علمنا أن منها عشرات الآلاف في خزائن المتحف المصري.. وربما كان هذا هو السبب الذي جعلها في قائمة استخدامها لترصيع وتزيين الهدايا القيمة للإدارة الأمريكية.
ومع أن البيت الأبيض أكد لنا أن ملوك وزعماء مصر اعتادوا علي إهداء هدايا أثرية للإدارات الأمريكية المختلفة من عهد أسرة محمد علي حتي مبارك.. لكنهم لم يقرروا في تاريخهم رد أي هدايا وتحويلها للمتحف كما فعلوا مع هدايا المخلوع، ومن أشهر تلك الهدايا مثلا هدية قلادة النيل التي أهداها الرئيس الراحل أنور السادات إلي جيمي كارتر تعبيرا عن مجهوداته للوصول إلي توقيع معاهدة السلام عام 1979.. وهي أيضا ستنقل للمتحف مع هدايا مبارك كما علمنا لكنها رغبة شخصية من جيمي كارتر لتوضيح الفارق بين هدايا السادات وهدايا مبارك.
هدايا مبارك ستنقل بالكامل بعد ساعات قليلة إلي المتحف الأمريكي الوطني علي بعد أمتار من المسلة الفرعونية المصرية بالعاصمة الأمريكية واشنطن وبالمناسبة تلك المسلة غير أصلية ولم تسرق من مصر كما هو شائع وقد بنيت تخليدا لذكري الرئيس الأمريكي الأول "جورج واشنطن" الذي حكم أمريكا من 30 إبريل 1789 إلي 4 مارس 1797 وكان من الحزب الفيدرالي وقد صممها المهندس المعماري الأمريكي "روبرت ميلس" وافتتحت رسميا في 9 أكتوبر 1888 وكانت أعلي مبني علي الأرض في تاريخ الافتتاح.
مبارك تركزت أكبر وأكثر هداياه لضباط الجيش الأمريكي والمخابرات المركزية الأمريكية ومن أقربهم إلي مبارك "روبرت جيتس" الذي عمل في السي آي إيه لمدة 26 عاما عاصر فيها مبارك منذ أن كان نائبا للرئيس الراحل أنور السادات ومنذ ان كان يعمل مع المخابرات الأمريكية من أيام الرئيس الأمريكي رونالد ريجان إلي أن أصبح جيتس وزيرا للدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية بداية من 18 ديسمبر 2006 وحتي 1 يوليو 2011 عندما عين بدلا منه وزير الدفاع الحالي "ليون بانيتا" وقد كان هو أيضا ضابطا قديما بالمخابرات المركزية الأمريكية.
حتي تصميم قاعة هدايا رشاوي مبارك لرؤساء أمريكا بدأوا يضعون تصورات لها ومنها صورة حصلنا علي نسخة منها له مع "جوزيف روبينيت بايدن" نائب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما الذي اعترف مؤخرا أنه شعر بالحرج مرات عديدة في لقاءات شخصية له مع مبارك بسبب الهدايا الثمينة التي كان يقدمها المخلوع له حتي أن بايدن طبقا لرواية البيت الأبيض الرسمية قدم تقريرا سريا للإدارة الأمريكية كتب فيها: "اعتقد أن ذلك الرجل وكان يقصد مبارك يعتقد أنه يمكنه رشوة أي شخص" وكان بايدن أول من حرك موضوع شرعية وقانونية هدايا الرئيس المصري المخلوع وهو أول من نقل دون قرار من المحكمة هدايا مبارك لأرشيف المباحث الفيدرالية الأمريكية وكان أول من رفض سرا هدايا مبارك والسبب أنهم كانوا طيلة الوقت يشعرون بالحرج الدبلوماسي الشديد من هدايا مبارك وزوجته سوزان ، كما لم يتمكن أحد من إقناعه أن تلقي الهدايا غير قانوني لكن المصدر يكشف ربما لأول مرة أنهم كانوا يقبلون الهدايا حتي يتعرفوا علي نوايا مبارك من ورائها فلقد كان دائما له نوايا أخري.
ومن بين تلك الهدايا صندوق تاريخي من الفضة الخالصة مرصع بالأحجار الكريمة لا يقدر بثمن حصل عليه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في ديسمبر 2010 حيث كان مبارك يريد منه مساعدته لدي الإدارة الأمريكية في التغلب علي مخاطر وجود تمرد شعبي علي حكمه طبقا للمعلومات التي تواردت لدي النظام المصري يومها بمعني أن مبارك أراد قتل الثورة المصرية في مهدها بواسطة هدية كانت عبارة عن صندوق تاريخي من الفضة الخالصة مرصع بالأحجار الكريمة لا يقدر بثمن.
الغريب أن في نفس الفترة التي كانت عائلة مبارك تخشي من التمرد الشعبي كما كانوا يصفون المعلومات الأولية عن الثورة.. أرسلت سوزان ثابت زوجة المخلوع إلي "ميشيل أوباما" زوجة الرئيس الأمريكي باراك أوباما هدية هي الأخري ومعها اتصال هاتفي حار طلبت فيه سوزان في نهايته من ميشيل أوباما مساعدتهم في مصر للتغلب علي التمرد الشعبي إذا حدث وفي نهاية الحديث أخبرت سوزان زوجة أوباما انها أرسلت إليها وعاء تاريخيا كهدية مصنوع من الألباستر الملكي المصري الفرعوني مرصع بسلاسل الفضة الإسترلينية الساحرة مع مجموعة من مفارش المائدة المصنوعة من خيوط الذهب الخالص لعلمها أن ميشيل أوباما تحب المفارش الجميلة.
قائمة الهدايا لا حصر لها وتعددت في عام 2010 نظرا لخوف مبارك من الشارع المصري واعتقاده أنه يكرس صداقته عن طريق إهداء مفاتيح النظام الأمريكي حتي يقفوا بجانبه وقت اللزوم وسننقل منها ما تيسر لنا من واقع سجلات البيت الأبيض التي سجلت عددا من هدايا مبارك عام 2010 لنقلها للمتحف القومي الأمريكي كنموذج لنهاية الشهور المستقرة لحكم مبارك وعائلته في مصر ومنها: هدية من مبارك إلي روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي السابق عبارة عن قلادة ذهبية مرصعة بالماس بتاريخ 22 يونيو 2010 .
هدية من مبارك إلي روبرت جيتس عبارة عن إناء من الفضة التاريخية الخالصة لشرب النبيذ الأحمر الذي يحبه جيتس مهداة بتاريخ 22 يوليو 2010 .
هدية إلي الأدميرال مايكل مولن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة عبارة عن إناء تاريخي مطلي بالذهب الخالص مع قلادة ذهبية مصرية أهديت بتاريخ 19 يونيو 2010 .
هدية من مبارك لمايكل مولن عبارة عن قلادة من الفيروز الأصلي الخالص مع سلسلة ذهبية سميكة أهديت بتاريخ 21 إبريل 2010 .
وفي ذات العام هدية من مبارك لمولن عبارة عن إناء من الفضة أهدي بتاريخ 4 يونيو 2010 .
وذكرت الكشوف أن مبارك كان يتباري مع الزعماء الآخرين كأن هناك سباقا علي تقديم أجمل وأهم الهدايا للسياسيين الأمريكيين في حين ان أحدا منهم لا يمكنه طبقا للقانون تقبل الهدية ومنها بندقية ذهبية خالصة مع عدد من الطلقات الذهبية صناعة خاصة هدية من مبارك إلي روبرت جيتس نائب الرئيس الأمريكي السابق أهديت له بتاريخ 5 إبريل 2010 .
هدية من مبارك إلي "ماري بيث لونج" مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشئون السياسية عبارة عن سوار من الذهب الخالص عيار 24 مع حجر أزرق مرصعة بجعارين فرعونية بلون المخمل الأرجواني أهديت بتاريخ 15 يناير 2010 .
هدية من مبارك للجنرال الأدميرال "غاري رافهيد" قائد العمليات الأمريكية البحرية وكانت معلومات البيت الأبيض لنا أن مبارك كان يصادقه كي ينقذه وأسرته من مصر بحرا حال تطلبت الظروف الطارئة في مصر ذلك وهي عبارة عن إناء من الفضة الخالصة عيار 925 أهدي بتاريخ 28 مايو 2010 .
هدية من مبارك إلي الفريق الأمريكي "ستيفن أر انجليس" بجهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية عبارة عن سبيكتين من الذهب الخالص عيار 18 أهديت بتاريخ 1 مارس 2010 .
هدية من مبارك سجل أمامها رقما يدل علي اسم صاحبها لم يذكر هو (5 يو اس سي 7342 إف 4) وهو منصب رفيع لضابط في المخابرات المركزية الأمريكية والهدية عبارة عن سجادة تاريخية مقاس 146 في 133 من الحرير مطرزة بالعاج بلون الزيتون والمارون مصنعة من خيوط الذهب تعود للقرن الثامن عشر لم تقدر بثمن أهديت بتاريخ 12 أكتوبر 2010 .
هدية من مبارك للجنرال الأدميرال "غاري رافهيد" قائد العمليات الأمريكية البحرية والسيدة زوجته التي رافقته إلي مصر عبارة عن سوار مصري فرعوني مرصع بالماس عيار 3.89 وضع في صندوق من الذهب الخالص مع شهادة توثيق مصرية رسمية تمنح حق الاقتناء أهديت من مبارك وزوجته سوزان بتاريخ 25 مايو 2010 . هدية من سوزان مبارك إلي السيدة الأمريكية الأولي ميشيل أوباما عبارة عن وعاء من المرمر الأصفر وسلاسل فضية صناعة يدوية لأبناء أوباما وأربعة مفارش كبيرة بيضاء مرصعة الحواف بالذهب الأصفر مع عصابات عبارة عن مناديل بلون المفارش تستخدم للنوم أهديت بتاريخ 23 سبتمبر 2010 هدية من مبارك لنائب الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن" عبارة عن علبة فضية مرصعة بالماس منقوشة بالنحت اليدوي المصري مع تفاصيل دقيقة محفورة عليها أهديت من مبارك بتاريخ 22 أكتوبر 2010 .
الأغرب أن هناك عشرات من الهدايا بين مجموعات هدايا مبارك وجدوا الشهر الماضي عند الحصر والتجميع أنها مفقودة في ظروف غامضة وهو ما استدعي حاليا التحقيق في سر اختفائها وهي لا تقدر بثمن.
والتحقيقات تفرعت حيث يحقق مع عدد من الضباط الكبار بالإدارة الأمريكية عن سبب تلقي الهدايا والظروف التي أحاطت بكل هدية منها ونوع الخدمة التي من المحتمل أن يكون قام بها المتحصل علي الهدية من مبارك لكشف أي شبهات لفساد أو وساطة في صفقات خاصة تمت بين مبارك وعائلته وأي من الضباط والمسئولين في الولايات المتحدة الأمريكية.
حسنى مبارك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى