أيام الثورة الأولي كانت الأعين كلها علي الجيش بإعتباره الخلاص والأمل.
أتذكر جيدا كيف إنطلقت الهتافات في ميدان التحرير إثر إشاعة بأن الرئيس السابق سيولي الفريق سامي عنان حقيبة وزارة الداخلية وأن الفريق سامي عنان قد رفض،الكل ردد بصوت واحد : "ياعنان ياعنان..إحنا خواتك في الميدان".
هكذا كانت بوادر علاقة الثوار بالعسكر رومانسية وحالمة، تجلت صورها في كل أوجه الحياة في مصر ،لعل أبسطها محلات ملابس الأطفال التي كانت تضع صورة طفل يرتدي جلباب وبجواره آخر يرتدي بدلة ضابط جيش ويمسكون بيد بعضهم البعض،ليجسدوا في صورة رمزية الهتافات التي كانت تنطلق في كل مكان وفي كل لحظة "الجيش والشعب إيد واحدة".
الآن إنتهت العلاقة الغرامية التي بدأت في الثامن والعشرين من يناير حيث كان ينام المتظاهرون تحت عجلات الدبابات خائفين أن يستيقظوا فلايجدوا الجيش الذي نزل إلي الشوارع كي يحميهم؟.
مرت بالعلاقة أحداث كثيرة،ولكن تبقي هناك أحداث خمسة تعتبر نقاطا فاصلة في مسار علاقة العسكر بالثوار.
أحداث 8 إبريل
كان نزول إثني وعشرون ضابطا من الجيش المصري لميدان التحرير للمشاركة في جمعة " المحاكمة والتطهير"هو الحدث الأبرز في تلك الجمعة،وقد قالوا إنهم نزلوا إلي ميدان التحرير بعدما شعروا أن المشير يتلاعب بمطالب الثورة ويتعمد تصفيتها ماديا ومعنويا فانضموا لصفوف المتظاهرين ليطالبوا بسرعة محاكمة مبارك وتطهير وسائل الإعلام وتحقيق مطالب الثورة.
وانتشرت إشاعات من جانب الجيش وقتها بأن هؤلاء الضباط سمعتهم سيئة فمنهم من قام بالهروب من البعثات ومنهم من قام بالزواج من أجانب.
وكان هؤلاء الضباط بنزولهم بالزي العسكري قد خالفوا قواعد العسكرية المصرية ووجهت لهم تهم مثل خفض الروح المعنوية للجيش المصري،وقد قدموا لمحاكمة عسكرية وتم الحكم عليهم بعشر سنوات ثم خففت إلي ثلاث سنوات،ومازال أهلهم يطالبون المشير بالعفو عنهم.
أحداث العباسية 23 يوليو
قال الثوار أنهم توجهوا إلي العباسية في مسيرة سلمية تنادي بسرعة محاكمة رموز النظام السابق ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيينبالإضافة إلي سرعة تحقيق أهداف الثورة.
أثناء المسيرة تم الهجوم عليهم،كالعادة يقول المتظاهرون أن الإعتداء عليهم كان مدبرا من قبل الجيش.
وكانت هناك رواية آخري تقول بأن أهالي العباسية هم الذين قاموا بضربهم ،وقتها كانت هناك إتهامات كثيرة متبادلة ،لايستطيع أحد أن يجزم بأنه يعرف الحقيقة المطلقة في هذا الموضوع،المؤكد فقط أن علقة ساخنة تلقاها المتظاهرين ، ولعل مالفت الأنظار وقتها أمرين : الأول : سب الناشطة السياسية أسماء محفوظ المشير طنطاوي ونعتها إياه "بالزفت" ، الثانية قيام مجموعة من الشباب بإلقاء القبض علي الناشط السياسي عمر غربية بحجة أنهم شاهدوه مع الجاسوس الإسرائيلي وقرروا أنهم سيسلموه للشرطة ولأنه لم يكن هناك شرطة قريبة فقد داروا به في عدة أقسام للشرطة قبل أن يطلق سراحه في النهاية. وانتهي الموقف بقول المتظاهرون : أن تحريض اللواء حسن الرويني ضدهم وإتهامهم في أحد البرامج التليفزيونية بأنهم قد تلقوا تدريبا في صربيا ،بالإضافة إلي ظهور فيديو علي قناة الجزيرة يتحدث عن برامج التدريب تلك قد أفقد الكثير من الثوار بريقهم في الشارع المصري.
أحداث ماسبيرو 9 أكتوبر
كانت النار مشتعلة بالفتنة الطائفية تحت الرماد،فحوادث شتي قد وقعت مثل حادثة الأخت كاميليا والأخت عبير بإمبابة وغيرها بالإضافة إلي حوادث بناء الكنائس وهدم الكنائس،إلا أن حادثة كنيسة الماريناب– والتي كانت في الأساس منزل - كانت الفتيل الذي أشعل النار،خرج المسيحييون في مسيرة ضخمة ليتوجهوا إلي أمام مبني ماسبيرو وهناك وقع الحادث،وعلي غير العادة كانت هناك ثلاث روايات : الأولي أن الجيش إعتدي علي المتظاهرين وقام بالتعامل بشكل عنيف معهم مما أسفر عن وقوع قتلي وجرحي.
الثانية : وجود مندسين بين الطرفين لكي يشعلوا فتيل الفتنة.
ورواية ثالثة : أن الأقباط هم من إعتدوا علي رجال الجيش وقاموا بقتل عدد كبير منهم لم تعلن القوات المسلحة الرقم حفاظا علي الروح المعنوية لأفراد الجيش.
موقعة السفارة الإسرائيلية الأولي 20 أغسطس 2011
قتلت إسرائيل ضابطا وجنديين علي الحدود المصرية وأثار ذلك غضب المصريين،فنظمت مظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية للتعبير عن الغضب ورفضهم الوجود الإسرائيلي في وادي النيل.
ووقتها كان الحدث الأشهر هو تسلق الشاب أحمد الشحات مبني السفارة وقيامه بإنزال العلم الإسرائيلي ووضع العلم المصري.
وقد علقت محطة سي إن إن علي ذلك بقولها إن طرد السفير الإسرائيلي من مصر بيد الشعب المصري أخطر بكثير من طرد السفير الإسرائيلي بقرار من الحكومة التركية.
سبتمبر : المتظاهرون يقتحمون السفارة الإسرائيلية والأوراق الخاصة بها تتساقط من نوافذها
تمكن المتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة في ساعة متأخرة من يوم 9 سبتمبر/أيلول من أقتحام مقر البعثة الدبلوماسية الاسرائيلية الذي يحتل عددا من الطوابق في أعلى برج سكني في منطقة الجيزة بالعاصمة المصرية.
وكانت الأوراق الخاصة بالسفارة تتساقط من نوافذها خلال أكثر من ساعة.
جاء ذلك بعد ساعات من قيام المتظاهرين بتدمير قسم من الجدار الذي شيد حول المبنى الذي تقع فيه السفارة . وتمكنت قوات الأمن المصرية من منع دخول المتظاهرين إلى مبنى السفارة.
أحداث شارع محمد محمود 19 نوفمبر2011
كان عدد من المتظاهرين معتصمين بميدان التحرير ،وقد قامت الشرطة بمحاولة فض إعتصامهم بالقوة ووقعت إشتباكات وسرعان ما إندلع العنف وتسبب في سقوط قتلي وجرحي.
إتهم المتظاهرون رجال الأمن بإستخدام الغازات السامة ضدهم،وضربهم بالرصاص الحي،وفي المقابل إتهمتهم الشرطة بمحاولة إثارة الفوضي والإعتداء علي جنود الأمن المركزي والشرطة،ومازالت التحقيقات جارية في القضية.
أحداث مجلس الوزراء 16 ديسمبر 2011
كان عشرات الشباب قد اعتصموا أمام مجلس الوزراء مطالبين برحيل المجلس العسكري ورافضين لحكومة الجنزوري.
قامت قوات الأمن بمحاولة لفض الإعتصام بالقوة،وإندلع العنف وسقط قتلي وجرحي بالإضافة إلي إشتعال النيران في مبني المجمع العلمي المصري.
وتبادل الثوار والمجلس العسكري الإتهامات ،فقد إتهم الثوار المجلس العسكري بإنتهاك حقوق الإنسان وضرب المتظاهرين بالرصاص الحي،وكذلك ضرب الفتيات.
أما الجيش فقد جاء بإعترافات لبعض الأشخاص يدعون أن أحد الأشخاص قد أعطاهم أموالا من أجل التخريب.
وبصرف النظر عن ماقد تسفر عنه التحقيقات إلا أن كل هذه الأحداث وغيرها كانت نقاطا فاصلة في العلاقة بين العسكر والثوار حيث تحولت من الوردة إلي البندقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى