هل يعيش الأستاذ عماد الدين أديب بيننا؟ هل كان موجودا وواعيا عندما قامت فى مصر ثورة يوم 25 يناير 2011 تنادى بالكرامة الإنسانية؟
الثابت أن الأستاذ أديب كان موجودا وحاضرا بقوة، خصوصا فى أخطر أسابيع
الثورة عندما ظهر على الشاشات متحدثا عن الأصابع الأجنبية فى ميدان
التحرير، فى محاولة يائسة لإقناع جموع الشعب الغاضبة بالانصراف إلى منازلها
وإنقاذ نظام المخلوع من السقوط، غير أنه يبدو أن الأستاذ عماد لم يكن
مركزا بالقدر الكافى ومنتبها لما قامت من أجله الثورة، وبسببه، ذلك أنها
كانت ثورة الكرامة الإنسانية بامتياز.وأزعم أن الكاتب الكبير لو كان يعى ذلك لما هانت عليه كرامة مصر والمصريين وكتب ما كتب فى صحيفة الشرق الأوسط السعودية يوم الجمعة الماضى.
لقد كتب عماد أديب مقالا كان يصلح للاستهلاك قبل 25 يناير 2011، ويبدو أنه لم يراع فروق التوقيت، فنشره بعد عشرة أشهر من ثورة الكرامة، ومن هنا فإنه يعتبر مقالا منتهى الصلاحية، يستحق أن توضع عليه عبارة «هذا المقال فيه سم قاتل».
يتحدث الأستاذ فى مقاله عن المصريين باعتبارهم شعبا من البؤساء المنكوبين بأزمة أنبوبة البوتاجاز التى تكاد تفجر أمن مصر القومى، وكأن هذه الأزمة اجتاحت البلاد نتيجة الثورة، على الرغم من أن الكل يعلم أنها أزمة موسمية، وكانت تتخذ أيام المخلوع شكلا أعنف بكثير مما تابعناه هذا العام.
ودون أن نصادر على حق الكاتب العائد إلى الساحة بقوة بعد فترة «بيات ثورى» فى أن يرى حجم الأزمة كما يريد، فإننا فقط نهمس فى أذنه بأن أحدا من المصريين الذين قدموا آلاف الشهداء والمفقودين والجرحى فى ثورة الكرامة الإنسانية لم يمنحوا أحدا تفويضا ليستجدى الزعماء الخليجيين ــ أصدقاء المخلوع ــ لكى ينعم على مصر بكميات من أنابيب الغاز لانتشالها من الأزمة.
وأظن أن الأستاذ عماد يعلم ــ وهكذا يفترض ــ أن مصر لم تقم بثورة الكرامة الإنسانية من أجل أن تتسول وتمد يدها لهذا الزعيم أو ذاك كى يملأ لها الأنبوبة، أو يمنحها كثيرا من الأسطوانات، فضلا عن أن هؤلاء الذين يستثير الكاتب مشاعر العطف والشفقة فيهم لا يشعرون بالارتياح والرضا عن الثوار المصريين الذين أسقطوا صديقهم من السلطة، ناهيك عن أن منهم من بذل محاولات مستميتة لإنقاذ المخلوع وإعفائه من المحاكمة.
لقد كنت أتمنى بدلا من الاستجداء نيابة عمن يحكمون مصر لأن «كرامة قيادتها تمنعها من الطلب» أن يوفر الكاتب طاقته للحديث عن الفاشلين الذين يصدرون الغاز إلى أكثر من دولة بينما رعاياهم يسقطون قتلى فى طوابير الحصول على أنبوبة بوتاجاز، أو أن يطالب بكشف ومحاسبة هؤلاء الخفافيش الذين يصنعون أزمة البنزين والبوتاجاز، فى هذه التوقيتات بالذات.
اطمئن يا أستاذ عماد.. مصر ودعت عصور التسول، حتى وإن جاعت بفعل فاعل من حكامها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى