القاهرة - داليا عبدالله
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالا للكاتب روبرت سبرنجبورت بعنوان "ما لا يريد الجيش ان يعرفه المصريون" منعته صحيفة "المصري اليوم" مؤخرا، وقالت المجلة ان رئيس تحرير الملحق الإنجليزي للجريدة، هو من طلب منه كتابة مقال للنشر في العدد الصادر في الأول من ديسمبر الماضي، وذلك ردا على بيان "المصري اليوم" الثلاثاء الماضي، والذي زعم أن الكاتب الأمريكي، حاول نشر المقال في الجريدة "لخدمة مخططات وأهداف غربية".
قال سبرنجبورت "فى يوم 7 ديسمبر، نشرت صحيفة "المصري اليوم" افتتاحية بعنوان "الانديبيندت البريطانية تفبرك مقالا عن المصري اليوم"، واتهمت الصحيفة مراسل الانديبندت اليستر بيتش بأنه تابع لوكالة الاستخبارات الغربية وادعت أنه استاذ فى كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية في مونتيري بولاية كاليفورنيا، وكان يسعى لإثارة انقلاب عسكري في مصر".
وأضاف: "وكان المراسل قد تعرض لهذه الحملة السخيفة بسبب فضحه قيام الصحيفة المصرية بالرقابة على مقال كنت قد كلفت بكتابته لموقع الصحيفة الناطق باللغة الانجليزية تحت عنوان "مصر المستقلة". لقد كان من المقرر نشر المقال فى العدد الثاني من الجريدة يوم 1 ديسمبر، خاصة أن المقال تحدث بايجابية عن الجيش المصري حسبما جاء فى غالبية استطلاعات الرأي، وانه من الخطأ ان يستغل المشير طنطاوي هذا القبول لصالح المجلس الاعلى للقوات المسلحة، خاصة أن استطلاعات الرأى الحالية توضح ان التأييد الشعبي للمجلس فى انحدار.
وانتهي مقالي إلى أن طلب المشير طنطاوي، فى خطابة يوم 22 نوفمبر، بإجراء استفتاء على رحيل المجلس الاعلى للقوات المسلحة قد يأتي بنتائح عكسية ضده، كما ان الهدف من الخطاب هو افزاع العديد من القوي السياسية المدنية فى مصر بهدف اطالة حكم المجلس العسكري. لقد استندت فى مقالى الى الادلة المادية لهذا الغرض، واشرت ايضا الى عدم الموافقة الصريحة لواشنطن على الدور السياسي للمجلس العسكري حيث اصدر البيت الابيض يوم 25 نوفمبر بيانا دعا فيه الى وجود حكومة مصرية جديدة بصلاحيات حقيقية على الفور.
وكانت هذه الملاحظات التي جعلت مجدي الجلاد رئيس تحرير الصحيفة يدعي كل هذه الافتراءات ولا اعرف ان كان ذلك بناء على أوامر مباشرة من المجلس الاعلى للقوات المسلحة، أم لأنه تحسب لرد الفعل السلبي لطنطاوي تجاه الجريدة، واحيي في الوقت نفسه رد الفعل الشجاع لمحرري الملحق الانجليزي للجريدة، برفضهم صدور العدد التالي منه، إلى حين منحهم حرية تحريرية من إدارة المصري اليوم".
وتابع: "مهما حدث وراء الكواليس، هناك مؤشرات قوية تدل على الرقابة الصارمة للمجلس العسكري على ما ينشر من أخبار ومقالات، ويجب ان يدرك طنطاوي ان بقاءه كقائد اعلى للقوات المسلحة محفوف بالمخاطر، فلسنوات طويلة كان طنطاوي اليد اليمنى لمبارك في السيطرة على الجيش، وقد اعاد توجيه جهود المؤسسة الرئيسية في التنمية الاقتصادية بدلا من التنمية العسكرية الأمر الذى ادى الى وجود شعور عام لدى ضباط الجيش بالاستياء العميق وقد اتضح ذلك عندما تفاقمت عيوب المرحلة الانتقالية التى يديرها المجلس لاسيما نشر وحدات عسكرية للسيطرة على الحشود، والتخويف والقتل المباشر للمتظاهرين، وتحويل القواعد العسكرية الى معاقل.
والسؤال هنا هو: هل يسعي أعضاء المجلس الى الدفاع عن مصالحه ومصالح المؤسسة العسكرية عن طريق إغراق طنطاوي ، كما حدث مع مبارك، بعد كل شيء؟
الأمر الثاني هو ان الفريق سامي عنان يتمتع بسمعة جيدة بعد ان تشوهت صورة طنطاوي تماما، فهل يمكن ان يؤدي ذلك الى انقلاب داخلى خاصة فى اعقاب انتصار الاخوان المسلمين والسلفيين فى المرحلة الاولى للانتخابات البرلمانية؟ ربما قد تكون هذه الخطوة نوعا من التحالف بين الاسلاميين والمجلس العسكري.
باختصار، فإن الضغوط السياسية على طنطاوي تظهر الآن بعد نتائج الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية ومحاولة المجلس العسكري الفورية لإضعاف البرلمان حتى قبل انتخابه، لكن الرقابة الخرقاء تفاقم مشاكل المجلس العسكري، فالدرس الاول الذى تعلمناه من الربيع العربي هو أن الأخبار تنتقل بسرعة كبيرة، ففي غضون ساعات انتشرت قصة مصادرة الملحق الإنجليزي، ليس في مصر، فقط، ولكن في العالم أيضا.
لقد اختلف هشام قاسم الناشر السابق فى "المصري اليوم" كثيرا مع صاحب المطبوعة حول قضية الحرية التحريرية واستقال فى نهاية المطاف، إن الليبرالية ليست ظاهرة فى هذه المطبوعة التى يشارك فيها نجيب ساويرس مؤسس "حزب المصريين الاحرار"، تحت ذات التسمية المضللة ربما.
وهناك بعض الآثار المقلقة خاصة وان نظرية الجواسيس والمؤامرات الخارجية اصبحت وسيلة تدافع بها الجهات الفعالة القوية عن نفسها، كما ان ما يحدث من رقابة يلقي بظلاله على التزام المجلس العسكري بتصريحاتها ويشير الى عدم قدرته على الانسجام فى عملية انتقال ناحجة، هذه الآثام لا تهدد المجلس العسكري فحسب ، بل المؤسسة العسكرية بأكملها .
هذا بدوره يشكل تحديا كبيرا لواشنطن ، وهي الآن محاصرة بين مجلس عسكري غير كفء وتشكيل حكومة اسلامية يحتمل أن تكون عدوانية، مع عدم وجود خيار آخر خاصة وان الليبراليين فى موقف ضعيف الآن.
باختصار، هناك الكثير من الأنباء السيئة في القاهرة، ولكن الرقابة تمنعها من الانتشار".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى