آخر المواضيع

آخر الأخبار

06‏/12‏/2011

شهداء محمد محمود عاشوا وماتوا مظلومين

258

رائحة الموت تفوح من أمام مشرحة زينهم ولكنها ولثانى مرة رائحة دماء شهداء التحرير، صراخ وعويل لأمهات ودعن نعوش أبنائهن الشهداء متمنين لهم السلامة فى رحلتهم إلى الله، دعوات بالصبر والسلوان. عبارات تهدئة لأم الشهيد وأرملته وطفله الصغير، رجال يضربون رءوسهم بأيديهم لفقد فلذات أكبادهم، ومشهد يدمى القلوب عندما رأيت أما تجلس على الأرض بجوار نعش ابنها تحدثه محذرة من نزول التحرير.
إغماءات ودموع لا تنقطع لنساء ورجال فقدوا أبناءهم، وقفوا جميعا أمام المشرحة ينتظرون خروج فقيدهم لتشييعه إلى مثواه الأخير.
لكن ربما لم تكف آلامهم على فقد ذويهم من شهداء وضحايا أحداث ميدان التحرير الأخيرة التى وقعت جراء الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة فى محاولة الأخيرتين لفض الاعتصام بالقوة وتطويق المعتصمين داخل الميدان، تلك الاشتباكات التى راح ضحيتها أكثر من 38 شهيداً حتى الآن، والمتواجدون داخل المشرحة، حتى يعيشوا مأساة أخرى لبطء إجراءات استخراج تصاريح دفن جثث ذويهم، مما أصابهم بشعور بتعمد الحكومة بعدم مراعاة الرحمة والشفقة معهم حتى فى «الموت»، لذلك فقد حاول بعض أهالى شهداء أحداث ميدان التحرير اقتحام المشرحة، بعدما رفضت إدارة المشرحة تسليمهم جثث ذويهم، دون معرفة الأسباب رغم مرور ساعات على الوفاة وصدور تقارير طبية، وقاموا بالطرق بشدة على أبوابها المغلقة، محاولين الدخول للحصول على الجثث، حتى أن بعضهم أكد عدم وجود فرق بين حكومة مبارك وحكومة الثورة فكلتاهما بلا قلب وكلتاهما احترفت القتل والسحل لأبناء مصر حتى بعد موتهم، قائلين: «جثث أبنائنا منذ 6 ساعات فى المشرحة ولم تستخرج تصاريح الدفن لنا حتى الآن لبطء تصريح النيابة الذى يزيد فى تعذيبنا»، كما أعرب البعض الآخر عن غضبهم واستيائهم الشديد من بطء هذه الإجراءات وعن سبب عدم انتقال فريق من النيابة العامة إلى مقر المشرحة لتسهيل الإجراءات على الأهالى، حتى طالب البعض بأخذ ذويهم ودفنهم بدون أى تصاريح، ولكن رفض جميع الحاضرين اتخاذ الأهالى هذا الإجراء حفاظا على حق أبنائهم وحق جميع الشعب المصرى من الضياع فى معرفة المتسبب فى هذه المذبحة الإنسانية، وقال بعض أهالى الشهداء أيضا إن التقارير الطبية لذويهم جاء فيها أن طلقات الرصاص الحى هى سبب الوفاة، إلا أن الأطباء لم يذكروا المكان الذى حدثت فيه الوفاة ولا نوع الرصاص الذى اخترق الجسد، وهو ما دفع بعض الأهالى للمطالبة بإدراجهما فى التقرير الطبى للوفاة.
كما أضاف شاهد عيان أن بعض أهالى الشهداء وجدوا فى التقارير الطبية وفاة بالاختناق رغم القتل بالرصاص الحى مما أدى إلى اشتباكهم مع موظفى مشرحة زينهم والذين نصحوهم بالعودة إلى المستشفى وتصحيح تقرير الوفاة.
هذا إضافة إلى ترك الأطباء والعاملين بالمشرحة أماكن عملهم أحيانا خوفا من غضب وبطش أقارب المتوفين، فباب المشرحة مغلق وشباك حديدى هو ما يفصل بينهما إلا أن هذا لم يمنع حدوث اشتباكات بين أهالى الشهداء والعاملين بالمشرحة، فحالة الاحتقان التى تصف حال الأب والأم تجعل الجميع فى حالة ثأر ومع ذلك فهم من يحملون كفن أبنائهم.
بينما عقب د. محمد عيسى مساعد كبير الأطباء الشرعيين أن مصلحة الطب الشرعى ليس لديها صلاحيات كبيرة فى التحكم فى تشريح واستخراج تصاريح دفن الجثث دون الرجوع إلى رأى النيابة وهى الجهة المختصة التى تصدر هذه الأوامر ونحن علينا فقط تنفيذ ما تأمر به.
وفى نفس السياق أكد على تقدير المصلحة للحالة السيئة التى يأتى عليها أهالى الضحايا، خاصة أن أغلب ضحايا الأحداث الأخيرة للتحرير كانوا من الشباب ما بين 16 و30 عاما وأغلبهم توفوا بطلقات نارية نافذة فى الرأس والرقبة والبطن والظهر.

259

* ضربونى بالرصاص يا أمى
هكذا بدأت والدة الشهيد حسن سعيد حسن حديثها عن آخر الكلمات التى قالها فقيدها قبل أن تتركه مودعة فى غرفة العناية المركزة بمعهد ناصر لزيارته فى اليوم التالى إلا أن وفاته كانت أسرع من أن تتلقى الأم كلمات أخرى من ابنها الشهيد.
وأكملت قائلة: ابنى حسن كان شابا طيبا وليس بلطجيا أو مأجورا كما يقولون عنهم فى الإعلام، فوالده متوفى وهو من يعولنا ويعول أسرته، فهو متزوج منذ سنتين ولديه طفلة صغيرة أصبحت الآن يتيمة «واستمرت الأم بالبكاء»، ثم قالت: نزل ابنى مع الشباب لينقذ مصر ويساعد الناس بعد أن شاهد التليفزيون وهو يعرض مشاهد لشباب وأطفال ينزفون ويموتون وتأثر بمنظر المتظاهرين وهم يسقطون بين قتلى وجرحى، فخرج إلى التحرير وكأنه كان على موعد مع ملك الموت فقد اختفى من يوم الجمعة ولم نعرف عنه شيئا حتى يوم الاثنين بعد البحث والسؤال عنه فى المستشفيات وأقسام الشرطة وكل الأماكن التى كان يتردد عليها لم نتوصل لشىء حتى فوجئنا بتليفون يخبرنا أن ابنى حسن فى الإنعاش بمعهد ناصر فأسرعت بالذهاب إليه وعندما رأيته قال لى: «أنا انضربت يا أمى برصاص حى فى ضهرى وأنا تعبان قوى وعايز أخرج من هنا وعندما رآنى أبكى قال لى لا تبكى يا أمى فأنا لو مت هأكون شهيد»، لكنى تحاملت على نفسى وأقنعته أنه هيكون كويس وعندما ذهبت إليه فى اليوم التالى مبكراً أخبرونى أنه مات بعد أن تركناه بساعات، وختمت الأم حديثها متسائلة لمصلحة من يُقتل شبابنا بهذه الطريقة مش كفاية الشباب عاش ضايع بسببهم كمان هيموت بأيديهم؟!! «حسبى الله ونعم الوكيل» قالتها الأم وصمتت لكن دموعها لم تعرف طريقا للصمت.
بجانبها وقفت الزوجة فى العشرين من عمرها تحمل ابنتها الطفلة الصغيرة التى لم يتجاوز عمرها عاماً واحداً، والتى لم تدرك ما يدور حولها، ولكن الفطرة دفعتها للصراخ والبكاء على والدها، بينما تساءلت زوجته عن الذنب الذى اقترفته يد زوجها كى ينال ذلك الجزاء؟! أما عمه فقد أخبرنى أن حسن ذهب معه لزيارة قبر والده يوم الجمعة ولم يكن فى نيته بعد النزول إلى التحرير وقال: «يبدو أنه كان يودع والده فى الدنيا ليلقاه فى الآخره»
«ابنى مات غدرا» هذا ما تردده والدة الشهيد عصام 27 سنة التى قلَّت كلماتها بينما كان صراخها هو ما يعبر عن حسرتها متمتمة بكلمات تؤكد عدم مشاركة ابنها فى المظاهرات إنما أخذ طلقة نارية غدرا فى الرأس وهو عائد من عمله، ثم نظرت إلى السماء قائلة: «يعنى قلنا نمشى جنب الحيط وبرضه منفعش، حسبى الله ونعم الوكيل»


* عبدالرحمن طالب الثانوى الثائر
ارتجفت أوصال كل الأشخاص الذين كانوا يقفون أمام باب المشرحة، وزلزت قلوبهم عندما شاهدوا والد الطفل عبدالرحمن إمام على محمد «15 سنة» طالب بالصف الأول الثانوى وهو يضرب بكفيه على رأسه وأصوات صراخه تكاد تمزقه وهو ينادى بها على فلذة كبده، بينما الأم تسقط على الأرض فى إغماءات متوالية تسأل فى كل مرة منها عن ابنها عبدالرحمن، فيسكت الجميع وتبكى هى وتهيل على رأسها التراب، يمنعونها فيزداد صراخها بالسؤال عن ابنها تركتهم وجلست بجوار نعشه تتأمله وكأنها تحدثه معاتبة لذهابه إلى هناك وكيف احتمل الرصاصة التى استهدفت قلبه الصغير، فتنهار بالبكاء مرة أخرى فقد ذهب الحبيب الغالى إلى مدرسته لكنه خرج منها متوجها لميدان التحرير وضرب بنصائح والديه عرض الحائط، وتلفع بعباءة الرجال لتستقر رصاصات الغدر فى قلبه، ويدفع حياته فداء لمصر.
وقبل خروجى من أمام المشرحة متأثرة ببكاء وصراخ أهالى الشهداء وجدت رجلا فى بداية العقد الرابع من العمر يجلس فى ركن منزو يفترش الأرض وعلامات الذهول والبكاء المرير تمزقه، وقد تبين أن نجله الوحيد عيد صبحى «18 سنة» لا يعلم عنه شيئاً وهاتفه مغلق، وقد طرق الأب أبواب جميع المستشفيات دون جدوى، ولا يعلم حتى الآن شيئاً عنه حتى استقر به المطاف على أعتاب مشرحة زينهم بعد أن طرق بابها لكنه لم يجد فيها حتى جثة ابنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى