كان مكتوبا على جبينه «وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين».
وعلى ابتسامته.
«فإما إن كان من المقربين، فروح وريحان وجنة نعيم».
هكذا عاش. وهكذا استشهد. الشيخ عماد عفت.
حينما دخل «هولاكو» بغداد، جمع علماء الأئمة وسألهم: «أيهما أفضل. حاكم مسلم ظالم. أم حاكم كافر عادل؟». فأجابوا: «الكافر العادل». ولم يجب أحد الإجابة الصحيحة «لا هذا ولا ذاك. بل حاكم يخضع لأحكام الدستور والقانون والشريعة. فلا يملك أن يكون عادلا أو ظالما. وإنما معبرا عن إرادة الشعب». ومنذ تلك الإجابة الخائنة بل وقبلها بقرون، وحتى هذه اللحظة ونحن نعيش بين خيارات السوء، إما العادل الكافر وإما الظالم المسلم. إما القهر وإما الفوضى. إما الخبز وإما الحرية. خيارات كلها تحض على أن تختار الخنوع. ولا تطمع فى أن تعيش كما يعيش الناس مستقرا على أبسط المبادئ الإنسانية. وشارك فى تأكيد خيارات السوء أنظمة السوء بآلتها الجهنمية التى يتقدمها علماء السلطان. الذين يستغلون الدين فى خراب دنيانا. وقليلون هم. قليلون هم. الذين وقفوا مع الحق والعدل والخير والجمال مثل شيخنا الشهيد عماد عفت الامتداد الحقيقى لعلماء الحقيقة مثل أبى ذر الغفارى رضى الله عنه وعز الدين بن عبدالسلام والحلاج والأفغانى ومحمد عبده ومحمد الغزالى.
والشهيد ولد يوم السبت 15 أغسطس 1959م بالجيزة، وحصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1991م، وليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997م، ودبلومة الفقه الإسلامى من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر عام 1999م، ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم، ومتزوج ولديه أربعة أطفال ذكران وأنثيان، آخر الوظائف التى عمل بها مديرا لإدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء المصرية، وعضو لجنة الفتوى بها، بعد أن تولى رئيس الفتوى المكتوبة بالدار فى بداية تعيينه بأكتوبر 2003م.
وكانت أهم فتاواه حرمة التصويت للفلول الذين أفسدوا حياتنا مستندا إلى أن من يفسد ولو بالصمت، ومن شارك فى سن التشريعات والقوانين التى أطالت عمر النظام السابق وعمر شقائنا الممتد لا يستحق أن يمثلنا، ووجدت الفتوى صداها فى تصويت المصريين بغض النظر عمن اختاروه بدلا وربما لهذا ردوا على رأيه بالرصاص. وربما لأنه كان واحدا من الذين أسهموا فى إطفاء النار التى اشتعلت فى شارع محمد محمود وراح فيها خير شهداء مصر، خافوا أن يكرر نفس الفضيلة أمام مجلس الوزراء فقرر مشعلون الحرائق أن يتخلصوا من سلامه القادم. ولأنه ثائر حقيقى والثائر الحقيقى لا يقتل ولا يحرق ولا يراهن على مستقبل بإحراق ماضيه خصوصا لو كانت كتبا وعلما، قرروا التخلص منه، ولأنه مصرى يخاف على كل المصريين ولا يقبل قتلهم وسحلهم وتعريتهم، قرروا التخلص منه، لكن أحدا لا يستطيع التخلص من الشهداء، لأنهم يعيشون بأمر إلهى فى قلوب الأوطان والشعوب. فما زال شهداء أكتوبر يحييون بيننا، ولا يزال شهداء 25 يناير يعيشون لنا، كما ستظل ابتسامته عنوانا على ابتسامة الشهداء. ابتسامة الشهيد التى ترى فى الأفق وطنا جديدا حرا لكل المصريين.
ابتسامة الشهادة هى التى ستبقى وهى التى عرفناه بها، فنحن لم نعرفه من دعاة الفضائيات والمخمليات، فلا هو عمرو خالد ولا هو خالد الجندى ولا سلفى من «الحكمة» ولا سلفى من «الرحمة» فلا هو محمد حسن يعقوب ولا هو محمد حسان ولا من جناح السلطة فى الأزهر ولا حتى من جناح المعارضة بل عمود من أعمدة الفقه المستنير الذى لا يوقف رأيه وفتواه حسب جناحه، ولا هو وفدى ولا تجمعى ولا ناصرى ولا ساداتى ولا تطبيعى ولا علمانى ولا ليبرالى. ولا. ولا. ولا. من كل تلك الأوصاف التى تدين الموصوفين. كان فقط مصريا. والذى قتله لا يمكن أن يكون مصرى الروح والقلب والهوى. والذى قتله كان يعرفه فالنتائج المبدئية لتحقيقات النيابة تؤكد أن الرصاصة التى تسببت في استشهاده عيار 9 ملى أصابته من مكان قريب جدا بزاوية مستقيمة لا يوجد بها أي انحراف. وأكدت شهادات بعض المجاورين للشيخ عماد قبل لحظات من استشهاده، الرواية الموجودة في تسجيل على موقع «يوتيوب» أثناء سقوط الشيخ على الأرض، وتتضمن أن الرصاصة جاءت من مكان قريب جدا، لدرجة أن الشيخ قال له قبل لحظات من سقوطه إن هناك شخصا يضرب طلقات صوت بجواري، إلا أن المتحدث وجد أنه سقط بإحداها فجأة، ما يؤكد أن الرصاصة كانت من شخص بجوار الشيخ بحسب الفيديو المسجل. وستمضى الجريمة والقاتل سيظل دون عقاب. لكن الله يعرف والوطن يعرف. ولن يضيع الشهيد أبدا بعد أن رسم ابتسامته على روح كل المصريين.
مخلص :
الشيخ عماد عفت الشهير بشيخ الثوار هو أحد شهداء أحداث مجلس الوزراء ٢٠١١/١٢/١٦
وهو أحد كبار علماء الأزهر الشريف وكان متخصصاً في اللغة العربية وعلوم القرآن الكريم .
شغل الشيخ عماد عدة مناصب في دار الإفتاء المصرية كان آخرها أمين الفتوى بدرا الإفتاء المصرية
شارك الشيخ في الثورة المصرية منذ يوم 27 يناير 2011 وكان من المعتصمين في ميدان التحرير حتى خلع مبارك
ثم شارك بعد ذلك في جميع المليونيات والوقفات التي تمت لتحقيق أهداف الثورة حتى استشهد في أحداث مجلس الوزراء يوم 16/12/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى