ناك هوس بالمؤامرة الخارجية والأصابع الأجنبية لدى جنرالات المجلس العسكرى، يتحكم فى كل تصريحاتهم وتصرفاتهم التى تبدو وكأنهم يرون أشباحا لا نراها ويشفقون علينا جدا ويكرهوننا أيضا، لأننا لا نراها!
كويس خالص..
ماشى.. هناك مؤامرة كونية هائلة رهيبة على مصر، لا يعرف وجودها إلا المجلس العسكرى وجنرالاته، بقى فقط أن نعرف من الذى يتآمر؟ ثم السؤال الأهم: وليه إن شاء الله هذه المؤامرة؟
الجنرالات فى اعتقادهم الراسخ بوجود مؤامرة يبثون الذعر والرعب فى الشارع المصرى ويبدو أنه تخويف مطلوب ومحسوب وملعوب كذلك، ولكنه يتجاهل بشكل مريب هذا التشابه المذهل فى ما يردده الجنرالات عن مؤامرة وأصابع خارجية وبين ما ظل عمر سليمان يلوكه ويقوله مع مبارك ورجاله، تخويفا من الثورة والثوار!
هذه لعبة رخيصة جدا يلجأ إليها النظام القديم بوجهَيْه الرئيس والمشير، لكن لا بأس من محاولة الإجابة عن السؤالين اللذين يتعمد الجنرالات عدم الإجابة عنهما:
مَن الذى يتآمر على مصر؟
طبعا أمريكا وإسرائيل.
أليس كذلك؟ أليس السعى الحثيث السخيف لدى إعلام الجنرالات الذى هو للمفارقة إعلام حسنى مبارك وابنه وأمانة سياساته هو إقناع المواطن المصرى بأن أمريكا الملعونة وإسرائيل الشنيعة هى التى تقف وراء مؤامرة على مصر تحرك فيها أذنابها من العملاء المموَّلين من ثوار ونشطاء وحقوقيين وصحفيين وكتّاب وسياسيين من أجل إضعاف مصر وتفتيتها؟!
طيب خلينا مع هذه النظرية إلى باب الدار ونشوف آخرتها إيه!
لماذا تتآمر أمريكا على مبارك والمشير؟
إذا كان مبارك صاحب هذه العلاقة الحميمة اللصيقة الخادمة لأمريكا وسياستها، والذى لم يخالفها فى يوم من الأيام، بل كان وراءها تابعا طيِّعا موافقا من حرب الكويت إلى حرب العراق إلى حرب غزة، وهو الذى يعادى حزب الله وحماس وإيران وكل القوى الممانعة والمعارضة لأمريكا، فكيف -بالله عليكم- تقف أمريكا ضده وتتآمر عليه وهو رجلها الأمين ووكيلها الضامن وتابعها السياسى؟!
إذن، لا يمكن لها أن تخوض مؤامرة لإسقاط الراجل بتاعها ووكيلها فى المنطقة، ثم لا يمكن كذلك أن تتآمر على المشير وجيشه، وهو الذى يتلقى منها -على مدى السنين الماضية- عشرات المليارات من المعونات ويشاركها فى المناورات العسكرية السنوية، ويحصل منها على أسلحته ويتدرب فيها ضباطه، ثم هو صاحب العلاقة القوية الوثيقة بالبنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) والحليف لها فى حرب الخليج، والذى لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل خلال تسعة وثلاثين عاما، فكيف -بالله عليكم- تتآمر على المشير ومجلسه العسكرى وهو صديقها وحليفها الاستراتيجى ومتلقى ثانى أكبر معونة عسكرية تمنحها واشنطن كل سنة من أموال المواطن الأمريكى؟!
طيب، هل ممكن تتآمر إسرائيل على مصر مبارك أو مصر طنطاوى؟
ليه هىّ إسرائيل اتهبلت؟!
إن حاخام إسرائيل لا يزال يدعو لمبارك حتى الآن فى صلواته، وزعامات تل أبيب كلهم بكوا رحيل مبارك كما تبكى الأرملة زوجها، وهم كذلك خبروا وعرفوا المشير طنطاوى عبر عشرين عاما بمجلسه العسكرى الذى يحرص على معاهدة السلام مع إسرائيل ولا يمسها بسوء أبدا، فكيف -بالله عليكم- تتآمر إسرائيل على طنطاوى وهى بالقطع لم تتآمر على مبارك، بل ساندته ودعمته وحاولت بأقصى ما تملك إنقاذه؟!
إذن، من هو ابن الكلب الذى يتآمر على مصر؟
مش عارف، هل يمكن أن تكون مؤامرة من أوروبا مثلا؟
طيب، ليه أوروبا تتآمر على مصر سواء مصر تحت رئاسة مبارك وهو كما قلنا تابع الغرب الأمين، أو فى عهد المشير ومجلسه، وهو الذى لم يمس مصالح أوروبا بأى ضرر ولا يشكل عليها أى خطر من أى نوع وبأى طريقة، بل العكس المجلس العسكرى لا يتورع عن قبول أى مِنَح أوروبية ويمد يده لأى محسن أوروبى، فكيف تتآمر أوروبا على دولة ونظام ح يموت كى يشحت منها؟!
ثم إن المشير لم يبدر عنه أو منه فى أى ثانية أو لحظة أو بُرهة أو فيمتو ثانية أى تصريح أو تلميح ضد أى حاجة فى أى حتة فى العالم، كى يشعر العالم بالخطر فيقول الحقوا بسرعة تعالوا نتآمر على مصر!
هل هى مؤامرة من السعودية وقطر كى يصعد الإسلاميون لحكم مصر؟
حتى لو صدّقنا هذه الطُّرفة فإنه خلاص المؤامرة نجحت فلا مبرر للتحذير منها، لكن مرة أخرى يبقى السؤال: طيب ويتآمروا ليه على مصر؟
مصر التى نجح الجنرالات فى جعلها على وشك الإفلاس خلال شهور؟ مصر التى تستورد ستين فى المئة من غذائها وتسعين فى المئة من مواد الوقود والطاقة التى تحتاج إليها؟ مصر التى يعيش أربعة وأربعون فى المئة منها تحت خط الفقر؟ مصر التى يعانى اثنان وعشرون فى المئة من شعبها من أمراض الكبد والكُلى؟
مصر لا تمثل خطرا على أحد فيكفيها ما فيها!
المؤكد أن الثوار فجّروا الثورة لإنقاذ مصر من حكامها الذين يتآمرون عليها لإضعاف شعبها ونهب ثروتها وتأبيد وتوريث حكمها!
والمؤكد أن الثوار يواصلون ثورتهم حتى الآن لإنقاذ الثورة ممن يتآمر لإجهاض أحلامها وتحطيم أهدافها!
22/01/2012
إبراهيم عيسى يكتب: جنرالات المؤامرات!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
موضوعات عشوائية
-
ADDS'(9)
ADDS'(3)
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى