العصيان المدني هو أرقى صور التمرد والمقاومة والرفض والاحتجاج السلمي والمتحضر التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة ويخرج بشكل تعاوني جمعي لاجبار الطرف الآخر على الانصياع لمطالب المحتجين.
يتمثل العصيان المدني بصور مختلفة ومتنوعة تتحد في مضمونها على مبدأ المخالفة العمدية لبعض القوانين كسد الطرق على نحو سلمي وإغلاق المحال التجارية وكذلك رفض الموظفين الالتحاق بمكان عملهم وتوقف طلاب الجامعات والمدارس عن الذهاب للجامعات والمدارس.
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا وآسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي وأمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي “إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، وهو ينطوي على ضبط النفس، والعقل، والاهتمام، والتضحية”. تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية والتي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا وحركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
وكذلك تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. ومنذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
وغير بعيد عن زماننا فقد استخدم الثوار في أوربا العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا، وهي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم “مكيافيلي اللاعنف” و”كلاوسفيتس الحرب السلمية”.
و شكّلَ الإضراب الستيني في عام 1936 في بلدنا الحبيب سوريا والذي امتد ستين يوما متواصلة نوعا متقدما وحضاريا من العصيان المدني، وكان من مفاخر مقاومة الإحتلال. وقد ركعت فرنسا المحتلة الأجنبية نتيجة له، واستجابت لمطالب العصيان الشعبي الشامل المذكور، والذي تميّز بحالة نادرة من التعاون الأخلاقي والوطني بين المواطنين من حيث التزامهم الجماعي وتأمين احتياجاتهم الغذائية والضرورية والطبية خلال فترة العصيان الطويلة، بشكل مثالي يدعو للفخر.
في الختام نؤكد على أن العصيان المدني يعتمد بشكل أساسي على العمل الجماعي السلمي والحضاري للأفراد في سبيل تحقيق النتائج المرجوة التي تجبر الطرف الآخر على الانصياع للمحتجين وتحقيق مطالبهم , ومن هنا نوجه النداء بصوت مرتفع لجميع الإخوة السوريين وخاصة تلك الفئة الصامتة وبالأخص أخواننا في دمشق وحلب أن ينفضوا غبار الذل والجبن والخوف عنهم ويشاركوا معنا في هذا الإضراب لتحقيق الغاية الكبرى والفرحة العظمى بتحرير سوريا من الطاغية بشار ونظامه الفاشي وإعادة بناء سوريا على أسس العدالة والحرية والمساواة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى