المأزق الغربي في أفغانستان يبدو من دون نهاية. غيتي
بعد مقتل ستة جنود بريطانيين في أفغانستان، الاسبوع الماضي، اتسعت رقعة الجدل رسميا وشعبيا في بريطانيا حول ضرورة سحب القوات البريطانية او طي صفحة الحرب الدائرة في ذلك البلد منذ 11 عاما، في اطار ما وصفه الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بـ«الحرب على الارهاب».
وفي سياق هذا النقاش وجهت الام البريطانية كارلا كوثبرتسون، رسالة شخصية الى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، ترجوه فيها اعادة الجنود البريطانيين من افغانستان الى بلادهم دون تأخير او ابطاء، وتقول ان الحرب في افغانستان ليست تلك الحرب التي يمكن ان نكسبها. واضافت كوثبرتسون (38 عاما)، والتي يستعد ابنها الثاني كونان (18 عاما) للسفر الى افغانستان لاداء الخدمة العسكرية، انها تتفهم مشاعر الحزن التي تغمر عائلات الجنود البريطانيين الستة الذين قتلوا أخيرا، وانها لا تريد لمزيد من الاسر البريطانية ان تعاني مثل ما عانت هي وتلك العائلات، وان حالة من الرعب تسيطر عليها تماما بسبب مخاوفها من ان يكون مصير كونان مماثلاً لمصير ابنها الاول ناثان.
وقالت كوثبرستون في رسالتها: «عام 2008 قتل ابني ناثان في افغانستان، إذ كنت اعتقد حينئذ انه قتل من أجل قضية نبيلة، والآن أنا ارسل ابني الثاني الاصغر الى تلك الحرب واعتقادي مختلف، وانني ارجوك واتوسل اليك ان تضع حداً لحمام الدم اليومي المستمر. نعم يجب الا يموت المزيد من ابنائنا وبناتنا في هذا الصراع. لقد دفع ناثان حياته ثمناً لشيء كان يعتقد بصحته وانه نبيل، ولكن بعد ان فقدنا 100 عسكري بريطاني آخرين بدأت أتساءل: لماذا نرسل ابناءنا الى افغانستان ؟ والآن أشعر بقوة ان هذه الحرب ليست تلك الحرب التي يمكن ان ننتصر فيها، ولا اريد لأية اسرة بريطانية ان تعاني كما عانيت انا واسرتي».
ومضت كارلا، وهي من مقاطعة ساندرلاند، في رسالتها قائلة: «وحتى عام 2008 كان هناك عدد من الناس يقول انه يجب اعادة جنودنا من افغانستان، حتى وان كان عددهم اقل مما هو الآن، ولا ارغب في ان يصيب الحزن اي أب او أم او زوجة او ابن او ابنة، وانني اقدر واتفهم ما اصبح عليه ذوو الجنود الستة من حالة نفسية صعبة وسيئة للغاية، حينما علموا بمقتل ابنائهم. وهكذا فنحن بحاجة الى إعادة ابنائنا وبناتنا من افغانستان الى الوطن».
وتروي كوثبرستون تفاصيل ذلك اليوم الذي تم ابلاغها واسرتها بمقتل ابنها ناثان، وتقول ان زوجها توم اتصل بها في مكتبها وطلب منها العودة على الفور الى البيت، وانها لم تستغرق وقتا طويلاً لتدرك انها ستستمع الى ما يمكن ان تكون أسوأ أخبار قد تدمر حياتها الى الابد. وحينما عادت الى البيت وجدت موظفين عدة من وزارة الدفاع يجلسون في باحة المنزل، فسألتهم وهي لا تعرفهم: «ماذا تفعلون هنا؟ لقد قُتل ابني، قلتها وانا اتوقع ان تحرك فيهم شيئاً».
وتضيف «الالم الناجم عن فقدان ابنك لا يطاق وغير محتمل، والناس يقولون انه يخف بمضي الوقت، ولكن هذا غير صحيح لانه لا يخف، وقد تتعلم التكيف مع الالم وتعديل بعض طباعك الشخصية وعاداتك النفسية، ولكن ستظل صورة ناثان امامي بحركاته وكلماته وتصرفاته رغم مرور الوقت، ولا ادري الى متى. كان في التاسعة عشرة حينما قتل، وهذا يعني انه مجرد طفل او صبي اتذكره كل ساعة وكل يوم ولا يغيب عني، ولكني افتقده بشدة».
وتختم كوثبرستون قائلة: «لقد استمرت هذه الحرب في افغانستان اكثر مما دامته الحربان العالميتان الاولى والثانية معا. نعم طالت اكثر بكثير مما ينبغي، وهذا امر سخيف ينبغي علينا سحب جنودنا واعادتهم من هناك، وتسليم تلك البلاد الى اصحابها الافغان».
وقد قتل ناثان في هجوم من مسلحي طالبان تعرض له في قندهار اثناء مشاركته مع اثنين من زملائه في دورية راجلة، ما ادى الى مقتلهم ثلاثتهم.
المصدر: ترجمة: عقل عبدالله عن «ديلي ميرور»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى