مشهد اول :
المكان: مطار القاهرة الدولى.
الزمان: 5 أكتوبر 1981.
الشخصيات: النائب حسنى مبارك عائدا من واشنطن، يطلب من الحرس الخاص به الانصراف إلى بيوتهم، ويأمرهم ألا يحضر أحد منهم غدا الاحتفال بنصر أكتوبر فى المنصة وعليهم أن يلزموا بيوتهم.
مشهد ثان:
المكان: مطار القاهرى الدولى.
الزمان: 5 أكتوبر 1981.
الشخصيات: النبوى إسماعيل وزير الداخلية يسأل د.فؤاد محيى الدين نائب رئيس الوزراء بعد استقبالهما للنائب حسنى مبارك العائد من واشنطن سؤالا واحدا عن الوضع الدستورى لو قتل الرئيس السادات غدا وهو جالس فى المنصة لاستعراض القوات المسلحة، فمن الذى يتولى السلطة نائب الرئيس أم رئيس مجلس الشعب؟!
مشهد آخر:
المكان: شقة فى أحد أحياء القاهرة.
الزمان: صباح 6 أكتوبر 1981.
الشخصيات: ضابط كبير فى مباحث أمن الدولة يطلب من زوجته قبل أن يدخل لينام أن تجلس لتشاهد العرض العسكرى، ولا توقظه إلا إذا حدث ضرب نار على رئيس الجمهورية، وبعد أن أيقظته وأبلغته بما شاهدته، لم يذهب إلى عمله.
???
مشاهد كثيرة أخرى
يمتلئ بها كتاب «حادث المنصة» أحاديث مع وزراء الداخلية لعميد صحفيى وزارة الداخلية الزميل أحمد مصطفى الذى عاصر الكثير من وزرائها وارتبط بصداقات خاصة مع أغلبهم، وانفرد بخبطات صحفية عديدة كان منها أنه كان أول صحفى فى العالم يعلن سفر الرئيس المصرى أنور السادات إلى إسرائيل قبل إعلان النبأ رسميا بثلاثة أيام.
وهنا فى هذا الكتاب الذى أصدرته له دار المعارف يكشف أحمد مصطفى بعض ما باح به خمسة من وزراء فى حواراتهم معه، والتى طالت مع بعضهم فوق السبع ساعات وهم: نبوى إسماعيل، حسن أبو باشا، أحمد رشدى، زكى بدر، عبدالحليم موسى.
وقبل أن أدلف لصفحات الكتاب لأستخلص بعض الأسرار والحكايات أسجل شكوى مرة من حرقة الدم التى أصابتنى أكثر من مائتى مرة بعدد صفحات هذا الكتاب بسبب جملة واحدة راحت تتكرر مرات على لسان المتحاورين أو على لسان مؤلف الكتاب نفسه وهى جملة «أحتفظ بهذه الأسرار لنفسى، لن أبوح بما حدث حتى الممات، لن أدلى بتفاصيل ما أعرف لأى وسيلة إعلامية، لن أذكر ما أعرف ولن أكتب مذكرات».
ما علينا، نعود لبعض ما باح به المؤلف أحمد مصطفى نفسه أو الذين حاورهم من وزراء داخلية مصر على مدار الثلاثين عاما الماضية، ونبدأها بمشهد إضافى غير ما ذكر فى المقدمة عن مدير جهاز مباحث أمن الدولة الذى ذهب إلى فندق كبير- خمس نجوم- يوم حادث المنصة ليأخذ حمام تدليك بالبخار.. وظل التدليك للسيد المدير مستمرا قبل وبعد الحادث وكأن شيئا لم يكن.
والتوثيق الأمين يقتضى أن نذكر أن كل ما سبق من أسرار ومعلومات جاءت من جعبة مؤلف الكتاب نفسه الزميل أحمد مصطفى مما سمعه من أصدقاء ومقربين من صانعى القرار، وهذا ما دفعه إلى أن يطالب فى مقدمة كتابه أفراد أسرة الرئيس الراحل أنور السادات بتقديم طلب إلى المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام باستدعاء حراس المخلوع مبارك الذين كانوا فى انتظاره بالمطار، وفتح التحقيق مرة أخرى فى حادث المنصة.
أما وزير الداخلية فى فترة الرئيس أنور السادات والذى كان قريبا جدا منه ومحل ثقته ويرتاح إليه، فقد ذكر أنه أرسل إلى السادات شريط فيديو صوت وصورة لمجموعة إرهابية من تنظيم الجهاد، كانت تقوم بفحص أسلحة والتأكد من صلاحيتها، وعندما سأل أحدهم زميلا له لمن تكون أول طلقة أجابه «هتكون فى صدر السادات» .
ويضيف أنه قال للسادات «الطريق من بيت سيادتك حتى منطقة العرض العسكرى طويل، والسيارة تسير بسرعة بطيئة ويرافقكم نائب الرئيس ووزير الدفاع وأخشى أن تقوم مجموعة إرهابية من الهاربين المطلوب ضبطهم إلى أى مبنى وإمطار الركب بوابل من القنابل والطلقات، أو أن تخرج من أى طريق سيارة ملغومة وتصطدم بالركب لتفجيره، وهذه الرؤية أنا مسئول عنها تماما لإحباطها، ثم تأتى بعد ذلك منطقة العرض وهذه لا دخل لى بها، ولا أعرف شيئا عن إجراءات التأمين، والذى أعرفه أنه توجد قلة من الضباط فى تنظيم الجهاد لم يتم ضبطهم وأخشى أن يقوموا بأى عمل».
وأضاف: «يا سيادة الرئيس لو مكناش اكتشفنا أمر عبود الزمر، كان ممكن يبقى قاعد فى المنصة ومعاه سلاحه ضمن المجموعة المختصة بتأمينكم، ونكون كلنا تحت رحمته، وعبود لم يتم ضبطه ومش لوحده فى التنظيم».
ويضيف النبوى إسماعيل فى حرارة داخل الكتاب «وجود قلة من العاملين فى القوات المسلحة فى التنظيم، بعضهم من الذين انتهت مدة خدمتهم ومعهم كمية من الأسلحة والأدوات».
ومن الأقوال التى ذكرها النبوى أيضا أن السيدة جهان بعد أن تأكدت من وفاة الرئيس خرجت باكية، ونادت على أحد ضباط الحرس الخاص بها وقالت له: قل للرئيس مبارك- وكانت هذه أول مرة ينطق فيها إنسان باسم الرئيس مبارك- إننى أريد تشريح الجثة، وأن أحضر عملية التشريح ومعى نجلى جمال، وقد رد مبارك بالموافقة.
ونستكمل الحكاية.. بعد أن ارتدت السيدة جهان الملابس الخاصة بغرفة العمليات ومعها ابنها جمال، وأثناء عملية التشريح عثر الأطباء على طلقة نارية طولها 4 سم داخل الرقبة، فأخرجوها. وسألت جيهان ضابط الحرس: إيه الطلقة دى، فرد عليها معرفش يا فندم نوع هذه الطلقة، لأنها غير مستخدمة فى أى جهاز أعرفه بالشرطة، فسألت قائد الحراسة الخاصة، ما هى نوع هذه الطلقة؟ فأجابها الطلقة دى تشبه طلقات اسمها دمدم، وهى عندما تخترق جسم أى إنسان تجرى بسرعة فى جميع أنحاء الجسم وتدمر كل شىء فى طريقها سواء العروق أو العضلات أو الأوردة أو الشرايين، وقد أطلقت هذه الرصاصة على الراحل من الخلف واستقرت فى رقبته، وهى التى قضت على حياته، وغير معروف هل أخذت السيدة جيهان هذه الطلقة للاحتفاظ بها أم أنها تركتها للأطباء داخل غرفة العمليات؟.
أما عن وزراء داخلية مصر الآخرين الذين أدار معهم أحمد مصطفى حواراته الشيقة والمنفردة أمثال أحمد رشدى الذى سماه أبو الهول لأنه لا يريد أن يخرج عن صمته الأبدى متمثلا فى ذلك بالسياسى زكريا محيى الدين، أما عبد الحليم موسى فقد أخفى تليفون منزله والخاص عن الجميع، ومنع ضباط مكتبه إعطاء أرقامه لأى إنسان، وفى الحالات الضرورية والملحة يمكن توصيل المتصل به عن طريق خط بالوزارة مربوط بالسكن، وعندما قيل له إنك أصبحت تتعالى على الجميع بما فيهم مساعدوك الأول أجاب أنا حر واللى يزعل يزعل، وهنا يجب ألا نغفل الصورة المعلنة عنه أنه شيخ العرب القريب والمحبوب من الجميع.
وعن حسن الألفى فيقال: إن رفعت المحجوب هو الذى رشحه محافظا لسوهاج من أجل أن يعيد النظر فى قضية شقيقه المتهم فى قضايا تربح وفساد، إلا أن الألفى يؤكد أن المحجوب هدده بالفصل من الخدمة وإدخاله السجن.
وعن حادث الأقصر الشهير الذى أطاح به فيقول: إن احتفالية أوبرا عايدة التى كان ضيوفها أكثر من 18 ألف سائح فى نفس المنطقة، ونفس المكان قبلها بقليل لم تقع معها أية حوادث.. ونستمع إلى هذه المعلومة التى جاءت على لسانه بعد استلامه منصب وزير الداخلية وتحديدا بعد 7 أيام بالضبط وقع حادث اعتداء على صفوت الشريف بمصر الجديدة فاتصل به الرئيس مبارك تليفونيا وقال له هذا أول اختبار لك.
مثيرة وعديدة التفاصيل التى يمتلئ بها كتاب الصحفى القدير أحمد مصطفى «حادث المنصة وأحاديث مع وزراء الداخلية»، ولكن يبقى أكثرها إثارة وتشويقا التأكيد على أنهم كانوا أكفاء، عظماء، وطنيين، شرفاء، أمناء، والأهم من ذلك أنهم كلهم كانوا يخافون الله وأتقياء ومتصوفة ومرتادى المساجد، وأولياء الله صالحين، يصلون الفجر حاضرا ويبكون فى الكعبة ويداومون على قراءة القرآن الكريم.. ولنا فى مسبحة حبيب العادلى التى لا تفارقه خير دليل!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى