المشهد في واشنطن في يوم قرار السماح للأمريكيين المتهمين في قضية المنظمات غير الحكومية والتمويل الأجنبي بمغادرة مصر بعد دفع غرامة كبيرة كان عاديا علي مستوي وزارة الخارجية الأمريكية، والإتصالات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة بينما قلة قليلة من كبار المسئولين كانت تعلم بما يدور في القاهرة وفي مقدمتهم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية التي قالت صراحة في جلسة استماع بمجلس النواب ان الازمة في طريقها الي الحل, ووفقا لمعلومات حصلت عليها الأهرام فان ترتيبات انهاء ازمة الأمريكيين السبعة لم يعلمها سوي ثلاثة فقط من المسئولين الأمريكيين كانوا يديرون الملف في العاصمة المصرية وهم السفيرة الأمريكية لدي مصر ومسئولة بارزة في مجلس الأمن القومي الأمريكي والمستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية حتي تتم عملية ترحيل الأمريكيين دون عراقيل حقيقية وبأقل ضجيج ممكن وقد سارت الخطة وفقا لما وضعها المسئولون الأمريكيون الثلاثة باتفاق مع جهات مسئولة في مصر, وتقول مصادر مطلعة في واشنطن أن ما حدث هو نتيجة التعامل السياسي الواضح مع الأزمة وهو ما يعزز استمرار المخاوف الأمريكية في شقين رئيسيين في الفترة المقبلة هما: مستقبل منظمات المجتمع المدني المصرية وفروع المنظمات الأمريكية في مصر التي مازال بعضها في طريقه الي المحاكمة برغم اللغط الدائر بشأن القضية المنظورة, والأمر الثاني هو حجم التدخل في عمل القضاء المصري في تلك القضية وهو ما ادي الي تصاعد موجات الغضب ضد الولايات المتحدة في الشارع المصري بسبب ممارسة ضغوط سياسية لمصلحة مواطنيها وهو ما حدث بالفعل, وفي المدي الأبعد يمكن ان تتعكر العلاقات الثنائية عند اول خلاف جديد بين البلدين من وراء رواسب التدخل الأخير.
وقد نفت مصادر أمريكية ل الأهرام وجود صفقة مقابل إتمام عملية ترحيل الأمريكيين وعودتهم إلي بلدهم, ومنها أقاويل ترددت بشأن مبادلة الموظفين الأمريكيين بالشيخ عمر عبد الرحمن المسجون في أحد سجون نيويورك علي خلفية اتهامه بتدبير حادثة تفجير مبني التجارة العالمي عام.1993
وقالت المصادر إن الأمر لايعدو كونه تكهنات من وسائل الإعلام وتصريحات لبعض السياسيين في القاهرة يصعب ان تترجم الي اتصالات فعلية لاسباب عديدة اهمها اليوم ان الادارة الأمريكية لاتملك البت في الأمر والثاني ان ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما سوف تضع نفسها في موقف شديد الحرج لو اقدمت علي خطوة الإفراج عن الشيخ الضرير لان اوباما متهم من فصيل كبير من الجمهوريين والتيار المحافظ بمحاولة ارضاء التيارات المتشددة في الشرق الأوسط وبالقطع إثارة قضية عمر عبد الرحمن سيفتح النار عليه من كل الاتجاهات وان كان الأمر, فعليا لم يتم تداوله بأي صورة.
كما ان توقيت الإعلان الأخير عن مساندة مصر في عمليات التمويل المطلوبة لدعم الاقتصاد المصري من خلال قروض جديدة من المؤسسات المالية الدولية, وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي, محل جدل علي مستويات عدة, حيث جاء توقيت اعلان الدعم للقاهرة وفقا لما ورد في بيان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية صباح يوم السبت الماضي غير موفق من وجهة نظر مراقبين كثيرين.
فعلي غير العادة, قامت المتحدثة فيكتوريا نولاند بإصدار بيان خاص عن مصر تضمن استعداد الولايات المتحدة لدعم مصر في الحصول علي قروض من الصندوق وهو ما قوبل باستغراب في دوائر من الباحثين والخبراء في واشنطن للربط المباشر بين قضية السماح للأمريكيين بمغادرة مصر وبين المساندة الممكنة في المؤسسات المالية الدولية وان كانت الدوائر الرسمية الأمريكية تبدي اهتماما غير عادي في الأيام الأخيرة بمستقبل الاقتصاد المصري وتوابع التراجع الملحوظ في الاحتياطي النقدي وما يمكن عمله لوقف إنهيار الجنيه المصري في أسوأ الاحتمالات وسيناريوهات توافر الاحتياطي من المواد والسلع الغذائية واكثر ما يقلق الأمريكيين, بوضوح شديد, هو غياب الشفافية وتضارب تصريحات كبار المسئولين المصريين في هذا الشأن.
ومن وجهة نظر المطلعين علي العلاقات المصرية الأمريكية في تلك المرحلة الدقيقة فإن الربط المباشر بين الواقعتين في بيان الخارجية يضر بمستقبل العلاقات ولايعبر عن القضايا العميقة التي تجمع البلدين وانه يتعامل بخفة مع شراكة استراتيجية وربما كان البيان الأمريكي ضعيف الصياغة هو محاولة لتخفيف الضغوط عن أطراف عديدة في مواقع المسئولية في مصر بعد غضبة الرأي العام من عملية ترحيل الأمريكيين علي طائرة خاصة برغم عدم مثولهم أمام المحكمة والنظر في الإفراج عنهم من عدمه.
وقد نفت مصادر أخري وجود صفقات مالية من أي نوع مع القاهرة بشأن قضية موظفي ونشطاء...
المجتمع المدني فيما أبدت دوائر رسمية في واشنطن عدم ارتياح لما ورد في بيان السيناتور الجمهوري جون ماكين, وآخرين من اعضاء مجلس الشيوخ, بشأن قضية الأمريكيين السبعة وقيامه بتوجيه الشكر لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, علي وجه التحديد, ويري الخبراء ان ما صدر عن ماكين يضع مصالح حيوية في موقف صعب بعد الزج باتصالات يغلب عليها طابع شبه سريا مع مسئولين في حزب يحظي بأكثرية في البرلمان المصري في بيانات رسمية لأعضاء بارزين في الكونجرس الأمريكي. وتشير تلك الدوائرإلي أنه لم يكن مناسبا الإفشاء عن مشاورات في قضية شائكة في حال حدوثها في ذلك التوقيت. وكان ماكين قد زار مصر علي رأس وفد من الكونجرس واجتمع مع مسئولين من حزب الحرية والعدالة قبل وقت قصير من الإعلان عن السماح للأمريكيين المتهمين في القضية بالسفر.
علي الجانب أخر, تخشي قيادات في المجتمع المدني الأمريكي من تراجع كبير في الحقوق العامة وحرية المنظمات غير الحكومية في مصر بعد التحريض الصريح علي تلك المنظمات رغم قيامها بدور مهم في الجانب التنموي والحقوقي والتوعية السياسية لسنوات طويلة وبالتالي فمهمة الولايات المتحدة وفقا لمصادر امريكية لا تقف عند مجرد إنهاء ازمة امريكيين ممنوعين من السفر ولكن تتخطاها الي ضمان عدم حدوث تراجع في عمل المنظمات الحقوقية والمدنية ضمن سياسة امريكية واضحة لتقوية دور المجتمع المدني العالمي حتي لو أثار التدخل ضجيجا او لغطا.
كما تتحسب الخارجية الامريكية في الفترة المقبلة لما سيدور في الكونجرس حول مخصصات المساعدات الامريكية التي من المقرر ان تقدم بشأنها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون شهادة الي الكونجرس للموافقة علي صرف دفعات منها ونفت مصادر في الخارجية الأمريكية وجود توقيتات محددة لتقديم الشهادة المشفوعة بالأسباب الي الكونجرس لأسباب تتعلق بآليات الانفاق. وكان السناتور باتريك ليهي رئيس لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ قد قال في بيانه بعد خروج الامريكيين من مصر ان الشروط علي المساعدات, العسكرية والاقتصادية, التي تم فرضها اعتبارا من موازنة2012 قد أثبتت فاعلية في الأزمة الأخيرة وأن إدارة أوباما باتت مقتنعة بجدواها اكثر من أي وقت سابق, وهو مايعني ان الكونجرس, بمجلسيه, لن يتزحزح عن مواقفه كثيرا خاصة مايتعلق برؤيته لدور المجتمع المدني في العلاقات الثنائية بين البلدين ويمكن ان تتحرك الضغوط في اتجاه المطالبة بإسقاط التهم ومنح الشرعية للمنظمات غير الحكومية في ظل قانون جديد للجمعيات الأهلية يراعي تطورات الثورة المصرية.
06/03/2012
الأهرام تكشف تفاصيل الموقف الأمريكي في قضية التمويل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ADDS'(9)
ADDS'(3)
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى