آخر المواضيع

آخر الأخبار

06‏/04‏/2012

مين اللي عمل فيك كده؟ وليه؟

 

محمد محفوظ
نزلت من فوق السرير. ورفعت الطبق الفاضي ووضعته في ركن المطبخ حيث قعد سعيد يعالج المشكلةּ حتي نجح في تشغيل عباس بطاقته الكاملة. ووضع فوقه الابريق الصاج وجهز الكوبين الدوبلּ
نفضت السرير من فتاتيت العيش. ورتبت الفراش وجلست علي كرسي الاعتراف اقلب صحيفة "الجمهور المصري"ּּ كانت عناوينها الضخمة مثيرة وهجومية كالعادة. وافتتاحية "ابوالخير نجيب" تغطي نصف الصفحة. لم اجد رغبة في القراءة. ولا حتي في تقليب الصفحات الداخلية. فلا شيء جديد وكلامه الحماسي. عن عمليات القبض علي طلاب الجامعة بالامس. مهما بالغ فيه علي الورق. فلا يقاس اطلاقا بما ذقته عملياּ
سألني سعيد وهو يضع في يدي كوب الزفت المغلي ويرشف هو منه:
ــ ما قلتش لي ايه اللي حصلּּ مين اللي عمل فيك كده؟ وليه؟ وفين؟؟
رويت له باختصار ما حدث لنا في مركز الشرطة حتي ساق الله لي اليوزباشي ميت كيس الذي افرج عني. وسألته بدوري:
ــ وانت علي فين خدوك. ومين طلعك؟
فضحك بخبث:
ــ انا مدخلتش عشان اطلعּ
ــ يعني ايه؟ دول شالوك مرابعة قدام الكلּּ
ــ وبعدها شالوني علي ريسهمּ
ــ ليه بقي؟
البركة في كارنيه. ولي الله وحيد رمضان. وصاحب العلامات والكراماتּּ
واستغرق في الضحك. فانتابني الوجومּּ
قضيت اليومين التاليين. راقدا في الفراش. لا اتحرك الا كي اشرب "السم الهاري" واستعين علي قطع الوقت الممل بقراءة الصحف او حل تمارين الميكانيكا و"الرياضيات البحتة" التي ادمنتهاּ لم يزعجني الا عدم قدرتي علي الخروج الي الجمنازيوم فحالة الجراح والوجع توحي بان النومة ستطول حتي لو خرجت فانني ساظل ضعيفا لفترة نقاهة لن تقل عن الشهر!! كما قررت سنية التمرجية التي لقبها سعيد ساخرا "طبيبة القلب"ּ
لو كانت البدايات تشي بالنهايات لتركت هذا السكن فورا. ولتركت القاهرة عائدا الي البلد موفرا علي نفسي وعلي امي متاعب ومصاريف انفقت لوجه الشيطانּּ
اسوأ الساعات كانت تمر بي عندما اتذكر تفاصيل ما وقع لي في 31 فبراير!! ذلك اليوم النحس. الذي جعلني انضم لقطاع التعساء الذي يتشاءم من هذا الرقم الملعون ويربط به افدح ما يحل به من البلاياּּ
عرفت من سعيد الذي اصبح يتحدث من مناخيره كاحد النافذين المتصلين بالجهات العليا. بان شرطة قسم الجيزة و"قسم الدقي" يوم الضرب امتلأ بالمقبوض عليهم وذلك ما اجبر الحكومة علي تحويل اخر الدفع الي قسم "السيدة" وهذا من حسن حظي والا لكنت نمت ليلة اخري في التخشيبة!! فرغم اطلاق سراح المعتقلين عشوائيا بعد يومين فان الطلبة المشتبه في انتمائهم للاخوان مازالوا في رعاية الله وضيافة زكريا محيي الدينּ اما الذين استضافهم "اليوزباشي احمد نور" في السجن الحربي فقل عليهم العوضּ
كان احساس الغيظ هو المسيطر فغلب علي احساس التفاهة وانعدام القيمة. وقلة الحيلة معا. خاصة وان سعيد والشيخ عيد يلحان علي كي انضم لمنظمات الشباب ولبس "البيريه" والتمتع بحماية الكارنيه فانا لست احسن ولا اجدع من غيريּּ
كاد رفضي يُفقد سعيد اعصابهּּ يوجعه وجعا يكاد يكون بدنيا. ويعتبره احتقارا مني له شخصيا. اما "الشيخ" فأنه لم يفهم الموقف ولا الاسباب التي وراء الموقف. فاعتبرها واحدة من عجائب والغا. عالم المبصرين التي يحجبونها عنه لسبب ما فيضطر بالنهاية لترك الامر كله ــ يحطه في القفه ــ لا حدود لهذه المزعجات التي تحيط بهذا الجحر الشديد البشاعة ولم يكن ينقصني الا تقطيع لحمي بهذه الوحشية فعرفت معني العبارة التي كانت الغالية ترددها وهي مشرفة بالدمع الظلم وحش اوي. ربنا ما يحَّكمش فيك ظالم يا محفوظ يا بن بطنيּ
لقد حصل يا "ست" وجاء من حكم وظلمּּ فأين انت مني في هذه العتمة التي تنز من جدران روحي. كالعفن في حائط قديمּ
كرهت القاهرة. فها انا اسحق فيها سحقا ولا استطيع سوي الاذعان لذلك احتميت في تلك الخلية البشرية المكونة من شخصين هما بالواقع اشد مني عجزا ولكنهما يعرفانني كما أنا ويتحملاني كما اقبلهما لا تكبراً ولا احتقاراً!!
كلنا ننتمي لنفس المنبع ونعاني نفس الانخلاع. لكننا معا نعاني الجوع والفقر والمهانة امام البوليس المدني والبوليس الحربي وصراع سلاح المدفعية وسلاح الفرسان والطيرانּּ
هذا الصراع الخارجي دمر صلتنا الدخيلة حيث صاحباي اكتشفا السلامة في الذوبان بالقوة الطاغية الجديدة!! وجدا في ذلك الامن والمنفعة!! ولكني كنت اري ذلك ان لم يكن خطأ. فهو وهم وان الوضع الوحيد الذي ارتاح له هو ان نزداد التصاقا ببعضنا ونبتعد اكثر ما يمكن عن "اولاد الكلب" حولنا سواء في الجامعات او في الحكومة وحتي في حوش ادم فهم جنس اخر غير مفهوم ومن العبث محاولة ارضاءه او حتي التعامل معه. لاننا لم نكن نعرف ماذا يريدون منا بالضبط!! فكل تصرفاتنا يعتبرونها جلافة غير مقبولة حتي لهجتنا البسيطة والاصح هي بالنسبة لهم طلاسم تثير الضحك مناּּ الصعايدة وابناء النوبة واجهوا نفس المشكلة بالحل الحاسم وهو التجمع معا ومخاصمة الكلּּ ونحن الثلاثة وحتي بداية اشتداد الصراع السياسي نجحنا في التلاحم والانعزال ولكن هانحن نتعرض لهزة لا اعرف اذا كنا سنتحملها ام لاּּ

Alarab Online. .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى