آخر المواضيع

آخر الأخبار

25‏/04‏/2012

الثورة المصرية... وأرض النفاق و تلاعب المجلس العسكري



تلاعب المجلس العسكري والأخوان بمصر ما بعد مبارك يتجلى في الطريقة التي استبعدوا فيها صناع الثورة الحقيقيين من حركات وأفراد من أصحاب الفضل الأول في التغيير.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: سيد أمين
هل قرأتم قصة "أرض النفاق" للرائع يوسف السباعي والتي تم انتاجها فيما بعد في عمل درامي قد لا يرقى لدرجة ما تتضمنه تلك القصة من مدلولات عميقة من خلال الغوص في النفس البشرية وما يعتمل داخل الادمغة والنفوس من صراعات بين الخير والشر وتقديم البعض مصلحتهم الشخصية على مصلحة المجتمع بل والاقدام على تحطيم المجتمع كله ان كان الامر سينتقص ولو جزءا يسيرا من طموحاتهم.
لا أدري لماذا لا تبارح تلك القصة مخيلتي طوال الاشهر السابقة بل وتحديدا منذ قيام الثورة فقد تعرى الجميع ولم تعد تنفعهم أدوات الخداع التي كانوا يتدثرون بها طوال سنوات طويلة مضت ونزعوا دونما دراية اقنعتهم وصار الجميع عراة دون خجل ولا حياء وكأن طول خداعهم لمن حولهم جعلهم هم انفسهم صدقوا ما يكذبون به على الناس.
مع بداية الثورة ظهر جمال الجميل وقبح القبيح حينما تجرد البسطاء من ذواتهم وراحوا يفدون وطنهم بأرواحهم مظهرين جمالا كان مطمورا في دواخلهم تحت وطأة الظلم والفقر والاستبداد وفي المقابل كشف من يسعى الاعلام تسويقهم كوجهاء عن نفاقهم وانتهازيتهم وخيانتهم للشعب وانحيازهم السافر لمصلحتهم الخاصة فأدرك الشعب ان هؤلاء "الوجهاء الأشرار" من قادة احزاب وهمية أو كرتونية واعلاميين فاسدين وفنانين جهلة ساهموا في الانحطاط بوعي الناس وتغييبهم وبرلمانيين وصلوا للكراسي بتزوير ارادة الشعب ما هم الا وجها اخرا من وجوه الاستبداد التي كان يحكمنا بها المستبد الاكبر الذي خلع غير مأسوف عليه.
ولما انتهت مرحلة خلع الطاغية وظن هؤلاء الوجهاء الاشرار ان ولي امرهم صار في ذمة التاريخ راحوا يهرولون خلف الثورة بل صاروا اكثر ثورية منهم عل وعسى أن تستمر اقنعتهم في اداء وظيفتها القديمة لخداع الناس. لكن هيهات! فاجمل واعظم ما احدثته الثورة انها أعطبت كل أدوات الخداع وصار الناس يميزون من أول وهلة وأول كلمة بين المخادع والصادق الاجير والوطني الانتهازي والايثاري على النفس.
حبوب "الحقيقة" التي تجرعها الشعب بعد الثورة جعلتهم قادرين على كشف كل مراحل وأطراف ورجالات الخداع والانتهازية فادركوا بفطرتهم الذكية دور المجلس العسكري في قيادة الثورة المضادة وجهوده الحثيثة والمدروسة للعبث بكل مراحل التطور الديمقراطي وتشويه كل ما يمت للثورة من ثوار وافكار وتقسيمهم إلى كتلتين كبيرتين عبر استفتاء دستوري (ثبت فيما بعد انه غير دستوري) ثم تقسيم المقسم إلى عشرات الكيانات المجهرية أسماها أحزابا دس بينها رجالاته واستخدم البعض للهجوم على البعض أعقبها تصنيع ازمات طاحنة في لقمة العيش والسولار والاسمدة وغيرها ثم تلاها تصنيع حالة انفلات امني اراقت من دماء الشعب اكثر مما اريق في احداث الثورة أو ربما في عهد مبارك كله.
وكشفت تلك الحبوب عن انتهازية ابداها بعض اصحاب تيارات الاسلام السياسي حينما تركوا الثوار لمفرمة المجلس وتفرغوا هم لجني المكاسب السياسية للثورة واستجابوا بشكل كبير لدعايات التخوين التي أطلقت تجاه الصادقين من أبناء الحركة الثورية ولكن لا يحيق المكر السيئ الا بأهله حينما أدار المجلس العسكري الذي يتحكم في الجميع كعرائس الماريونت ظهر المجن لهم فراحوا يسعون للم الشمل مجددا واخذ بعضهم يتطهر من تلك الانتهازية وراح الاخرون يعذرون بجهلهم السياسي.
كشفت الاحداث ان حركات مثل "6 ابريل" و"كفاية" و"الوطنية للتغيير" و"الثوريون الاشتراكيون" كانوا ولا زالوا من اعظم الحركات الثورية في تاريخ مصر وانهم الأوحدون الذين تجاوزوا حدود المصلحة الشخصية إلى مصلحة الوطن وان رؤى بعضهم - مع تحفظنا على بعض منها - كانت الاصوب والاصدق رغم ما تعرضوا له من حملات اعلامية تهدف لتخوينهم وتنفير الناس منهم، خاصة ان تلك الحركات لم تغير جلدها قط لا قبل الثورة ولا بعدها فصاروا بحق دليلا على كفاح الشعب المصري من اجل الخلاص من كل معوقات التحرر.
ادرك الناس انه لا يعني ان يكون الدكتور محمد البرادعي ليبراليا انه عميل لاميركا. فهذا ظلم شديد للرجل الذي ظل يقاوم عملاء اميركا في اوج قوتهم وفتح بانحيازه إلى الشعب ثغرة كبيرة في جدار الاستبداد الذي شيده وحصنه مبارك وزبانيته، وكذلك لا يعني ان يكون المهندس الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري العالمي منحازا لرؤية ناصرية راديكالية اشتراكية انه محرض على بلاده فهذه وجهة نظر مقبولة ومعذورة لا سيما انها تأتي عقب استبداد نظام متعفن ومتجذر منذ عشرات السنين وكذلك لا يعني ان يخلص الدكتور علاء الاسواني او الدكتور عمار علي حسن او الاعلامي القدير يسري فودة والدكتورعبدالحليم قنديل وامثالهم الكثيرون للثورة انهم عملاء فهم يقومون بدورهم الاجتماعي في تنوير الناس وتحليل المشهد السياسي لهم وان كان ثمة عيب فهو ليس فيهم ولكن في هذا المشهد السياسي، لقد كان لهؤلاء وتلكم الحركات الثورية الفضل الاول في احداث تلك الثورة حينما ناضل جلهم - ليس كما فعل المتحولون- في اعتى عصور مبارك اجراما وليس بعد زواله.
وكانت أكثر مشاهد الفترة الانتقالية او بالاحرى الانتقامية اثارة حينما زج المجلس العسكري بالرجل الذي خدم مبارك 22 عاما كوزير للمخابرات اللواء عمر سليمان في مشهد السباق للرئاسة، هنا بدأ الناس يربطون بين المشهد لا سيما تلك التي جاءت مبتورة في اول الفيلم مثل المادة 28 من الاعلان الدستوري التي تحصن لجنة الاشراف على انتخابات الرئاسة من الطعن على قراراتها وكذلك المواد التي تحصن القضاء وميزانية الجيش وتحد من سلطات البرلمان لتجعله مكلمة، وتفسر كذلك تلكؤه في اصدار قانون "العزل السياسي" طوال الفترة الماضية من عمر الثورة وغيرها الكثير والكثير ليبدو للجميع ان المجلس العسكري ادار المشاهد كمؤلف سينمائي بارع يتحكم في الجميع كعرائس الماريونت ومن خرج عن طوعه منهم فهو قطعا خائن وجب تشويهه وتعريض حياته للخطر. لقد قلت مرارا وتكرارا في مقالات سابقة ان تلك الثورة تحولت إلى ترميم لنظام مبارك وليس هدما له، بطلها المجلس العسكري يعاونه في ذلك بعضا من المعارضين المزيفين والنخبويين الشائهين الذين عرفهم الشعب ولفظهم بوصفهم رجالا لكل العصور.
سيد أمين
شاعر وصحفي عربي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى