وائل نوارة
رغم أن النتائج لم تعلن بصورة رسمية حتى الآن، وهناك احتمالات وطعون كثيرة، فإن المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسية كشفت عن مجموعة من الرسائل والتوجهات التى أفصحت عنها حكمة الجموع، فسمعنا صوت مصر عاليا واضحا، رغم ضوضاء توجيه الناخبين طائفيا عبر ميكروفونات منابر المساجد ومواعظ الكنائس، وتشوهات شنط البقالة وشحن الناخبين، وشوشرة العصبيات والمال وشبكات المصالح القديمة والجديدة. أول رسالة جاءت فى النتيجة نفسها: أنه لا تيار واحد يحتكر صوت مصر أو يعبر عنها وعلى كل تيار أن يعى حجمه الحقيقى ويقف مكانه.
ثانى رسالة جاءت من 75% من المصريين الذين قالوا لا نريد حكم المرشد. و60% من المصريين الذين قالوا لا نريد رموز النظام القديم، و75% قالوا نحن مع الثورة بكل قواها الجديدة المتنوعة، و100% قالوا نريد أن نحافظ على الدولة المصرية ولا نطيق الفوضى باسم الثورة لأن الثورة ليست عربة تصادم فى الملاهى يسوقها النشطاء «المأفورون» فى أى اتجاه يحقق لهم متعة الصدام بهدف توليد المزيد من الأدرينالين. المصريون قالوا نريد العدالة الاجتماعية والديمقراطية ولا نريد الفساد واحتكار السلطة.
وبعد قراءة هذه الرسائل، علينا أن نبحث عن المخرج الذى يحترم كل هذه الأصوات والرسائل. المخرج فى تصور الكثيرين هو أن يتوافق المرشحون بعد النتيجة بصورة تضمن العمل بروح الفريق، دون إقصاء لأى تيار سياسى من أجل أن يلتزم الرئيس القادم- أياً كان- بتنفيذ هذه الرسائل.
أياً كان الرئيس القادم لابد ألا يكون رئيسه المرشد. وهذا يستدعى تقنين أوضاع جماعة الإخوان المسلمين وجماعات السلف والكشف عن أنشطتها وأموالها بشفافية والفصل التام بينها، كجمعيات خيرية، وبين السياسة والبيزنس والنقابات وغيرها من أنشطة لا يجوز لجمعية خيرية ممارستها. أياً كان الرئيس القادم فلا يمكن معه أن يحتكر أى فصيل كتابة الدستور. الإخوان والسلف لهم 25% من الأصوات، إذن، يمكنهم اختيار ربع الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
والباقى يقترحه مرشحو الرئاسة الذين حازوا باقى الأصوات بمعايير محددة تضمن أن تمثل الجمعية المصريين بكل تنوعهم الثقافى وثرائهم الأكاديمى والعلمى والعملى والنقابى. فليأت أى رئيس، لكن نائبه يكون مثلاً أحد المنافسين الرئيسيين، بينما يترأس منافس آخر حكومة ائتلافية مثلاً، ويكون المنافسون الرئيسيون مسؤولين معاً عن الإشراف على لجنة الدستور على أن تذهب ربع مقاعدها للإخوان والسلف ويأتى الباقون من باقى الشعب والتيارات السياسية والتكنوقراط ومن الشرفاء من الذين عملوا فى النظام القديم دون أن يتلوثوا بفساد أو تربح أو استغلال للسلطة. نريد أن يصبح المتنافسون الرئيسيون بمثابة مجلس حكماء استشارى بصلاحيات محددة تشبه صلاحيات مجلس الشورى الذى ربما يختفى على أى حال فى الدستور القادم.
هذه هى التنويعة التى تضمن أن ندير الصراع السياسى بروح التوافق والعمل المشترك بروح الفريق خلال المرحلة الانتقالية القادمة لبناء مؤسسات التحول الديمقراطى بتوافق شعبى، بعيدا عن التكويش والنصب السياسى ومحاولة إيهام الرأى العام بأن هناك أغلبية مصطنعة لقلة منظمة. غير هذا يقودنا لصراعات لا تنتهى، السبب فيها، منذ بداية الثورة، طرف هو فى الواقع أقلية من واقع النتائج- لكنه يريد أن يوهمنا بأن له الأغلبية. اللحظة فارقة ومصر تنتظر أن تستمعوا لصوتها ففيه الحل. توحدوا يرحمكم الله ويرحمنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى