أسامة كمال - القاهرة
أثارت مذكرات مزعومة لسوزان مبارك، قرينة الرئيس المصري السابق، الكثير من الجدل وذلك بعد أن تداولتها بعض وسائل الإعلام، ونشرت من خلالها العديد من المعلومات الخطيرة، وتحول موضوع المذكرات إلى بلاغ في مكتب النائب العام بعد أن وصف محمد عبد الرازق، محامي الرئيس المصري السابق، هذه المذكرات بالملفقة، وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الصحافي الذي نشرها، وتوالي نيابة استئناف القاهرة التحقيق في مدى صحة وجود مذكرات لسوزان مبارك من عدمه، بالإضافة إلى التحقيق في بعض الوقائع التي جاءت في تلك المذكرات المزعومة.
|في البداية يقول محمد عبد الرازق، محامي الرئيس المصري السابق، لـ»لها» إنه تقدم ببلاغ إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ضد إحدى الصحف الحكومية المصرية، وخاصة أحد الصحافيين العاملين فيها، بعد قيامه بنشر أربع حلقات مما سماها مذكرات سوزان مبارك قرينة الرئيس المصري السابق.
وأكد محامي مبارك أن المذكرات المنشورة تحتوي على وقائع خطيرة لا يدري من أين جاء بها الصحافي، رغم أن السيدة سوزان نفت تماماً أنها كتبت مذكراتها، لكن الصحافي قدم أوراقاً تحتوي على أسرار ذكر أنها من المذكرات التي باعتها سوزان مبارك لدار نشر أسترالية، وتقول حلقات المذكرات إن سوزان مبارك تسعى وبقوة لنيل لقب صاحبة الجلالة، ذلك اللقب الذي سيصاحبه أيضاً لقب الملكة الأم، وهذا بعد تنصيب جمال مبارك على عرش مصر. وقالت سوزان مبارك في المذكرات المزعومة إن إحدى الصحف الإسرائيلية نشرت تقريراً صحافياً عما تحلم به سوزان، وهو التقرير الذي أغضب مبارك وسوزان، لأنه كشف دون أن يقصد عن نوايا العائلة التي ستظل علامات الاستفهام تدور حولها لزمن طويل.
وجاء في حلقات المذكرات المنشورة إن سوزان اتخذت القرار بكتابة تلك المذكرات بعد قرار المستشار عاصم الجوهري، مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع، بحبسها على ذمة التحقيقات على خلفية اتهامها بالتربح والكسب غير المشروع.
وحاول الصحافي الذي نشر المذكرات أن يحلل بعض الأشياء حول الظروف التي سبقت كتابتها فقال: «قبل أن نبدأ في سرد تفاصيل تلك المذكرات، علينا أن نعود إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى لحظة اكتشاف تلك المذكرات التي تعيد رسم ملامح العائلة من الداخل، لتلقي في وجوهنا بعشرات القنابل شديدة الخطورة، ففي إطار التحقيقات التي كان يجريها الاسكوتلانديارد حول ثروات عائلة مبارك، وحول مدى تورط العائلة في جرائم غسيل الأموال، توصلت التحقيقات هناك إلى رقم حساب سري باسم سوزان مبارك، تم إيداع عشرة ملايين جنيه إسترليني فيه، وما لفت أنظار جهات التحقيق هناك أنه بعد 48 ساعة تم تحويل المبلغ إلى بنك آخر في تشيلي بحساب جديد. وهنا بدأ رجال اسكوتلانديارد تحرياتهم الخاصة حول تلك الملايين العشرة لتبدأ سلسلة المفاجآت، فظهر أن الملايين العشرة أودعت بواسطة مندوب لدار نشر بريطانية اسمها «كانونجيت بوك»، وذلك في أيلول (سبتمبر) 2011، وهي الدفعة الأولى من دفعات أخرى تم الاتفاق عليها مع سوزان مبارك مقابل الحصول على مذكراتها التي تبدأ من لحظة دخولها القصر الرئاسي إلى لحظة خروجها منه بعد ثورة «25 يناير»، التي أطاحت عرشها وبطموحها في أن تصبح جلالة الملكة الأم.
ويكمل بلاغ محمد عبد الرازق مؤكداً أن الصحف التي نشرت هذه المذكرات المزعومة، أفرطت في الخيال، وأنه بعد تحريات واسعة وسرية توصلت جهات التحقيق إلى أن سوزان بدأت كتابة مذكراتها بعد قرار حبسها على ذمة قضايا التربح والكسب غير المشروع، وأنها بعد أن تنازلت عن أموالها المعلنة في البنوك المصرية مقابل عدم الحبس قررت أن تستجيب لنصيحة أحد المقربين منها، بأن تكتب مذكراتها عن تلك الفترة، لتبدأ من بعدها كتابة مذكراتها كاملة. وما إن انتهت منها حتى حضر إلى مصر مندوب خاص لدار النشر لتسلم المذكرات المكتوبة بخط اليد، التي اشترطت سوزان في العقد الموقع بينها وبين دار النشر ألا تُنشر الآن وحددت شهر أيلول/سبتمبر المقبل ليكون موعد صدور الطبعة باللغة الإنجليزية، وذلك لرغبتها في إضافة ملاحق لها بالوثائق والمستندات والصور الخاصة، وهو ما وافقت عليه دار النشر التي قامت باستدعاء مترجم لبناني لترجمة المذكرات من اللغة العربية إلى الإنكليزية، واشترطت أيضا عدم ترجمتها إلى اللغة العربية، ولم تفصح عن دوافعها وراء وضعها لذلك الشرط. وأكد البلاغ أن الصحف ادعت أن سوزان قررت أن تطلق عنوان، «سيدة مصر الأولى.. ثلاثون عاماً على عرش مصر» على المذكرات.
سطور من أوراق السيدة الأولى
تبدأ المذكرات من الحالة النفسية التي أصابت سوزان بعد قرار الإحالة والحبس، وهو ما دعاها إلى محاولة الانتحار كما قالت، وذلك بتناولها كميات كبيرة من الحبوب المنومة حتى تتخلص من شبح السجن الذي يطاردها. وهو ما جعل الرئيس السابق يطلب من محاميه أن يسعى بكل الوسائل لتفادي ذلك القرار، بالإضافة إلى قيامه بالاتصال بشخصيات دولية كبيرة ليطلب منها التدخل لدى القائمين على الحكم في مصر لمنع تنفيذ القرار، وهو ما تم في النهاية لتنجو سوزان من الحبس.
في الفصول الأولى من مذكراتها تعود سوزان إلى مرحلة الطفولة، حيث تتكلم عن عشقها للباليه الذي مارسته طويلاً، وإدمانها روايات أغاثا كريستي وأفلام ألفريد هيتشكوك، وكيف بدأت كتابة بعض روايات الرعب لتثير خوف صديقاتها في المدرسة، وتكشف سر موافقتها على الارتباط بزوجها... وقالت إن طموحها في أن تكون مضيفة طيران جعلها توافق على الارتباط بالطيار محمد حسني مبارك، رغبة منها في أن يحقق لها طموحها بالسفر حول العالم.
أما عن حلمها الكبير فقد أفصحت عن إعجابها بالملكة نازلي والدة الملك فاروق، التي اتخذتها مثلاً في كل شيء، وكانت تراودها الأحلام دائماً بالجلوس مثلها فوق عرش مصر. لكن ما كان يزعجها ويطاردها هو ذلك الكابوس الذي ظل يزورها في أحلامها طويلاً، حيث كانت ترى نفسها ترتدي ملابس ملكة وهناك من يحاول نزع وشاحها الملكي عنها، وهو ما جعلها تذهب إلى طبيب نفسي، قالت إن مبارك كان يلجأ إليه كثيراً لإنقاذها من ذلك الكابوس الذي كان بمثابة إشارة لها بأنها ستلقى مصير الملكة نازلي التي كانت تشبهها في أشياء كثيرة، منها عشقها للمجوهرات.
وتقول سوزان إن أكثر ما أحزنها هو مصادرة مجوهراتها بعد الثورة، دون النظر إلى ما تمتلك هي بشكل شخصي بعيداً عما تملكه الدولة، وإنها كانت تشعر بسعادة كبيرة ومن حولها يطلقون عليها جلالة الملكة، خاصة أنها كانت شديدة الحرص على زيارة المقابر الفرعونية بعد كشفها وقبل أن تطأها قدم بشر غير مكتشفيها. وكانت حريصة أيضاً على لمس القطع الأثرية اعتقاداً منها أن هناك موجة خاصة تنبثق من تلك القطع لتغزو روحها، وأنها كثيراً ما كانت تأمر المسؤولين في قطاع الآثار بترتيب زيارات خاصة ومنفردة للمتاحف، لتجلس بالساعات تتأمل الآثار الفرعونية بلهفة ونهم.
اعتراف
نذهب الآن إلى أخطر ما جاء في تلك المذكرات، وهو اعترافها بأن من كان يدير مصر لم يكن ابنها الأصغر جمال مبارك الذي دافعت عنه بشكل مدهش، وقالت إنه لم يكن صاحب قرار في إدارة الدولة، بل كان شقيقه الأكبر علاء الذي وصفته بالداهية.
وأضافت أنه لم يكن رجل أعمال فقط وإنما كان سياسياً من طراز رفيع، وكان مسيطراً على عقل والده بشكل مؤثر جعله المتحكم الأول في قراراته، خاصة بعد خروج المصريين الثائرين والمطالبين بسقوط النظام، حيث كان من يدير الأمور داخل قصر الرئاسة هو علاء وليس جمال. والمدهش أنه وفي فترة من الفترات حرق شعبية جمال، وذلك بعد مباراة مصر والجزائر وظهوره الهاتفي عبر البرامج الرياضية، وإعلانه غضبه وثورته مما جرى لبعثة المنتخب والجماهير في السودان، في الوقت الذي اختفى فيه جمال، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع شعبية علاء بشكل أثار دهشة مجموعة جمال مبارك في لجنة السياسات، مما أدى الى مشاجرة كبيرة بين الشقيقين كان والدهما شاهداً عليها ومتأثراً بها.
تختتم سوزان مذكراتها بتأكيد رفض مبارك العروض التي قدمت إليه لمنحه حق اللجوء السياسي إلى العديد من الدول، مثل السعودية والكويت والإمارات والبحرين، خاصة أنه لم يكن يتوقع أن يحاكم ويوضع خلف الأسوار. كما تكشف في الوقت نفسه عن المندوب الأميركي الذي حضر لمبارك وهو يحمل أوراقاً تتضمن موافقة الرئيس باراك أوباما على منح العائلة بكامل أفرادها حق اللجوء السياسي الى الولايات المتحدة، وهو ما رفضه مبارك أيضاً، وقال للمبعوث الأميركي إنه رئيس مصر وسيظل رئيس مصر حتى آخر العمر. ولكنها لم تخف غضبها من الأميركيين الذين تخلّوا عن زوجها، رغم الخدمات الكبيرة التي أداها لهم عبر ثلاثين عاماً من حكمه.
انتهت كلمات سوزان مبارك ليبدأ الجدل حول تلك المذكرات.
تحقيقات النيابة
يؤكد المحامي محمد عبد الرازق أن المستشار عماد عبد الله، المحامي العام، استدعى الصحافي ليسأله عن مصدر المذكرات في ظل عدم وجود أدلة على صحتها، فأكد أنه جاء بها من مصادره الخاصة التي لا يستطيع أن يفصح عنها، وقدم عبد الرازق للنيابة نفياً من أسرة مبارك لوجود هذه المذكرات من الأساس.
وقال بلاغ عبد الرازق إن العقد الذي نشرته بعض الصحف لاتفاق سوزان مبارك مع دار النشر البريطانية مزور، وأن سوزان مبارك شرعت في وضع كتاب لحفيدها محمد الذي وافته المنيِّة وذلك عام 2008، وقصت أسرار لا علاقة لها بالسياسة، لكن هذا الكتاب لم ينشر وتوقف المشروع. وحمل البلاغ رقم 1053 للنائب العام استنكار سوزان مبارك نشر بعض المعلومات غير المنطقية، ومنها أن عمرو موسى كان يرفع صوته على الرئيس السابق، وغير ذلك من المعلومات المهينة.
وتوالي النيابة التحقيق لكشف سر مذكرات مبارك، والإجابة عن سؤال: هل هي حقيقية أم مزورة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى