هيكل خلال حواره مع رئيس تحريرالأهرام
قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن من سيفوز فى انتخابات الرئاسة يحتاج إلى معجزة لينجح فى مهمته، وأكد الأستاذ، فى حوار اختص به جريدة الأهرام، أن وجود الأيدى الخفية واقع، ويوم تظهر الحقائق فسوف يتكشف حجم الأموال التي دخلت مصر للتأثير على مجرى الحوادث من 25 يناير إلى هذه اللحظة.
وإلى بعض ما جاء فى الحوار، الذي أجراه محمد عبد الهادى، رئيس تحرير "الأهرام"، وفريق من أسرة تحرير الجريدة مع الأستاذ هيكل، الذى تنشر الصحيفة الحلقة الأولى منه فى عددها الصادر غدا الأحد:
فى لحظة فارقة من تاريخ الوطن زادت فيها العتمة وتداخلت الرؤى وتضاربت الأفكار وتاقت النفوس إلى بصيص من أمل شددنا الرحال إلى كبير أسرة الأهرام محمد حسنين هيكل، لعلنا نجد ما يشفى صدورنا ويعالج حيرتنا ويفتح بتقديره لما يحدث فى المحروسة طريقا من نور.
وفى منزله الريفى بـ"برقاش" كانت فرصة لأن نظفر منه بنسمة هواء نظيفة وكلمة صادقة ورؤية للموقف، بعد أن وصل مستوى الخطاب السياسى فى القاهرة إلى درجة الغليان.. وعلى طريقته قبل أن يبحث أى قضية لابد أن يعرف موقعه وإلى أين المسير "أخبار الدنيا إيه"؟.. أعادنا سؤال الأستاذ إلى ضجيج العاصمة ودخان المناورات الانتخابية على كرسى الرئاسة، فكانت إجابتنا: وهل نعرف نحن أكثر من السائل؟.
امتلأ مكتبه الهادىء بعشرات الأسئلة وأطنان الهموم، يعلوها عنوان واحد مصر قبل الصمت الانتخابى: وماذا بعد؟.
شجعنا هيكل بابتسامة، أعقبها بإشارة لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى الشهيرة، التى ولدت فى ظروف معقدة وشدت بها أم كلثوم، ويظهر فيها الخوف على مصر من تقلبات السياسة:
وقى الأرض شر مقاديره
لطيف السماء ورحمانها
فانفتح باب حوار المقادير والمعجزات، الذى دارت تفاصيله حول الأزمة الراهنة فى مصر والمشهد السياسى، الذى وصفه هيكل بأنه طبيعى إذا ما تذكرنا وقائع التاريخ، فمصر تعيش حالة ثورة بعد زمن طويل من الكبت والقمع.، وأن حالة الانفلات الحالية ظاهرة طبيعية، لكن المشكلة تكمن فى أن الثورة انفجرت بلا قيادة، فلا القوات المسلحة كانت قيادة الثورة، لكن عُهد إليها بعُهدة سيادة الدولة، ثم أن فكرة الثورة وكذلك مرجعيتها لم تكن دينية وإنما كانت اجتماعية واقتصادية وثقافية، وفى التجربة المصرية حدث خلط شديد طال القيادة الشرعية للثورة، وطال مشروع الثورة بما فيه فكرتها وخياراتها.
ويفسر هيكل ما حدث من خلط واشتباك جرف فى طريقه مئات الضحايا بأنه كان نتيجة أن الشباب الجسور الذى فجر الثورة تصور أنه هو قيادة الثورة وهو غير جاهز، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة تصور نفسه مسئولا عن الثورة، بينما هو مؤتمن على شرعية الدولة فقط، والتيار الإسلامى فى مصر تصور أنه عماد الثورة وصاحبها، والصحيح أن أصحاب هذا التيار كانوا واحدا من روافد الثورة، بينما حدثها الأكبر لم يحدث استجابة لشعاراتها، لكن الخلط زاد لأسباب ربما أهمها غياب النخبة السياسية حاملة الأفكار والرؤى فى مجتمعاتها.
وعن ظاهرة تبادل الاتهامات والأكاذيب بين المرشحين، يرى الأستاذ أن الضجة الانتخابية كانت توحى باحتمالات كبيرة من الأمل، لكن الصورة العامة التى وصلنا إليها فى النهاية أصبحت مقلقة وحافلة بنذر الخطر وقد أخذتنا فى الواقع إلى حافة الهاوية.
وعن رأيه فى مرشحى الرئاسة الذين بادر معظمهم بزيارته واستمع إليهم؟.. أجاب الأستاذ: "من سيفوز منهم يحتاج إلى معجزة لينجح فى مهمته، وما سمعناه لم يشف غليلا، فمعظمه أقرب إلى الإعلان، وتابع: هناك من يقول أنه قادر.. هناك من يتصور أنه يعرف.. هناك من يتصور أن لديه ما يؤهله، وللأمانة فإن كلا منهم قد يكون صادقا فيما يتصور، لكن أظن من مجمل ما سمعت أنه ليس لدى واحد منهم فهم كامل للحقيقة، أو معرفته كافية بالظروف أو رؤية واضحة لتحقيق ما يتصوره ويعلنه، ومع ذلك فهؤلاء الرجال لهم فضل التقدم والإقدام والجسارة والتجاسر، لكن خشيتى الحقيقية أنهم جميعا فى حاجة إلى معجزة".
وحول الكوارث العديدة التى وقعت خلال الـ13 شهرا الماضية، والحديث الدائم عن طرف ثالث مجهول، يرى هيكل أن الساحة شهدت أسبابا كثيرة للخلط، وربما هذا الخلط كان هو الطرف الثالث الذى ظهر فى أحداث دامية، مثل أحداث مسرح البالون وماسبيرو وشارع محمد محمود وحريق المجمع العلمى، ثم أخيرا ما جرى أمام وزارة الدفاع.
ويؤكد الأستاذ أن وجود الأيدى الخفية واقع، "فالمؤامرة كما قلت دائما حاضرة فى التاريخ، لكن التاريخ ليس مؤامرة، ويوم تظهر الحقائق فسوف يتكشف على سبيل المثال حجم الأموال التى دخلت مصر للتأثير على مجرى الحوادث من 25 يناير إلى هذه اللحظة وهى مليارات الدولارات، فالمشاركة فى تحديد وتوصيف وصياغة مستقبل مصر السياسى والإستراتيجى مسألة تساوى أن يدفع فيها أى ثمن".
ووصف الأستاذ ما جرى فى محيط وزارة الدفاع بأنه شطط وتجاوز، وأنه لم يكن يصح أن يقترب أحد من وزارة الدفاع وهى معقل المؤسسة المكلفة بأمانة بقاء شرعية الدولة، ربما المجلس أساء إلى مهمته ببعض ما تصرف به أو بعض ما عجز عن التصرف به.
وقال هيكل: "لقد قابلت بعضا من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعترف أننى وجدت لديهم تفهما للأحوال العامة للبلد، لكن المفارقة الغريبة أن الأداء الجماعى لهذا المجلس جاء فى مرات كثيرة على مستوى أقل من المرغوب فيه والمطلوب".
وتنشر الأهرام الحلقة الثانية من حوارها مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في عدده الصادر يوم الثلاثاء المقبل.
بوابة الأهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى