فى منزل لم تزح الستائر عن نوافذه منذ عام تقريبا، بشارع الحجاز فى حى مصر الجديدة، تعيش سوزان مبارك فى عزلتها، تخرج كل يوم فى ساعة مبكرة من الصباح، وهى ترتدى ملابسها التقليدية، التى تتكون من جاكت وبنطلون، وتضع على عينيها نظارة شمسية سوداء، ومعها بعض الأكياس البلاستيكية.. تركب سيارة سوداء من طراز «BMW»، وضعها المجلس العسكرى فى خدمتها، وعند وصول السائق وطاقم الحراسة المكون من شخصين، تنطلق السيارة بنوافذها ذات الستائر، لتزور زوجها الرئيس المخلوع فى المركز الطبى العالمى، أو تزور نجليها المحبوسين احتياطيا فى سجن طرة.
هذه باختصار تفاصيل الحياة اليومية لسوزان مبارك، بعد خروج زوجها من السلطة التى تنعموا فيها 30 عاما، حسبما جاء فى تقرير لصحيفة «معاريف» العبرية، تحت عنوان «لا تبكى من أجلى يا مصر»، ألمحت فيه إلى وجود اتفاق غير مكتوب بين المجلس العسكرى وسوزان مبارك، يحدد قواعد واضحة للتعامل بينهما، تلزمها بعدم فتح فمها، أو صناعة فضائح عبر وسائل الإعلام الغربية، مقابل منع أطقم التصوير من الوصول إلى باب منزلها، وكشف أسرارها.
وتابعت الصحيفة فى تقريرها «بهذه الطريقة المخزية، انتهت شهرة السيدة الأولى السابقة، سوزان مبارك، التى كانت قبل أكثر من عام، أهم وأقوى سيدة فى مصر، والآن لم يعد مهما بالنسبة لها من ستكون زوجة الرئيس القادم، بعدما انتقد معظم مرشحى الرئاسة، دور السيدة الأولى الذى كانت تلعبه سوزان مبارك فى السابق، وهو ما يعنى أن دور السيدة الأولى الجديدة، سيقتصر مستقبلا على الأعمال التطوعية والخيرية، دون السعى للتدخل فى قرارات الرئيس القادم».
ولفتت الصحيفة إلى وجود تشابه بين كل من سوزان مبارك، وكارلا بيرونى، زوجة الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى، الذى خسر معركته الانتخابية مؤخرا، موضحة أن كل منهما ذات أصول أجنبية، ف«بيرونى» من أصول إيطالية، بينما سوزان من أصول إيرلندية، كما تتشابهان فى حبهما المفرط للظهور أمام الكاميرات، فبينما واصلت بيرونى عملها كمغنية وممثلة، ظهرت سوزان كراوية لقصص الأطفال.
ونقلت الصحيفة العبرية عمن وصفته بأحد المقربين من سوزان مبارك، مكتفية بالإشارة إلى أول حرفين من اسمه «ف.د»، قوله لمراسلة الصحيفة الإسرائيلية، إن زوجة الرئيس المخلوع رفضت جميع العروض التى جاءت لمبارك قبل الإطاحة به، من عدد من دول الخليج، أبرزها السعودية والبحرين والامارات، للجوء السياسى إليها، مضيفا أن العاهل السعودى كان مستعدا لدفع ملايين الدولارات لمصر لمنع وضع مبارك فى قفص المتهمين، كما اقترح مستشارو الرئيس الأمريكى باراك أوباما، استضافة مبارك وأسرته فى الولايات المتحدة، لكن سوزان التى تولت قيادة الأمور خلال الأيام الأخيرة لمبارك فى الحكم، رفضت جميع العروض التى كان من الممكن أن تنقذ الأسرة، من الوضع المخزى الذى تعانى منه.
ووفقا لرواية عدد من المصادر المصرية، أشارت الصحيفة إلى أنه بعدما أدرك مبارك خطورة الوضع، وقرر الانتقال للإقامة فى شرم الشيخ، واصلت سوزان مبارك عنادها، مؤكدة رغبتها فى عدم مغادرة منزلها، حيث أصيبت بحالة هستيرية، وكانت تصرخ طوال الوقت، مرددة عبارة واحدة «ماذا فعلنا لهم؟ لماذا يريدون طردنا؟»، وفى النهاية صعد مبارك بمفرده إلى الطائرة، ثم تبعته سوزان ونجلاها بعد أيام قليلة، بعدما أقنعها أفراد الأمن، بأنهم لن يكون فى مقدورهم صد المتظاهرين الغاضبين، الذين زحفوا إلى القصر الرئاسى فى 11 فبراير 2011.
وفى الليلة الأخيرة، أصيبت سوزان مبارك بإعياء شديد، وفقدت وعيها، وتكرر المشهد مرة أخرى، عندما شاهدت زوجها فى قفص الاتهام، ثم مرة ثالثة، عندما طلبت النيابة إيداعها السجن، بتهمة استغلال نفوذها، فى الحصول على ممتلكات وأموال الشعب.
وتابعت الصحيفة «منذ سقوط مبارك، وسيدة مصر الأولى تعيش فى عزلة تامة، فلا أحد يزورها، وفى المقابل لا أحد يدعوها لأى مكان، وتعيش ظروف الإقامة الجبرية فى المنازل، وتليفونها مراقب، والحراس الذين يرافقونها يبلغون قياداتهم بجميع تحركاتها».
وذكر التقرير أنه منذ أيام قليلة، انتشرت شائعات جديدة، مفادها أن مبارك يحتضر، وتحول سماع نبأ وفاته إلى أمر متوقع فى أية لحظة، فيما كانت سوزان تنتظر الحكم فى قضية قتل المتظاهرين، المتهم فيها مبارك ونجلاها ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، وبينما أكد «ف. د»، الشخصية المقربة من سوزان مبارك، وكاتم أسرارها، الذى «تفضفض» له بهمومها، بحسب مراسلة الصحيفة الإسرائيلية، أن «السيدة سوزان»، كما اعتاد أن يناديها هو وأصدقاؤها المقربون، حتى الآن، لم تستسلم ولو للحظة، فى نضالها ضد إصدار حكم متوقع بالإعدام على مبارك، ومازالت تأمل ألا يصل الرئيس السابق إلى هذه اللحظة، مضيفا أن ضميرها يؤنبها بشدة، بسبب عدم محاولتها إقناع زوجها، بالهرب من مصر إلى أى بلد آخر.
واختتم التقرير بتأكيد أنه فى حالة إصدار حكم الإعدام على مبارك، فأنه سيكون من صلاحيات الرئيس الجديد، منحه عفوا رئاسيا، مضيفا أنه لا جدال فى أن المشير حسين طنطاوى، والمرشحين عمرو موسى وأحمد شفيق، يدينون لمبارك بالكثير مما هم فيه الآن، وهو ما قد يسهم بشكل كبير فى العفو عنه، مع الوضع فى الاعتبار أن موسى وشفيق لم يوافقا على الخطة التى نسجت خيوطها سوزان مبارك من وراء الكواليس، فى محاولة لتوريث جمال مبارك السلطة بعد مبارك على حسابهم.
وبحسب الصحيفة، فإن فوز أى من المرشحين الآخرين للرئاسة، بخلاف موسى وشفيق، سيقلص فرص بقاء مبارك على قيد الحياة، فى حالة صدور حكم بالإعدام ضده، خاصة فى حالة فوز مرشحى التيار الإسلامى، الذين لم ينسوا له، السنوات الطويلة التى قضوها فى السجن، وما كان يحدث لهم فى التحقيقات من مهانة وتعذيب، فالفرصة ستكون مواتية لهم للانتقام من مبارك بشكل كبير، ووقتها لن تجدى دموع سوزان مبارك.
الفجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى