أبوظبي - سكاي نيوز عربية
حقق فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بمنصب رئيس مصر إنجازا تاريخيا للإسلاميين في الشرق الأوسط بعدما ظن كثيرون أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر حاليا أراد أن يفوز القائد العسكري السابق أحمد شفيق بالمنصب رغما عن صناديق الاقتراع.
وأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسة الأحد فوز مرسي (60 عاما) بعد أسبوع من انتهاء جولة الإعادة التي نافس فيها شفيق (70عاما) الذي كان قائدا للقوات الجوية وشغل منصب رئيس الوزراء في الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع 2011، حسب وكالة رويترز.
وكان المرشحان حصلا طبقا للقانون على شهادات رسمية من القضاة المشرفين على لجان الانتخاب الفرعية بعدد الأصوات التي حصل عليها كل منهما، وقالت حملة شفيق من جانبها إن مرشحها حصل على أصوات تزيد على أصوات مرسي.
كما قال شفيق نفسه بعد أيام من فرز الأصوات إنه "يثق بأنه الفائز الشرعي".
وعشية جولة الإعادة التي أجريت يومي السبت والأحد الماضيين، عبر مرسي عن الأمل في أن يكون من شأن إقبال كبير على التصويت من جانب الناخبين الخائفين من عودة النظام القديم أن يحسم فوزه بالمنصب ليكون أول رئيس إسلامي لمصر، التي كانت ثاني بلد في المنطقة تجتاحها ثورات الربيع العربي بعد تونس.
وتلقى مرسي تعليمه في الولايات المتحدة في علم الهندسة وعمل فيها أيضا. وتخوف مرسي وزملاء له في جماعة الإخوان المسلمين من إمكانية حدوث تزوير وقال قبل الانتخابات، مذكرا بذلك اليوم الذي خرج فيه نشطاء أغلبهم من غير الإسلاميين احتجاجا على مبارك مطلع العام الماضي، "إن حدث شىء من التزوير فإن النتيجة ثورة عارمة على المجرمين وعلى من يحمى الإجرام حتى تتحقق أهداف ثورة 25 يناير كاملة".
لكن المؤسسة الحاكمة التي يقودها الجيش لم تكن ترغب فيما يبدو بالسماح للإخوان المسلمين بالحصول على سلطة كاملة، ولا يظن أحد أن الإخوان يمكنهم الحصول على هذه السلطة بالقوة أو أنها حتى ستحاول ذلك.
ويقدم مرسي نفسه كمدافع عن الثورة التي تردد الإخوان الذين تعرضوا للقمع على مدى عقود في الانضمام إليها في البداية، وقال مرسي إنه "بعد توليه الرئاسة فسيضع نهاية للفساد الذي ساد في الماضي وسيبني نظاما ديمقراطيا"، لكن كثيرين ما زالوا متشككين.
وقبل جولة الإعادة اتهم منتقدو الإخوان الجماعة بأنها "نهمة للسلطة ولا تحفظ وعودها وتقصي الآخرين عن الحياة العامة".
وحاول مرسي إزاحة هذه الفكرة بظهوره مع عدد من الليبراليين والنشطاء بعد فرز الأصوات وتعهده بحكومة يمثل فيه الحزب الذي يرأسه (الحرية والعدالة) أقلية، كما وعد بأن يرأس الحكومة شخصية وطنية مستقلة.
ورغم وصول مرسي إلى جولة الإعادة فقد حقق حينئذ نصف الأصوات التي حصل عليها الإخوان في الانتخابات التشريعية الشتاء الماضي، ولم تحدث أي مظاهر واسعة للتضامن في الشوارع بعد قرار المحكمة الدستورية حل مجلس الشعب الذي وصف على نطاق واسع بأنه "انقلاب ناعم"، إذ كان الإسلاميون يسيطرون على المجلس وكان للإخوان أكبر كتلة فيه.
وفي حملته لدعم قاعدة شعبيته سعى مرسي إلى التصدي للاتهامات التي وجهت لجماعة الإخوان المسلمين قائلا إنها "وقعت ضحية لحملة تشويه منظمة من خصومها".
وتضمن برنامجه الذي يشمل 15 تعهدا رئيسيا حماية حرية الصحافة وحقوق المرأة.
ودخل مرسي السباق بعد استبعاد خيرت الشاطر المرشح الأول لجماعة الإخوان المسلمين، وقدم نفسه على أنه زاهد في الترشح واضطر لدخول السباق في سبيل الله والوطن.
وكافح مرسي ليبعد عن نفسه وصف المرشح "الاحتياطي" للجماعة.
وانتهج نبرة دينية عميقة في البداية، في وقت كان يواجه فيه إسلاميين آخرين في الجولة الأولى، وكانت خطاباته عامرة بذكر الله وآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
وفي بادرة إلى الجماعة الإسلامية إحدى الجماعات السلفية تعهد مرسي بالعمل على الإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة والمسجون في الولايات المتحدة فيما يتصل بهجمات في نيويورك عام 1993.
وأضاف رجل الدين صفوت حجازي مزيدا من الطابع الأصولي على حملة مرسي في بدايتها بدعوته خلال مؤتمرات انتخابية لمرشح الإخوان إلى إقامة دولة عظمى في الشرق الأوسط عاصمتها القدس، في تحد مباشر لإسرائيل التي حافظ مبارك على السلام معها على مدى 30 عاما.
ونأى مرسي بنفسه عن هذا النوع من الخطاب مع تحوله من النبرة المحافظة إلى نبرة أكثر شمولا.
وعندما سئل عن تصريحات حجازي في مقابلة صحفية، تحدث مرسي عن "نوع من التكامل على غرار الاتحاد الأوروبي بين الدول العربية وسوق عربية مشتركة".
وقال إن "القدس في القلب والعقل لكن القاهرة ستظل عاصمة لمصر".
ولم يتحدث مرسي كثيرا عن وعده بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، وهي بلد متدين بطبعه وينص دستوره على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع.
وقال مرسي إن حكم الإخوان لن يعني أن مصر ستتحول إلى دولة دينية، وأضاف أنه لا يوجد اختلاف يذكر بين عبارة "مبادئ الشريعة" المنصوص عليها في الدستور الحالي والشريعة نفسها.
كما لم يعط مرسي إجابة واضحة عندما طلب منه محاور تلفزيوني توضيح موقف الحكم الإسلامي من ملابس السباحة (البكيني) على شواطيء مصر وبالتالي عن صناعة السياحة الحيوية في البلاد.
ووصف مرسي مثل هذه الأمور بأنها "هامشية وسطحية ومحدودة في عدد صغير من الأماكن"، مضيفا أنه تجب مشاورة خبراء قطاع السياحة في كل مشاريع القوانين الخاصة بها.
وجاب مرسي أنحاء البلاد مروجا لمشروع "النهضة" الذي وضعه الإخوان في 80 صفحة، ويقولون إنه مبني على فهمهم "الوسطي" للإسلام.
وشأنه شأن كثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، اعتقل مرسي أكثر من مرة، وبأسلوب كلامه الصارم والرسمي يفتقر مرسي إلى الجاذبية التي يتمتع بها بعض خصومه.
ويقول بعض منتقديه إن قادة آخرين في الجماعة كانوا سيعتبرون مرشحين أفضل من مرسي لكنه اختير لأنه جزء من تيار محافظ يدير الجماعة.
ويتحدث مرسي، وهو ابن فلاح، عن طفولته البسيطة التي قضاها في قرية العدوة الصغيرة بمحافظة الشرقية، ويتذكر كيف علمته أمه الصلاة وحفظته القرآن.
وحصل مرسي على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا بعد دراسة سابقة في جامعة القاهرة.
وبعد دراسته في الولايات المتحدة عاد مرسي إلى مصر عام 1985. ويحمل اثنان من أبنائه الخمسة الجنسية الأميركية.
وعمل معيدا ومدرسا مساعدا بكلية الهندسة جامعة القاهرة، ومدرسا مساعدا بجامعة جنوب كاليفورنيا، وأستاذا مساعدا في جامعة نورث ردج في الولايات المتحدة في كاليفورنيا بين عامي 1982 و1985.
كما عمل استاذا ورئيسا لقسم هندسة المواد بكلية الهندسة جامعة الزقازيق من عام 1985 وحتى عام 2010.
وأسس الإخوان حزب الحرية والعدالة العام الماضي لتمثيلهم في النظام السياسي الجديد.
وابنة مرسي متزوجة من قيادي إخواني، كما أنه يصف زوجته بأنها ناشطة إخوانية.
ويرسم برنامج "النهضة" رؤية جماعة الإخوان بشأن كل شيء بدءا من محاربة التضخم وصولا إلى العلاقات مع الولايات المتحدة التي يجب أن تبنى على أساس من الشراكة بين طرفين متكافئين.
كما يضع المشروع تصورا لعلاقات أقرب مع تركيا التي يستشهد بها قادة الإخوان دائما باعتبارها نموذجا للنجاح.
وبخصوص العلاقات مع إسرائيل واتفاقية السلام المبرمة معها أكد مرسي في أكثر من لقاء تلفزيوني على ضرورة احترام الاتفاقات الدولية "إلى أن يثبت في حقها ما يخالف المصلحة أو القانون الدولي"، واعتبر أن إسرائيل خالفت بنود الاتفاقية ورغم ذلك لا يطالب بإلغائها لكن"بإعادة ضبطها".
وأشار مرسي إلى خوفه من يوم الحساب كسبب لسعيه إلى الرئاسة وقال إنه "يخشى اليوم الذي يسأله فيه الله عما فعله تجاه هذا البلد عندما كان في حاجة إلى التضحية والجهد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى