تقرير مهم : تنظيم التوحيد والجهاد وراء أحداث سيناء الإرهابية

تنظيم التوحيد والجهاد احتل سيناء.. يريدها إمارة إسلامية.. سيناء الآن تعيش فى مشهد مأساوى عاشته بعد اندلاع الثورة حيث نمت بها الخلايا الإرهابية والتنظيمات الجهادية بعد ان هربت منها الشرطة وكانت النتيجة ان استيقظ الجميع على مصيبة أمنية كانت كل الدلائل والإشارات تشير الى قرب وقوعها.

هذا التنظيم بدأ نشاطه العلني فى نهاية يوليو من العام الماضى فى سيناء بعد أن جابت سيارات الدفع الرباعى بجوارها عدد من الدراجات البخارية الميادين فى العريش وهى تحمل ملثمين يرتدون ملابس سوداء من أعضاء التنظيم كتب عليها لا إله إلا الله وبدأوا فى إطلاق النار العشوائى فى كل مكان ورفعت شعارات «سيناء إمارة إسلامية» ونشروا الرعب فى المحافظة وبعد عدة ساعات توجه الملثمون الى قسم شرطة ثاني العريش واشتبكوا مع افراد الشرطة ودارت معركة عنيفة هناك ادت الى إصابة عدد من أفراد الشرطة وثلاثة من اعضاء التنظيم.

وبعد عدة ايام انتشرت منشورات فى شوارع العريش تطالب بتحويل سيناء الى إمارة إسلامية قيل انها تخص جماعة التوحيد والجهاد ولكنها انتشرت باسم جماعة تنظيم القاعدة فى سيناء وبدأ المنشور بآيات قرآنية وأحاديث شريفة وطالب بأن يكون الدين الاسلامى المصدر الوحيد للتشريع فالله نهانا أن نشرك مع تشريعاته تشريعات أخرى واستشهد البيان بحديث لابن عباس يقول يحييكم الجهاد.

أشار بيان اخر صدر من الجماعة حمل اسم «البيان الأخير» إلى عدم وجود أي داع لتواجد الجيش والشرطة بسيناء خاصة أن تلك الجماعة قادرة على حمايتها وحفظ الأمن بها وأكدت على قدرتها على زعزعة أمن إسرائيل داعية باقي الجماعات الإسلامية إلى الوحدة ونبذ العنف ووجهت إنذارا للقوات المسلحة المصرية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة قائلة «سنمهلكم حتى نوفمبر القادم لسحب قواتكم من سيناء حيث إنها قوات «كافرة لا تؤيد الشريعة الإسلامية وتؤيد الكفر والطاغوت ومن يتبعها كافر».

وقام التنظيم بشن هجمات إرهابية على سيناء طوال الفترة الماضية ولم تستطع الشرطة القضاء عليه او مواجهته حتى حدثت الواقعة الاخيرة التى راح ضحيتها 16 مصريا نتيجة هجوم 35 ملثماً عليهم.

وحسب المعلومات التى قالها اللواء حسام سويلم – المدير السابق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في القوات المسلحة – أن تنظيم التوحيد والجهاد وراء حادثة سيناء الاخيرة وأعضاء التنظيم موجودون فى سيناء منذ يوليو من العام الماضى ودخلوا مصر عن طريق غزة بعد ان كانوا فى منطقة افغانستان وهم تابعون لما يسمى تنظيم القاعدة وتولى هذا التنظيم اقتحام مراكز الشرطة اثناء الثورة وفى رفح وحاولوا إحداث فراغ امنى فى سيناء عقب اندلاع الثورة مباشرة.

واضاف سويلم ان قوات الجيش حاصرت اعضاء التنظيم بعد حادثة سيناء مباشرة وقبض على عدد منهم وهربوا الى جبل الحلال ومنه الى قرية المهدية التى تحاصرها قوات الجيش الان تمهيدا للقبض على ما تراه من اعضاء التنظيم.

واكد سويلم ان تنظيم التوحيد والجهاد هو احد افرع تنظيم القاعدة ويسعى الى إفراغ سيناء من عناصر الجيش ليسيطروا عليها بعد ذلك ومعظم اعضائه من شباب سيناء وانضمت لهم عناصر من محافظات القاهرة المختلفة كما انضم إليها عدد من الشباب فى الخارج ومن افغانستان وفلسطين ويتعاون هذا التنظيم مع مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت القدس وتحالف التنظيمان معا.

وقال سويلم ان اعضاء التنظيم هم الذين ظهروا فى الفيديو الذى بثتة اسرائيل قبل عدة ايام من وقوع الحادث والذى يكشف عن وجود تدريبات لمجموعات مسلحة فى سيناء وشرح لعمليات عسكرية تستهدف العربات الجيب التابعة لدوريات حرس الحدود الاسرائيلى كما ان تلك الجماعة هى التى قتلت المقاول الاسرائيلى من عرب 48.

وقال سويلم ان التنظيم الذى سيعلن عن تورطه فى العملية يسعى الى الانتقام من الجانب الإسرائيلى والمصرى فى نفس الوقت لذلك قام بتنفيذ العملية لاقتحام معبر كرم ابو سالم وإظهار الانفلات الامنى مما يدعو الامن الاسرائيلى الى التدخل للاستيلاء على سيناء بحجة الحفاظ على القاعدة والمطالبة بارسال قوات امن دولية اليها تحت شعار مواجهة الامن والقاعدة فى مصر على غرار ما حدث فى السودان.

المعلومات المتوفرة حول جماعة التوحيد والجهاد مختلفة ولكن اكثرها دقة ما كتبه الدكتور احمد ابراهيم محمود الباحث بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى كراسات استراتيجية التى يرأس تحريرها بعنوان تفجيرات سيناء وتحولات ظاهرة الارهاب فى مصر قال إن عملية إنشاء تنظيم التوحيد والجهاد بدأت فى عام 2000 على أيدى طبيب الأسنان خالد مساعد سالم والذى كان يقيم بمدينة العريش وكان معروفا بتدينه حيث كان عضواً بجمعية الشبان المسلمين أثناء فترة دراسته الجامعية ويرجح أن الشريك الأساسى لخالد مساعد فى بناء هذا التنظيم كان نصر خميس الملاحى احد المتورطين فى تفجيرات طابا وشرم الشيخ والذى قتلته الشرطة المصرية اثناء القبض عليه.

وكان الاثنان يرتبطان بعلاقة صداقة وطيدة منذ الصغر حيث التحق خالد بطب الزقازيق ونصر بحقوق الزقازيق ثم اشترك الاثنان لاحقاً فى بناء تنظيم التوحيد والجهاد وفى مرحلة لاحقة انضم إليهما سالم خضر الشنوب الذى أصبح بعد ذلك المسئول العسكرى في التنظيم وكان يتولى تدريب عناصر التنظيم على الأسلحة وتصنيع القنابل فى قرية الفرقدة المجاورة لجبل الحلال بوسط سيناء وتمكنوا من إقناع بعض الشباب بأفكار التنظيم والانضمام إليه كما تمت عمليات تجنيد أخرى من خلال مسجد الأوابين فى التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية.

وقام مساعد بالتخطيط للعمليات الإرهابية ضد السياح فى سيناء ومعه المجموعة القيادية التى تضم المسئول العسكرى سالم الشنوب وناصر خميس الملاحى وعيد سلامة الطراوى وحماد جميعان ونايف إبراهيم الديب.
التقديرات التى تطرحها بعض أجهزة الأمن تشير إلى أن عدد أعضاء تنظيم التوحيد والجهاد يقارب الـ 100 شخص قبل اندلاع الثورة بالتأكيد والقى القبض على 25 منهم.

ويحاكمون حاليا امام محكمة جنايات الاسماعيلية بتهمة قتل ثلاثة ضباط وثلاثة مجندين ومواطن في هجمات مسلحة على قسم شرطة ثاني العريش وبنك الإسكندرية وقتل نصر خميس الملاحى أثناء مطاردة الامن له عقب ارتكابه وأعضاء التنظيم تفجيرات طابا وشرم الشيخ ونفس الامر بالنسبة لخالد مساعد.

اللواء عصام شلتوت – الخبير الاستراتيجى والامنى – قال ان سيناء تحتوى على تنظيمات جهادية وتكفيرية وهم الذين هاجموا اقسام الشرطة بعد اشهر من ثورة يناير ولم يكن الرد المصرى قويا الى حد كبير مما ساعد على نموها.

وأضاف ان تلك التنظيمات موجودة ودخلت مصر عن طريق الانفاق التى لا يوجد عليها رقابة حتى قبل اندلاع الحادث الارهابى فى سيناء كما ان هناك مسئولين مصريين يديرون تلك الانفاق ويربحون من ورائها الملايين ويجب مساءلتهم عن ما حدث.

وأشار اللواء احمد الفولى – الخبير الامنى – الى ان بالفعل هناك تنظيمات جهادية وتكفيرية تنتمى الى القاعده فى سيناء ولكن الانتماء يكون فكريا فقط وتسير تلك الجماعات على نهج القاعدة وتسير على نفس مبادئها ولكنها ليست فرع منها فى مصر والواقع الحالى يؤكد ذلك.

وقال الدكتور أشرف ميلاد – الخبير فى الشئون الإسرائيلية والمسئول الحالى للمجلس الدنماركى للاجئين – ان الهجوم الذى حدث على سيناء وإعلان سيناء إمارة اسلامية من تنظيم الجهاد يؤكد ان هناك تنظيمات تنتمى الى القاعدة فى سيناء والتى ساعدها ظهور التيارات الاسلامية الى الساحة ومن المحتمل ان تكون تلك التيارات دخلت مصر عن طريق المعابر المفتوحة او الانفاق وانا اميل الى فكرة الدخول من المعابر المفتوحة الآن وأضاف ان افراج مرسى عن عدد كبير من الجهاديين رسالة طمأنة الى الجماعات المنتشرة فى سيناء رغم استبعادى لتورط المفرح عنهم فى الحادث لعدم توفر الفترة الزمنية الكافية لذلك.

وأشار الى انه من المحتمل ان تكون حماس مخططاً لما حدث وذلك كنوع من الرد على عدم وفاء مرسى بتعهداته لهم حول توطين الفلسطينيين فى سيناء.

وأكد اللواء فؤاد علام – الخبير الامنى – ان هناك تنظيمات جهادية منتشرة فى سيناء منذ عدة سنوات قبل الثورة وكان الامن يوجه لها ضربات مضادة وبالتالى كان يعجزها عن القيام بأى عمليات ولكن بعد ثورة يناير قلت الضربات الامنية نتيجة انشغال الشرطة بالامن الداخلى فى عدد من المحافظات وهو ما سمح لتلك التنظيمات التكفيرية بالتحرك والعمل وتزودت بالسلاح.

وقال علام ان الواقع يقول ان التنظيمات الحالية الموجودة فى سيناء شديدة الخطورة خاصة ان طريقة مهاجمتهم لقسم ثاني العريش وللأكمنة وطريقة المواجهة والاعتداءات التى راح ضحيتها 16 جندىاً تؤكد انها خطيرة فعلا وتحتاج الى إجراءات حاكمة ويلزم ان يتم ذلك بالتنسيق مع مشايخ القبائل لأننا نثق فى وطنيتهم.

وأشار الى ان تنظيم القاعدة لم يعد له وجود على ارض الواقع حيث انهت عليه امريكا و43 دولة وجميع اجهزة الامن تتابع القاعدة لكن تلك التنظيمات تنتمى فكريا الى القاعدة وقد تكون مدعومة من غزة أو إسرائيل.

وقال إذا لم تتخذ إجراءات لمواجهة تلك التنظيمات ستمتد الى وسط الدولة ولابد من جمع معلومات والاستفادة من مشايخ القبائل كما ان جبل الحلال نفسه يحتاج الى معركة عسكرية لأن المنطقة محصنة بالطبيعة.

تنظيم التوحيد والجهاد وراء أحداث سيناء الإرهابية
Amr
Wed, 15 Aug 2012 00:07:00 GMT