سيناء.. الغائب الحاضر في أولويات مصر

عناصر من القوات المسلحة المصرية في عمليات بسيناء

محمد صلاح الزهار- سكاي نيوز عربية ـ سيناء

مع اندلاع الشرارة الأولي للثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي، تفجرت تجمعات احتجاجية مشابهة في عديد من الميادين بمختلف المحافظات المصرية، وبينها أرض سيناء.

وخلال ما يزيد عن عام ونصف العام، منذ قيام الثورة المصرية وحتى الآن، برزت ظواهر وأوضاع وتطورات مثيرة في تلك المنطقة من أرض مصر.

ورغم الاختلافات الحادة، بين الكيانات والظواهر التي برزت على الساحة في شبه الجزيرة، إلا أن الغياب الأمني التام كان القاسم المشترك الأبرز بينها جميعا.

ويرى كثير من المتابعين سيادة عديد من التنظيمات الدينية المتشددة والمتعددة للمشهد العام باعتبارها أبرز الظواهر التي شهدتها سيناء في الآونة الأخيرة.

ففي تلك الفترة وقع العديد من حوادث العنف، نسبت لتيارات دينية متشددة، كان أبرزها تفجير خط أنابيب الغاز الموصل لإسرائيل أكثر من 15 مرة، وتكرار الهجمات المسلحة على كثير من المرافق الأمنية، فضلا عن هدم عدة أضرحة دينية.

هذه الحوادث، وغيرها، لا تزال ملفات البحث عن مرتكبيها مفتوحة، لم يتم كشف غموض أي منها، ولم يتم تحديد من وراءها، خصوصا بعدما دارت شكوك حول كثير من الكيانات المتشددة ولكن من دون أي دليل يحدد من المسؤول عن تنفيذ تلك الحوادث.

وتزامنت مع ذلك مشاهد أخرى أبرزها ما تردد عن تعاظم في دور عصابات تهريب المهاجرين الأفارقة بشكل غير شرعي إلى داخل إسرائيل، مقابل الحصول على آلاف الدولارات من الفرد الواحد.

وتمارس هذه العصابات، التي التقى مراسل "سكاي نيوز عربية" عناصر منها، أنشطتها عبر مراكز استقبال يتم تجهيزها للأفارقة القادمين من السودان والصومال وإريتريا وغيرها.

وهي تمتلك أساطيل من وسائل النقل المجهزة لاختراق دروب الصحراء الوعرة، كما أنها، حسب كثيرين ممن تمت محاورتهم، تتعاون مع عصابات موازية داخل إسرائيل.

وفي الوقت ذاته انتشرت "مافيا الأنفاق" التي يشارك في إدارتها كثير من البدو المصريين والفلسطينيين من قطاع غزة، وباتت هذه العصابات تتحكم في تجارة واسعة، ما خلق طبقة جديدة من الأثرياء من الجانبين.

ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية، إلا أن كثيرين ممن التقتهم "سكاي نيوز عربية" في شمال سيناء، تحدثوا عن قيام كثير من الفلسطينيين بشراء مساحات واسعة من الأراضي، بأسعار أكبر من الأسعار المعتادة.

كما تحدثوا عن إقدام كثير من الفلسطينيين على الزواج من مصريات، أملا في الحصول على الجنسية المصرية لأبنائهم فيما بعد بمقتضى التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون الجنسية المصري الذي بات يتيح منح الجنسية المصرية لأبناء المصرية المتزوجة من فلسطيني.

ثم جاء الهجوم على النقطة الحدودية بمدينة رفح، الذى أسفر عن مقتل وإصابة عدد من ضباط وجنود القوات المسلحة والشرطة المدنية، وما تزامن معه من توترات على الجانب الإسرائيلي لتزداد الأوضاع على أرض سيناء تعقيدا.

واعتبر كثيرون ذلك الهجوم، وكأنه بمثابة استدعاء مبكر لقضية سيناء لتحتل المقدمة بين حزمة القضايا المعقدة والملفات الشائكة التي تنتظر الرئيس المصري المنتخب حديثا محمد مرسي.

وبادر هؤلاء، وأكثرهم من رموز القوى السياسية المعارضة لتيار الإسلام السياسي بشكل عام ولجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، إلى إعلان تشككهم في قدرة الحكومة المركزية والرئيس مرسي على إعادة الأمن والاستقرار إلى سيناء التي كانت مثقلة بالفعل بالمشكلات المتباينة قبيل الثورة المصرية.

وأبدى هؤلاء تشككا في نجاح الحملة الأمنية الموسعة التي بدأت عناصر من القوات المسلحة والشرطة المدنية في تنفيذها، معتبرين أن تحديات كبيرة تقف حجر عثرة في سبيل هذه الحملات التي تحتاج كي تنجح، وفقا لهم، إلى منظومة متكاملة من الإجراءات.

وبصرف النظر عن مدى وجاهة هذا الطرح، فإن الوضع في سيناء يبقى من أكثر الملفات الشائكة في مصر في الوقت الراهن، وربما سيستمر علي حالة التأزم هذه لفترة ليست بالقصيرة.

فسيناء تواجه خللا اقتصاديا واجتماعيا منذ زوال الاحتلال الإسرائيلي عن أراضيها في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين البلدين عام 1979، ويجمع المصريون على معاناة أهالي شبه الجزيرة طوال العقود الماضية من تهميش وإهمال من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة.

وقد كان هذ الخلل، على الأرجح، بمثابة البيئة الخصبة لظهور عدد من الظواهر المجتمعية السلبية قبل الثورة وبعدها على حد سواء.

مواضيع مشابهة