لا تظلم نفسك يا دكتور برادعى! - محمد عبد المنعم الصاوي

 

أعترف أنى من المعجبين بك، وكيف لا.. وقد كنتَ أول من بشرنى وبشر المصريين جميعاً بالثورة؟ أو بمعنى أدق، بشرتنا بسقوط النظام بمجرد أن يخرج مليون مواطن إلى الشارع.
بشّرتنا وحرّضتنا وزدتنا إصراراً على التخلص من الطغاة، والسعى لإرساء نظام ديمقراطى عادل. عرفتُك عن قرب، عندما جلستُ إلى جوارك على المنصة فى ساقية عبدالمنعم الصاوى؛ لمستُ أدبك الجم، وفكرك المرتب، وعباراتك الواضحة والمنحازة دائماً إلى قيم العدل والحق والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص وتقييد الاحتكار ونفوذ الحكام، مع إطلاق الحريات إلى أعلى المستويات.
وافقتُك فى أهمية صياغة الدستور أولاً، وانبهرت بانسحابك المسبب من الساحة السياسية لحين وضوح الرؤية.. سعدتُ بعودتك وتأسيسك لحزب سياسى أثق بأنه سيكون له شأن كبير، على الرغم من أنى لا أنوى الانضمام إليه.
مؤخراً بدأت مواقفك -المتشددة إلى درجة العناد- تسبب لى شعوراً بعدم الارتياح، خصوصاً موقفك من الجمعية التأسيسية للدستور التى لا تتوقف عن المطالبة بحلها! لستَ وحدك الذى يفعل ذلك، ولكن دعنى أقول لك -غير مجامل- إنك والدكتور أبوالفتوح ربما تكونان الوحيدين اللذين أحرص على متابعة مواقفهما من بين الكثيرين الذين ظلمتهم الظروف، فجعلتهم يتصورون لأنفسهم أوزاناً لا قِبَلَ لهم بها!
الدكتور الفاضل.. أرجوك ألا تُكثر من تكسير مجاديف المصريين، بعد أن كنتَ أبرز باعثى الأمل فيهم.
ألا توافقنى أن الكثير مما حلمنا وحلمتَ به قد تحقق بالفعل؟ ألم ينجح الرئيس المنتخب فى وضع حد لسلطات المؤسسة العسكرية فى مصر، بعد أن كانت لعقود ستة هى المتحكم الوحيد فى مصائرنا جميعاً؟ ألستَ سعيداً بتحولنا إلى مواطنين أحرار بعد أن كنا مجرد ملفات فى أيدى الجهات الأمنية تعبث بها كيف شاءت؟ ألم تشعر بصدق محاولات التطهير وتغيير القيادات التى حمت الفساد وتسترت عليه، على الرغم من وقاحة رجال مبارك وإصرارهم على إفساد محاولات القضاء على الفساد؟
لم أسمع لك تصريحاً واحداً يجدد الأمل فى قلوب المصريين الذين تعلقوا بك ووجدوا فيك ضالتهم فى زمن لم يجرؤ فيه كثيرون غيرك على تحدى النظام، حتى وإن أرجع البعض ذلك لاستنادك إلى حصانتك ومكانتك الدولية.
أعود بك إلى الدستور وجمعيته التأسيسية.. فيم الإصرار على الدعوة لحلها أو مقاطعتها؟ ألا ترى أنه قد آن الأوان للتحول إلى مشروع الدستور الذى يكاد يُطرح كاملاً، ليصبح من حق الجميع إبداء الرأى فيه؟ لقد عاد المنسحبون بفضل الله، وتشكلت لجنة استشارية من كبار المفكرين والخبراء، والأهم من ذلك كله معدل الشفافية غير المحدود الذى فرضته الجمعية على نفسها، بالإضافة إلى اتجاه أعضاء الجمعية وقيادتها إلى اعتماد المواد داخلها بالتوافق بدلاً من التصويت، لتفويت الفرصة على المتربصين الذين يصرون على ادعاء وجود نيات خفية لتمرير مواد رجعية وظلامية، استناداً إلى عوار التشكيل، كما يحلو لهم أن يقولوا دائماً!
سواء بقيت هذه الجمعية أو حُلَّتْ، فإن الإسهام فى تطوير وتصحيح صياغاتها واجب يفرضه عليك تاريخك وحاضرك ومستقبلك، فلتبادر بتكوين مجموعة عمل تحت قيادتك لإعداد ملف دقيق بالملحوظات التى تعيننا على تقديم صياغة دستور يليق بمصر الثورة.
أرجو أن تؤجل دور حزبك المعارض لحين الانتهاء من الدستور.. بعدها يخوض حزبك الانتخابات، ويحصل على موقع متقدم، ويبدأ فى ممارسة العمل السياسى الذى يعبر عن رؤيته وآرائه ومواقفه.. أما الآن، فدعنا نعود إلى شعار «الدستور أولاً».

لا تظلم نفسك يا دكتور برادعى! - محمد عبد المنعم الصاوي
قسم الأخبار
Mon, 15 Oct 2012 12:30:00 GMT

مواضيع مشابهة